أخي لديه من العمر 14.5 سنة، وللأسف كان هناك خطأ كبير في التربية حيث تربى مع أخواته البنات وكان ملاصقا لهن معظم الوقت حتى شعر أنه مثلهن وبدأ ينمو داخله شعور أنه أنثى، ونسي أنه ذكر، وبدأ يميل للباس النساء حتى وصل أنه تمنى أن يلبس قميص نوم ويقف أمام المرآة، وبالتالي حدثت مشكلة كبيرة، ألا وهي أنه يميل جنسيا إلى الرجال ولا يميل إلى النساء فماذا نفعل؟
أخي ولله الحمد متدين وحريصا جدا على رضا الله وحريص على الصلاة وبالأخص صلاة الفجر وحريص على دعوة الناس إلى الخير ولكن سبب هذه المشكلة في التربية الخاطئة ولكنه لم يمارس أي فعل شاذ.
هل أخي له علاج وهل يكون نفسيا أم طبيب أمراض تناسلية وهل هناك نسبة في الشفاء أم لا؟ ولو كانت فكم هي في المائة، ولو هناك طبيب يعالج مثل هذه الحالات في مصر فأتمنى أن أصل إليه...
وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء
فليس لنا بعد الله سواكم
12-6-2006
رد المستشار
الابن العزيز؛
أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين ونشكرك على ثقتك، وعلى اهتمامك بمساعدة أخيك بارك الله فيك، ونعدك أن نحاول مساعدتك وتوجيهك قدر استطاعتنا فحقيقة تنقصنا معلومات كثيرة عن أخيك لكي نستطيع أخذ انطباع مبدئي عن الحالة فنحن لا نعرف شيئا حتى عن هيئته الجسدية وهذا مهم سواء من ناحية التركيب التشريحي والصفات الجنسية الأولية والثانوية، فما يستنبط من إفادتك –لكنه يبقى غير أكيد- هو أن أخاك ذكرٌ مكتمل الذكورة من الناحية البيولوجية ولكنه يشعر بأن بداخله روح أنثى، وأنت ترجع ذلك لتأثره بالتربية بين أختيه وهذا على أي حال أمرٌ مستبعد نوعا لأن كثيرين من الأطفال الذكور تتم تربيتهم بين أختين وربما في غيابٍ كامل للذكور ولا يشتكون مما يشتكي منه أخوك، والواقع أننا علميا لا نملك تفسيرا كاملا أو أكيدا لمثل تلك الحالات التي نسميها: خلل التناغم الجنسي الروح-جسدي أو اضطراب الهوية الجنسية
وأيا كانت التفسيرات لما حدث ومدى قبوله شخصيا أو رفضه لما يعاني منه إلا أننا الآن أمام حالة نسميها "التخنث" Transsexualism وهي تعني أن جسد أخيك من الناحية التشريحية جسد ذكر ولكنه من الناحية النفسية يحمل مشاعر الأنثى وبالتالي يميل عاطفيا وجنسيا إلى الذكور في هذه المرحلة من حياته.
ومن الناحية الشرعية يرى أهل الدين والفقه أن الخنثى ينقسم إلى قسمين: خنثى مُشْكِلْ.. وخنثى غير مُشْكِلْ.
فالخنثى المُشْكِلْ هو من كانت خنوثته حقيقية، أي له أعضاء الذكورة وأعضاء الأنوثة، وكل منهما ظاهر، وقد تتساوى الأعضاء من حيث الخلقة ولا يتغلب أحدها على الآخر، وقد لا تتساوى، وقد يفيد معها العلاج، وقد لا يفيد. والخنثى غير المُشْكِلْ هو من كانت خنوثته كاذبة أي مرضية، وهو ما تتغلب فيه إحدى الناحيتين على الأخرى سواء كانت أعضاء الذكورة أو أعضاء الأنوثة كل منهما ظاهر خارج الجسد أو بعضها ظاهر والآخر مطمور مختفي داخل الجسم، وهذه يفيد معها العلاج والتحويل إلى أحد الجنسين عادة، وغالباً عند البلوغ أو في سن معينة يقررها الطبيب.
والخنثى محل اهتمام الفقهاء من حيث الأحكام الشرعية التي تتعلق به من مثل ميراثه، وختانه، وزواجه، وإمامته، وجنايته على غيره، وجناية غيره عليه، ونحو ذلك.. وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن ميراث الخنثى كيف نورثه يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "وّرِّثُوه من حيث يَبُول".
والشرع قد قرر شرعية التداوي والعلاج لقوله صلى الله عليه وسلم: "تداووا عباد الله، فإنما خلق الله لكل داء دواء" لأن ذلك مرجعه إلى تحقيق المصالح الشرعية وليس مجرد العبث بأجساد الناس وتعريضها للتلف، ولا شك أن الكشف عن حقيقة جنس الخنثى وتحديد صفته من حيث الذكورة أو الأنوثة، ومعرفة طبيعة الأحكام الشرعية التي تطبق عليه، لهو من أعظم المصالح الشرعية التي يعمل الطب على تحقيقها، فالطب كالشرع كلاهما موضوع لمصالح العباد، ولأن الإسلام يعتبر طلب العلاج من قدر الله كما أن المرض من قدر الله، وليس هذا تغييراً لخلق الله، لأن هذه ضرورة والضرورات تبيح المحظورات.
قال تعالى: "وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، ومن المقرر شرعاً أن الضرر يزال، وأنه إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما، وفي دفع أعظم المفسدتين أو لضرر الأشد مصلحة، والحكم الشرعي يتبع المصلحة. ومن القواعد الكلية في الفقه الإسلامي أنه "إذا ضاق الأمر اتسع" وأيضاً "المشقة تجلب التيسير"، ولكل حكم شرعي سبب شرعي.
هذا بالطبع بخلاف الخنوثة المفتعلة أو المزعومة أي غير المرضية، فهذه لا يجوز شرعاً بأي حال من الأحوال اللجوء فيها إلى أي عمل علاجي لتغييرها جراحياً كان أو غير جراحي، لأن هذا افتراء على الله في خلقته، وذلك عمل شيطاني داخل في مفهوم قوله تعالى نقلاً عن إبليس اللعين "ولأمرنهم فليغيرن خلق الله".
ومن حسن الحظ أن أخاك كان ملتزما دينيا ولم تكن له أي ممارسات جنسية مع الذكور لأن ذلك كان من شأنه أن تتعزز ميوله نحوهم وتنقلب إلى حالة شذوذ جنسي مثلي Homosexuality .
إلا أن من المهم المسارعة بعرض أخيك على الطبيب النفسي الذي سيقوم بإجراء فحص طبي نفسي للحالة إضافة إلى عددٍ من التقصيات التي يعرف منها مستوى هرمونات الذكورة والأنوثة في جسده، وبناء على ذلك يصل إلى تشخيص ومن ثم يتم تقرير نوعية وخطة العلاج اللازمة.
وقد يستغرق ذلك وقتا وجهدا من الطبيب ومن أخيك ومنكم كأسرة، ولكن هذا الوقت وذلك الجهد على الطريق الصحيح, فالجنس له وظيفتان: الأولى استمتاعية والثانية إنجابية, وحين تلتقي الوظيفتان على طريق واحد تتحقق السعادة, وأخوك مثل أي إنسان سيحتاج إلى أن يكون له بيت وأسرة لينعم بالاستقرار والدفء العائلي،
وأهلا وسهلا بك دائما على صفحتنا استشارات مجانين فتابعنا بالتطورات الطيبة.