ابنتي مريضة
الدكتور وائل أبو هندي أرجو منكم مساعدتي فابنتي في حال سيئة هي تبلغ من العمر 13 سنة.
اعتنيت وزوجي بأبنائنا أفضل عناية من منظورنا ولكن وقعنا في خطأ عدم تقدير السن الصحيح لبداية المراهقة وبدء توعية الأبناء حيث أدخلت أبنائي مدرسة ابتدائية حرصا منا على عدم وجود كبار السن من الطلاب في نفس المدرسة.
كانت هناك فتاة زميلة لابنتي عندما كانت في الصف الخامس اكتشفت قبل حوالي الست أشهر أنها كانت تتحدث في الصف عن مشاهدتها لأفلام إباحية ويبدو أنها أكثرت من الحديث وقامت ابنتي بمشاهدة أفلام حيث كان لديها جهاز آي باد ولم نكن على قلق من أن تبحث عن مثل هذه الأمور لصغر سنها وتربيتنا لهم ناسين بذلك تأثير أصدقاء السوء وجاهلين بوجود أطفال بهذ العمر يشاهدون أو يتحدثون في المدرسة عن ذلك.
قامت ابنتي مع صديقتها (فتاة أخرى) بممارسة بعض الأفعال في حمام المدرسة التي -حسب ما استنتجته من كلام ابنتي- تنحصر في أفعال غير صحيحة ولكن ليست (جنس بالمعنى المعروف)
سبب اعترافها أنها سمعتني أتحدث إلى أخيها 9 أعوام عن ثقتي بهم وكيفية المحافظة عليها وكانت على ما يبدو تشعر بالذنب فاعترفت لي وأجهشت بالبكاء الشديد.
المشكلة أنه بعد استيعابنا للمشكلة تحدثت معها مطولا وتفاهمنا على قرار وقناعتها به وهو فرض الرقابة في استعمال الانترنت لأغراض المدرسة والألعاب لحمايتها وإخوانها من تكرارذلك.
في أثناء محاولتنا تبين الآثار وسبل العلاج بدأت تظهر على ابنتي أعراض الوسواس القهري وحين رجعت بالذاكرة أظن أنها بدأت قبل هذا الاعتراف بفترة ولكن خفيفة. الآن هي تعاني الوساوس الفكرية بشدة فيما يتعلق بالاعتراف لي بكل شئ تشك في خطأ قيامها به حتى ولو كان تافها وفقدت الثقة بنفسها تماما واختلط ما هو طبيعي من مشاعر المراهقة مع ما لا يصح وأصبحت في حال بكاء دائم وأخشى عليها من الاكتئاب.
تشمل الوساوس كل شيء تقريبا علاقتنا بها وإخوانها ودراستها ومشاعرها وغيره كما تشكو من نوبات ضيق نفس لا أظن لها سبب عضوي، شهيتها للأكل سيئة ومزاجها متقلب فأحيانا تنتابها نوبات فرح زائد وحزن مرات قليلة، تشكو أحيانا من شعورها أنها ليست في الواقع وكأنها في حلم.
مهم جدا أن أذكر أني مصابة بالوسواس القهري منذ المراهقة وتعالجت مرات متفرقة علاجا دوائيا لمدد زمنية صغيرة والآن أنا جيدة وأتناول البروزاك، أتمنى لها العلاج السلوكي بمنظور ديني.
أتمنى أن تفيدني برأيك وإمكانية أن أحضرها إلى مصر في إجازات المدرسة للعلاج وإن كان لا ينفع فهل هنا في أبوظبي من ترضون دينه وعلمه (أخصائية نفسية) لعلاجها؟
جزاكم الله ألف خير
أتمنى أتمنى الرد بسرعة فهي صغيرة وفي حال سيئة وشكرا.
11/11/2014
رد المستشار
الأخت الكريمة "أم عبدالرحمن" أشكر لك ثقتك في الموقع وأقدر ما تشعرين به من حرقه تجاه الأعراض التي تعانيها ابنتك الحبيبة وأريد أن أطمئنك بأن العلاج الناجع متوفر وبإذن الله يكون فيه الشفاء.
