إغلاق
 

Bookmark and Share

فن اختيار شريك الحياة (3) ::

الكاتب: د.محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 18/07/2005

فن اختيار شريك الحياة (1)
فن اختيار شريك الحياة (2)

ثانيًا: شخصيات يمكن التعايش معها مع بعض المتاعب والمشكلات:
1- الشخصية الوسواسية (المدقق العنيد البخيل) :
والشخص الوسواسي يلتزم التزامًا صارمًا بالدقة الشديدة والنظام الحرفي في كل شيء ويهتم بالتفاصيل الصغيرة ولا يدع أي شيء دون مناقشته وبحثه بشكل مرهق وهو عنيد لا يتنازل عن شيء ولا يتسامح في شيء, وهو حريص وحرصه يصل أحيانًا لدرجة البخل, وعقلاني لا يولي المشاعر اهتمامًا. وعلاماته في فترة الخطوبة أنه يسأل عن كل التفاصيل ويعمل لكل شيء ألف حساب ويكون ممسكًا جدًا في الإنفاق وفي الهدايا, ومشغولاً بحساب كل شيء. وبخل الوسواسي لا يتوقف عند المال فقط, فكما أنه بخيل ماديًا فهو بخيل عاطفيًا لا يعبر عن مشاعره ولا يحوط شريكة حياته بعواطفه فالحياة لديه جافة وعقلانية و محسوبة بدقة.
وربما يسأل سائل: وما فائدة الحياة معه إذن, ولماذا يتحمله شريكه أو شريكته؟
والإجابة هي أن الوسواسي على الرغم من صفاته السابقة إلا أنه إنسان منظم, دقيق, ذو ضمير حي يحاسبه على كل صغيرة وكبيرة, ولديه شعور عال بالمسئولية, ويعتني بعمله عناية فائقة وينجح فيه, ويعتني أيضًا باحتياجات أسرته (المادية) في حدود رؤيته لهذه الاحتياجات (الأساسية فقط), وهو حريص على استمرارية الأسرة لأنه لا يميل للتغيير كثيرًا ولا يهتم بإقامة علاقات عاطفية خارج إطار الزواج , فهو زوج محترم ومسئول على الرغم من بخله وجفاف عواطفه.

2- الشخصية الحدية (المتقلب في مشاعره وعلاقاته وقراراته وعمله) :
هذا الشخص (سواء كان رجلاً أم امرأة) نجده شديد التقلب في مشاعره فهو يغضب بسرعة ويهدأ بسرعة ويفرح بسرعة ويتقلب بين المشاعر المختلفة بشكل عنيف في لحظات قصيرة. والناس يصفونه بأنه سريع الانفعال ولكنه يمكن أن يهدأ سريعًا "فقلبه طيب", ولكن في الحقيقة هذا الشخص يدمر أشياء كثيرة مهمة في حياته أثناء لحظات غضبه ولذلك يمكن أن يخسر صديقًا عزيزًا أو زوجة مخلصة أو عملاً مهمًا. وهذا يجعلنا نتوقع تقلبات موازية في العلاقات بالآخرين فعلاقاته لا تستمر كثيرًا, وأيضًا في العمل نجده ينتقل من عمل لآخر ولا يستقر على شيء, وهذه علامات يمكن معرفتها من تاريخه الشخصي ويمكن أيضًا رصدها في فترة الخطوبة. وصاحب هذه الشخصية (أو صاحبتها) يمر كثيرًا بفترات إكتئاب ويمكن أن تراوده أفكار انتحارية, وبعضهم يلجأ لتعاطي المخدرات في محاولة للسيطرة على تقلباته الانفعالية واضطراب علاقاته الإنسانية واضطراب مساره في العمل.

3- الشخصية السلبية الاعتمادية (ابن أمه أو بنت أمها) :
هذه الشخصية لا تستطيع اتخاذ قرار أو عمل أي شيء بمفردها بل تحتاج دائمًا للآخرين في كل شيء, فليس لديها القدرة على المبادرة أو القدرة على التنفيذ وإنما هي تعمل فقط بتوجيه من الآخرين وأحيانًا لا تعمل على الإطلاق وتنتظر من الآخرين العون والمساندة طول الوقت. وهو إن كان شابًا نجده يأتي للخطبة مع أمه وهي تتحدث بالنيابة عنه طول الوقت, وفي زياراته التالية لا يستطيع البت في أي شيء دون الرجوع لأمه (أو أبيه أو أخيه الأكبر). فلا بد من وجود أحد في حياته يعتمد عليه، وإن كانت فتاة نجد أمها تحركها كما تشاء وتسيطر على علاقتها بخطيبها أو زوجها فتتدخل في كل شيء في علاقتها. وهذا الشخص في حالة كونه زوجًا يحتاج من زوجته أن تقوم بكل شيء وتتحمل مسئولية الأسرة ويصبح هو في خلفية الصورة دائمًا وهذا يشكل عبئًا على الزوجة إضافة إلى إحساسها المؤلم بضعف زوجها وسلبيته, ومع هذا نجد أن هذ الزوج مطلوب جدًا من المرأة المسترجلة قوية الشخصية لأنها ترغب أن تكون هي الأقوى في العلاقة الزوجية.

