الشعور بالذنب جعلتي أفعل الحرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد... كنت فريسة تحرش عندما كان عمري السادسة وكان الكثيرون من عائلتي يتحرشون بي ويعتقدون أني سأنسى لأني كنت طفلة، لكن هذه الذكريات أصبحت تتدخل في حياتي الآن، لقد أخبرت أمي قبل سنة تقريبا ولم تفعل شيء كنت أبكي أمامها والدموع لم تتوقف من السقوط ولم تفعل شيء سوى أنها قالت لي: لا أستطيع النوم الآن.
وكان تعبير وجهها مليء بالحزن والأسى، فكانا أخويها هم من تحرشا بي، حسبت بأنها ستفعل شيئا، تعاقبهما أو ما شابه ولكنها قالت لي أن أنسى وأسامح، لم أستطع. وبسبب عدم نسياني للحادثة قابلت فتاة في عمري، على برنامج محادثة kik وكانت محادثتنا طبيعية إلى أن قلت لها ما حدث لي وانجرف الموضوع لإرسالي صور عارية لها وكانت تفعل هي الشيء نفسه.
والسبب في تصوري عارية لأن الفتاة تفهمت وضعي وحاولت مواساتي وبهذا أخذت ما أرادته وقالت لي أنها صديقتي وأن أثق بها وبعد إرسالي الصور لم تذهب بل قالت أنها ستظل معي ولن تنشر صوري. اشمأزيت من نفسي أنا فعلت هذه الفعلة وهذا بسبب عدم مسامحتي ونسياني لما حصل في الماضي.
أشعر بأني إنسانة قذرة، تغيرت معاملة أمي لي، أصبحت أكثر بعدا مني، كانت علاقتي دوما قوية بها. جلست أدعي إلى الله بأن يغفر لي وأحس بأنني إنسانة قذرة وساقطة. إلى الآن وأنا أدعو ربي بأن يسامحني ويغفر لي ولكن لا أحس بأي راحة أو اطمئنان، كل ما فعلته بسببي وأشعر بأني لن أسماح نفسي.
فكرت مرارا بالزواج كي أحصن نفسي وأكمل ديني ولكني خائفة، أشعر بأن المتقدمين لي يستحقون أفضل من إنسانة ساقطة مثلي.
أرجوكم ساعدوني، دعيت الله كثيرا وحاولت التقرب إلى الله أكثر، حاولت اللجوء إلى أمي، حاولت كل بما وسعي لأغفر لنفسي، لا أتوقف عن البكاء والدعاء على نفسي بالموت.
23/12/2015
رد المستشار
تفشلين كل مرة في تخطي ما حدث معك منذ طفولتك؛ لأنك تحاولين!؛ فمحاولتك لنسيان ما حدث، ومحاولة اجتذاب عون أمك، ومحاولة التخلص من الماضي، ومع تلك الفتاة كلها باءت بالفشل؛ لأنها محاولات!!؛ والمحاولة في حقيقة أمرها هي مجرد "مبرر" قوي جدا لعدم فعل شيء حقيقي!.
ونستطيع في نفس الوقت أن نقول أننا فعلا فعلا نحاول!؛ فأول ما يجب عليك فعله الآن هو الانتقال من مرحلة "المحاولة" "المزيفة"؛ لمرحلة "الاحتياج"، فوصولك من الداخل؛ لأنك تحتاجين بصدق لتجاوز ذلك الماضي سيجعلك تطرقين الأبواب الصحيحة بدلا من التيه بين أبواب لن توصلك لشيء لأنك تحاولين!؛ فحين يملؤك فعلا الاحتياج لتجاوز ما حدث ستنتقلين فورا بعدها بشكل طبيعي لمرحلة "العوزان"، فيملؤك العوزان لأن تتجاوزي تلك التجارب السيئة التي ملأت صفحات حياتك مبكرا؛ فتتوقفين بصدق عن اجترار الماضي وسجن نفسك بداخله بلا مبرر حقيقي سوى أنك تلتصقين به حتى لا تتركيه؛ لأنك تعودتي عليه، أو لأنك تشعرين في قرارة نفسك أنك تستحقين المزيد من العقاب فتستدعين التحرش بك استدعاء من كل كلب يعوي ويمر في حياتك!،
فحين تعوزين اجتيازه ستتمكنين من رفض مجرد الانسياق لذكريات تلك المشاهد المؤذية، وستتمكنين حينها بتذكير نفسك بأنك كنت صغيرة، خائفة، لا تفهمين حقيقة مايحدث، وستتمكنين من رؤية إهمال والديك لمتابعتك وتعهدك، وستتمكنين من رؤية قذارة أخلاق أخوالك حين فعلوا ما فعلوا، وستتمكنين من رؤية إهمال جدك وجدتك في متابعة أخوالك وتعهدهم مثل والديك، وستتمكنين من رؤية أهمية بث رضا الله ووجوده بين أفراد الأسرة؛ لأنه يحمينا من السقوط في الرغبات المؤذية لنا ولغيرنا؛
فلتكفي عن المحاولات ولتبدئي في تصديق أن من حقك أن تغفري لنفسك ما حدث معك؛ لأنك كنت غير مسؤولة، وغير واعية لما يحدث معك فعلى أي شيء تحاسبين نفسك؟، وبأي سبب حقيقي ترين نفسك قذرة؟؟؛ فالمتهمين الحقيقيين يختبؤون وراء خوفك وتبعثرك سواء كانوا أخوالك، أو حتى أمك التي آثرت الخوف عن أخذ حقك منهم، وقررت لك أن تسامحيهم دون أن تصلي أنت لهذا القرار؛ فلتكسري سجنك هذا الذي سجنت نفسك فيه تحت دعوى الإثم والقذارة؛ فأنت ضحية لمن كانوا حولك منذ طفولتك؛ فلا تحولي نفسك لضحية نفسك وبيديك وبإرادتك بعماك عن حقيقة ما حدث لك، أو بصمتك وتعاملك مع أخوالك وكأن شيئا لم يكن،....
وأقول لك:
- صدقي أنك تستحقين الاحترام والاهتمام، وأن ما حدث معك كان سببه غفلة من حولك وخوفك وصغر سنك لا أكثر.
- والدتك تعرف الحقيقة، وتعرف إخوتها، ولكن خوفها من فضح إخوتها، وخبل الخوف من خراب البيت، فلا تكترثي لخوفها وابدئي من الآن في زجر من يحاول الاقتراب منك، أو رفض وجودهم واستقبالهم، أو التعامل معهم وكأن شيئا لم يكن، ولا تخافي أبدا؛ فهم في الحقيقة من يخاف ويرتعد من الفضح فقط يتغذون على ضعفك وضعف أمك وخوفكما، وانظري في عيني أخوالك وقولي لهم أنك لا تريدين رؤيتهم ولو صدفة؛ لأنك لا تأتمنين نفسك على حفظك لقذارتهم بعد الآن.
- احترمي لألمك، وغضبك مما حدث معك، وترفقي بحالك وهدهديها؛ لأنك تستحقين الدعم والاحتواء.
- لا يصل أحدنا لمسامحة الآخر إلا إذا تدرب على مسامحة نفسه أولا؛ فنحن كائنات تخطىء، وستخطىء، ومن أخطائنا نتعلم؛ فمرفقنا بأنفسنا ومسامحتها هو حقيقة العقبة الكؤود التي تمنع قبولنا لأنفسنا وتجاوز أخطائها، وبالتالي مسامحة الآخرين.
وتذكري أننا هنا من أجلك ومعك، تابعينا بأخبارك.. ودمت بخير