لقد رأيت في سؤالك ثلاثة محاور وهم: السلوك الذي بدر من ابنتك وتطور هذه السلوك إلى شكوك بالإضافة إلى إصابتك بمرض الوسواس القهري.
إن فترة المراهقة أو ماقبلها مرتبط بالفضول وبالأخص الفضول الجنسي، فالتغيرات التي تراها المراهقة تحدث لجسدها يجعلها تبحث عن أسبابها ونتائجها. وهذا أمر طبيعي ففي القرآن الكريم البلوغ والحيض والاحتلام مذكور والقرآن الكريم ليس حكرا على البالغين. ولكن مع توفر المعلومات في العالم الافتراضي وخصوصا المغلوطة منها يجعلنا نحن "الوالدين" نواجه تحديات كبيرة. وإن الوقاية ووضع الحدود من أفضل السبل لحماية أطفالنا من براثن المعلومات الخاطئة والمنحرفين.
وإن ما ذكرته لك ابنتك أعتبرها ثقة منها بك وهذه إيجابية في بنتك بأنها طلبت رأيك دون أن تخفي عليك ما حدث لها من سلوكيات غير سوية. وهنا أنا أنصح الوالدين لعدم تهويل الحدث وإنما وضع ضوابط لتجنبب تكرار هذه السلوكيات وبالأخص عدو اللجوء للترهيب والوعيد والتهديد بالعذاب سواء الدنيوي أو في الآخرة. حتى لا نتسبب في جعل أبنائنا يشعرون بالذنب غير المبرر ولا يتحول الفضول الطبيعي إلى كبت مرضي.
وإن ما حصل بعد نصحك لابنتك سبب في زعزعة الثقة منها وطلبها الدائم للتطمين من قبلك. وهذا أيضا طبيعي إلا أنها استمرت في طلب التطمين بسبب الشك الذي يراودها في كل صغيرة وكبيرة. وقد ذكرت أنه كان لديها شكوك قبل الحادثة وهذا تقديري أن المحادثة زادت من شكها وطلبها التطمين .... إن مرض الوسواس القهري يبدأ بأفكار تكون محورها الشك أو التلوث أو ما شابه ذلك من أفكار وسواسية ونظرا لأن هذه الأفكار تسبب ضيقا وقلقا للشخص نظرا لكونها منافية للخلفية "الاعتقادية" للمصاب. ولهذا يلجأ المصاب إلى قيام بأعمال قهرية أو طلب التطمين المتكرر. ومع مرور الوقت يتحول الشك من الأمور الجديرة بالشك إلي أمور تافهة أو بسيطة يراها المحيطون بالشخص المصاب "تافة" أما بالنسبة للشخص المصاب فهو أمر مهم جدا لا يسعه التخلص منه. وهذا ما حدث لابنتك ولكن هناك نقطة أخري وهي الموروثات.
كون أنك مصابة بالوسواس القهري فهناك موروثات في ابنتك منذ ولادتها وعلينا الاستفادة من العلم المبكر بهذا المرض بالاستعجال في العلاج وبالأخص العلاج النفسي. وهذا يعزز قدرتنا على تدارك الأمر دون اللجوء إلى الأدوية العلاجية. وهنا أنصحك بالتوجه إلى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي أو أخصائية لطلب العلاج المعرفي السلوكي المثبت علميا نجاحه في هذه الحالات حتي لاتتفاقم حالة ابنتك النفسية ولا تؤثر سلبا عليك.
وأحب تذكيرك بأن ما تعانيه ابنتك من قلق واكتئان إنما هو بسبب الأفكار الوسواسية وبإذن الله علاج الوسواس سوف يؤدي إلى الشفاء من الأفكار والاكتئاب. وإن نصحك الطبيب بالبدء بالعلاج الدوائي فلا ضير حيث أن هناك أدوية مجربة ولها ترخيص للاستخدام في الأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس ولكن ضرورة العلاج المعرفي السلوكي.
وختاما إن تشخيص ابنتك حسب ما تفضلتم به هو اضطراب الوسواس القهري (نوعية أفكار وسواسية) ناتج عنها الاكتئاب، وعلاجها العلاج النفسي في الأساس والعلاج الدوائي إن لزم الأمر وبإذن الله يكون فيهما الشفاء.
أسعد الله يومك وحفظ ابنتك وعائلتك الكريمة