السلام عليكم،
أنا عندي 16 سنة، ولا أعاني من أي مشاكل اجتماعية، أسرتي أسرة جيدة، وأعيش حياة أسرية جيدة، وسط أبٍ وأمٍ بيحبوا بعض، وولدين وبنت، لكن حالياً أعيش وحدي مع أهلي، بعد ما إخوتي سافروا للكلية في بلدٍ آخر. الموضوع إني دائماً مكتئبة ولا أعرف السبب.. ومن فترة سألت نفسي إن كنت مثلية أم لا، لا أعرف لماذا سألت هذا السؤال، ولماذا الآن.. وبدأت أفكر في طفولتي، وكيف كانت. لأفهم وأنا صغيرة كنت أظن نفسي عندما أكبر سأكون ولداً، ولم يخطر ببالي العكس، ولكن صدمت عندما كبرت ووجدت نفسي بنت، وقضيت حوالي سنة ونصف أحاول أن أخفي الجزء العلوي من جسدي بطرق مؤلمة لظهري وجسمي، ولكن كنت أرتاح عندما لا يظهر هذا الجزء مني.
أمي اكتشفت وعنفتني، وقالت لي أنت تشوهين جسدك، فتوقفت ولا أعرف لماذا كنت أفعل ذلك، ولكن كنت غالباً أبكي لأمي إني أشبه البنات، وكنت أسالها إن كان لديها الاختيار فستختار أن تكون ولد أم بنت، وكنت أشعر أن امي غبية جداً عندما تقول إنها تريد أن تكون بنت، ولكن قبل ذلك أنا كنت لا ألعب كثيراً مع البنات وإن كنت أمتلك العديد من الأصدقاء، لكن كانت صداقة أقرب إلى الزمالة، ولكن كنت أفضل اللعب مع أخي، لدرجة إني كنت أستجديه لإن يلعب معي، ويرضى أن يجعلني ألعب بدبابته أو مسدساته أو نلعب بالكرة، في حين كنت أرمي بعرائسي، فكانت سخيفة جداً، وكل شسء فيها أكرهه، كنت أشعر بعدم أهميتها وسخافتها، حتى في لونها البمبي السخيف. كما إني في بداية طفولتي كان هناك ولد في سني وجاري ومعي في الفصل، وكنا أصدقاء كنت أقلده في كل شيء، في طريقة كلامه، تعامله، حركاته، مشيته، وهكذا.
ولكن هناك بعض الأشياء التي أعتقد أنها مهمَّة بمكان أنا لمرة واحدة في حياتي أردت أن أقلد فيها بنت، وكانت ممثلة، وطلبت من أمي إحضار عروسة ليَّ، لأنها كانت دائما تمسك بواحدة، وقضيت حوالي إسبوعين أغصب على نفسي، وقد أكون استمتعت بعض الشيء بمداعبتها، وتقليد طريقة البنات وهكذا، ولكن في الآخر ألقيت بها، واستسخفت نفسي، ولم أفعل ذلك مرة أخرى.
شيءٌ آخر، أخي الثاني غير أخي الذي كان يلعب معي، كان يكرهني بطريقة غير مفهومة، كان يعنفني ويضايقني دون سبب، ومنعني من اللعب، وأنا حوالي تسع سنين غصبني على الحجاب، وكنت لا أعتبره أخي، وكانت أمي مرة تضحك وتسخر من الموضوع، وتنهي الكلام بالأخ الكبير يفعل هكذا ولكن أخي بعد فترة أصبح شخص مختلف تماماً، وكان يكلمني كثيراً ويكرر كلمة أحبك في كلامه، ويرسلي كتب لأقرأها، بعد ما كان متحكم بأغلب حياتي، وهو أيضاً كنت أقلده فأنا أعتبر أي ولد مدخل لأن أعيش في عالمهم.
نعود للنقطة الأولى في بدايات المراهقة كانت البنات في الفصل تحب الولد المتفوق الوسيم وهكذا، وأنا كنت أقلده، فكنت أشعر أنهم يمتلكون كل شيء. كنت أراقبهم وهم يلعبون، كنت أريد أن أكون معهم، كنت أحب طريقة كلامهم، كنت لا أفهم ماذا يريدون غير ذلك، فلذلك لم أحب أي ولد حب بنت لولد، وكنت دائماً أكرر أني لن أتزوج عندما أكبر، فأنا كنت لا أفهم لماذا أقول هذا، رغم أني في وقتها لا أعرف ماذا تعني.
هذا العام بدأت ألاحظ البنات لأول مرة تقريباً، ولم أفكر أني لا أختلف عنهم، ولكن شيء دائماً كان ضائعاً، فأنا أرسم منذ طفولتي، وشعرت أنهم شيء جميل للرسم ورقيق، لكن هش ومع احترامي كنت أشعر بسخافة متصله فيهم، آمالهم محدودة ومواضيعهم هواياتهم وكلامهم كله كان سخيفاً، ولكن أنا كنت أشعر بعدم وجودهم. أنا أحب القراءة جداً، بحثت عنهم في التاريخ والفلسفة والعلم، لم أجد المرأة أو على الأقل لم يكن لها حضور واضح.
