جلد الذات أرهقني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أنا فتاة عمري 23 سنة طالبة جامعية على مشارف التخرج بإذن الله، والحمد لله مستواي الدراسي جيد جداً وأحب تخصصي كثيراً. في البداية أنا أعاني من العديد من المشاكل، أولها عدم الثقة في نفسي أشعر بعدم الرضى عن ذاتي أو عن شخصيتي أو عن تفكيري، وكثيرة اللوم لذاتي بمعنى أصح أنني أجلد ذاتي وأحاسبها كثيراً حتى على أدنى التصرفات أو الكلمات اللتي أنطق بها.
أهتم كثيراً لمشاعر الناس وأحرص على رضاهم لا أحب أن يحمل أحدهم شعور سيء نحوي أو أن يتضايق بسببي فتجدني مسرعة للاعتذار لكن بالمقابل لا أرى مراعاتهم لمشاعري، وكثيراً ما ألقى التجريح منهم. أجامل كثيراً ولو على حساب نفسي. أشعر بأن بعض الناس بدأوا باستغلال طيبتي، وللأسف الشديد أنهم من أقرب الناس لي. أجبر على مسايرة كثيراً من الأمور وهي لا ترضيني وأفعلها مجبرة فقط من أجل خاطر ومعزة من أحبهم.
وأشعر بأني انعدمت ثقتي بالكثير فبُت أشك في أقوال الناس ونظراتهم أشعر بالراحة في العزلة رغم أني اجتماعية. أشعر بأني مشتتة من الداخل وكثيراً ما أحس بالتناقض في شخصيتي وفي تفكيري فأنا مثل ما أخبرتكم بأني شبه انعدمت ثقتي بالناس أشعر بأني كثيرة الشكوى والتذمر وأتحدث أحياناً بأشياء لا أرغب بأن أفصح عنها وهي بالغالب عن عيوب في شخصيتي.
أيضاً لدي مشكلة تؤرقني وتسبب في ألم في نفسي غالباً وإن كنت متضايقة من إنسان لا أستطيع البوح له عن ماضايقني به خوفاً من أن أجرحه فتجدني أتجاهل الحديث معه أو أنسحب من علاقتي معه أو لا واضح ما بنفسي لأني أيضاً أخشى من أن أقول مابخاطري ويقوم الشخص بقول مابخاطره لي ويجرحني أو يقول كلمة هي عابرة لديه لكنها تبقى في عقلي كثيراً ومن الممكن أن أبكي لوقت طويل.
أنا أعلم بأن هذا التصرف خاطئ بأن يشعروا الناس بأني إنسانة متقلبة ومزاجية أو لا أملك الإحساس، رغم أني أتقطع ألماً من الداخل وأشعر بالحزن الكبير إذا قرأت مثلاً كتابات هذا الشخص مثلاً في تويتر أو في الواتس آب خصوصاً بعد موقفي أو بعد تجاهلي أو أن أجعل علاقتي معه رسمية. لا أستطيع البوح وإخباره عن ما يضايقني خوفاً من خسرانه، وأنا أعلم يقيناً بأن طريقتي هذه تجعلني أخسر الناس، لكن أن يغادرني أحدهم وهو لا يعلم عن ماتكنه نفسي من عتب عليه أخف على نفسي بكثير من أن يغادرني وهو مجروح أو يعلم؛
ولأني قد جربت هذه الطريقة مسبقاً مع أحدهم وأخبرته حقيقة عن مايضايقني وأصبحت أنعت بالحقودة، والمؤلم أن من قالها لي هي أقرب إنسانة لقلبي. فأصبحت أتحاشى الحديث عن ما يضايقني وأجد بأن الانسحاب هو أسلم حل لدي. وأيضاً قبل شهرين أو شهر ونصف تقريباً حدثت لي مشكلة تقريباً هزتني وهي أكثر ما أثر في وزاد الأمر سوءاً. منذ شهر ونصف أو شهرين تقريباً والحمد لله على قضائه وقدره تعرضت للإصابة بالعين من شخص حاسد متعمد.
