لست مستعداً للزواج، وكلانا من عالمين مختلفين
السلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته؛
هذه أول مشاركة لي في هذا الموقع. لطالما قرأت فيه العديد من المشكلات التي تطابق مشكلاتي الخاصة وقرأت الردود التي كانت أحياناً مفيدة إلى حد ما، فشكراً جزيلاً لكل العاملين عليه.
اليوم جئت لأطرح مشكلتي، لكن قبل ذلك دعوني أعرف بنفسي: أنا موظف قطاع خاص مغربي. أبلغ من العمر 27 سنة، والدي صانع تقليدي وقد تقدمت به السن، فهو بالكاد يقدم أي مساعدة مادية. أمي ربة بيت أفنت عمرها في ترببتنا أنا وأخي الذي يصغرني بـــ 4 سنوات، فهي تعبت كثيراً وحرمت من كل شيء.
حالياً أنا أدفع معظم المصاريف من كراء (ليس لنا منزلنا الخاص) وماء وكهرباء وإنترنت ولباس وطبيب أسنان... حتى الأثاث لم نكن نملك منه الكثير قبل أن أتخرج وأعمل. آسف على الإطالة لكن ارتأيت أن أطلعكم على ظروفي قبل الولوج إلى صلب المشكلة/الإستشارة.
مشكلتي هي أنني على علاقة بفتاة عمرها 24 سنة. تعرفت عليها في الجامعة وأغرمنا ببعضنا. جعلنا "الحب" نغض الطرف عن ظروفي وعن اختلاف محيطينا. فهي من عائلة كبيرة ومعروفة جداً في مدينتنا، لهم الكثير من الأراضي والممتلكات، كل هذا يبدو جيداً أليس كذلك؟ لكن أسرتها (وأسر أخرى في عائلتها) يهتمون كثيراً بالمظاهر، هي أيضاً تهتم بالمظاهر، لكنها تتنازل عن كبريائها معي، مع ذلك فإننا عندما نخطط لزواجنا فكل ما تتحدث عنه هو الزفاف ومصاريفه وما علي شراؤه وكم من المال علي أن أدفع كصداق وكيف من الممكن أن نقضي شهر العسل في باريس..!!
كلما ذكرتها بظروفي أسكتتني "أعرف أعرف، أعرف ذلك منذ البداية ومع ذلك أحببتك. لكن علينا التفكير في حل أليس كذلك؟ لا يمكنني الظهور في زفافي بأقل مما تظهر به فتيات عائلتي".
وها نحن نحاول حل هذه "المشكلة" منذ 3 سنوات، حتى ملّت هي ومللت أنا وأخبرتها يوماً على الهاتف أننا يجب أن ننهي هذه العلاقة، وأننا ربما ارتكبنا خطأ عندما قررنا الإرتباط، لكنها انهارت فأشفقت عليها واعتذرت عما قلته، بعد ذلك أخبرتني أنها لم تعد تريد شيئاً غيري وأنها زهدت في كل الأمور المادية، لكن عندما أفكر في الأمر أجد أنني متخوف جداً من عائلتها.
فأسرتي أبسط مما تتصورون: أمي لا تفعل سوى الصلاة والإهتمام بنا، وأخي طالب جامعي، وأبي رجل هرم لم يتفق يوماً مع أمي حتي أنهما لا ينامان على سرير واحد منذ أن كنت طفلاً، ونحن نقطن بحي شعبي متواضع. كما أن أصلنا يعود لمدينة أخرى، ولوالد الفتاة قصص سيئة مع بعض أهل هذه المدينة, الأمر الذي كون لديه صورة نمطية عن أهلها عموماً وجعله يرفض الإختلاط بهم تماما!
كلانا يعلم أن إنتمائي لتلك المدينة ومشاكل والداي وظروفي المادية قطعاً سيتسببان في رفضي إن تقدمت لخطبتها، وقد أخبرتني مراراً أنه يجب علي أن أكذب على أهلها بشأن أصلي ومرتبي وظروفي لكنني أرفض دائماً. أحبها لكنني أشعر أنني أخطأت عندما بدأت هذه العلاقة. كما أنها متعلقة بي جداً وأخشى أن يصيبها شيء إن فارقتها، خصوصاً أنه ثمة خطب في قلبها.
أرجو النّصح وشكراً.
09/02/2015
رد المستشار
أمامي رسالتك منذ فترة أقلب في معاني كلماتها باحثا عن جديد أضيفه في إجابتي عليك!!
في مثل حالتك أبذل جهدا كبيرا لأشرح أن ما تضعانه في بؤرة الاهتمام ليس هو أصعب ما ينتظركما من تحديات!
