مأساة
تحية طيبة وبعد؛ أتمنى أن لا أجد لديكم الردود الجاهزة التي أسمعها منذ أن بدأت مشكلتي من أربعة سنوات، وأن تتيحوا لي الفرصة الفعلية لعرض مشكلتي ومناقشتها بشفافية وأعتذر مقدما عن الإطالة.
أنا كنت شخصية ناجحة إلى حد كبير في حياتي وكنت مضرب الأمثال في الالتزام والدقة والكفاح وبذل الجهد والتحمل، ولأني اكتسبت خبرة في فرع حديث إلى حد ما من التحاليل الطبية، وجدت فرصة للسفر مرتين إلى دولتين خليجيتين، كنت أعمل في آخرهما في المستشفى الملكي الذي تديره وزارة الدفاع. وبعد العمل معهم لخمسة سنوات بدون أي مشاكل تذكر، تم تجديد تعاقدي معهم مرتين وفي كل مرة كنت أحصل على تقدير امتياز في تقاريري الشخصية، وهو ما جعلهم يرفعوا من المزايا التي كنت أنالها في كل مرة.
وفي العام السادس التحقت بالعمل في نفس المعمل الذي كنت أديره من الألف إلى الياء بكفاءة ودون شكوى واحدة لخمسة سنوات، زميلة من عائلة كبيرة في هذه الدولة وعائلتها تسيطر بشكل كبير على مراكز حساسة وغير حساسة في هذه الوزارة، ومنذ اليوم الأول للعمل كانت تعرب بشكل صريح عن احتقارها للمصريين وتفتخر في كل مناسبة بأصولها وتتحدث من منطلق أنها مالك المكان وليس متدربة عندي على الرغم من فارق السن والخبرة الكبيرة بيننا؛
والحقيقة أنني لم أكن أسمح بأي تجاوز بهذا الشأن على اعتبار أني كنت مؤمنة أن الأرزاق بيد الله وأن العمل هنا أو هناك سيان، وبدأت هذه الزميلة في الشكوى من كل ما أفعله وما لا أفعله، إذا طلبت منها أن تقوم بمهمة في المعمل تتململ وإذا قمت أنا بالمهام وتركتها تعمل ما تريد شكتني إلى إدارة المستشفى ورئيسة القسم وقالت أنني لا أريدها أن تتعلم، وعندما عرفت أني أكتب مقالات سياسية في بعض المواقع والصحف الإلكترونية أشاعت عني أني مع الثورات العربية وأني أدعم الثورة ضد حكومة بلادها.
ولم تفلح محاولاتي في الدفاع عن نفسي أمام الإدارة ولم تشفع لي عندهم سنوات عملي السابقة، وبدلا من أن يقوموا بتسفيري وإنهاء عملي لديهم، بدأوا في اتباع تقنية عجيبة جدا، حيث أصبح زملائي يدخلوا المعمل على غير العادة، ويرددوا حرفيا الحوارات التي كنت أقولها لابنتاي في المنزل، وأصبحوا ينتظروا وصول سيارتي ويتتبعوني طوال الوقت بحيث لا أغيب عن نظرهم لحظة.
وانتقلت المآساة للمنزل، حيث بدأ الجيران في انتظاري في الصعود والهبوط، ويشغلون موقف سيارتي في موعد عودتي وعندما أصبحت أغلق على سياراتهم، أصبحوا ينتظروا في موقف سيارتي دون أن ينزل السائق وحتى اضطررت أن أطلب منه أن يخرج من موقفي يوميا وبصفة مستمرة، على الرغم من فراغ الموقف، وتقدمت باستقالتي وعدت إلى مصر ولكن المذهل أنني وجدت نفس التقنية تنفذ هنا بشكل أوسع وأسوأ، وهي تعتمد على التكرار الغير معقول، والتزامن الغير معقول أيضا، وعلى الرغم من أنني أسكن في منطقة جديدة ولا يوجد بها سكان كثيرين إلا أنهم يوفرون دائما من ينتظرني عند نزولي وفي كل مرة أركب الباص يصعد أمامي شخص يتحدث في التليفون بصوت عالي جدا عن أشياء فعلتها أو أشخاص اتعامل معهم والمكان الذي سأذهب إليه،
هذه الأمور ليست مصادفات وإنما أمور منهجية مقصودة مكررة يوميا منذ أربع سنوات، كلما تعاملت مع شخص تجد أشخاصا يتعمدون الصراخ باسمه في وجهك كلما تحركت وفي كل مكان حتى أنني أسمع نفس الاسم عشرات المرات في كل مرة أخرج، أشخاص يأتون إلى جواري في أحد المواصلات ليصفوا بدقة المكان الذي سأذهب إليه أو يتحدثوا عن سبب ذهابي إليه، وحتى لو كانت هذه المواصلة لن تذهب إلى هذا المكان مباشرة، وحتى لو كان ركوبهم من موقع سيجدوا فيه مواصلات مباشرة أي أنهم غير مضطرين لركوب هذه المواصلة تحديدا، إذا دخلت السوبرماركت تجد الموظفين متأهبين وكلهم يصرخون على بعضهم بنفس الأسماء كلما مررت على أحد الأقسام، أشخاص ينتظرون إلى جوار الأشياء التي اعتدت شراءها يمسكون بالسلعة ويقفون في انتظاري حتى آخذ منها ثم يتركونها، الأمر للمرة الثاية ليس مجرد مصادفات ولكنها أمور تتكرر باستمرار باستمرار، حتى أنني أصبحت أعرف مسبقا ما سيحدث وما سأتعرض له.