المهم في وقتها كانت إصابة العين عندي صابت منطقة العقل بمعنى أن الشخص الذي حسدني كان متعمد الحسد لي على ذكائي. المهم أنني أخذت أثره وشفيت ولله الحمد لكن، في وقت إصابتي بالعين كنت لم أكن في وعيي بمعنى أصح كانت تأتيني مخاوف والآلام، لكن ما أحزنني جداً في وقتها كنت أدرس صيفي وكنت شبه نافرة من الدراسة وسألوني بوقتها قريبات لي في زيارة لهم، عن كم متبقي لي من الدراسة فأجبت بأنه بقي لي فصل دارسي وكنت بوقتها كارهة الدراسة وهم لديهم ابنة في نفس عمري وهي متخرجة وموظفة بارك الله لها.
لكن هم فهموها بأني حاسدة ابنتهم لأنها متخرجة وموظفة بينما أنا لازلت أدرس وهم لا يعلمون بأني في ذلك الوقت بأني أنا هي المصابة بالعين ولأنهم في بعض الأوقات قاموا برمي كلام علي بأني حسودة وغيره، وهذه ابنتهم بدت بالنفور مني. وأنا ابنتهم هذه يشهد الله أني أحبها ولا أتمنى لها إلا الخير وطبعاً بوقت إصابتي بالعين لم أخبر أحد من أقاربي لكن كان واضحاً علي لأني كانت تأتيني حالة صمت غريبة ولأني غالباً كثيرة الكلام فأعتقد بأنه كان واضح علي.
هذا موضوع قد انتهى والحمد لله على قضائه وقدره، لكن الآن أنا كارهة للاجتماعات العائلية لأني أخشى بأن يرمون كلمة علي ولا أستطيع الرد عليهم وبصراحة أنا حين يرمي أحدهم كلمة علي في وقتها أتجمد ولا أستطيع الرد، لكن ما أن أعود بمنزلنا حتى أبدأ في لوم نفسي لماذا لم أرد لماذا لم أوقفهم عند حدهم. هذا شيء مؤلم حقاً أنا لست ضعيفة بل على العكس في بيتنا تظهر شخصية أخرى أكون عصبية ولا أحتمل كلمة من إخوتي وانفجر في وجههم، وهذا شيء يؤلمني لأني أراعي مشاعر الناس الآخرين وإخوتي أنفجر بوجوهم لكني سرعان ما أبادر بالاعتذار منهم.
أنا قلبي طيب وأعلم هذا ودموعي قريبة وسريعة النزول، أكتم بقلبي الكثير لكني أيضاً كثيرة الشكوى والتذمر وهذا أظنه منفر كثيرين من حولي، أنا لا يوجد لدي صديقة مقربة أرغب بالتواصل مع صديقاتي لكن أخاف أن أكون ثقيله عليهم. حقاً بدأت أكره حياتي. أنا رغم أني اجتماعية وأحب أن أكون مع ناس بسطاء ومتواضعين إلا أنني الآن بدأت أتحاشى الاجتماعات، وأنا لا أرغب بأن أكون منغلقة على ذاتي حقاً أرغب بالتغيير لأنني تعبت حقاً.
تفكيري أصبح سلبي وبدأت الآن أسترجع كل ما حدث وماكنت أمر به في وقت إصابتي بالعين، ولأنني في وقتها تعرضت للظلم من شخصٍ ما ولم أستطع أن آخذ حقي ولم أستطع مسامحته، لكن أحس بغصة في حلقي وفي قلبي لأني ظلمت وحسبي الله ونعم الوكيل، وشعور أن تكون مظلوم مؤلم جداً، وأيضاً ألوم نفسي لأني لم أستطع الدفاع عن نفسي وعن الظلم الذي وقع بي، لكني في بعض الأوقات ألتمس العذر لذاتي وأقول بأن إصابة العين كانت مؤثرة علي وأني لم أكن في وعيي وقتها. أقول هذا الكلام فقط لأريح نفسي وأذكرها بأني لن ألتقي بمن ظلمني مرة أخرى.