في بؤرة اهتمامكما تبدو المسألة الأهم هي عقبة موافقة أهل الفتاة على زواجكما، وفي الحقيقة أن هذه الموافقة ممكنة جدا إذا أصرت هي على التمسك بك مهما كان مستواك الاقتصادي والاجتماعي، وهي إن فعلت فلن يجد أهلها مفرا من الموافقة إن آجلا أو عاجلا، وبخاصة أن في قلبها "خطبا ما" مثلما تفضلت دون توضيح أو تفصيل!!
وكذلك بالنظر إلى سمعة والدها وأسرتها في البلدة!!
إذن لا تبدو هذه هي المسألة الأجدر بالعناية أو الخشية، ولكن هناك أمورا أخرى أذكر لك منها ما يلي:
الفتاة التي تربت في هذا المجتمع المخملي إلى أي الحدود يمكنها أن تتحمل وهل ستعمل؟! هل ستدفع راتبها كله في بيتكما المنتظر؟!
لأن لدينا الحب بينكما، والرغبة العاطفية والجنسية من طرفين في عنفوان الشباب بعد الزواج سيكون لدينا الحياة اليومية بصعوباتها، وسيكون لدينا أطفال ثم مدارس، ورعاية، وأنت ترعى والديك، وأخاك حتى يتخرج ويتوظف، فما هو السبيل لندقق في هذه النقطة؟! أعني قدرتها عل تحمل هذه النقلة!! أزعم أن هذا الأمر غائبا تماما عن التساؤلات المطروحة حاليا لديكما إما بسبب التوقعات المستندة إلى وعود الحب الرومانسي، أو لأن الانتباه كله مركز على عقبة توقع رفض أهلها لك بسبب ظروفك
إلى أي مدى تستطيعان التعايش مع محيط رافض لارتباطكما وإن وافقوا فسيكون على مضض!!
هل زارت هي بيتك المتواضع – تصفه – وهل تعاملت مع والدك البسيط، ووالدتك الطيبة؟!
هذا الوالد سيكون جدا لأبنائكما، وكذلك والدتك، وهذا البيت والحي المتواضع سيكون مكانا يتردد عليه أبناؤها باستمرار، وستزوره هي أيضا بانتظام، وستجد فيه نوعية حياة، وتعاملات، وبشر مختلفين عما تعودت!!!
تدهشني الحياة العربية التي ما يزال أغلبها يعيش في مرحلة الطفولة النفسية والعاطفية بحيث يتوجب علينا التنبية المستمر بأن الحب له منطق مختلف عن مقتضيات ومنطق الزواج، ومن ثم فإن المشاعر والرغبة العاطفية والجنسية من طرفين تجاه بعضها البعض كفاية لاشتعال الحب واستمراره، ولكن أمر الزواج يتطلب تدقيقا، وحسابات، وتقديرات أوسع وأعمق.
بالطبع لا يمكن التوفر على إجابات دقيقة لهذه الاسئلة، ولكن لا يعني هذا تجاهل طرحها ولا تأجيلها، ولا الاكتفاء بانطباعات سريعة وسطحية!!!
بعد الزواج يحتاج الحب ليستمر إلى ما هو أكبر من الأعجاب، والرغبة، ودقات القلوب، ومحاولة التساؤل حول ما يحتاجة الحب ليستمر تبدو – في تقديري أهم من تركيز الانتباه على مسألة مفروغ منها، وتحتاج فقط إلى إصرار واستمرار وطول صبر، ومساومة حتى يرضخ الأهل، وليس أمامهم سوى الرضوخ... في نهاية المطاف!!
ولتحسين ظروفك المادية دعني أقترح عليك بناءا على ما فهمت من رسالتك!!
أقترح عليك أن تتعلم أنت وأخوك صنعة الوالد التقليدية لتكون هواية وحرفة، والمنتوجات التقليدية لها سوقها، وتستطيع أن تعمل بها في غير أوقات عملك، ومن الممكن أن تدر على أرباحا إذا أتقنت وحورت وسوقت، وتواصلت مع التجار، وإذا تميزت يمكنك عندئذ التسويق عبر الإنترنت!!
إذا استطعت أن تفتح ورشة صغيرة للصناعات التقليدية، أو متجرا لبيعها فإن هذا سيكون من دواعي تسهيل موافقة أهل فتاتك كونك تعمل وتمتلك بالصناعة أو التجارة بجوار عملك في القطاع الخاص.
ويمكن أن يفتح هذا طريق كسب لأخيك الأصغر.
تابعنا بأخبارك، وسلام عليك في بلد الأهل والأحباب.