حياتي جحيم أريد حلاً
السلام عليكم، مشكلتي طويلة ولا أعرف من أين أبدأ, ولكن سأحاول أن أسردها باختصار.
أعيش في أسرة غنيَّة، أبي وامي علاقتي بهما مبنية على الخوف. لا أحس بأي حب لهما, وأخاف منهما كثيراً, وأتمني موتهما. أمي شخصية شكاكة, وقاسية القلب. والدي شخصيَّة ضعيفة, تمشي على رأي الناس وأمي, وأمي هي المتحكمة في البيت. ربما بسبب طبيعة عملها في مجال الشرطة. والدي يعمل في مجال العقارات والسياحة ومستقر بعض الشيء في عمله، كلاهما يحب التخويف والترهيب والضرب والشتم.
في الماضي كان كل شيء طبيعي, مع إني تعرضت لضرب كثير وتخويف, ولكن كان للحياة طعم, والحياة جيدة, لكن عندما كبرت اختلفت المعاملة وذقت المُر. تعرضت للضربِ كثيراً والإهانة ومحاولات اغتصاب من أخي الأكبر, وبكيتُ كثيراً ولا زلت أبكي.
أيام العذاب أكثر من أيام السعادة. تعرَّضت للاغتصاب كثيراً في مرحلة الطفولة, ولم أكن أفهم ما حدث معي إلا عندما كبرت. عشت في السنوات الماضية في أرقٍ وخوف من الموت واكتئاب وأتخيل أني سأموت, وغيرها من الأشياء. جربت علاج مع طبيبة نفسيَّة ولم أستمر؛
صنَّفت حالتي بالاكتئاب والقلق الحاد, وكتبت لي أدوية وأخدتها وأصبحت أنامُ كثيراً, ولكن الأفكار كما هي. أخبرت أمي, فقالت لي أنت موهومة وتريدين لفت الأنظار, وأخبرت أبي فقال لي كلنا مرضى, ولا يوجد لدي حل وأنت متهربه من حياتك. لم أجد أهلي في أكثر وقت احتجت فيه إليهم. الآن أتجاهلهم وأكرههم, وأحياناً أحبهم, لكن حب بسيط.
أحببت شاب في الماضي, فكانت حياتي جحيم بسببه, وخدعني ولعب بي ثم أعجبت بشاب آخر في الجامعة ولكن لم يبادلني أيَّ مشاعر, وصُدمت وأحسست أنني غير جميلة مع إني جميلة ولكن القلب له إرادة أخرى. بعد إحساس الرفض, وأنني لست كباقي بنات الجامعة بل أقل منهم, ولا أعرف لما أحساس الدونيَّة هذه, دخلت في عدَّةِ علاقاتِ جنسيَّة خاطئة, وعشت في إلحاد تام ونكران الله ودائماً كنت أسال نفسي لماذا الله قاسي وجعلني أتألم منذ صغري، ماذا فعلت أنا لم أؤذي أي شخص, بل بالعكس أساعد الناس, ولكن عرفت أنه ابتلاء, والمؤمن مصاب ولكن الحمدلله رجعت لله, وتبت والآن مداومة على الصلاة والحجاب الشرعي.
أتوقع المستقبل نفس الشيء مع إنني أدرس جيداً ومستواي متميز جداً وبرغم كل شيء متفوقة. أقمت علاقات خاطئة كثيرة مع عدَّة شاب منهم ابن عمتي, وآخرٌ جار لي ولكن البقية أغلبهم بالنت, وأرسلت صور لجسدي بدون وجهي, وهم أيضاً فعلوا ذلك. كنت أحس بقوة ومتعة وانتقام من أهلي, فتحت الكاميرا عدة مرات ولكن لم أكشف جسدي وللأسف كنت ألبس ملابس مثيرة لكي أثيرهم.
