إغلاق
 

Bookmark and Share

قاتلوا إذن معنا ::

الكاتب: منى فياض
نشرت على الموقع بتاريخ: 23/07/2006

عندما أسأل عادة من بعض من يقدر حق البشر بالحياة وبالكرامة الإنسانية، حقهم البسيط بالحلم وبمحاولة تحقيق أحلامهم.
 
ولأنه يعرف معنى المعاناة من حرب أهلية من ناحية وحرب همجية من قبل إسرائيل من ناحية أخرى: كيف استطعت الاحتمال؟ كيف احتملنا مثل هذا الوضع وكل تلك السنوات الطوال؟

كنت أرد أن احتمالنا ارتبط بقدرتنا على الأمل وبعدم معرفتنا المسبقة، أو تقديرنا أن هذه الحرب سوف تدوم وتدوم كل تلك السنوات!! يعني لو عرفنا مسبقا أنها سوف تلتهم معظم أعمارنا وتستهلك معظم نشاطنا كبشر قادرين على الإنتاج أو الإبداع بهذا القدر أو ذاك لمتنا حنقا وحصرا...

عشنا الحرب جولة بعد جولة كالسم بالقطارة ولم نتنبه إلى ضياع أعمارنا إلا لاحقا ولاحقا جدا.. وكان عزاؤنا، بعد انتهاء الحرب وخاصة بعد تحرير الجنوب، وعودتنا إلى حياتنا الطبيعية مثل بقية خلق الله، أن هذا التحرير سوف يشكل مشعلا ونموذجا ومثالا لكي يقتدي به سائر البشر من العرب معتقدة أن من يدعم المقاومة ومن يرغب بتحرير فلسطين منهم، وهم كثر على صعيد الخطابة والادعاء، عليه أن يحب أن يموت هو أيضا من أجلها وأنه لا يقصد بالطبع من دعمه لهما أن نموت نحن اللبنانيين فقط من أجله وأن ندفع له أثمان الكبرياء والعزة والكرامة العربية وحدنا!!! اعتقدت أن من يدعى حرصه على المقاومة عليه إيجاد السبل من أجل ممارستها من الأماكن التي لا تزال تنتظر تحريرها!!!
 

لكن يبدو أننا أخطأنا إذ فكرنا للحظات أننا سوف نقدر على أن نعيش ما تبقى من هذه الحياة بشكل صار يقترب من الحياة الطبيعية مثل سائر البشر... كنا بدأنا ننعم بالسلام أو بنوع من فترة للعيش الطلق والطبيعي والسوي، برهة من العيش أعتقد أننا نستحقها، فلقد قمنا كشعب بما هو مطلوب من أي شعب أو كائن وبما يفوقه أيضا، من تقديم أنواع التضحيات والصبر والتحمل... ودفاعنا عن كرامتنا وشرفنا وشرف الأمة بعزة وإباء بما يشملنا ويشمل جميع أشقائنا، معتقدين أنه حان أوان أن يستفيد من تجربتنا كل من يرغب بذلك وكل من يتحرق شوقا لمقاتلة إسرائيل سواء أكان سوريا أم أردنيا أم مصريا أم حاملا لأي اسم قطر عربي آخر...

والصمود النفسي مثله مثل الصمود الجسدي تحده قدرات واقتناع واطمئنان إلى صحة الخيارات وبعدها عن التهور والمجازفة. كما أن أي كائن حي أو جسم يحتاج إلى وقت للراحة كي يستطيع الصبر والاحتمال لإكمال أي طريق يختاره.

لذا عندما أفكر الآن في الوضعية المستجدة ككل، وقياسا بما مررنا به، أجد أن الأجازة القصيرة التي حصلنا عليها والتي تبين أنها على حسابنا وغير مدفوعة الأجر لم تكف بعد لكي نستعيد قدرتنا السابقة على التحمل والصمود الذي تبين بالملموس أنه كان لا متناهيا.. هذا بينما كنا في وضع ننعم فيه بنعمة مساندة العالم لقضيتنا العادلة وحقنا في تحرير أرضنا.

ما هي القضية العادلة الآن التي سوف نجبر عبرها العالم على مساندتنا؟ أي ذريعة سوف تجعلهم يستميتون للدفاع عنا؟ وهل أننا نحرر أرضا لنعيد إفناءها، ولماذا هذه الأرض تحديدا؟؟؟ ؟
ننتظر دعم الشارع العربي؟ وأين هو هذا الشارع وهذا الشعب الذي لم يتحرك لدعم أبناء غزة؟ فهل سوف يتحرك لدعم قضيتنا اللبنانية؟ وأي قضية، أليست قضية العرب؟ هل عندما تمر من هنا تصبح أكثر اقتناعا لكي تزيد نسبة حميتهم؟ الأرجح أنها لن تزيد سوى نسبة الإرهاب على الطريقة العراقية.

