إغلاق
 

Bookmark and Share

د. هبة رؤوف: لست راضية عن وضع المرأة ::

الكاتب: أ. ولاء الشملول
نشرت على الموقع بتاريخ: 25/05/2006

يحتاج الحديث مع الدكتورة هبة رؤوف عزت إلى الكثير من الجهد في النظر في منجزها الفكري والسياسي اللذين تقدمهما وفق رؤية صافية تتماهى مع واقع المرأة العربية وتسعى بجد ودأب لإيجاد الحلول الناجحة لها، كما يحتاج إلى مزيد من متابعة أنشطتها التي تنوعت وتشعبت ما بين السياسية والفكر والأدب.

ويحتاج محاورها أيضاً إلى مهارة القنص فيما يتعلق بالوقت لاسيما وأن ضيفتنا من النوع التي تتوزع ساعات يومها بين واجبات كثيرة ما يجعل الجلوس إليها والتحدث معها من الفرص المهمة والنادرة.. (لها أون لاين) زار الدكتورة هبة رؤوف الناشطة النسائية والمفكرة الإسلامية وتعرف عن قرب على رأيها في العمل النسائي والعلاقة بين الرجل والمرأة والكثير من القضايا الملحة فتابعونا:

* بداية كيف يمكننا التعريف بالدكتورة هبة رؤوف عزت؟
- أنا مدرس مساعد بقسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وأشرف على أبحاث وأنشطة المجتمع المدني بمركز البحوث والسياسة بجامعة القاهرة، ومستشار لشبكة إسلام أون لاين. نت، وعضو مؤسس في رابطة الأمهات المصريات، وعضو مؤسس لحركة حماية التي تهدف إلي حماية الناخب من خداع نائبه في البرلمان بمنع الفائزين من المستقلين بانتخابات مجلس الشعب الأخيرة بالانضمام إلى الأحزاب السياسية، علاوة على حماية حقوق الناخب بشكل عام من خلال متابعة مدى قيام النائب بمهامه ومتابعته لمشاكل الناخب وإذا كان هناك رد على مشكلاته بما يمثل أداة رقابة شعبية.

* وما هدف رابطة الأمهات المصريات؟
ـ هذه الرابطة لا تزال فكرة، نبعت من الإحساس بضرورة أن يكون هناك دور للمرأة في المجتمع ولابد أن يكون هناك صوت للأمهات وصوت مسموع، ويعبر عن النساء الراغبات للمشاركة في العمل المجتمعي العام وليست منضمة لأي أحزاب أو تجمعات، وهذه الرابطة قد تصبح مركزا بحثيا أو جمعية لا نزال نبحث الأمر، ولكن الأساس فيها هو تفعيل دور الأمهات في المجتمع باعتبار الأمومة قوة وليس ضعفاً أو تراجعاً أو سلبية، والفكرة نابعة من منطلق إسلامي يربط بين الأمهات والمرابطة ومن هنا أخذنا كلمة "رابطة"، وكان توقيتها مهماً بسبب طغيان الحديث عن الحياة السياسية على الحديث عن الحياة المدنية والمجتمع المدني فرأينا ضرورة الدفاع عن ممارسات وحقوق ومشاركات المجتمع المدني.

* لكن مع الاهتمام الكبير بالحياة السياسية في مصر والعالم عامة لاحظنا بعض الكتابات الأدبية لكِ؟...
-
نعم.. يمكنك اعتبار أن لدي موهبة الكتابة الأدبية، وأكتب بانتظام في جريدة أخبار الأدب المصرية مقالات مترجمة للكاتب البرازيلي الشهير باولو كويليو، بالإضافة لبعض المقالات والخواطر الأخرى بشبكة إسلام أون لاين. نت.