وأيضاً أثق بأن الله هو من يستطيع أن يأخذ لي حقي، لكني أشعر بالمرارة لأني لم أدافع عن نفسي بوقتها وأنكر الاتهامات الظالمة التي وجهت لي. أرغب بالنسيان أرغب بأن أتغير بأن يمر يومي بدون أي منغصات وبدون ذكريات مريرة. أريد أن أهتم لذاتي قبل الآخرين.
حقاً أرغب بالتغيير وأن تكون حياتي أفضل وتفكيري يصبح إيجابي، أرغب بأن أنسى كل شيء مضى.
أرجو أن ترشدوني للطريق الصحيح.
24/9/2016
رد المستشار
أيتها السائلة الكريمة؛
أشكرك على استخدامك للموقع وثقتك به وأتمنى أن تساعدك كلماتي لاكتشاف ذاتك أكثر وأكثر فهي بداية الطريق نحو التخلص من آلامك. لفهم حالتك علي أن أقول بداية إنه لديك منظومة عاطفية شديدة الحساسية والتفاعلية مقارنة بالكثيرين لكن بوجهها السلبي.
نسمي جلد الذات بلغة علم النفس Turning against the self وهو نوع من الحيل الدفاعية التي يفترض أن تحمي بها الذات نفسها من القلق أو الدوافع العنيفة داخلها. بمعنى آخر هي عملية إزاحة للمشاعر السلبية من غضب وعنف تعتقدين أنه من غير المناسب أن يتوجه إلى بعض الأشخاص، فتزيحين هذه المشاعر السلبية نحو نفسك أنت وذاتك أنت، فتصبحين ناقدا داخليا لما تشعرين به من غضب تجاه الناس وتستسهلين أن تكوني أنت المذنبة في حقهم لو آذوك لأنك تخشين فقدهم أو إيذاءهم نفسيا.
نعم أنت لا تستطيعين الدفاع عن نفسك وعن ذاتك في مواجهة هذه الدنيا لأنه من الأسهل عليك ألا تفعلي. أنت من تكتوين بنار الضيق والغضب الذي تخافين من إعلانه لأولئك الناس الذين تسببوا لك فيه، وفي النهاية تشعرين بالإحباط والضعف وبأنك هشة نفسيا. مشاعر جد سخيفة ومؤلمة لكنك لا تستطيعين أن تتغيري أو تتخلصي منها.
السبب هو عدم قدرتك على التعبير عن نفسك بثقة أو اعتمادك عاطفيا على الآخرين مما يغريهم باستغلالك، أو على الأقل فإن صمتك لا يلفت نظرهم إلى معاناتك وبالتالي لا تكسبين أيا من تفهمهم لطبيعتك ومشاعرك أو تعاطفهم مع ألمك الذي هم سببه.
جلد الذات كما أسميتيه هو جزء مهم من الدائرة الاكتئابية التي قد تكونين معرضة لها كما استطعت أستشف من بين سطورك.
أنت بحاجة للمختصين وبحاجة إلى جلسات علاج نفسي للتغلب على هذه الحيلة الدفاعية وإخفاقك في إدارة الخلافات في علاقاتك البيشخصية. أما حديثك عن العين فأنا لا أستطيع إفادتك فيه لكن واجبي يدفعني لتحذيرك من تفسير كل نازلة وكل مشكلة تتعرضين لها بالعين وخلافه لأن هذا السلوك وإن أراحك قليلا وقدم لك تفسيرا سهلا لما استعصى عليك فهمه، فإنه سيمنعك من النظر بعقلانية وحكمة لحالتك ووضع يديك على مواطن القصور في ذاتك.
أسأل الله لك الراحة والتوفيق، عليك بالذهاب للمعالج النفسي وتابعينا بأخبارك.
واقرئي أيضًا:
تأكيد الذات
جلد الذات عقدة أم قفص؟.. م
إذلال الذات أم جلد الذات؟ ولمَ؟ ،م