الموضوع مرَّ عليهِ أكثرَ من سنة وقطعت علاقاتي بهولاء الشباب, وأحدهم زميلي في الجامعة, أخاف أن يفضحني. قابلته في سيارته, وقبلني وعندما قطعت علاقتي به، حاول الوصول لرقمي الجديد ووصل لي وأخبرته أن ينسي كل شسء والحمدلله تركني في حالي، ولكني لا زلت خائفة من الفضيحة, أو أن يكون أحدهم سجل ذلك لي ونشرني سواء زميلي أو البقية. كنت أظن أنني سأصبح قويَّة ومتمرِّدَة وكنت أظن أنه من يعصي الله يعيش في سعادة أو هكذا رأيت أو توهَّمت خاطئةً, وكانت العلاقة الأخيرة مع رجل جزائري يعيش في عُمان، وتعرفت عليه من النت, وذهبت قابلته في منزله, ومارست معه الجنس بدون أن أفقد بكارتي.
قررت بعدها قطع علاقتي به وغيرت رقمي ولكن للأسف قبل أن أمارس معه الجنس عرفته على صديق لي من أجل مساعدته على ايجاد عمل جديد لأن لديه مشاكل في عمله وصديقي هذا يعرف عنوان بيتي ولم أرى منه شيء سييء, ولكني أصحبت أشك في كل شيء في هذه الدنيا المؤلمة.
الآن بعد سنة أخاف أنه وأثناء ممارستي الجنس معه أنه صور بكاميرا فيديو أو بموبايل، ذلك مع إني على ما أذكر أني أتيته واتصلت به, وأخذت العنوان وكلها ساعتين أو 3 حتى وصلت له، وهذا وقت غير كافي لتركيب كاميرا، وأتذكر أن موبايله كان على السرير, ولكن من يدري ربما لديه هاتف آخر صور به كل شيء أو كاميرا خفية.
مارست الجنس معه بدون أن أفقد عذريتي, والآن أقول لنفسي إنسي الخوف والقلق, لأن الموضوع منذ سنة, وهذا الشاب لم يهدِّدني بعدها, وحتى لو نشر فيديو لعلاقتنا، الكل يعرف أن هناك برامج فوتوشوب ولدي خوف من صديقي الذي عرفته على الشاب مع أن صديقي لم يقل أيَّ شيء بل كان وما زال يقف معي في مشاكلي وخوفي لأن صديقي يعرف عنوان بيتي.
أاقول ربما يخبر هذا الشاب بعنواني إذا طلب منه, ويرسل لأهلي سي دي أو ينشر علاقتنا علي مواقع أو صفحات في النت والموضوع يوصل لأهلي، والخوف من صديقي كبير, خصوصاً أنَّ صديقي ما يزال يعمل بنفس رقمه, والشاب ما زال في عمان, والآن قطعت علاقتي بصديقي أيضاً.
لكن لدي قلق غير عادي، وضعت سكين في غرفتي لأكون جاهزه للموت, وكل اتصال هاتفي من أمي أو أبي أو أخي الأكبر أتوقعه مصيبة, لا أستطيع الدارسة, وامتحاناتي اقتربت. لدي وساوس وقلق ورهاب من أهلي, وخوف من الفضيحة, وتعب نفسي, وزيادة في الرغبة في الانتحار, وإحساس أنه لا بد أن تحصل مشاكل كالماضي وإن الله سيفضحني انتقاماً مني, ولكني ضحية أم قاسية, وأب ضعيف الشخصيَّة وإهمال، كلَّ همهم كلام الناس.
الآن أبكي كل يوم وألعن الماضي, وأكره نفسي مع إني ضحيَّة لأب وأم غير مسؤولين وأنانيين.
أريد أن أتخطى الماضي, ولكن الماضي لا يريد تركي في حالي.، أريد أن أعيش بشكل طبيعي, وفق ما يرضي الله, ولكن الخوف يطاردني.