قرأت عن ملايين الأشخاص حرفيا يتعرضون لأشياء مشابهة بنفس التفاصيل الدقيقة التي تحدث معي، وكأن من يفعل بهم ذلك يقرأ من نفس الكتاب الذي يقرأه من يتعهدني بالإيذاء وينفذه حرفيا. لجأت إلى طبيب هناك عندما بدأوا في ممارسة هذا العمل معي، ولكنه أصبح هو أيضا يتعمد تكرار كلامي حرفيا وكانت المستشفى بالكامل يتم إعدادها بنفس الأسلوب المتبع. وحتى عند عودتي لجأت إلى طبيب معروف، فكانت عيادته أيضا يتم إعدادها ويطبق فيها نفس التقنيات.
حقيقة لا أفهم لماذا يتفق الناس جميعا على تدمير أحد الأشخاص نفسيا واجتماعيا بدون حتى أن يعرفوه أو يؤذيهم بأي صورة من الصور، ولمجرد تنفيذ تعليمات جهة ما، إذا كنت مريضة أليس من حقي أن أتعالج وأكمل حياتي؟ إذا كنت أجرمت في شيء ما أليس من حقي أن أحاسب على هذا الشيء بوضوح وبعقوبة محددة زمنيا، هل أنا أسوأ من عصابات سرقة الأطفال وسرقة الأعضاء والتي جعلت مصر في المركز الثالث في هذا المجال؟ هل أنا أسوأ من عصابات تهريب المخدرات؟ هل أنا أسوأ ممن يدخلون المبيدات المسرطنة أو ممن يذبحون الحمير والكلاب ويطعمونها للناس.
هل أنا أسوأ من أي إنسان آخر، هل يوجد شيء يبرر انتهاك أدق خصوصيات إنسان وتدمير سمعته وملاحقته لأربعة سنوات بلا كلل ولا ملل؟
أنا على استعداد أن أدفع ثمن جريمة ارتكبتها بالقانون والشرع.. وعلى استعداد لأن أتلقى العلاج ولكن أتمنى أن يوضع حد لهذه المأساة، إذا كان ما أقوله وما أكتبه هو ما يزعجهم لماذا لم يقبضوا علي كما فعلوا بعشرات الآلاف غيري ممن يرفضون الأوضاع المنهارة في البلاد؟ أريد فقط أن أفهم، لماذا الكل موافق على ما يحدث لي ويعتبره أمر عادي على الرغم من أنهم لن يتحملوا التعرض له يومين وليس أربعة سنوات.
أرجوك لا تقول لي أنها تهيؤات لأن الأمر كما قلت لك سابقا يتم تكراره ملايين المرات في كل مناسبة وليس مصادفات أو تهيؤات.
أعتذر عن الإطالة
18/10/2016
رد المستشار
أختي الكريمة "ا. حنان" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تمنياتي لك بموفور الصحة والعافية.
أتألم كثيرا لألمك وأشعر بمدى الحنق والإحساس بالظلم والعجز في مواجهة العالم كله حسب روايتك. يمكنك بالفعل مواجهة كل مخاوفك وبدء صفحة جديدة من النجاح بعد سنين من المرارة والتخبط. لكن لكي يتم ذلك فسأسدي إليك نصيحة دون الخوض في تفاصيل أعلم أنك لن تصدقيها الآن ولكن ستصدقينها لاحقا
اذهبي إلى طبيبك النفساني، واطلبي منه العلاج واستمري على علاجه حتى وإن بدا لك أنه جزء ممن يتآمرون عليك. ثقي مرة واحدة في كلامي وواجهي مخاوفك أو نحيها جانبا وستشعرين بعد بدء العلاج بمشاعر وأفكار جديدة ستساعدك حتما على البدء في حياة جديدة
تمنياتي أن أكون وفقت في مساعدتكم، وأن يصلني خبر تعافيكم في القريب العاجل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته