هل سيستجيب الله لدعائي
السلام عليكم؛
لا أعرف لماذا رغم خوفي من الموت إلا أني أجد نفسي أدعو عليها بالموت وكأني أحقد على نفسي أو أعاقبها. تذكرت لما خالي الله يرحمه قال لجدي كلاما غير لائق فلما غضب جدي قال له خالي الله يأخذني إن قلت لك هذا الكلام وبقيت الكلمات محفورة في عقلي لأنه بعدها مات؛
ففي مرة كنت أطل من الشرفة بملابس النوم عارية اليدين فقلت لو رآني ذلك الشخص الله يأخذني ولكني لما كنت سأدخل رآني شخص آخر وحزنت جدا فقلت يا ربي لا تأخذني لن أخرج هكذا مرة أخرى سألبس شيء ساتر، وتذكرت أن عرس أخو زوجي قريب والذي سيكون فيه كاميرات وخفت أن يرى أخو زوجي الفيلم ويراني متزينة ولا أستطيع أن لا أتزين وألبس للعرس فهذا سيصيبني بأذى نفسي بالغ وخاصة أني عروس منذ عامين أي مازلت جديدة الكل سينظر.
المهم كنت سعيدة أحضر للعرس وفجأة انقلبت حزينة لا أعرف ماذا أفعل هل أختبئ من الكميرات وهذا مستحيل أم أخبر زوجته أن لا تتركه يتفرج على الفيلم أم أنا لا ذنب ولا دخل لي لأني لست أنا من ذهب إليه متزينة ومتبرجة هو من فعل شيء غير لائق، أم هي وساوس لا أكثر ولا أقل.
29/9/2016
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا سنيورة؛
اعتاد بعض الناس أن يدعو على نفسه بالموت، أو بمرض ما، عندما يغضب من نفسه أو من غيره، أو يريد تأكيد أمرٍ ما، ونحو هذا...، وبعضهم يلعن نفسه، أو والده... وفنون الدعاء والشتائم كثيرة!!
وهذا العمل منهيٌ عنه شرعًا، ففي الحديث الصحيح: ((لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ))، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: ((لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ)). والحديثان رواهما الإمام مسلم في صحيحه.
فالباب الذي أدخلت نفسك فيه منهي عنه بالأصل، (والباب الذي يأتيك منه الريح... سده واستريح)!! أعلنيها توبة عن الدعاء على نفسك من اليوم، فهو لن يزيدك قربًا من الله تعالى، ولن يبرئك من ذنب اقترفتيه ولن يكون سببًا في غفرانه.
هذا أولًا، وثانيًا: لا يشترط أن يستجاب لك أبدًا، ربما يوافق دعاؤك ساعة استجابة، لكن الله تعالى أكرم من أن يهلك عباده بهذا، وهو أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، قال تعالى: ((وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)) [يونس:10]. وفي هذه الآية يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده، أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب، ولو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك، لأجل الأحاديث التي ذكرتها لك.
وحالة خالك ليست عبرة، فلعلها صادفت ساعة استجابة، ولعلها بتأمين من جدك، وعلى كل حال، ساعة أجله حانت!!
الدعوة بالموت -في الحقيقة- تحصيل حاصل!!! لأنها ستكون مستجابة أولًا وآخرًا، وكلنا سنموت، لكن التوقيت ليس لنا!!! دعوتِ بالموت أم لم تدعي، حددت لموتك موعدًا في دعائك أم لم تحددي، الموت سيقع، ولكن في الوقت الذي قدره الله لك لا في الوقت الذي تريدينه.
ورحم الله الشاعر القائل:
أي يومين من الموت أفرّ؟ يومَ لا يُقْدر؟ أم يومَ قدر؟
يوم لا يُقدر لا أرهبه! ومن المقدور لا يغني الحذر!!
اليوم الذي لا يقدر فيه الموت لا تخافين من الموت، واليوم الذي قدر فيه، لن تستطيعي الهرب، ولا داعي للتفكير فيه ولا للخوف، فلن يغني عنك هذا شيئًا، وانتظار الموت، موتٌ قبل الموت!! أخفى الله عنا ساعة موتنا لنسارع في الخيرات ونعد له العدة، لا لنتيبس في مكاننا خائفين ننتظره!
