هل أنا سيكوباتية؟
عمري ٣٨ عاما، طبيبة ولا اعمل حاليا ومتزوجة من ١٢ عاما، تربيت في أسرة غير مستقرة والدي كان متحكما بدرجة كبيرة وكان يسيء معاملة أمي ويضربها ويضربنا أيضا، تعرضت لأكثر من حادث تحرش جنسي في طفولتي المبكرة وتعرضت لمحاولة اختطاف في سن العاشرة مما جعلني أهاب الشباب والرجال لمدة غير قصيرة من حياتي، حاولت التغلب على خوفي بإظهار الشجاعة والجرأة. كنت محبوبة من زميلاتي ومعروفة بينهن بأني نشيطة ومرحة وقوية الشخصية وكذلك كنت عاقلة فلم أتورط في علاقات عاطفية مع شباب في مراهقتي، وعوضت هذا بالحب الجنوني لصديقاتي البنات، أحببت أحد زملاء الكلية من طرف واحد ولم أصرح لأحد بذلك، ثم ارتبط هو بزميلة لي وانتهى الأمر.
كونت سمعة طيبة ولله الحمد في عملي، وخلال ذلك تعرفت على زوجي وتقدم لخطبتي بشكل تقليدي ووجدت فيه 'ظاهريا" ما أبحث عنه لدى شريك الحياة من الذكاء والثقافة والطموح والتطور الفكري والتقبل لشخصيتي المستقلة كشريك له نبني حياتنا سويا وليس كتابعة خاضعة، حيث كنت مرتعبة من فكرة الزواج برجل متحكم مثل أبي يقهرني لباقي عمري.
وقد كنت صريحة جدا في عرض نفسي وأفكاري لزوجي منذ الخطوبة، لعلمي أن كثيرا من الرجال الشرقيين قد لا يتقبلون قوة شخصية المرأة أو استقلالها وأفكارها ورغبتها في أن تحيا حياة زوجية تقوم على الشراكة.
لم يكن والدي موافقا على زوجي في البداية لاعتبارات كنت أراها سطحية (الإمكانات المادية واسم العائلة) لكنه وافق بعد ضغوط،
ومن هذا التوقيت تحديدا بدأت معاناتي مع زوجي.. فالغريب أنه بعدما كان مستميتا في الحصول على موافقة أبي، قرر فجأة التراجع ثم تحادثنا لأفهم سبب تصرفه فتراجع عن موقفه وأتم الخطبة، ثم اختلفنا بعد عقد القران فهددني بالطلاق! ثم تكررت تهديداته بالطلاق رغم أننا لم نكن قد تزوجنا فعليا بعد، وخلال ٤ شهور هي الفترة بين عقد القران والزفاف كان قد كرر تهديده بالطلاق مرات عديدة، كلما ناقشته في شيء أو تأخرت في تنفيذ شيء اتفقت عليه معه، وقد كنت دائما أجد له الأعذار بأنه عصبي وأنها ضغوط العمل وما أشبه، كما أنه كان دائم الشك ولكني أيضا كنت أظن أن هذه غيرة وليست شكا وأنها ستتغير بمجرد أن نتم الزفاف ويراني معه ويدرك أني صرت له فعلا.
ولكن توقعاتي كانت خاطئة فبعدما سافرنا لإحدى دول الخليج وأتممنا الزواج، لم يتغير من الأمر شيء وبدا مصرا على مراقبة مكالماتي، وتفحص الشات والإيميل الخاص بي ومحادثاتي مع أخواتي وأصحابي، حيث كنت أعطيته كلمات السر لحساباتي الشخصية بناءا على طلبه في أيام الخطوبة وبرغم استغرابي إلا أنه أقنعني بذلك طالما أنه ليس لدي شيء أخفيه فلماذا الرفض، وبالتالي لم أجد غضاضة في أن يفتح إيميلاتي أو حساباتي الخاصة لأنه من وجهة نظري لا يوجد لدي ما أخفيه أو أخجل منه.
وخلال السنة الأولى لزواجنا لم يكف زوجي عن ترديد جمل مثل (الزواج مشروع فاشل، أسوأ شيء أن الواحد يتجوز) وعندما كنت أسأله هل أغضبته في شيء أو قصرت معه في شيء يكون رده لا. وكان يتشاجر معي لأتفه الأسباب أو لشكوك لا أدري من أين تأتيه، ولكنه كان يهدأ حين أبكي وربما يعتذر أيضا.
