الوسواس القهري
السلام عليكم: مؤخرًا بدأت أشعر بالضيق الشديد عند الخروج، ومخالطة الناس وأشعر برأسي به تنميل وصداع، وأشعر وكأني أريد النوم، وأشعر بالغربة، وأنني لا أفهم من حولي، وعدم التركيز، وبجانب كل هذا بدأت ألاحظ عندما أكون في صلاة الجماعة مع النساء لا أطيق أحدًا يلمسني. وأشعر بالخوف والضيق، حتى إن أحدهم لفت انتباهي أنه يجب أن نصطف بجانب بعض وعدم ترك فراغات، وهذا يحدث معي في المواصلات أيضًا.
ذهبت إلي طبيبة نفسية وشرحت لها حالتي وقالت لي إني مصابة باكتئاب ووسواس قهري، وشرحت لها أني أجد نفسي بشكل لا إرادي أنظر إلى أماكن العورة للرجال والنساء وأصبحت أتضايق كثيرا من ذلك، وأخاف في نفس الوقت كثيرًا حتي إني أصبحت أشك في نفسي، وبدأت ثقتي في نفسي تتدهور، مع العلم أني شخصية محافظة علي الصلاة.
منعت نفسي من مشاهدة الأفلام والمسلسلات وأصبحت أسمع لدروس العلم والقرآن فقط، ولا أدري لماذا يحدث هذا معي؟! وألفت النظر أنه أثناء محادثتي للدكتورة سألتني هل اتعرضت لتحرش جنسي قبل هذا؟ وبالفعل في صغري تعرضت لتحرش من إحدى قريباتي وكنت لا أفقه شيئًا، ولا أنكر بأني أخاف أن أتعرض لهذا مجدًا، حتى إني بدأت أشك في الناس، وأصبحت عادة لدي بأني أشك في نوايا الناس، وأصبح لدي التزام أخلاقي قد يراه البعض أنه زائد عن الحد. ولكن أصبحت أعيش في كابوس حقيقي.
أريد أن أعيش بشكل طبيعي، وبشكل تلقائي، أصبحت أفقد التواصل مع الآخرين، وأنا الآن آخد دواءً لعلاج الاكتئاب والوسواس (مودابكس50) وأعراضه الجانبية شديدة، غثيان وفقدان للشهية والنوم الكثير، فطلبت مني أخذ نصف قرص، وبدأت الأعراض تخف، مع العلم إني أعاني من النحافة، فأنا طولي 169 ووزني 45، وحاولت مرارًا أن أتابع مع دكاترة سمنة ونحافة، ولكن لا أستطيع الالتزام بالنظام الغذائي ويأست، وهناك سؤال، هل أنا أعاني من شخصية وسواسية؟
أريد منكم دعمي بنصائح أستطيع بها أتعامل مع نفسي والآخرين؛ لأنني مؤخرًا أصبحت أعيش في حزن لا يعلم به أحد إلا الله.
وجزاكم الله خيرًا.
31/7/2015
رد المستشار
أشكرك يا "أمة الله" على ثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية من خلال لجوئك للمستشارين على الموقع ليشاركوك مشكلتك ويساعدوك في تخطيها، بإذن الله.
أولا أذكرك بقول الله تعالى: "...إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..." (الرعد:11)، فالمسؤولية تقع على عاتقك في التغيير وحتى تقوم بهذه المسؤولية فلابد أن يكون لديك الإرادة والرغبة في التغيير، فعليك أن تبحثي عن نقطة الانطلاقة بداخلك للتغيير، جيد جدًا أن يكون لديك وعي وإدراك وتشخيص لمشكلتك وتسعين لعلاجها من خلال زيارتك لعدة أطباء نفسيين، فهو يشير إلى أنك شخصية إيجابية تسعين لمواجهة وعلاج مشاكلك ولا تهربين منها أو تنكرينها، وهذه بداية طيبة. فالفكرة الوسواسية ما هي إلا إشارة كيميائية دماغية زائفة لست المسؤولة عنها، أي ليس لك ذنب فيها فهي ليست منطقية وليست حقيقية ولا يمكن أن يتقبلها العقل.
وبما أنها زائفة، وليس لك ذنب فيها، وليست منطقية ولا حقيقية وأنت غير متقبلة لها! فلماذا تستجيبين لها وتعيشينها وتجعلين مما هو مزيف واقع تعيشينه ليصبح بعدها واقعك وحقيقتك في هذا الموضوع زائف؟!
فالوسواس القهري هو نوع من الاضطرابات المرتبطة بالقلق (Anxiety)، تتميز بأفكار ومخاوف غير منطقية (وسواسية) تؤدي إلى تصرفات قهرية.
والأشخاص المصابون باضطراب الوسواس القهري يكونون أحيانا واعين لحقيقة أن تصرفاتهم الوسواسية هي غير منطقية، ويحاولون تجاهلها أو تغييرها. لكن هذه المحاولات تزيد من احتدام الضائقة والقلق أكثر. وفي المحصلة فإن التصرفات القهرية هي بالنسبة إليهم إلزامية للتخفيف من الضائقة.
