وصية
السلام عليكم؛
أنا أختي كان عندها مرض، لكن للأسف ماتت، الطب مقدرش يعالجها، لكن قبل ماتموت بيوم واحد وصتنا وصية قالت: خلو بالكم من عيالي، علموهم يعملو الصح، مش إلي هم عاوزينو.
أنا عايز أعرف الوصية دي إزاي تتحقق؟ إزاي ولادها يكبروا ويبقوا صالحين، يخافوا ربنا ويشكروه، ويعرفوا الحق من الباطل؟ لكن هي قبل ما تتوفى كانت بدلعهم جدًا، بتخليهم يشتروا أي حاجة هما عاوزينها. (لكن الجدير بالذكر أنه بعد ما هي ماتت عيالها مبكوش عليها، أو حتى سألوا عليها، على الرغم من حبها لهم وحنانها عليهم، مش عارف هروب منهم، ولا هما مش مدركين أي حاجة)
أنا عايز أعرف إزاي يتربوا ويبقوا أسوياء صالحين متفوقين في دراستهم، معندهمش أمراض أو مشاكل نفسية في المستقبل.
27/06/2015
رد المستشار
أرحب بك "أحمد" على موقعنا الذي من ضمن أهدافه مساعدتك على تخطي العثرات التي تواجهك مع أبنائك أو لتربية أبناء أختك التي أوصتكم عليهم، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي تتلقى الطفل، ويفتح عينيه في أحضانها حتى يشب، ويستطيع الاعتماد على نفسه، بعدها يلتحق بالمؤسسة الثانية وهي المدرسة المكملة للمنزل، ولكن يبقى وتتشكل شخصية الطفل خلال الخمس السنوات الأولى أي في الأسرة؛ لذا كان من الضروري أن تلم الأسرة بالأساليب التربوية الصحية التي تنمي شخصية الطفل، وتجعل منه شابًا واثقًا من نفسه صاحب شخصية قوية، ومتكيفة، وفاعلة في المجتمع.
وتتكون الأساليب غير السوية والخاطئة في تربية الطفل إما لجهل الوالدين في تلك الطرق، أو لاتباع أسلوب الآباء والأمهات؛ لذا سوف أستعرض معك آثار هذه الأساليب الغير سوية معك، وبعض الإرشادات التي تعينك بإذن الله في تربيتك لهم، ومن أبرز الاتجاهات الغير سوية والخاطئة في تربية الطفل والتي تترك آثارًا سلبيةً على شخصية الأبناء، مثل التسلط أو السيطرة، ويعني التحكم في نشاط الطفل، والوقوف أمام رغباته التلقائية، ومنعه من القيام بسلوكٍ معينٍ لتحقيقِ رغباتِهِ التي يريدها، حتى ولو كانت مشروعة، أو إلزام الطفل بالقيام بمهام وواجبات تفوق قدراته وإمكانياته، ويرافق ذلك استخدام العنف أو الضرب أو الحرمان أحيانًا، وتكون قائمة الممنوعات أكثر من قائمة المسموحات، ونتيجةً لذلك الأسلوب المتبع في التربية...
ينشأ الطفل ولديه ميلٌ شديدٌ للخضوع واتباع الآخرين، لا يستطيع أن يبدع أو أن يفكر، وعدم القدرة على إبداء الرأي والمناقشة. كما يساعد اتباع هذا الأسلوب في تكوين شخصيةٍ قلقةٍ خائفةٍ دائمًا من السلطة تتسم بالخجل والحساسية الزائدة، وتفقد الطفل الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، وشعور دائم بالتقصير وعدم الإنجاز.
