ضائعة جداً وأكره حياتي وأهلي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أشكركم على إتاحة هذا الموقع لمواجهة مشاكلنا والحد من آثارها على أنفسنا ومن حولنا...
أنا فتاة سعودية، عمري27 سنة وأعمل معلمة. عندي عدة مشاكل متداخلة في بعضها حتى شكلت اختناقا في ممارسة حياتي الطبيعية. منذ طفولتي كان أبي يضعني في مقارنات مع أختي الكبرى والصغرى سواء في الشكل أو حتى في الشخصية. فهن اجتماعيات أما أنا خجولة وغير واثقة بنفسي ولا أحب شكلي حتى ولو أكد لي محيطي أني جميلة. كنت أكبر وأظن أن الغيرة ستتوقف لكنها استمرت معي فأنا أغار حتى من الكلام الجميل من الناس لأختاي! تزوجت أختي الكبرى مرتين ثم انفصلت وأنا مازلت عزباء. خُطبت أختي الصغرى وأنا مازلت عزباء. أحزنني جدا أنني شعرت كأني بضاعة تتفحصها أعين العائلة أنا وأختي ثم اختاروها هي.
وحزنت أكثر من عائلتي عندما وافق جميعهم رغم أن أختي الصغرى مازالت في الجامعة وأن الناس يحبونها وحدث أكثر من مرة أن يتصل البعض لأجلها. أبي شخص عصبي ومسيطر وكنت منذ الطفولة إذا تأخرت عنه ينادي ساخراً أين العروس؟ ألم تنتهي العروس؟ بينما أختاي لا يناديهما هكذا ويكتفي باسمهما! تقدم لي أشخاص لكني أشعر بالذل عندما يزوروننا وأتحدث بشكل لبق وأرتدي المناسب ثم يذهبون دون عودة أو اتصال. بدأت أشعر أني سلعة. بالرغم أن بعضهم سبق وأن رآني كلما اقترب الفرح وشعرت أن الله سيستجيب لي تحدث خيبة وأخجل من أهلي بسبب حظي.
أختي الكبرى استطاعت أن تعمل في جهة مهمة وأن تسافر كثيرا والناس في منطقتي كلما قابل أحدهم شخص منّا سأل عنها أو عندما يسمع أحد اسمي الكامل يقول: أووه أنت أخت فلانة! وكأني نكرة بدونها... اجتهدت في الجامعة وحققت معدل ممتاز لأجلي ولأجل أبي لأنه شديد ويحب العلم بينما لم يحقق ذلك أحد من أختاي وأخوتي ومازالت مقارناته السلبية مستمرة. حاولت الابتعاد فقمت بالتسجيل في الابتعاث والحمد لله ابتعثت.
المشكلة أنني لم أستطع الحصول على قبول ماجستير في الوقت المخصص من الملحقية الثقافية لذلك عُدتُ إجبارياً لانتهاء فترة دراستي الإنجليزي، بينما مرافقي وهو أخي حصل هو وزوجته على قبولات بكالوريوس لأنها لا تتطلب شروط كثيرة والآن روحي متعبة جداً لأنني وقعت في هذه الخيبة وخسرت فترة ارتحت فيها من منزلي وأهلي. عندما عُدت أفرغت غضبي بتأليف كتاب شعر ونصوص وأعجب الكثير ودعاني أكثر من أحد لأمسية ثقافية ورئيس دار النشر أخبرني أنه أكثر عمقاً وشاعرية من كتاب أختي الكبرى بالرغم أني مبتدئة في حين أنها أقدم مني بالكتابة.
أعمل منذ سنتين والجميل أنني اقتربت من صديقات وبدأت أحاول تغيير نمط حياتي وأن أكون اجتماعية . لكن الآن يحدث شيء غريب في نفسي، لم أعد أطيق أحد. كارهة للجميع، لا أرغب بمكالمة أحد. يتصل البعض لكنني أتحاشى الرد. أرغب فقط بقطع كل العلاقات والسفر بعيداً والاستقرار والاعتماد على نفسي كما كنت في بلد الابتعاث. فعندما كنت بعيدة لم يكن أحد يعرف من هو أبي أو أختي أو أن الصغرى ستتزوج قبلي.. كنت أحيا براحة نفسية كبيرة لأن هذه الأفكار غير متداولة أمامي.. حاولت الانتحار قبل ثلاث سنوات بشرب كمية حبوب وصفها الطبيب لي عندما يتسارع نبض قلبي بفعل التوتر أو الخوف وقد حذرني بأنها لوقت اللزوم فقط. أكره المناسبات العائلية لأنني أحتاج صبراُ عظيماً لأن أفتعل السعادة مع أن قلبي يحترق كلهم حصلوا على مايريدون إلا أنا..