كنت أفكر أن سيطرة الرجل هي السبب، ولكن كنت أرى التاريخ مليء بثورات العبيد، أما النساء لا.. فهم يحبون هذه الحياة، فبدأت أشعر أن البلاد متأصلة فيهم، ولكن دائماً كنت أجلُّ المرأة القوية أو المتعلمة، ولكن كنت أشعر بنظرة ذكورية، أنا دائماً أتكلم مع نفسي بصوت عالي أحياناً، وبدأت أعيش في خيالي على أني ولد، مع تقمص هذا الدور يبدأ احتقار غريب للمرأة، ولا أعرف لماذا.
بعد فترة في شكي بأني مثليَّة كان اهتمامي للأولاد يزيد، كنت قبل أن أعرف معنى المثلية بين الأولاد، كنت أحب شكل الأصدقاء الأولاد، وخاصة عندما يحبوا بعض، وأقصد الحب البريء، ولكن يوماً شاهدت مشهد بغير قصد بين المثليين الذكور، لم أفهم في البداية لكن استوعبت في الآخر، لم أستطع أن أنسى هذا، وكنت أحاول أن أقنع نفسي أن هذا مقزز وسيء، لكن شيء ما داخلي كان يعتبره جميل، بعد فترة من التشكك إن كنت ولد أم بنت، ولو بنت مثلية أم لا، شعرت برغبة إني أريد أن أشاهد هذا المشهد كاملاً، وفعلت وشعرت أني فعلاً ولد.
أنا أريد أن أكون ولد، أصبح الموضوح أوضح.. بعد فترة أنا أفكر في الأولاد كولد مثلي، أنا لم أستطع أن أتخيل نفسي متزوجة بولد كبنت، ولكن أستطيع أن أتصور نفسي متزوج بولد كولد، وأنا أقوم بدور الولد في الحياة الزوجيَّة، وبدأ الموضوح يتضح بالنسبه للبنات، هم شيء سأرسمه ولا شيء آخر.
لما أنظر للأولاد لا أشعر بفرق، وأشعر برغبة أن أكون فعلياً ولد، أن أكون معهم، وأدخل في حالة اكتئاب، عندما أتذكر أني بنت وأبدأ في البكاء، أما البنت فأشعر أني أريد أن أبتسم قليلاً من سخافتها وطيشها ومرحها، ولكن لا أشعر بأني أستطيع أن أكون هذا يوماً ما.
المهم أنا أشاهد أفلام للمثليين، ولكن قصص حب كاملة وليس الأمر جنسي بحت، وأنا دائماً كنت أحلم أن أحضر دكتوراه في الفيزياء والأحياء، وفي دماغي مشاريع في هذه المجالات، أريد أن أحققها بجانب أني أريد أن أحقق شيء في الفن والسياسة، فأنا أريد أن أدرس كل شيء، ومن أنا صغيرة كنت أعتبر دافنشي والاسكندر هم مثلي الأعلى، ويوماً أختي قالت إنَّ المثليين يدمروا بعض، فهم لا يفكروا إلا في العلاقات، فكنت أبحث عنهم في التاريخ، وكنت في سعادة غير عادية لما عرفت أن الاسكندر ودافنشى كانوا مثليين، وشعرت أن كل المشاكل حلت، وبدأت أحلم أني ولد في قصة حب مع آخر، أنا أحقق أحلامي هو شخصية ناجحة وأنا الشخص المثالي الرياضي العظيم، وهكذا طبعاً هذا شيء مثير للشفقه لأني من البداية بنت، ولن أفعل أي من هذا، لن أستطيع أن ألبس مثل الأولاد، فالمجتمع يمنعني.
أنا ألعب رياضة وأعشقها، وأنا صغيرة كان شخصية الكرتون المفضلة لي طرزان فأنا دائماً كنت أريد أن يكون لدي عضلات مثله، وأحب حريته وطريقة عيشه، لدرجة إني كنت أحلم وأنا نائمه إني هو.. أو أفعل مثله، ولكن هذا أيضا غير مسموح.
أنا أعيش في اكتئاب، ألبس ملابس أولاد في البيت وخارجه، ألبس ما هو بين بين. أشعر بعدم إدراكي لنفسي، لا أفهم من أنا ولا أستطيع أن أتوقف عن هذه الأفلام، لا أستطيع أن أكون ولداً ولا بنتاً، وأنا أكره أن أكون في المنتصف، لا أريد أن أكلم أهلي، لا أريد أن أصدمهم بي أو أشعرهم بالعار، كما إني أشعر بالشفقه تجاههم، فهم يسألوني دائما ماذا بي. لا أستطيع أن أركز في مذاكرتي لو هناك حل هكون شاكرة، لكن بعيداً عن أهلي،
وأنا بالمناسبة فكرت أن أكلم إخوتي، ولكن هم ما زالوا يدرسون في كلية الطب، فلا أعتقد معهم الحل
كما إني أخاف من المواجهة شكراً.