كذلك من الأساليب غير سوية، التفرقة في المعاملة بين الإخوة، ويعني عدم المساواة بين الأبناء جميعًا، والتفضيل بينهم بسبب الجنس، أو ترتيب المولود، أو السن أو غيرها، نجد بعض الأسر تفضل الأبناء الذكور على الإناث أو تفضل الأصغر على الأكبر، أو تفضل ابنًا من الأبناء بسبب أنه متفوقٌ أو جميلٌ أو ذكيٌ وغيرها من أساليبٍ خاطئةٍ، وهذا بلا شكٍ يؤثر على نفسيات الأبناء الآخرين، وعلى شخصياتهم، فيشعرون بالحقد والحسد تجاه هذا المُفضَل، وينتج عنه شخصيةٌ أنانيةٌ، يتعود الطفل أن يأخذ دون أن يعطي، ويحب أن يستحوذ على كل شيء لنفسه، حتى ولو على حساب الآخرين، ويصبح لا يرى إلا ذاته فقط، والآخرون لا يهمونه، ينتج عنه شخصيةٌ تعرف مالها، ولا تعرف ما عليها، تعرف حقوقها، ولا تعرف واجباتها.
وهناك أربعة أخطاء في تربية الأبناء أتناولها؛ حتى لا نقع فيها وهي:
أولاً: الصرامة والشدة: يعتبر علماء التربية والنفسانيون هذا الأسلوب أخطر ما يكون على الطفل، إذا استخدم بكثرة، فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك،... أما العنف والصرامة فيزيدان تعقيد المشكلة وتفاقمها؛ حيث ينفعل المربي فيفقد صوابه وينسى الحِلْم وسعة الصدر، فينهال على الطفل معنفًا وشاتمًا له بأقبح وأقسى الألفاظ، وقد يزداد الأمر سوءاً إذا قرن العنف والصرامة بالضرب، وهذا ما يحدث في حالة العقاب الانفعالي للطفل الذي يُفِقْدُ الطفل الشعور بالأمان، والثقة بالنفس، كما أن الصرامة والشدة تجعل الطفل يخاف، ويحترم المربي في وقت حدوث المشكلة فقط (خوف مؤقت) ولكنها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلا.
وقد يعلل الكبار قسوتهم على أطفالهم بأنهم يحاولون دفعهم إلى المثالية في السلوك، والمعاملة، والدراسة.... ولكن هذه القسوة قد تأتي برد فعلٍ عكسيٍ، فيكره الطفل الدراسة أو يمتنع عن تحمل المسؤوليات، أو يصاب بنوع من البلادة، كما أنه سيمتص قسوة انفعالات عصبية الكبار، فيختزنها ثم تبدأ آثارها تظهر عليه مستقبلاً من خلال أعراض (العصاب) الذي ينتج عن صراع انفعالي داخل الطفل، وقد يؤدي هذا الصراع إلى الكبت والتصرف المخل (السيئ) والعدوانية تجاه الآخرين، أو انفجارات الغضب الحادة التي قد تحدث لأسباب ظاهرها تافه.
ثانيا: الدلال الزائد والتسامح: هذا الأسلوب في التعامل لا يقل خطورة عن القسوة والصرامة، فالمغالاة في الرعاية والدلال سيجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الآخرين، أو تحمل المسؤولية، ومواجهة الحياة؛ لأنه لم يمر بتجارب كافية؛ ليتعلم منها كيف يواجه الأحداث التي قد يتعرض لها.
ولا نقصد أن يفقد الأبوان التعاطف مع الطفل ورحمته، وهذا لا يمكن أن يحدث لأن قلبيهما مفطوران على محبة أولادهما، ومتأصلان بالعواطف الأبوية الفطرية لحمايته، والرحمة به والشفقة عليه والاهتمام بأمره، ولكن هذه العاطفة تصبح أحيانًا سببًا في تدمير الأبناء، حيث يتعامل الوالدان مع الطفل بدلالٍ زائدٍ، وتساهلٍ بحجة رقة قلبيهما، وحبهما لطفلهما، مما يجعل الطفل يعتقد أن كل شيء مسموح، ولا يوجد شيءٌ ممنوعٌ، لأن هذا ما يجده في بيئته الصغيرة (البيت) ولكن إذا ما كبر وخرج إلى بيئته الكبيرة (المجتمع) وواجه القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض التصرفات، ثار في وجهها وقد يخالفها دون مبالاة، ضاربًا بالنتائج السلبية لمخالفته عرض الحائط.