قبل 7 سنوات أحببت شخصاً بدا لي طيباً ولم أكن أكترث بالمادة بحجم اكتراثي للراحة النفسية، كان يقول سيتزوجني ولأنه كان من مذهب ليس مذهبي كان هناك صعوبة وأخبرته بذلك. ولأنها المرة الأولى التي أُحب كنت أصدق وأخبرت أختي الكبرى فرغم أني أغار منها لكنها تقف معي في مشاكلي وأنها أكثر من أثق به. احتارت أختي كيف تمنعني عنه لأنها بطريقة استطاعت أن تحصل على معلومات تخصة ليتضح أنه سيء وله علاقات. لم أصدقها حينها ودخلت في الإنكار وكذبت بأنني سأقطع علاقتي به لكني استمريت حتى اعتدى علي لكن مازلت بنت.. وتركته فترة ثم عُدت لأنه حاول كثيراً للعودة وماهي إلا أشهر وعدت وتركته..
ندمت بالتأكيد لكن مايعذبني حتى الآن أنني أتذكر كل شيء معه حتى التواريخ والأيام والهدايا والأغاني وما يحب ويكره. أفكر أنه بالتأكيد نسى تلك الذكريات وربما هو الآن مرتبط أو يحب ثم أنفعل وأقول لا يهم فكل منا في طريقه.. ثم صديق أخي أخبرنا أن عائلته ستتقدم لي وبالفعل وأعجبتهم وظننت أني سأرتبط ثم فجأة أخبرهم بأنه لا يريد لأنه كان قد انفصل عن خطيبته ولا يستطيع.. رأيته في وطن الابتعاث وكنت طبيعية جداً عندما يتحدث إلي محاولة نسيان ماحدث وعدم الاهتمام، لكن تصرفاته كانت تدل على التقرب أو الإعجاب وكنت أخاف الانجراف خلف شعور كهذا فكنت أتهرب وخائفة على نفسي وكنت أكذب تصرفاته وأنه لا معنى لها لكن البعض أكد لي أنها تصرفات إعجاب.. لا أنكر أنني أصبحت أفكر به وأتذكر كل شيء وكيف التقيته وماذا كان يتحدث معي لكني تعبت من كتمان شيء لا أدري ولست متأكدة من صحته..
أخيراً أحبني أخو صديقتي وهي لا تعلم وأنا أشعر بأني تعبت من أن أصدق الفرح ثم أصاب بالخيبة وحلف أنه يريدني للزواج مع أنه يعرف أني أكبره بسنتين لكنه يصمم بأنه يحبني وأنا لا أبادله شيء لأنه يختلف عن صفات الشخص الذي أتمنى أن يكون شريك حياتي.. هو طيّب وأخبرني أنه سيقدم على الابتعاث ليأخذني زوجة ومرافقة فقط كي أفرح وأخرج من حزني وأرضى، لكني أفكر أنه لا يناسبني فكيف سأعيش معه. كذلك هو تخرج من الثانوية منذ سنوات قليلة ثم أخذ دورة إنجليزية ومنذ ذلك الحين هو لا يدرس ولا يعمل لكنه يفكر ولا ينفذ. كذلك هو من عائلة فقيرة ومسكينة في حين أن أختي الصغرى عائلة زوجها أفضل وكذلك مستواهم الاجتماعي. وأنا أعرف أبي سيقوم بالمقارنة لو حدث هذا الارتباط وأنا متعبة نفسياً من المقارنات التي لا تنتهي.. أتعجب عندما يؤكد لي الناس أنني جميلة وعندي أشياء مميزة لكنهم عندما يأتون لخطبتي يغيرون رأيهم ويذهبون رغماً أنني أتفهم منطقتنا ولا أظهر بشكل غير لائق وأتحدث بتهذيب وحياء.
أشعر بالحرج أمام أهلي ونفسي وكأني شيئاً منبوذا أو سلعة! أشعر يوماً بعد يوم بالخواء وأني لم أعد أملك شعور الحب لأحد لا الأهل ولا الناس عدا الأطفال لبراءتهم وأريد فقط الابتعاد عن عائلتي. أبي يرفض أن أذهب لطبيب أو مستشار نفسي وقد قمت بالاتصال وحجز موعد لدى أحدهم لكني لم أذهب لأنه يعرف أبي وخفت أن يخبره بكل شيء.. أحياناً أتذكر ذكريات حلوة مثل الطفولة وكيف كنت فيها خالية من المشاكل وأبكي بكاء كالنحيب، وأحيانا أختنق مما أنا فيه ومن الغيرة ومن حديثهم عن خطيب أختي فأنعزل في غرفتي وأبكي حتى أختنق ولا أتنفس إلا بتنهيدة قوية. حالتي الصحية تأثرت فلا آكل جيداً وأتناول المنبهات أكثر حتى أصبحت أتعب من أقل نشاط وألجأ للنوم ولو لم أحتاجه أحياناً فقط كهروب من واقعي.