وعليه فمشكلة حضورك العرس لا تكمن في خوفك من استجابة دعائك بالموت على نفسك؛ وإنما في ظهورك أمام الكاميرات بكامل زينتك. لا شك ولا ريب أنه لا يحل للنساء ما يفعلنه من التعري أمام كاميرا تصورهنّ، قال عليه الصلاة والسلام: ((أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت سترها بينها وبين الله)). وهذا أفظع من خمس دقائق تخرجين بها إلى الشرفة بغير حجاب، فيراك رجال الشارع!! إن رآك رجل، وأمعن النظر، لن يتجاوز الأمر النظر الآني، إن استغفرت أنت وتبت، تاب الله عليك وكأن شيئًا لم يكن، ويبقى الوزر عليه أن لم يغض بصره إلا إن استغفر وتاب. لكن هنا: الصورة مخزونة... تنتشر، وإن بغير قصد، إن صادفت يد فاسق أعاد وكرر وأمعن النظر، وبعّد وقرّب، واقتص وزوّر وفعل الأفاعيل بهذه الصورة، وباعتبارك انكشفت بإرادتك أمام الكاميرا، فلن تسلمي من الوزر.
عليك أن تكوني صريحة مع نفسك ومع زوجك، أما مع نفسك، فلن يكون تأذيك من الحفاظ على اللباس الساتر بقدر ألم الضمير إن لم تحافظي، ولا بقدر الحسرة، ثم العقوبة إن لم تعاجلي بالتوبة، حتى بعد التوبة سوف يبقى الأمر يعصر قلبك إذ الصورة ما زالت موجودة. ورب شهوة ساعة أعقبت ندمًا كثيرًا. ولا يعني اللباس الساتر أن تلبسي السواد وتلتحفي به! يمكنك اختيار ثوب ساتر جميل، وأنيق، مع تخفيف زينة الوجه، ولبس الحجاب وانتهى الموضوع...؛
ولتنظر النساء بعد ذلك إليك، ولترى فيك صاحبة الشخصية القوية الملتزمة، التي تضع عقلها وطاعة ربها قبل هواها وطاعة الناس، سَيَرَيْنَ فيك جمال روحك حينئذ،... تخافين ألا يعجبهن؟! نحن نساء ونعرف بعضنا...، من هذه التي تسلم من ألسنة النساء الطويلة في الحفلات؟ وربما تلبسين وتبدين كالأميرات، ثم تخرج إحداهن تلطم خدها وتندب حظ زوجك لأنه تزوج هذه (.....)، أليس تفعل حمقاوات النساء هذا أم لا؟؟؟؟ إذن علام تحرصين على إرضائهن؟ الحمقاء هكذا تفعل، والعاقلة لن تعيب عليك.
وأما مع زوجك، فلا أظنه –إن كان رجلًا طبيعيًا- يرضى أن تظهر زوجته بزينتها أمام أخيه أو أحد من الرجال...، حاوريه بلطف، وقولي له: ماذا سأفعل بالكاميرا؟ لا أنا ولا أنت نرضى أن تبقى صورتي وأنا متزينة في يد آخرين...، وكل امرأة إن أرادت شيئًا من زوجها، تعرف كيف تقنعه.
قد يقول لك: إنه لن يكون سوى عند أخي، ولن ينظر، ووو...، وما رأيك أن عروسين عندنا، ذهبا إلى شهر العسل ومعهما فيلم عرسهما، وفي الطريق، شاء الله أن يقع حادث سير معهما، وسقط الفيلم من السيارة وضاع...، وبعد فترة شاهد أحد أقربائهما الفيلم يعرض في ألمانيا في أحد الأماكن على أنه مثال لحفلات الأعراس الشرقية!!!!
لدي قصص كثيرة حول هذا، واللبيب تكفيه الإشارة.
وعودٌ على بدء، إياك أن تخافي الموت، ولكن أعدي له العدة المناسبة، واحفظي لسانك من الدعاء على نفسك... وفقك الله وأعانك.