فالأعراض الوسواسية هي أفكار وتخيلات متكررة مرارًا، عنيدة ولا إرادية، أو دوافع لا إرادية تتسم بأنها تفتقر إلى أي منطق. هذه الوساوس تثير الإزعاج والضيق، عادة عند محاولة توجيه التفكير إلى أمور أخرى، أو عند القيام بأعمال أخرى، وتتمحور هذه الوساوس بشكل عام حول موضوع معين.
فالأعراض القهرية هي تصرفات متكررة مرارا، نتيجة لرغبات ودوافع جامحة لا يمكن السيطرة عليها. هذه التصرفات المتكررة يفترض بها أن تخفف من حدة القلق أو الضائقة المرتبطة بالوسواس.
ما من مسبب صريح واضح لاضطراب الوسواس القهري، أما النظريات المركزية بشأن العوامل المسببة المحتملة لاضطراب الوسواس القهري فتشمل:
- عوامل بيولوجية: تتوفر بعض الأدلة التي تشير إلى أن اضطراب الوسواس القهري هو نتيجة لتغير كيماوي يحصل في جسم الشخص المصاب، أو في أداء دماغه. كما أن هنالك أدلة على أن اضطراب الوسواس القهري قد يكون مرتبطًا أيضا بعوامل جينية وراثية معينة، لكن لم يتم تحديد وتشخيص الجينات المسؤولة عن اضطراب الوسواس القهري بعد.
- عوامل بيئية: يعتقد بعض الباحثين بأن اضطراب الوسواس القهري ينتج عن عادات وتصرفات مكتسبة مع الوقت.
- درجة غير كافية من السيروتونين: السيروتونين Serotonin هو إحدى المواد الكيماوية الضرورية لعمل الدماغ. وإذا كان مستوى السيروتونين غير كاف وأقل من اللازم، فمن المحتمل أن يسهم ذلك في نشوء اضطراب الوسواس القهري.
- عوامل قد تزيد من خطر نشوء، أو استثارة اضطراب الوسواس القهري:
٠التاريخ العائلي.
٠حياة مثقلة بالتوتر والضغط.
٠ الحمل
وهنالك نوعان أساسيان متبعان في علاج الوسواس القهري، هما:
- العلاج النفسي.
- العلاج الدوائي.
يختلف العلاج الأفضل والأنجح لاضطراب الوسواس القهري تبعا للمريض نفسه، ووضعه الشخصي وتفضيلاته. وغالبا ما يكون الدمج بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي ناجعًا جدًا.
وتبين أن الطريقة العلاجية المسماة "المعالجة المعرفية (الإدراكية) السلوكية" (Cognitive behavioral therapy - CBT) هي الأكثر نجاحًا في معالجة اضطراب الوسواس القهري، حيث يعيد تنظيم البنية المعرفية، ويؤدي فيها المريض بعض التدريبات مثل التعرض التخيلي، ويكلف المريض ببعض الواجبات المنزلية، تدريبات التعرض في المواقف الحية، سواء بمعاونة المعالج أو على انفراد في البيئة الطبيعية. وفي العلاج يتم:
٠ إعادة تشكيل البنية المعرفية: يركز العلاج المعرفي على تصحيح التقييمات الخاطئة المتعلقة بالإحساسات الجسدية باعتبارها مصدر تهديد، وتطبيق الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية.
٠ الاسترخاء العضلي: تتمثل أهمية الاسترخاء العضلي في أن المريض يقارن فيه بين العضو في حالة التوتر والعضو في حالة ارتخاء وراحة، ويخبر هذا الفرق بصورة واضحة عبر أعضاء الجسم المختلفة، ويتعلم المريض أنه قادر على جلب الاسترخاء لنفسه من خلال سلوكه.
٠ مراقبة الذات: هي محاولة للتعبير الموضوعي الدقيق عن الحالة (مثل: مستوى قلقي في الدرجة 5، ولديَّ أعراض رعشة، وداور)، بدلاً من استخدام كلمات عامة فضفاضة مثل: أشعر بالرعب الشديد، هذه أسوأ لحظات عمري، ويتم ذلك من خلال سجل لنوبات القلق، يتابع من خلاله المريض ما يجري له في يومه.
٠ التعرض التدريجي: "يكون التعرض التدريجي للموقف المخيف وسيلة ملائمة للتخفيف من المخاوف". ويقاس النجاح في ذلك بالاستمرار في موقف التعرض حتى ينخفض القلق.
كما أنصحك أيضا بالاستمرار بالعقار الدوائي ومتابعة الطبيبة باستمرار.
والله الموفق تابعينا دوما بأخبارك، فنحن نعتز بك صديقة دائمة على موقعنا.
واقرئي أيضاً:
منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري
نطاق الوسواس OCDSD اضطراب وسواس قهري
علاج الوسواس OCDSD فقهي معرفي إسلامي Religious CT
العلاج الذاتي قد لا يكفي
علاج الوسواس بالعقار فقط لا يكفي
وساوس واكتئاب: تحققٌ واجترار وتكرار