في نهاية عامنا الأول أجبر على تقديم استقالته بسبب شكوى قدمتها مريضة بأنه تحرش بها، لم يخبرني بالحقيقة منذ البداية ولكني علمت وواجهته فأخبرني وأقسم أنه مظلوم وأن المرأة مريضة نفسيا ولكنه مضطر للاستقالة لأنه لا يريد شوشرة ومشاكل ونحن في بلد غريب لا سند لنا فيه، وقد كنت أحبه وأثق به وقررت تجاهل الأمر والوقوف بجانبه في محنته وعدنا لبلدنا نعاني من أزمة مالية صعبة ومعنا مولود جديد لم نجد وقتا لنفرح به بسبب ظروفنا ولكني ركزت جهدي على تجاوز الأزمة ودفعه لدراسة الدكتوراة وكنت مؤمنة بذكائه ونبوغه العلمي ومهارته وأن فقط ما ينقصه هو الإصرار والدعم وسوف أقدمهما له وأقف بجواره لآخر العمر.
وفي عز الأزمة تكررت مشاكلنا وبدأت أحس بالحصار الخانق وأشعر أني تحت الرقابة بشكل متواصل، والحساب العسير على أي كلمة أو جملة أقولها بشكل عادي تماما فأجده يفسرها بأسوأ تفسير، وكذلك الشكوك الغريبة في سلوكي التي لم أفهم ما سببها.. أحيانا كان يشد سماعة التليفون من على أذني بشكل مفاجئ ليتأكد من أنني لا أحادث رجل، ومراقبة تليفوني ورسائلي والشك أني على علاقة بهذا الزميل أو ذاك لمجرد أني أتبادل معهم (بعلمه وتحت سمعه ومتابعته وإشرافه) أوراقا دراسية أو امتحانات نظرا لأنني لم أكن أحضر في الجامعة بسبب رفضه والمشاكل التي تحصل منه. كل شيء يصدر مني فلا تفسير له إلا الأسوأ.. ومعناه أنني أخونه أو أخدعه أو أغشه أو أخفي عنه شيء.
إذا اعتذرت عن العلاقة الحميمة (وقد حدث هذا مرتين فقط في عمر زواجنا كله مرة منهما كنت بين النوم واليقظة لا أعي ما أفعل) فلا تفسير عند زوجي سوى أنني أحب آخر أو على علاقة بآخر!! اهتمامي بمظهري.. هو لجذب الرجال، مشيتي يقول أنها خليعة وهدفها جذب الرجال، حفاظي على جسمي أو رشاقتي هو لجذب الرجال.... وكان يصفني أحيانا بأني عاهرة أو داعرة أو فاجرة فكنت أصاب بالذهول ثم أنفجر في البكاء لساعات
ويعلم الله أني لم أكن أفكر في رجل غيره واهتمامي بمظهري أو شكلي لم يكن يفوق العادي فأنا محجبة ولا أضع المكياج أو أرتدي ملابس فاقعة اللون أو ملفتة ولكني كأي إنسان له وضع اجتماعي وعائلي معقول كنت أحب أن يكون مظهري لائقا وأنيقا، كما أني أكره البدانة وما تجلبه من أمراض لذا كنت مهتمة بصحتي ورشاقتي وكنت أظن أن هذا شيء يسعد الزوج لا العكس.
بمرور الوقت أصبحت أتردد كثيرا قبل كلامي أو تعاملي مع أحد، وأتردد كثيرا خلال شراء الأشياء وأجد صعوبة في اتخاذ أبسط القرارات.
ثم حدث أن حملت في طفلتي الثانية ولم يكن هو موافقا وأراد مني الإجهاض لأنه لا يحب الأطفال ولكني رفضت. فهددني بالطلاق أيضا فخفت ولكن تحاميت في فرحة أهله بحملي وأنه لن يجروء على طلاقي لسبب كهذا.. وأنجبت طفلة جميلة فرح بها كثيرا ولكنه حذرني من محاولة الحمل مرة أخرى وإلا ستكون نهاية زواجنا مما سبب لي مرارة شديدة، وأحسست أني خدعت فيمن قدم لي نفسه صاحب فكر متطور وسيقبلني كما أنا، فإذا به يقهرني حتى في أبسط رغبات الأنثى وهي الأمومة.