* ناديتِ من قبل بسحب قيم العطاء والأمومة والرعاية على العمل العام للمرأة، وجعله أكثر إنسانية وتراحماً... هل هي دعوة لجعل المرأة تقوم بالعمل العام فقط الذي يرتبط بكونها امرأة؟
- لا لم أقصد هذا المعنى، بل يمكن للمرأة طبعاً إذا أرادت أن تعمل بالسياسة أو أي مجال تراه مناسباً، بل أقصد النظر إلي المرأة باعتبارها إنسانا ومواطنا بغض النظر إلى الجنس، وعدم النظر للمرأة في طبقة معينة أو شريحة واحدة بل النظر والاهتمام بالمرأة العادية البسيطة التي أهم ما يميزها وتختص به أنها أم، فللأسف أجندة الحديث عن المرأة في مصر تتضمن كل ما تمارسه المرأة في كل المواقع إلا كونها أماً وتغفل هذا الدور المهم الذي تلعبه ويتسع مفهوم التعامل مع المرأة وتحتوي أجندة الحديث عن المرأة عن قيم أخرى بعيدة عن معاني الأمومة، بدون لفت الانتباه للمسؤولية الملقاة على عاتق المرأة كأم تجاه الأجيال القادمة، بتوفير مجتمع أصلح يحترم حقوق وكرامة أبنائه، ومن هنا جاءت فكرة رابطة الأمهات المصريات مع ملاحظتي أن الدافعية السياسية هي الغالبة والمؤثرة علي المرأة من أجل القيام بدور مجتمعي ودور في المشاركة السياسية، وأنا أري أن الأمومة دافعية أقوى، وقد تحرك قاعدة كبيرة من النساء التي لا تريد الانضمام للأحزاب السياسية ولديها استعداد للمشاركة في المجتمع.

* هل معنى هذا أن الرابطة ستكون خاصة بالعمل السياسي للمرأة في المجتمع؟
- ليس تحديداً، ولكنها تربط بين العمل المجتمعي والسياسي، ولكنها ليس للعمل السياسي فقط فقد تكون المشاركة لا تريد الاشتراك في عمل سياسي باعتبار العمل السياسي يعتمد على خيارات أيديولوجية مسبقة.

* وكيف تظهر قيمة الأمومة من خلال الاشتراك في عمل سياسي أو مظاهرة أو اعتصام؟
ـ نحرص في الاعتصامات التي تنظمها رابطة الأمهات المصريات على اصطحاب أبنائنا معنا من أجل إشعارهم بالمسؤولية نحو المجتمع وتعليمهم الإيجابية والفاعلية والمشاركة.

* هل أنتِ راضية عن أوضاع المرأة في المجتمع؟ ولماذا؟
ـ لا لست راضية بالمرة، لأنه ببساطة ليس وضعاً إسلامياً، وليس هناك تمكين للمرأة ولا تشارك بالدرجة الكافية لا في الحياة العامة المدنية ولا في الحياة السياسية والمشكلة أن الرؤى الإسلامية التي تقدم للمرأة لا تقدم المشاركة في المجتمع ولا تقدم لها دورها كفاعلة فيه، وحين يُقدم لها الإسلام فإنه يكون في صورة تصدها عن المشاركة في المجتمع، معتبراً أن مطالبة المرأة بالحجاب تعني الانعزال عن المجتمع وعدم التفاعل فيه والمشاركة فيه، وأنه يجب عليها أن تهتم بشئون أسرتها ورعاية أبنائها فقط، وهي فكرة في عمومها مشوهة عن الإسلام، فحتى من دفعت بهن جماعية الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كانت الاستثناء وليست الأصل.

* هل ترين أن تراجع وضع المرأة في المجتمع ناتج عن تفريط المرأة في المطالبة بتمكينها وتفعيلها في المجتمع، أم نتيجة ظلم الرجل لها؟
ـ أري السببين معاً، والمسؤولية ملقاة علي عاتق الاثنين، فالمرأة تترك المطالبة بحقوقها المجتمعية وأحياناً تطالب به ولا يترك لها الرجل الفرصة ويعوقها عن أداء دورها لأسباب مختلفة.

* لكم تفسير لمعنى القوامة باعتباره لا يرتبط بالمفهوم المادي فقط... ما مفهومك للقوامة التي وضعها الإسلام للرجل على المرأة؟
- المساواة بين الرجال والنساء في الرؤية الإسلامية هي مساواة لها جوانبها المطلقة، كما أن جوانبها النسبية التي تتفق مع اختلاف الاثنين في بعض الخصائص التي تخدم تكاملهما في تحقيق الاستخلاف، الذي يظل هو الإطار الضابط لهذه المساواة والأمانة والمسؤولية التي يتحملها الاثنان في ظل علاقة الولاية الإيمانية ورابطة العقيدة، هذه الخلفية لازمة ولا غنى عنها كإطار كلي لفهم "القوامة" في الرؤية الإسلامية.

