إغلاق
 

Bookmark and Share

العلاج المعرفي للاكتئاب (15) ::

الكاتب: د. محمد شريف سالم
نشرت على الموقع بتاريخ: 03/02/2007

العلاج المعرفي للاكتئاب (14)

إن كثيرا من الناس لا يميزون الفارق بين كل من القلق والاكتئاب، وذلك لأن كلا الشعورين متلازمان، فلو أن النتيجة كانت مرتفعة في اختبار القلق، فسوف تكون أيضا مرتفعة في اختبار الاكتئاب والعكس صحيح. إن الاكتئاب ما هو إلا شعور بالضياع حيث أنك تشعر فيه بأنك مهزوم ومثبط العزيمة بسبب حدوث شيء ما سيء، وربما يحدث هذا نتيجة شعورك بالفشل في العمل أو شعورك بأنك رفضت وهجرت من شخص ما محبوب لديك. لكن القلق هو الشعور بالخوف والذي يؤثر بدوره على المستقبل حيث أنك تعتقد أن هناك كارثة يمكن أن تطرق بابك في أي لحظة.

إن القلق يشبه التعلق من أطراف الأصابع بمنحدر صخري. أما الاكتئاب يمكن القول بأنه سقوط بالفعل في قاع واد ضيق والذي تسبب في كسر رجليك وزراعيك كسرا لا يمكن جبره. افترض أن تسجيلك في أحد هذين الاختبارين كان مرتفعا فهل يعني ذلك أنك مريض (جسديا) أو مريض (عصبيا).

بالقطع لا، لأن الشعور بالقلق أو بالاكتئاب هي تقريبا مشاعر عامة شاملة. فغالبا يشعر كل شخص بهذا الشعور من وقت لآخر، فبالرغم من أن أحد أهدافنا الأساسية هو أن نوضح لك كيف تتعامل مع هذه المشاعر بفاعلية أكثر، فإننا أيضا نريد أن نشجعك على أن تقبل مشاعرك السلبية. فأنت تحتاج إلى فهم هذا التناقص لكي تتغلب على القلق والاضطراب فعندما تحارب مشاعرك السلبية وترفض أن تقبلها فسوف تصبيح هذه المشاعر أكثر شدة وعنفا، وعلى النقيض فعندما تقبل تلك المشاعر، فسوف تصبح أسهل للتعامل معها. وسوف تتعلم كثيرا عن قاعدة "قبول التناقض" عندما تقرأ هذه المقالات.

هناك بعض الأسئلة عن القلق والاكتئاب والتي يمكن أن تكون قد طرقت خاطرك من قبل وهى:-
- ما مدى دقة ومصداقية اختبارات الأحوال الانفعالية؟
- هل يحاول بعض الناس أن يشعروا أنفسهم بحالة من التحسن أو بالسوء على خلاف الواقع؟ لم يحدث هذا في تجربتي من قبل حتى إن التغير البسيط في بعض النقاط القليلة من أسبوع لآخر هو إشارة أن شخصا ما يشعر بالتحسن أو بالسوء.

فمعظم الناس يجيب بصدق وبأمانة وتستمر الاختبارات دقيقة بصورة ملحوظة مع مرور الوقت. فيمكنك أن تأخذ تلك الاختبارات مرارا وتكرارا، ويمكنك أيضا ملاحظة مدى فاعلية تحسنك عندما تقرأ هذه المقالات لو أنك أخذت اختبارات القلق والاكتئاب التي في هذا الفصل مرة أسبوعيا.

لو أنك بالفعل في فترة العلاج، فعليك أن تعرض نتائجك لمعالجك فلو كانت تسجيلاتك في انخفاض، فإنك بالفعل في تحسن، ولو كانت تسجيلاتك في ارتفاع أو ظلت كما كانت، فهل هذا دليل على أنك لم تتحرك خطوة للأمام حتى الآن. هناك معلومة غاية في الأهمية والتي لا أتخيل نجاح أي علاج بدونها وهى "التحكم في الذات" أو ما يسمى بكبح أو منع الطقوس، وإنني أسال المرضى في بداية كل جلسة علاجية أن يطلعوني على تسجيلاتهم (النتائج) وبذلك أعرف ماذا يفعلون. هناك سؤال آخر وهو:-
ما الفرق بين الاكتئاب والحزن الطبيعي (غير النفسي

