الانقلاب، وأشياء أخرى
بسم الله والحمدلله وكفى..
عذرا على استخدام اسم مستعار لعلكم إن عرفتم السبب تعذرونني أنا فتاة من أسرة متدينة مثقفة والحمدلله من أب وأم أطباء بشريين ليس لي إلا أخت واحدة صيدلانية وكذلك أنا تخرجت هذا العام من كلية الصيدلة
تبدأ المشكلة ربما منذ عام وقليل منذ الانقلاب! لم أجرؤ أن أرسل مشكلتي إلا عندما توسمت أنه ربما أجد هنا من لا يخونني ولن يرسل اسمي لأقرب قسم شرطة أو يسبّني ربنا أنا لم أكن حينها من الإخوان المسلمين لكن ربما الآن صرت انقلبت حياتي رأسا على عقب حين وقعت الواقعة كنت أبكي وأتقيأ من مشهد الدماء والرؤوس المنفجرة ولم يكن باستطاعتي القيام بشيء سوى الدعاء والقراءة والكتابة
وعندما بدأ عامي الدراسي الأخير في الكلية تقربت من مواقع العمل الطلابي فازداد احتكاكي بالعمل ورأيت الجانب الأقبح للصورة فقدت 80٪ ممن أعرفهم سواء شباب أو فتيات داخل المعتقل وصرت وحدي أحمل داخلي كما هائلا من حوادث الاغتصاب التي تجري داخل المعتقل سواء للشباب أو الفتيات وكم هائل من حوادث هتك العرض وكم هائل من التعذيب بالكهرباء في كافة (وأعني كافة) أجزاء الجسم لمن أعرفهم ومن لم أعرفهم أنام مفتوحة العينين خشية أن ينقض الأمن على بيتي في أي لحظة وخشية كل شيء أهذي في نومي وأسرح في يقظتي خشية أن ألحق بمن سبقوني وخشية أن أظل هنا مكتوفة الأيدي لا شيء يسعني سوى الهراء الهراء وأعمال لن تنقذهم مما هم فيه
أبكي طوال الليل من العجز أو أن ألحقهم فيعز الآخرون عن إنقاذي عام مر ولم ينعدل شيء صرت أخاف أي شيء أرتبط بشخص لا يشاركني هذا الهم وأنا أدري تماما أني أعيش في هذا الهم بشكل مرضيّ لذا لن أجد أبدا من يشاركني إياه أخشى أن أبحث عن عمل فيكون كل من معي من يتهمونني بالخيانة أخشى أن أتحدث مع أشخاص بخلاف هذا العدد الكبير الذي قربته منّي لعلمي أنهم على الأقل أناس طبيعيون مثلي يرفضون الدم والقتل والهتك أخشى وأخشى وأخشى ولا أدري كيف تستقيم الحياة هكذا أم تراها لا تستقيم
05/10/2014
رد المستشار
الابنة السائلة:
أشكرك على ثقتك، وأتمنى أن نكون عند حسن ظنك، وأشكرك على فتحك الباب الموصد بيننا كعاملين في مجال الصحة النفسية، وبين هذا الملف الساخن الذي لا يحظى حتى الآن بالاهتمام الكافي على أي مستوى من المستويات!
الخوف هو أكثر ما عند المصريين.. جميعا.. فمنهم من يصارح ويعترف، منهم من يستسلم له، ومنهم من يحاول الهروب منه، أو يبذل جهدا كبيرا في إنكاره، وهي كلها اختيارات بائسة لا تؤدي إلا إلى مضاعفة المخاوف وانفجارها في مساحات أخرى مثل: العنف المتزايد- الانتحار- التحرش!
كيف نفهم الخوف؟؟ من أين يأتي؟؟ أسبابه المحتملة؟؟ جذوره؟؟ ثم بعد ذلك.. كيف نتعامل معه؟؟
لا أعتقد أنه ستكفيني إجابة هنا مهما طالت لأغطي ما تطرقت إليه، وما أتمنى تغطيته حول مشاعر الخوف وتداعياته وتجلياته، ونتائج عدم فهمه وعدم التعبير عنه!!
سألت فتاة في مثل سنك كيف تتعامل مع مخاوفها فتحدثت عن أشكال من الأنشطة تمارسها وحدها مثل تحريك الجسد (الأيروبكس).. التزين، وتغذية الشعور بالأنوثة، وتحرير الجسد، وتحريكه على نغمات موسيقى أو بدونها.. كما تمارس أنواعا من التأمل الروحاني، وله أشكال متعددة.
لن أسترسل في كلام سيبدو لك مختزلا- مهما طال- ولكن سأقدم لك قائمة من القراءات أرجو أن تبدئي فيها، ويمكن أن نتناقش فيما يصلك.. وتبدئين في تطبيق ما تتعلمين!
- كتاب: عقل جديد كامل.. طباعة ونشر مكتبة جرير.. ستجدينه على شبكة الإنترنت، ومتوافر في سور الأزبكية .
- كتاب: شخصية الناجي.. طباعة ونشر مكتبة جرير.. ابحثي عنه وستجدينه في مصر، أو لو عندك أقارب يحضرونه لك من السعودية.
- كتاب: الإنسان يبحث عن معنى.. موجود على الإنترنت.
هذا على مستوى القراءات.. أما على مستوى العلاقات فمن المهم أن تحيطي نفسك بدوائر من الناس تدعمك نفسيا وقد ذكرت أنت عن آخرين يشتركون معك في نفس الهموم والتوجهات.. من المهم جدا أن تلتقوا بشكل تواصلي إنساني منتظم
هناك الكثير والكثير مما يمكن عمله لفهم هذا الخوف والتعامل معه.. سأعتبر رسالتك بداية لخيط رسائل واستكشاف لهذه المساحة في نفوس من يعيشون نفس الخبرة حاليا!
وسأنتظر رسالتك القادمة..