وزاد من هذه المرارة أني أصبحت متراجعة في مجال عملي بشدة فلقد غيرت تخصصي لتخصص آخر مناسب للحياة الزوجية أكثر، وكان يستدعي تدريبا والتزاما لم يكن زوجي يسمح به ولا ظروف عودته للعمل بالخليج تساعد حيث سافرت معه بطبيعه الحال وتركت دراستي وتخصصي الجديد.. فأصبحت أحس بالخوف من الغد باستمرار والقلق من ماذا سأفعل إذا نفذ زوجي تهديده وطلقني
التحول الأكبر في شخصيتي كان عقب وفاة والدتي منذ عامين، حيث طلقني زوجي بالفعل في أزمة أقل ما يقال عنها أنها تافهة، وتماسكت وأخفيت الأمر عن أهلي رغبة مني في عدم تفاقم الوضع، وردني بعدها بأسبوع ثم في خلال شهرين طلقني مرة أخرى وهذه المرة لا أذكر لشدة تفاهة السبب لماذا طلقني! وكنت مسافرة معه فلم أدري ماذا أفعل وكالعادة كتمت الأمر عن كل الناس إلى أن ردني.
صرت بعدها لا أشعر بالأمان معه على الإطلاق، وأسعى لتأمين مستقبلي بالحصول على الماجستير والبدء في ممارسة تخصصي وطلبت منه أن ننفصل بدون طلاق ونجرب الوضع فإن أعجبنا تطلقنا وإن لم نستطع عدنا لبعض وبحثنا عن مستشار أو طبيب نفسي يحكم بيننا فرفض رفضا باتا وهددني أن سعيي لطبيب قد يكون سبب طلاقنا الثالث والأخير.
وبمرور الوقت يئست تماما وفقدت الأمل والثقة في نفسي وأصبحت لا أرى أي مستقبل لي أو لأولادي
ثم أخطأت خطيئتي الكبرى وتخليت عن التعقل الذي كنت مشهورة به، وانجرفت في علاقة إلكترونية مع شاب لعدة شهور، كنا نتحدث في مجالات مختلفة كالسياسة والأدب والفنون وتطورت الأمور لإحساس بالتقارب الفكري والنفسي، وكان يظن أني مطلقة ولم أحاول تصحيح الأمر عنده، ومع ذلك لم يكن لدينا أي خطط أو وعود بالارتباط الفعلي أو حتى محاولة المقابلة وجها لوجه
المصيبة أني لا أدري لم فعلت ذلك.. لم فعلت مالم أكن أفعله وأنا مراهقة حتى؟ المصيبة الأكبر عندما اكتشف زوجي الأمر وأراد أن يطلقني الطلقة الأخيرة تمسكت به من جديد بل واستعطفته أن لا يفعل لأني أحبه.
زوجي يقول أني شخصية سيكوباتية وأن هذه هي طباعهم وأحيانا أخرى يقول أني شخصية نرجسية وهذه هي طباعهم أيضا. فهل أنا كذلك؟ وما علاجي؟
حاليا لا رغبة لدي في أي شيء ولا أحب حتى مغادرة غرفة نومي ولا حتى سريري، أؤدي واجباتي نحو أطفالي بصعوبة مطلقة أما نفسي.. فلا أطيق أن أراني في المرآة.
هل لديكم حل لي أو نصيحة، هل أترك هذا الزوج الذي عذبني أم أبقى معه إذا وافق لأكفر عن خطائي نحوه وكذلك لا أحرم أولاد من أبيهم؟.
إن كانت هناك طريقة للرد على استشارتي بدون نشر المشكلة على الموقع سيكون أفضل لحالتي
وشكرا لكم
18/2/2016
رد المستشار
شكرا على مراسلتك الموقع وطرحك للأزمة التي تمرين بها بصورة واضحة وصريحة وبأسلوب متميز.
تم تحويل استشارتك للإجابة عليها وستنظر إدارة الموقع في طلبك حول نشر أو عدم نشر استشارتك ولكن حتى إن تم نشرها فسيتم نشر بياناتك الشخصية بصورة لا تشير إلى هويتك الشخصية.
في بداية الأمر ليس هناك أي دليل علمي على إصابتك باضطراب شخصية. على العكس من ذلك سيرتك لا تعكس إلا امرأة تجاوزت أزمات الماضي وآلامه وعلى مقدرة عالية من الكفاءة في مواجهة تحديات الحياة. شخصيتك طبيعية ولا توجد فيك صفات نرجسية أو سيكوباثية أو حدية.