المشاكل هذه تعيقني عن ممارسة حياتي بالشكل الطبيعي لفتاة في مثل سني وعندما أحاول تحفيز ذاتي يستمر ذلك ليوم أو يومين ثم أعود وأنتكس وأكره من حولي.
أرجوكم أريد حلاً حياتي ضائعة في الحزن والكره والعجز ومتعبة جداً من العصبية التي أحبسها داخلي ثم تنفجر في أوقات غير مناسبة وأحياناً لأقل الأسباب.
أعتذر عن الإطالة وشكراً لكم.
28/08/2014
رد المستشار
شكرا على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالتوفيق.
يمكن الرد على استشارتك من زاوية نفسية اجتماعية أو من زاوية طبية نفسية بحتة. الأفضل هو جمع جميع الجوانب في عرض واستيعاب المعاناة التي تمرين بها.
التاريخ الشخصي:
لابد من وضع هذا التاريخ في إطار المجتمع والبيئة التي تعيشين فيها وليس من الصحيح أن أصدر حكمي عليه. الجزء الأول من الرسالة يعالج مرحلة الطفولة وولادة عواطف سلبية من جراء عقدة التنافس بين الأخوة أو بين الأخوات Siblings Rivalry هذه المعضلة يمر بها الجميع وتكون أحياناً مصدر تحفيز للإنسان لمواجهة التحديات والتفوق، ولكنها أيضاً قد تكون مصدر أفكار سلبية وشعور مزمن بعدم الثقة بالنفس.
لم يساعدك أيضاً السلوك العائلي الغير صحي في المقارنة بين الأخوات. مع ذلك تشيرين في الرسالة بوضوح إلى انتقالك إلى مرحلة جديدة في الحياة وتزامن ذلك مع دخولك مرحلة تعليمية جديدة بعيداً عن البيئة العائلية. نجحت في الحصول على عمل ولكنك تشيرين إلى وصف حالة من اكتئاب مع محاولة انتحار قبل ثلاثة سنوات وقبل عام من بدء العمل.
الزاوية الطبية:
لا يوجد في الرسالة إشارة واضحة إلى التخلص من نوبة الاكتئاب بصورة تامة. لا تزال عواطفك ومشاعرك غير متوازنة وفيها علامات قلق واكتئاب وصعوبة في اتخاذ القرار.
أما في الوقت الحاضر فهناك معاناة وارتباك في اختيار شريك حياتك. ليس هناك ما يدل على أنك مقتنعة بالإنسان الذي تربطك به عاطفة من الصعب وضعها في إطار الحب. ولكن الأخطر من ذلك بأن اتخاذك القرار بالارتباط به ولد عصاب وعقدة التنافس بين الأخوات مرة ثانية وحتى قبل الزواج به. هناك اعتقاد في ذاتك بأنه دون مستوى من ارتبطت به أختك. إن تم هذا الارتباط فهناك احتمال كبير بأن عقدة التنافس بين الأخوات سيتم تثبيتها إلى الأبد.
التوصيات:
1 - هناك حالة نفسية تشير إلى القلق والاكتئاب حالياً وهناك تاريخ سابق يشير إلى نوبة اكتئاب جسيمة. إذا كانت لديك أية أفكار انتحارية واضطراب في النوم والشهية والتركيز يستحسن مراجعة طبيب نفسي لتلقي العلاج اللازم. في جميع الأحوال مراجعة طبية ولو واحدة هي الحل الأفضل.
2 - طريقة كتابتك وطرحك للأمور يعكس نضوجا فكريا وعاطفيا ومقدرة على مواجهة التحديات الاجتماعية والشخصية.
3 - لا يقضي على الإنسان إلا عصابة Neurosis لا يزال عصابك من الأخت حياً وربما عاد إلى الظهور بسبب الاكتئاب الذي تمرين به. ما أراه صعباً عليك هو أن اختيارك لشريك حياتك قد لا يساعدك على التخلص من هذا العصاب وتجاوزه الآن أو في المستقبل.
4 - استمري في مسيرتك الشخصية التطورية. ولكن راجعي طبيبا نفسيا ولو مرة واحدة وانتظري أيضاً الفرصة المناسبة لتجاوز العصاب الذي تحملينه.
وفقك الله.