4- الشخصية الإكتئابية (الحزين - المهزوم - اليائس) :
وهو (أو هي) شخصية كئيبة لا ترى في الحياة إلا الآلام والدموع والبؤس والشقاء والمشاكل, ويرى نفسه سيئًا والحياة سيئة والمستقبل مظلم. وهذا الشخص نجده دائمًا يتحدث عن المصاعب والمشكلات والمعوقات والمآسي, وهو غير قادر على المبادرة أو المثابرة, بل ينهزم سريعًا أمام أية مصاعب وييأس بسرعة. وهذه المشاعر الكئيبة اليائسة تنتقل إلى من يتعامل معه فيشعر معه بهذا البؤس واليأس ويعيشان معًا في جو من الكآبة والهزيمة والتشاؤم. وفي هذا الجو لا نتوقع إنجازات كبيرة ذات قيمة لأن الشخصية الإكتئابية تعيش حالة من العدمية لا تسمح كثيرًا بالنجاح والتميز.

5- الشخصية النوابية (تقلبات المزاج الدورية) :
هذا الشخص نجده لعدة أيام أو أسابيع (وأحيانًا شهور) مرحًا منطلقًا نشيطًا ومليئًا بالحيوية والأفكار ثم يتبع ذلك فترة نجده وقد انقلب حزينًا منطويًا يائسًا ومترددًا. وهكذا تستمر حياته بين تقلبات المرح والإكتئاب. وهذه الشخصية منتشرة بين المبدعين والمفكرين, وهي شخصية ثرية وساحرة ومتعددة الألوان والمستويات, ولكنها تحتاج من الطرف الآخر جهدًا كبيرًا لمواكبة هذه التغيرات النوابية من النقيض إلى النقيض.

6- الشخصية فصامية الشكل (غريب الأطوار والأفكار) :
هذا الشخص نعرفه من ملابسه المختلفة غير المتوافقة مع المجتمع الذي يعيش فيه حيث تتسم بالغرابة, وأيضًا أفكاره وكلامه نجد فيه نفس الغرابة فنجده مثلاً يهتم بشيء هامشي ويعتبره قضية محورية (مثل ثقب الأوزون أو مثلث برمودا أو أنواع معينة من الكائنات أو الأطباق الطائرة أو الظواهر الخارقة للعادة). وسلوكه أيضًا يتسم بالغرابة ولهذا يصفه الناس بأنه غريب الأطوار "لاسع"، "مخه ضارب" على الرغم من أنه ليس مجنونًا. ومن السهل التعرف عليه في فترة الخطوبة من خلال آرائه الغريبة واهتماماته الهامشية وملابسه وكلامه وجلسته. وهذا الشخص يكون أكثر قابلية للإصابة بمرض الفصام, وهو يميل إلى العزلة حيث يعيش عالمًا خاصًا به يشكله من أفكاره وتخيلاته الذاتية ومع هذا لا يفقد صلته تمامًا بالواقع فهو يتصل به على قدر حاجته الضرورية منه.

* فارق السن:
هناك سؤال يردده كثير من الناس:
ما هو فارق السن المثالي بين الزوج والزوجة؟
وللإجابة عن هذا السؤال نستخدم نتائج الإحصاءات حول التوافق الزوجي, فقد وجد أن أفضل فارق في السن هو أن يكبر الرجل المرأة بـ 3 5 سنوات, ولكن حين يزيد هذا الفارق عن 10سنوات تبدأ علامات عدم التوافق في الظهور, لأن فارق أكثر من 10سنوات ربما يجعل كلاً من الزوجين ينتمي إلى جيل مختلف تمامًا وبالتالي تختلف اهتماماتهما وأفكارهما بشكل كبير ربما يجعل التفاهم والتوافق يمر ببعض الصعوبات, فالفتاة الصغيرة ترغب في المرح والانطلاق والاستكشاف في حين يميل زوجها العجوز إلى الجدية والهدوء والتأمل والاستقرار, هذا فضلاً عن الفوارق في الاحتياجات العاطفية والجنسية.
وقد خطب أبو بكر وعمر رضي عنهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنها صغيرة", فخطبها علي رضي الله عنه فزوجها منه.  رواه النسائي .

وقد يقول قائل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة وكان يكبرها بكثير, والإجابة هنا أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصيته المبنية على كونه رسولاً وأيضًا على خصائصه الشخصية المتفردة, وقد اتضح ذلك بعد زواجه من السيدة عائشة حيث كان قادرًا على إسعادها بكل الوسائل فكان يسابقها ويلاعبها ويمازحها ويلطف بها وكانت هي غاية في السعادة بزوجها العظيم رغم فارق السن.

وهذا يجعلنا نقول أن القاعدة العمرية -على الرغم من أهميتها- لها استثناءات في ظروف بعينها، كما سنرى لاحقًا.

 



الكاتب: د.محمد المهدي
نشرت على الموقع بتاريخ: 18/07/2005