2/9/2016
رد المستشار
منذ سنوات وأنتِ تصارعين التناقض الحاصل بين هويتك وشكل جسمك الخارجي، والحقيقة أنني أقدر معاناتك جداً، وأشعر بمرارة وألم ما يحدث بداخلك، ولقد آن الأوان لمواجهة هذا التناقض والصراع العميق بشكل صحي، وعلمي؛ وسأبدأ بالعلمي.
فمعاناتك تعرف علمياً باضطراب الهوية الجنسية؛ أي من أكون كجنس من الناحية النفسية، وإحساسي بذاتي؟؛ وحين نولد جميعاً نولد بهوية جنسية تحتاج من الأبوين أن يأكدوا عليها نفسياً، ويتم التدريب عليها من خلال الحديث معنا، وملابسنا، وطريقة تعاملنا، واختياراتنا، ولعبنا، وألعابنا؛ فيحدث ما يعرف باسم "تأكيد الهوية الجنسية" فيتأكد ويتناغم كل جنس مع جنسه؛ فيتناغم الذكر مع ذكورته، وتتناغم الأنثى مع أنوثتها، وبمرور الوقت يدخل كل منهما في تفاصيل عالمه بمرافقة أحد والديه عن قرب في العالم الذي ينتمي إليه؛ فيدخل الولد مع أبوه وبمساعدته عالم الرجولة، وكذلك البنت.
وكل جنس له طبيعته، وتميزه، وفخره بكونه ينتمي لهذا الجنس، ولكن بسبب وجود بعض التفاعلات التي تحدث بين أفراد الأسرة عن وعي، أو جهل، أو غباء، أو غيره.. يصل للفتاة بأن الأنوثة ضعفاً، أو عاراً، أو دونية مثلاً من خلال تصرفات، أو رغبة دفينة عند أحد الوالدين في تحقيق ذكورة في بنت، أو العكس؛ كأن يخاف مثلاً الأب على بنته من عدم الاستقامة فيصور له عقله الجاهل أن يتركها وسط ذكور، حتى لا تتشبع بالأنوثة التي قد تؤذي بنته من وجهة نظره، وهي في الحقيقة مشكلته هو لا ابنته.
أو تتأثر العلاقة بين البنت ووالدتها تأثراً سلبياً لأسباب عديدة فتجعل البنت تكره كونها أنثى، والحقيقة هي ألمها من علاقة غير صحية مع أمها، والأمثلة كثيرة جداً، ولا مجال لسردها جميعا هنا، ولكن في نهاية المطاف هو اضطراب نفسي بجدارة، ولا صحة للحديث حول هرمونات وصلت أثناء الحمل للطفل فجعلته مخ ذكر رغم وجود جسد كامل الأنوثة!؛ فهذه أكاذيب غريبة خبيثة لا أكثر صدقاً وبشكل علمي تماماً، فأول ما عليك الوقوف عليه هو أنك في حقيقة الأمر تعانين من اضطراب في الهوية الجنسية جعلتك تقعين في هذا الصراع المرير.
أنت تقومين تماماً كما تحدث الكتاب عن طبيعة الاضطراب من رفض شديد لنوع الجنس وتحقيره، والرغبة في تشويه الجسد الذي يتم رفضه... إلخ!.
بقي أن أحدثك عن المواجهة الصحية؛ لأن ما تفعلينه مع نفسك ليس مواجهة، أو تواجهينها أحيانا بطرق مؤذية لن توصلك لشيء إلا المزيد من الألم؛ فالمواجهة الصحية هي التوجه لمعالج نفسي الآن وليس غدا؛ ليعينك على تناغم هويتك مع جنسك، والأمانة تقتضي مني أن أقول لك أن المعالج سيكتشف وجود اضطراب هوية جنسية خالصة، أم هي عرض لاضطراب أصلي في مرض آخر، وسيتمكن إن كان "ماهراً أمينا" أن يحدد بعدة فحوصات يطلبها من إقصاء، أو عدم إقصاء احتياجك الفعلي لما يعرف بالتحول الجنسي والذي يحتاج لأدلة معملية خالصة لإثباته، والذي بصدق لم أرى ممن تحولوا إلا مسوخاً معذبين.
فلتتوكلي على الله وتبدأي رحلة التناغم مع حقيقة هويتك التي تناقضت لسبب، أو آخر؛ ولتحمي نفسك من مزيد من العذاب، والصراع، فأنت تحتاجين أن تلملمي شجاعتك لتواجهي معضلة حياتك.
هيا ابدأي وتابعينا فنحن هنا من أجلك.
واقرئي أيضًا:
خلل الهوية الجنسية Gender Disorders