إنه من الطبيعي أن تشعر بالحزن لوفاة صديق أو الفشل في إنجاز هدف هام، وهذه المشاعر هي جزء لا يتجزأ من حياتنا فالحزن والأسى دليل على إنسانيتك، ويختلف الاكتئاب عن الحزن الطبيعي (الفطري) بصور عديدة وهي:-
1- لا بد أن يحتوي أو يشمل الاكتئاب على فقد تقدير الذات.
2- الاكتئاب يستمر طويلا أو يكتسب صفة الديمومة.
3- المصابون بالاكتئاب غير قادرين على التفاعل والعمل المثمر.
4- إن الاكتئاب ليس أمرا واقعيا ودائما ينتج عن أفكار مشوهة.
5- يعتبر الاكتئاب مرضا.
6- يُشعر الاكتئاب بقلة الأمل حتى لو كان التشخيص ممتازا.

هناك سؤال آخر وهو متى يجب على الفرد أن يطلب المساعدة المناسبة؟
والجواب أنه ينبغي عليك أن تطلب المساعدة المناسبة إذا باءت جهودك بالفشل في التغلب على مشكلة مزاجية انفعالية أو إذا شعرت بأنك في ورطة أو مشكلة. فنحن جميعا نشعر بالإحباط عندما يحدث لنا شيء ما محبط ولكننا سرعان ما نرتد للخلف ونشعر بالتحسن مرة في خلال أيام قلائل. لكن بالنسبة لبعض الناس قد يتأخر هذا الشفاء الطبيعي (أي الشعور بالتحسن بعد حدوث الموقف المحبط) ومشاعر القلق والاكتئاب قد تستمر لأسابيع أو لشهور أو لسنين أو لعقود (عشرات السنين) والطبيب النفسي المتمرس قادر بإذن الله تعالى- أن يساعد على سرعة عملية الشفاء والتحسن.

هناك سؤال آخر وهو كيف يمكنني أن أساعد محبوبا لدى مصابا بالاكتئاب؟
إن المقصود من أساليب هذا هو مساعدتك لحل مشكلاتك العاطفية (الخاصة بالمشاعر) فإذا لم تكن معالجا فلا تحاول تطبيق هذه الطرق والأساليب على شخص آخر مصاب بالإحباط لأنه من المعقل أن تؤدى كل جهودك إلى نتائج عكسية. إذا فأفضل شيء يمكن أن تفعله مع شخص يعانى من القلق أو الاكتئاب هو أن تشعره أنك مهتم به. ,حاول أن تفهمه وحاول أن تستمع إليه لكي تفهم مشكلاته ومشاعره مستخدما في ذلك المهارات الخاصة بالاستماع.

سؤال آخر: ما الذي ينبغي علي فعله إذا كان أحد أصدقائي أو أحد أفراد أسرتي يحتاج إلى علاج نفسي؟
إذا كان هناك شخص مريض ومنزعج فعليك أن تنصحه لكي يذهب لتلقي العلاج، أما إذا رفض أو قاوم نصحك فلا ينبغي عليك أن تغريه أو تجبره على فكرة الذهاب للعلاج، فلو أنك أوضحت له فهمك واهتمامك به، فسوف يغير فيما بعد رأيه. وفي النهاية فالناس لديهم حق أخذ القرار في العلاج أو لا (لديهم مطلق الحرية) وهناك استثناء واحد وهو أن يكون طفلك يعانى من الاكتئاب فأنت كوالد ينبغي عليك أن تأخذه إلى المعالج ولا بد أن تضع في حسبانك أن جزءا من مشكلة طفلك هو صراع قد نشأ من قبل بينك وبين زوجتك. ومع الوقت فلو عالجت الصراع بينك وبين زوجتك فسوف يتحسن الطفل.

اقرأ أيضاً:
في علاج العشق ، تلخيص ابن القيم  / التفكر (2)  / الخوف من الموت وجهة نظر نفسية



الكاتب: د. محمد شريف سالم
نشرت على الموقع بتاريخ: 03/02/2007