إغلاق
 

Bookmark and Share

مسلمون نحو عولمة بديلة ::

الكاتب: داليا يوسف
نشرت على الموقع بتاريخ: 18/04/2005

"مسلمون نحو عولمة بديلة "
( مقترح يتطلب النقاش والتطوير )

برز دور المحتمل لحركات مناهضة العولمة في الواقع الدولي- بشكل لافت- بعد مظاهرات مناهضة الحرب على العراق في 15 فبراير مما دفع الكثيرون من المراقبين والمحللين لوصف هذه الحركات " بالقوى الكبرى " الصاعدة في وسط أجواء عالم أحادي القطبية ، و بما لفت النظر لها في العالم الإسلامي الذي اكتشف تبنيها لأجندة قضاياه النازفة منذ حين.
و بالرغم من الاهتمام السابق لدى بعض من دوائر المسلمين النشطة بما تطرحه هذه الحركات من هموم ورؤى ، فإن الاكتشاف التام لها من قبل المسلمين - سواء في بناها الحركية أو في الأدوات التي تعتمدها في الممارسة – لم يتحقق بعد ، إذ أن المنطق يقول بان تحققه يقتضي مزيد من الاحتكاك والخبرة .

و الملاحظ أن
حركات مناهضة العولمة – والتي قد يفضل لها البعض تعبير أكثر دقة وهو حركات العدل الاجتماعي- إنما تتخذ في بنيتها شكل شبكي ديناميكي لا شكلا هيراركيا جامدا ، وهو ما قد يسمح بتحالفات مؤقتة ودائمة تشجع المسلين – ولو نظريا- على مزيد من المشاركة في تلك الحركات عبر تبني بعض من قضاياها خاصة ما يتعلق بقضايا العدل الاجتماعي والتنمية والحفاظ على الخصوصية الثقافية و كذلك السعي نحو تقديم نماذج بديلة وإثارة جدل دائم حول الهيمنة الأمريكية وتداعياتها ، والمسلمون هنا إنما يدافعون عن رؤى انسانية يرونها تتطابق مع قيم الاسلام واهدافه العليا.

و بما أننا نعلن وقوفنا ضد كل أنواع الظلم ،
فينبغي هنا الإيمان بإمكانية تكوين ائتلاف إنساني يعمل كقوة دافعة لإعادة هيكلة وتقييم العولمة و آثارها.، وكذلك الإيمان بخصوصية القيم الإسلامية الثقافية والروحية وقدرتها و التي تؤهلنا لأن نكون جزء فاعل و ناشط في مثل هذا التحالف.

ولهذا فجدير بالمسلمين أن يكون شركاء في مثل هذه الحركات الديناميكية ، وأن يصبحوا صوت من لا صوت له ، وأن يتبنوا الخطابات الانسانية لهؤلاء الذين يحملون خطابا اخلاقيا وانسانيا مشابها على الساحة الدولية.

إلا أن هذا يستدعي الكثير من الدراسة والتقييم
لما يتعلق بمشاركة المسلمين و كيف يمكنهم التخطيط والتنفيذ لمشاركة نشطة في هذه الحركات المتنامية والتي تحمل قدرا كبيرا من التشابك – بل وأحيانا التضارب- في الرؤى والمصالح .

ولا يعد المقترح التالي والذي ينتظر أن يدعمه – مستقبلا- موقع إسلام أون لاين . نت بإنشاء المنتدى الالكتروني " مسلمون من أجل عولمة بديلة" ، لا يعد محاولة أو نداء للانعزال بتخصيص المسلمين في عنوانه بقدر ما ما يمثل مبادرة لجعل مشاركة المسلمين في الحركة أكثر تأثيرا وليساهم في تقديم هذه الحركات للمسلمين بشكل تفهيمي واقعي يؤكد على المبادئ ولكنه أيضا يتعامل مع الفرص ويبرز التحديات.

و لهذا فإننا ندعو كل الافراد والنشطاء والمفكرين المهتمين بإعادة تقييم وتنمية مشاركة المسلمين في حركات العدل الاجتماعي ومناهضة العولمة لأن يكونوا جزءا من هذا المنتدى.

و على ضوء هذا المقترح يمكن مناقشة بعض الأفكار والاعتبارات لدى إطلاق مثل هذا المشروع ، والتي تعكس كل من الفرص والتحديات ، وهو ما يمكن اعتباره نقاط مبدئية تحتاج لمزيد من المناقشة والتعميق:

- ضرورة إحياء فهم حقيقي " للإسلام التحرري " – إن صح التعبير - والذي يحتاج منا لجهد لإعادة المراجعة والنظر ، إذ أن منظومة القيم الثقاقية والروحانية للإسلام يمكن أن تلعب دورا مفتاحيا في حلول لأزمات اقتصادية وسياسية وهو ما يحتاج إلى إعادة تنشيط ومتابعة.