25/8/2016
رد المستشار
أهلا وسهلا بك يا ابنتي، ساضطر أن أكون واضحة معك في إجابتي؛ إنك تعانين بشدة، معتمدة في ذلك على ذكائك، وتميزك الذي يراه من حولك في الناحية العملية من حياتك؛ فأنت من خلال سطورك تتحدثين عن اضطراب في الشخصية شهير جدا، مؤلم جدا، يحتاج لجهد، وصبر حتى يتم الشفاء منه؛ ولكن أولا أريد أن أوضح لك أن الإنسان قد يصاب نفسيا بأمراض تصيب جهازه النفسي؛ فتجعله مرتبكا مضطربا ويعالج بجلسات نفسية مناسبة، وبعض الأدوية، وهنا يكون الإنسان مريضا نفسيا، وقد يصاب عضويا منذ تكوينه جنينا، أو خلال حياته؛ فيصاب بأمراض عضوية، أو جينيه تسبب له المرض العقلي، وهنا يتم العلاج من خلال الدواء كأساس لعدم تدهوره، ويساعده بعض الجلسات النفسية؛
أما ما أحدثك عنه؛ فهو ليس مرضا نفسيا كما هو متعارف عليه في كتبنا العلمية، ولا مرضا عقليا كما هو بالضبط فيما درسناه؛ فهو اضطراب في الشخصية يتلاحم مع الشخصية منذ الطفولة ويلتصق بها التصاقا يجعل الشخص ذاته لا يميزه عن نفسه، وكذلك يقع المحيطين به في نفس التصور، فهم يعرفونه هكذا منذ زمن!؛ ومعنى ذلك أن الشخص ذاته الذي التصق به الإضطراب التصاقا قديما لا يميزه لا يصدق أصلا أن لديه اضطرابا يحتاج لعلاج!، وإن -صعب جدا- صدق هذا؛ فسيتطلب هذا منه جهد، وصبر، ووقت، ومال حتى يتخلص بقدر مقبول من هذا الإضطراب.
واضطرابات الشخصية من المساحات طويلة النفس، وللأسف غالبا ما تكون عدة اضطرابات سويا؛ ولكن أوضح ما يكون في سطورك -وستحتاجين بالطبع لتواصل مع متخصص نفسي ماهر ليؤكد ذلك، ويساعدك على تخطي معاناتك- هو وجود أعراض اضطراب الشخصية الحدية، ومنها:
- التأرجح المستمر في استقرار العلاقات، حيث يبدأ صاحب الاضطراب الحدي برؤية الشخص بملائكية ونزاهة، وكمال، ثم رؤيتها في منتهى الحقارة، والدونية بعد فترة (حب/كره).
- الإندفاع والذي يصل لدرجة التهور في أمور لا يندفع فيها الشخص الطبيعي؛ كقيادة السيارات بتهور، الوقوع في إدمانات، علاقات جنسية متكررة، سرقات، شره معين وبشكل معين في تناول الطعام، الخ.
- عدم ثبات الحالة المزاجية؛ فالشخص صاحب الاضطراب الحدي يظل متأرجحا بين السكون، والقلق الشديد، والاكتئاب الحاد، والغضب، بل والهوس كذلك.
- اضطراب يكاد يكون دائم في هويته الذاتيه؛ فلا يثبت لديه صورة لذاته، ولا لأهدافه، ولا لمستقبله، لا يعرف من هو، ولا ما هي قيمه التي ينتمي إليها.
- عدم قدرته على تحمل هجر الناس له سواء حدث ذلك فعليا، أو حتى كان مجرد تخيل يتخيله.
- التهديد بالانتحار، أو التلميح به، أو القيام بالفعل بتصرفات مؤذية في الجسد.
وأذكرك أني حدثتك بوضوح من أجلك أنت، وثقة في عقلك، وفي أن معرفة حالتك ستكون مفيدة لتتمكني من طرق باب العلاج السليم بدلا من التخبط سنوات، وسنوات دون جدوى، والحمد لله أن العلاج ممكنا، وأوصيك أن تبحثي عمن يعالج بطريقة العلاج الجدلي السلوكي؛ فقد أثبت مؤخرا تقدما ملحوظا جدا جدا في علاج اضطراب الشخصية الحدية على مستوى التدريب السلوكي، والمهارات الحياتية، وضبط الانفعالات، خلال ستة أشهر، ويمكنك قراءة المزيد عن الاضطراب؛ لتتعرفي على أعراضه أكثر، وعلى طرق علاجه، وأسبابه؛ لتتفهمي جيدا ما تمرين به، لتتمكني أخيرا من مد يدك لنفسك بصدق، أسأل الله تعالى أن يعينك، ويديم عليك العافية، وراحة النفس.
واقرأ أيضاً:
شخصية حدية : مراقبة الحدود
شخصية حدية + قلق + اكتئاب
مغناطيس للمصائب : شخصية حدية
حالتي الصحية والنفسية اضطراب الشخصية الحدية