الفراشة م3
إنها ليست الحلقة الأخيرة
السلام عليكم ورحمة الله؛ أحد المرات وفي حالات مللي الشديد وكنتُ لا أريد فعل شيء ولا أريد أي شيء وقد زهدتُ كل شيء إنتابني شعور وكأنني ساخطة على كل شيء طبعاً طردتُ هذا الشعور بقوة ومن دون أن أعطي نفسي فرصة للتفكير بذلك وقلت ربما من الإرهاق قمتُ أصدقُ خرافاتي وتناسيت ذلك، لكن أن يقرأ شعوري شخص من خلف الكواليس!! فالفكرة التي طردتها مكتوبة أمامي!!
لم أكن أنوي الكتابة بهذه السرعة فحين قرأت ردكِ ضعتُ بين السطور ووجدتني أبحث إلى أي سطرٍ وصلت! لكن دائما ماتستفزني الحقائق، كنتُ دائما أردد أننا صنعنا منظومة خاطئة نحن البشر وأننا نحن من نجني على أنفسنا ثم نسبُ ونلعن القدر وأننا نحن من نكتب المشهد ثم نعترض على النهايات! وكم مرة كررنا وقلنا يااااااالسخرية القدر، وكنت ومازلت أعتقد بأن نحن من جعلنا أنفسنا الحلقة الأضعف!! فكنتُ أتأمل النملة حين تتحمل ثقلَ حبةِ القمح وتقسمها إلى أربع حفاظاً عليها من أن تفسد وتخزنها وتؤدي دورها تجاه الملكة وتذكر الله، وكنت أحسدها أنها لم تخرق المنظومة، فحين حذرت بقية النمل خشية الحطام حين عبور نبي الله سليمان عليه السلام، وجنوده يتبين أن لها جزء إدراكي تستطيع العصيان به أو خرق منظومتها وكنتُ أقول ربما هي تدرك ونحن لا ندرك أو بالأصح لا نريد أن ندرك! أين ذهب كل هذا؟؟ (ولا تضخمي مساحة كيف يكون هذا الغضب موجوداً عندك)
حاولت أن لا أضخم المساحة وأن أتعامل مع الموضوع بهدوء أكثر وأن أرحم نفسي من الجلد والتأنيب، لكنني أستغرب كيف صار هذا الغضب موجوداً مع علمي بأن هذه أفعالنا!! هل صار هذا الشعور لاشعورياً لطبيعة شخصيتي الكتومة فأصبحت بدلاً من أن أوجه غضبي للأشخاص معينيين أتجه غضبي نحو علاقتي بربي! لا أخفيك أنني لاحظت أن علاقتي مع الله عزوجل أصبحت جامدة تقتصر على الفروض مؤخراً، لم أكن هكذا من قبل فكنتُ أحدثه بما يضايقني أحدثه بما يجيش به صدري كنتُ أبكي وأنا أتحدث معه وكنت أكثر خشوعاً أثناء صلاتي وأستشعر أنه إتصال بالله عز وجل... الغضب مع العلم يبدو أنني لا شعورياً عدت بذهني إلى الإستشارات السابقة وتذكرت كلماتكِ عن شعوري بالذنب!
يبدو أنني أشعر بالذنب ولهذا غضبت لا أدري إن كانت إستنتاجاتي صحيحة فأنا لازلت متخبطة، وحين أعود لشعوري بالذنب يبدو أنني سأعود للتربية، وفي استشارتي السابقة لم أكن أعني أنكِ قدمتي شماعة جاهزة بل قصدت أنني وخصوصاً في فترات اكتئابي يسهل علي إتخاذ الشماعة وكنت أخاف من نفسي... لكنني ربما تخطيت ذلك لأنني بدأت... حاولت التوقف لفترة وتناسي كل شيء حاولت أن أعيش كفرد فاقد للذاكرة لا يذكرُ شيئاً عن نفسه ولا عن المحيطين به وكان غرضي من ذلك أن أهدأ ثم أعود لأرى الأمور بأكثر وضوح... طبعاً لم أفلح.
أنا حزينة الأن هذا الشعور وُجد لدي، وأظنني لازلتُ عند نقطة الصفر.. فإن كان شعوري بالذنب هو المسبب لا أدري ولكن أشعر أن ما يرثه الأبناء من مشاعر وسلوكيات جراء التربية تكون أشبه بالشيء الجذري فأمي حاولت أن لا تكرر أخطاء جدتي أشعرُ بهذا واضحاً وحققت نجاحاً بنسبة كبيرة لكنها ظلت تحمل بعض الصفات، وها أنا أشعر أنني أحملُ بعض صفات أمي منها الإيجابي والسلبي ولا أعني بذلك إستحالة معالجة الأمر لكنه صعب! فكلما شعرتُ أنني تخطيت عقبة ما أشعر أني أعود لبدايتها.
يبدو أن الأنا التي بداخلي لم تجتمع مع الأنا الأخرى فالصراع كفيل بالتفرقة بين نفسي ونفسي...
اكتشافات متأخرة وحقاً إنها دهاليز داخل الإنسان وأعماق ومن الصعب أن يكتشف الإنسان نفسه فكما يقولُ أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: (وتحسبُ أنك جرمٌ صغير وفيك أنطوى العالمُ الأكبرُ).
أستاذة أميرة بدران لا أدري كم سيكون رقم إستشارات الفراشة، (الفراشة متابعه والرقم؟؟) فلا أدري متى الحلقة الأخيرة لكن ما أعرفه أنها ليست الأخيرة الآن فلا تكفي كلمة شكراً ولكن لا أجدُ غيرها.