أين أشداق المثقفين العرب الذين يريدون مقاتلة إسرائيل؟ أم إن ذلك لا يتم إلا عبر لحمنا فقط وعبر أعصابنا وعبر قدرتنا الإنتاجية والإبداعية؟ هل نحن بشر ونستحق الحياة؟؟؟؟، أم نحن مجرد حجارة تتقاذفها أرجل مصلحة أنظمة الاستبداد؟ وكيف يمكن لنظام يسحق أبناءه أن يساندنا وأن نعتمد عليه لكي نحرر أنفسنا مجددا بعد أن نكون أوقعناها في الأسر بأيدينا؟ نريد تحرير الأسرى في إسرائيل؟ بالطبع لنا الحق بالمطالبة بتحريرهم وبالعمل على ذلك، ولكن ماذا عن السجين العربي؟

كنت أفضل أن نطالب في نفس الوقت أيضا بحرية المواطنين السوريين المستبعدين والمسجونين(بمن فيهم اللبنانيون) لكونهم عبروا عن آراء فقط، وأفضل النضال خاصة من أجل تحرير عارف دليلة وميشال كيلو ورفاقهما جميعهم!!! من يحرر هؤلاء؟ ولماذا أفضلية سجين على آخر؟ هل السجن العربي مقبول والسجن الصهيوني مرفوض؟ لماذا ما الفرق عندما يسجن إنسان لمجرد امتلاكه رأيا مخالفا، أليس نفس نوع الجرم؟ أليست الحرية هي الحق الذي ندافع عنه؟ وهل للحرية من جنسية معينة؟ أن بلدانا لا تحترم حرية مواطنيها وحقوقهم الأساسية لن تستطيع المقاومة من ناحية ولا مساندتنا في مطالبنا للحرية من ناحية أخرى!!!

أن مواطنين كمعظم المواطنين العرب وعلى رأسهم جمهرة المثقفين خانعين وخاضعين للاستبداد لن يحرروا أرضا، ولذا أجد أن تحرير الإنسان تجاه أنظمة القمح على قدر أهمية تحرير الأرض والسؤال الآخر الذي يطرق رأسي: لماذا نحرر أرضا ما؟ ألكي تمنع مواطنيها من التنعم بالحرية التي حصلوا عليها بالكاد فنعيدهم إلى الكابوس الأصلي من أساسه؟ أن ننعم بحريتنا وبسلامنا وبجمال بلدنا وحيويته وقدرته على الانبعاث!! على الأقل ضمن مهلة تتعدى مجرد الأجازة القصيرة وغير مدفوعة الأجر؟

لطالما استهجنت حماسة بعض المثقفين والمثقفات العرب وبعض المغتربين اللبنانيين الذين لا ينوون العودة إلى بلدهم المعرض دائما للمخاطر في دفاعهم المستميت عن ضرورة الحفاظ على إمكانية مقاومة إسرائيل ومن لبنان حصرا! وإذا كان لإطلاق الشعارات والإكثار من الكلام والكتابة في هذا المجال من معنى ويعبر عن حد أدنى من المسؤولية، فأنا أطالبهم الآن بأن يتحملوا معنا بعض ما نتحمل، وبعض ما يطالبوننا دوما القيام به عنهم.

وأقترح أن نستبدل بعض المواقع معهم خاصة في هذه الأحوال تحيلنا إلى كائنات تترك، قسرا وقهرا، كل اهتمام أو عمل لها في الحياة وكل عيش ممكن لكي تصبح عاجزة تعد الدقائق وتحصي الحرائق والقذائف والدمار اللاحق بانتظار نهاية: نهاية للحرب التي نشعلها هنا خوفا من انطلاقها في أماكنها الضرورية!! فليقم كل من يدعو إلى دعم المقاومة بعمل مسيرة ولو حفاة لكي يأتوا ويعطونا دعمهم الآن وهنا وحالا، ليقطعوا الطرق ليتركوا أعمالهم وليعلنوا عصيانا مدنيا على أنظمتهم دعما لنا!!

أو فليأخذوا أماكننا ويعطونا بيوتهم الآمنة وأعمالهم المزدهرة ويتركونا لإنتاجنا الفكري والإبداعي في بلدانهم وبيوتهم وبين عوائلهم الآمنة المطمئنة.. وإلا كيف علينا أن نفرق بين الدعم والمزايدات؟

اقرأأيضا
هذه هي إسرائيل الطيبة يا مستر بوش.../
الفئران المحبوسة وبلادة الحس العربي / حملة المليار لفك الحصار.. فلسطين لن تموت. / هالة الفيصل .. طاب الموت يا عرب / إسرائيل دولة ديمقراطية!!!!  / حينما نعجز عن"تصديق" النصر / الأزرق والأحمر وصبغات أخرى..  / حوار مع السيد العلامة: محمد حسين فضل الله / أمة تمشي على أربع!   

نقلاً عن أخبار الأدب680-  23/7/2006



الكاتب: منى فياض
نشرت على الموقع بتاريخ: 23/07/2006