إننا لا نطالب بأن ينزع الوالدان من قلبيهما الرحمة، بل على العكس فالرحمة مطلوبة، ولكن بتوازن وحذر. قال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا مَنْ لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا" أفلا يكون لنا برسول الله صلى عليه وسلم أسوةٌ؟
ثالثا: عدم الثبات في المعاملة: فالطفل يحتاج أن يعرف ما هو متوقع منه، لذلك على الكبار أن يضعوا الأنظمة البسيطة واللوائح المنطقية، ويشرحوها للطفل، وعندما يقتنع فإنه سيصبح من السهل عليه اتباعها، ويجب مراجعة الأنظمة مع الطفل كل فترة ومناقشتها، فلا ينبغي أن نتساهل يومًا في تطبيق قانون ما، ونتجاهله ثم نعود اليوم التالي للتأكيد على ضرورة تطبيق نفس القانون؛ لأن هذا التصرف قد يسبب الإرباك للطفل، ويجعله غير قادر على تحديد ما هو مقبول منه وما هو مرفوض، وفي بعض الحالات تكون الأم ثابتة في جميع الأوقات، بينما يكون الأب عكس ذلك، وهذا التذبذب والاختلاف بين الأبوين يجعل الطفل يقع تحت ضغط نفسي شديد يدفعه لارتكاب الخطأ.
رابعا: عدم العدل بين الإخوة: يتعامل الكبار أحيانًا مع الإخوة بدون عدل، فيفضلون طفلا على طفل، لذكائه أو جماله أو حسن خلقه الفطري، أو لأنه ذكر، مما يزرع في نفس الطفل الإحساس بالغيرة تجاه إخوته، ويعبر عن هذه الغيرة بالسلوك الخاطئ والعدوانية تجاه الأخ المدلل بهدف الانتقام من الكبار، وهذا الأمر حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة السلام: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم".
وهناك العديد من الطرق والأساليب التي تساعد أي أم في مواجهة أي سلوك غير مرغوب للطفل، منها:
٠ أسلوب القصة: اختيار قصة ذات الطابع الخيالي، وينبغي التركيز على القصص التي تحكي علاقة الحيوان أو الطائر بالأم، وكيف أن الحيوان الفلاني حصل له كذا وكذا؛ لأنه لم يسمع كلام أمه.
٠ أسلوب التحايل وتحويل الانتباه: تحويل انتباه الطفل لشيء يحبه، فمثلا عندما يبدأ الطفل في إصدار أصواتٍ مزعجةٍ كالصراخ، وعندما يطلب منه أحدٌ التوقف عن ذلك ولكن الطفل يقوم به. فلا يصدر إليه الأمر مرة أخرى، وإنما يتوقف عن ذلك تمامًا، ويطلب منه تقليد صوتِ حيوانٍ يحبه (تعال نقلد صوت العصفور)
٠ عدم الإكثار من التعليق: عدم الإكثار من التعليق على تصرفاته بأن هذا يليق أو لا يليق، أو هذا يصح، وهذا لا يصح، والإقلال من أضرار الأوامر والنواهي.
٠ أسلوب التغاضي: التغاضي عن بعض أخطائه، والتظاهر بعدم رؤيتها، فيمكن أن يكون النهي بنظرة حادة توضح مدى الاستياء بما فعل.
٠ الحزم والحب: عدم جعل الطفل يحس بأن والديه لاحول لهما ولاقوة أمام تصرفاته، بل يجب أن يحس بالقوة والحزم، وفي الوقت نفسه بالحب والحنان.
٠ العلاقة الإيجابية مع الأطفال: يجب إزالة الفجوات بين الوالدين والأبناء عن طريق اللعب معهم، وإقامة رحلات وإفراد وقت خاص لكل طفل؛ للحديث معه عن أموره الخاصة.
٠ أسلوب التكليف: يتم تكليف الطفل ببعض الأعمال المنزلية؛ حتى يتعود تحمل المسئولية، فمثلا يقال للطفل إنك مسئولٌ عن طعام العصافير.
٠ لا للضرب: إن الضرب لا يعد وسيلة ناجحة، فقد ينجم عنها أن يخاف، ولكن في الوقت نفسه يؤدي إلى زيادة العناد.
وأخيرًا أتمنى لك التوفيق والنجاح، وعليك أن تحتويهم، وتغدق عليهم بحبك وحنانك وتفهمك... وتابعنا بأخبارك