الفقرة القبل الأخيرة من رسالتك حول غياب الرغبة في أي شيء وصعوبة تأدية الواجبات ولا حتى النظر في المرآة قد تكون من علامات الاكتئاب الناتجة من ظروف بيئية في غاية الصعوبة. أنت طبيبة وأعلم من الكثير بعلامات الاكتئاب الأخرى ويستحسن الحديث مع طبيب نفسي وحتى استعمال مضاد للاكتئاب.
هل ارتبكت خطيئة ما لا سامح الله؟
ليس هناك إنسان لا يخطئ والكثير منهم يعترف بخطيئته ويطلب الغفران. الغالبية العظمى منهم يستحقون فرصة ثانية ولكن البعض منهم تتم إدانتهم إلى الأبد من قبل شخص أو جماعة ما.
لا أظنك ارتكبت خطيئة أو حتى خطأ في تواصلك مع شخص عبر عالم الفضاء ولم تتصرفي بصورة غير أخلاقية وما دفعك إلى هذا السلوك شعورك القاتل بالوحدة. إذا كان زوجك لا يقوى على أن يغفر لك فهناك أكثر من تفسير وخاصة أن له تاريخه بعدم مواجهة تهمة تتعلق بسلوكه المهني. فضل الهرب ولم يواجه التحقيق ليثبت براءته وكذب من ادعى عليه وفعل ما يفعله الكثير ادعاء براءة بدون دليل. ربما سلوكه هذا يعكس أزمته الشخصية في الاعتراف بخطأ والحصول على فرصة ثانية وطلب المغفرة. أما معك فهو دوما يبحث عن خطأ أو خطيئة ولا يقوى على إعطائك فرصة ثانية ولا يفهم معنى المغفرة. هذه أزمته الشخصية ومن صميم شخصيته المضطربة.
وهل تملكين الشجاعة لاتخاذ القرار؟
تظهر شجاعة الإنسان في عدة مواقف وأشكال ولكن الذروة هي اعتراف الإنسان بأخطائه وصعوباته وبالتالي البحث عن مساعدة عملية لتجاوزها. اعترفت بكل صراحة عن أزماتك منذ الطفولة وخلال الزواج وكنت صريحة معه حول ضرورة الدخول في علاج كلامي للأزواج ولم يقبل بذلك. أما هو فإنسان ضعيف لا يقوى على الاعتراف بأخطائه ولا يفهم سوى إسقاط اللوم على أم أطفاله وبالتالي ليس لديه حلا لأزمته سوى اتهامك الإصابة باضطراب عقلي. كانت هناك تضحية منك بالتخلي عن طموحك المهني وقبلت بتفسيره عن أزمته المهنية ولكنه لا يملك القدرة على استيعاب تضحيات الآخرين لضعف شخصيته وتأزمها لسبب أو آخر.
لم تكن هناك علامات تبشر بنجاح الزواج حتى من قبل الخطوبة وربما أسرعت أيامها في الزواج منه هربا من بيئة مشحونة بذكريات كئيبة ومؤلمة. حدث ما حدث والحديث اليوم هو عن خطوتك القادمة.
ما هي التوصيات:
1 - تخلصي من الاكتئاب واستعدي لمواجهة الزوج.
2 - عليك بالحديث الصريح معه وتكشفين له كل أوراقك وأوراقه.
3 - يجب عليه أن يفهم تأثير الطلاق على مستقبل الأطفال ولكن عليه أيضا أن يستوعب أن حياة الأطفال في بيت متأزم أسوأ بكثير عليهم وعليك أنت أيضاً.
4 - انصحيه بالتوجه إلى معالج نفسي للتخلص من أزماته النفسية.
5 - بعد ذلك ليس أمامك سوى حل واحد وهو الطلاق وبداية مرحلة جديدة في الحياة.
وفقك الله.
واقرئي أيضا:
الخوف من النبذ Fear of Rejection سيكوباث م1
أم عبد الله والشخصية السيكوباتية
الشخصية السيكوباتية (المستهينة بالمجتمع)
يعني إيه سيكوباتي (2)
نفسي عائلي: قرار الطلاق Divorce Decision
نفسي عائلي: عواقب الطلاق Divorce Consequences