فمن أعماق قلبي شكراً، وسلامٌ من الله عليكم.
05/02/2015
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالنجاح.
تم تحويل استشارتك هذه المرة لكي أجيب عليها لغياب الأستاذة أميرة بدران.
ملاحظات عامة
1- قرأت جميع الاستشارات منذ بداية العام الماضي وفيها تشيرين إلى إصابتك بالاكتئاب وتعاطي عقار السيروكسات بجرعة عالية (40 مغم يومياً) منذ عمر 17 عاماً. طفولتك كانت طبيعية رغم إشارتك إلى الإصابة بالحصار المعرفي (الوسواس القهري) منذ الطفولة وتأثير ذلك على ممارستك الطقوس الدينية.
2- متابعة رسائلك مع الموقع بعد ذلك تتميز بدقة التعبير وعدم وجود تفاصيل تعكس بعض الاضطراب في التفكير كما هو الحال في المرضى المصابين بالحصار المعرفي (الوسواس القهري). هذه الملاحظة يمكن تفسيرها كما يلي:
۰ نجاح العلاج.
۰ عدم إصابتك بالحصار المعرفي.
3- لابد من القبول بتشخيص الاكتئاب وإلا ما تجرأ الطبيب على زيادة الجرعة إلى40 مغم يومياً. أقول هذا ولا أعرف إن كنت تتعاطين عقاقير مضادة للاكتئاب الآن أم لا. الأستاذة أميرة أشارت في ردها الأخير إلى أعراض اكتئاب مترسبة لا تزال واضحة في رسائلك وتتميز بما يلي:
۰ الإسراف في تفسير أزمات الحياة.
۰ عدم الشعور بالأمان.
۰ تناقض في مشاعرك نحو نفسك ونحو الآخرين.
۰ ولادة شعور الغضب مؤخراً وعدم المقدرة على التعامل معه.
4- كل هذا الارتباك يدفع الطبيب النفسي إلى السؤال:
۰ هل أنت مصابة باضطراب نفسي؟
۰ أم هل أنت آنسة غير سعيدة فقط بسبب ظروفك العائلية والبيئية؟
۰ وهل البيئة التي تعيشين فيها قادرة على دفعك نحو تحقيق أهدافك في الحياة وتلبية احتياجات ناقصة؟
۰ وما هي أهدافك على المدى القريب والبعيد؟
الصياغة النفسية التحليلية
۰ هناك إشارة في رسالتك إلى الشعور بالذنب وعدم الرضى عن تفاعلك مع الطقوس الدينية. هذه المشاعر تعكس قلقا نسميه قلق الأنا العليا Superego Anxiety وهو قلق يتميز بنضوج الإنسان وعدم تراجعه المعرفي والسلوكي بسبب الاضطراب النفسي. لذلك لا يعطيه المعالج النفسي الكثير من الانتباه ويراهن دوماً بأن الإنسان سيضع هذا النوع من القلق جانباً يوماً ما.
۰ الدفاعات النفسية اللاشعورية المرضية مثل إنكار الوقع وإسقاط اللوم على الآخرين لا وجود لها في جميع رسائلك. هناك صفات قوية في ذاتك تتمثل في التعبير عن المشاعر ولكن هذه الذات فيها نقاط ضعف تتميز بحملك لتشخيص طبي نفساني مرضي وعدم الثقة بالنفس في نفس الوقت. تكثيرين من استعمال التعقل intellectualization كعملية دفاعية نفسية في تفسير الأمور لتجنب عواطف مؤلمة. هذا الدفاع النفسي عصابي عالي المرتبة وبدوره يكشف عن عصاب مزمن لم تتخلصين منه وهو اعتقادك بأن أبواب المستقبل مقفولة في وجهك بسبب المرض النفسي.
۰ من جراء كل ذلك أصبحت الذات التي تحمليها ضعيفة ولكنها متماسكة إلى حد ما. هذه الذات الضعيفة أحياناً لا تعرف حدود الواقع وترحل نحو أحلام اليقظة. ولكن تماسكها يمنعك من الانزلاق في دهاليز الذهان.
۰ بعد ذلك لابد من إلقاء نظرة على تواصلك الانتقالي Transference في رسائلك مع الموقع والذي بدوره يعكس علاقتك وتقييمك لدور الآخرين في حياتك النفسية في الحاضر والماضي. هذا التواصل لا يكشف عن مشكلة مرضية في التواصل وليس هناك ما يمنعك من التواصل الاجتماعي السليم مع الآخرين في المستقبل.
التوصيات:
۰ لا يمكن التعليق حول حالتك الوجدانية بصورة قاطعة لغياب التفاصيل. لكن تحليل رسالتك الحالية ورسائلك الماضية لا يشير إلى وجود حالة طبية نفسانية مقاومة للعلاج. على العكس توجد علامات مشجعة للشفاء التام في المستقبل.
۰ يستحسن مراجعتك طبيبك الاستشاري بانتظام والحديث معه حول أهداف العلاج الطبي.
۰ علاجك الاجتماعي والشخصي لا يقل أهمية عن العلاج الطبي النفسي. لا يوجد في رسائلك ما يشير إلى عدم قابليتك على مواجهة التحديات في الحاضر والمستقبل واستعادة ثقتك بالنفس وتطوير شخصيتك.
۰ إن أشار عليك الطبيب النفسي بعلاج كلامي فالأفضل الدخول في علاج معرفي سلوكي بحت يستهدف الأعراض النفسية.
وفقك الله.
ويتبع>>>>>: الفراشة حصريا.... ومساحة اللاقرار م5