ورغم أن الأسرة الممتدة هي الإطار الأوسع للأسرة في الرؤية الإسلامية، لكن مفهوم "القوامة" لصيق بخصوصية الأسرة الزوجية الصغيرة وأهميتها، حيث تعد الأسرة الصغيرة نموذجاً مصغراً للأمة وخصائصها، تنعكس فيه القيم الأساسية التي تحكم النظام الإسلامي، ووردت صيغة "القوامة" في الاستخدام القرآني في ثلاثة مواضع، وليس في موضع واحد كما تقتصر معظم الكتابات التي تتناول المفهوم في آية "الرجال قوَّامون…"، بمعزل عن الآيتين الأخريين، حيث ورد اللفظ في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ...} (النساء:34)، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ...} (النساء:135)، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ} (المائدة:8).

فالقوامة إحدى صفات المؤمنين -رجالاً ونساء- وترتبط بالشهادة على الناس، وتعني القيام على أمر هذا الدين وفق الشرع، والالتزام بالعدل والقسط وهي صفة من صفات الله -سبحانه- التي يجوز من عباده التخلق بها إذ إنه "القيُّوم"؛ وإذا كانت القوامة على مستوى الأمة هي سمة عامة فإنها مسؤولية تكليفية على الرجل في أسرته في إطار عقد الزواج، وهي في كلا المستويين قرينة التوحيد والعدل.

وتنطوي كلمة "قوَّام" على أمرين مهمين:

1- أن يأخذ الرجل على عاتقه توفير حاجات المرأة المادية والمعنوية، بصورة تكفل لها الإشباع المناسب لرغباتها وتشعرها بالطمأنينة والسكن.
2- أن يوفر لها الحماية والرعاية ويسوس الأسرة بالعدل.

وتخضع سلطة رب الأسرة للعديد من الضوابط والقيود التي تفسح المجال لأهلية الزوجة والأبناء في التصرف في إطار ما هو مشروع ومسموح به إسلامياً، فرب الأسرة ليس له سلطة على أبنائه الراشدين سوى التوجيه والنصح فقط، وكذلك له سلطة محددة في الإذن بزواج بناته البالغات؛ إن "الدرجة" التي ذكرها القرآن للرجال {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} (البقرة:228) وهي درجة القوامة، لم تقم على أساس نقص ذاتي في المرأة وإنما على أساس التطبيق العملي والكسبي، فالمراد التفضيل زيادة نسبة الصلاح في الرجل من جهة الرئاسة للأسرة عن صلاح المرأة لها؛ فهي صالحة وهو أصلح والمصلحة تقتضي تقديم الأصلح، وهو ما لا يُعَدّ طعناً في صلاحية المرأة وذاتيتها، بدليل أنها تتولى أمرها وأمر أبنائها عند غياب الزوج في طلب الرزق أو الجهاد ونحوه، أو عند وفاته حتى في ظل رعاية أفراد الأسرة الممتدة لها.

* لكن بعض الرجال يفهمون القوامة بشكل مختلف يعتمد على الاستئثار بالرأي فيما يتعلق بشئون الأسرة وقد يصل الأمر إلى حد التسلط؟
- نعم هذا يحدث لكن الشورى أساس القوامة ولا يكتمل فهم أبعاد مفهوم القوامة في الرؤية الإسلامية إلا في ضوء إدراك أهمية الشورى كقيمة أساسية في العلاقات داخل الأسرة المسلمة، فالشورى ليست خاصة بالمساحة السياسية فقط، ولا هي سمة من سمات الجماعة المؤمنة فحسب، بل هي أيضاً منهج التعامل داخل الأسرة.

فالقاعدة في نظام المنزل الإسلامي هي التزام كل من الزوجين بالعمل بإرشاد الشرع فيما هو منصوص عليه، والتشاور والتراضي في غير المنصوص عليه ومنع الضرر والضرار بينهما، وعدم تكليف أحدهما بما ليس في وسعه.

فالقوامة إذاً لا تعني إدارة البيت، فالإدارة شركة بين الرجل والمرأة وحتى الأطفال -كل منهم يقوم بنصيبه في الإدارة- وتدخل الرغبات المعقولة لكل منهم في شأن الإدارة، والإدارة شورى داخل هذه البنية الاجتماعية الصغيرة، ولا ينبغي أن يستبد طرف بالأمر كله، بل تؤخذ آراء كل الأطراف في الاعتبار في حدود الشرع، وتكون القوامة هي الكلمة الفاصلة التي يحتاجها البيت عند نشوب خلاف لا ينهيه إلا كلمة فصل، فرئاسة الأسرة رئاسة شورية لا استبدادية.

ويتحمل كل عضو في الأسرة مسؤوليته مصداقًاً للحديث الشريف: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الأعظم الذي على الناس راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

 



الكاتب: أ. ولاء الشملول
نشرت على الموقع بتاريخ: 25/05/2006