- إن خصوصية – وليست استثنائية – القدرات الكامنة للمنظومة الإسلامية يمكن أن تساعد في إدراك كون المسلمين مرشحين لتقديم نماذج لعولمة بديلة وليس مجرد انخراطهم في الحركات المناهضة بالمفهوم الاحتجاجي.

- إدراك أن ممارسات المسلمين تختلف عبر العالم الاسلامي وخارجه وفقا للسياق الاجتماعي والثقافي وهذا ما يجعل مناقشات المسلمين والحوار الاسلامي/الاسلامي ضرورة يجب أن يعمل هذا المنتدى على تحقيقها، وهو ما يؤكد عليه
طارق رمضان
قائلا:"المشكلة عميقة ويمكن أن ترجع اصولها إلى غياب حوار بين المسلمين انفسهم ، إن المدارس الفقهية والعلماء والمفكرين قد توقفوا عن إدارة مثل هذا الحوار ".

- الاستمرار في تثمين وممارسة "نقد الذات" ، فعلى سبيل المثال علينا أن نتعرف على ضعف البنية المعرفية الاسلامية المعاصرة و كذلك التمييز غير المقبول في قضايا الفقر والمرأة والاقليات.

- بالرغم من إيماننا بشمولية الاسلام "كطريقة حياة" ، فإن اعتبار الأرضية المشتركة الفاعلة بين الاسلام والاديان الاخرى ألا وهي الروحانية مدخلا ضمن مداخل التأثير في هذه الحركات فعلى عكس ما قد يتصور البعض – وكسرا للقوالب والتصورات المسبقة – فإن كثيرا من أعضاء حركات مناهضة العولمة يرون القيم الروحانية أساس لكل الحضارات وأننا في عالمنا المتغير بحدة يحتاج الناس إلى مرفأ حقيقي يتمثل في هذه القيم.

- يواجه العالم الإسلامي حاليا أنماط متزايدة من التحديات و التي قد تقوي اكثر الشعور بأننا "ضحية" وتدعم الخطاب الاستغاثي ، وإذا لم ننخرط في ظل خطاب فاعل وشراكة مع محاولات التغيير فسنظل أسرى لخطاب يكرس انعدام المسئولية والنظر إلي أنفسنا دائما كضحية.

- و وفقا لطارق رمضان ، فإن الجزء الاكثر تحديا في انخراط المسلمين داخل الحركة هو اختلاف المرجعيات ، فالنقاد يرون أن اختلافات حادة بين الخلفيات الاخلاقية والقيمية بين ناشطي حركات المناهضة و تلك التي يتبناها المسلمين ، و هذا الجانب الإشكالي لا يمكن تجاوزه دون فهم مشترك و قبول بطبيعة هذا التحالف و الذي عليه أن يكون اكثر ديناميكية وتسامح بتقوية واستمرار تبادل الخبرات فالمرجعيات حتما ستتختلف كما ستختلف مجالات التطبيق ، ولكن روح واحدة ستبقى مشتركا بين الجميع وهي مقاومة المصلحة العمياء للقوى الكبرى المتعددة الجنسيات.

- وفي الإطار نفسه فعلى المسلمين إذا ما أرادوا شراكة حقيقية لهذه الحركات أن يديروا جانبا من النقاش والرد حول الانتقادات التي توجه لحركات المناهضة ومن بينها:

* غياب اهداف واضحة حيث تتباين آراء المشاركين أحيانا إلى حد التناقض.

* بالرغم من أن الحركة تتصدى لمشكلات كارثية فإنه نادرا ما تقدم حلولا تفصيلية ، كما أن هذه الحلول غالبا ما يتم الترويج لها على انها محاولات اليسار الفاشلة لاستعادة خطابها وأثره القديم.

* هناك مشكلات تتعلق بالديمقراطية والانفتاح – وهو ما قد يعتبره البعض ميزة بينما يراه آخرون عيبا - فالحركة لا تملك قيادة أو راس ، وليس لها بنية متحدة تسمح بالنقاش والتصويت.

ومن جانب آخر فإن الحركة مفتوحة للأفرد والافكاروهذا هو قلب ديناميكيتها، وهو ما يضع عبئا حقيقا على كاهل المسلمين إذ عليهم ان يفتحوا النقاش ويقدموا الإسلام والمسلمين في الوقت نفسه الذي عليهم أن يرفعوا فيه الوعي بين المسلمين بقضايا الآخرين.

أقرا ايضا :
فسيفساء شغل الفراغ
ضد الحرب..تحالف غربي ايضا!!
نساء العالم في المعركة الغلط
مراقبة الإعلام ..كيف تبطل سحر الآلة الإعلامية
البروباجندا..لعبة تقود للحرب

داليا يوسف *
* محرر الصفحة الثقافية بالقسم الإنجليزي ، موقع إسلام أون لاين .نت ، يمكن التواصل معها عبر
Dalia_net@yahoo.com



الكاتب: داليا يوسف
نشرت على الموقع بتاريخ: 18/04/2005