طلاق عقب خيانة الزوجة
السلام عليكم ورحمة الله؛
أنا تزوجت عن حب منذ 5 سنوات ولم أنجب بعد، وزوجتي مريضة بمرض نفسي مزمن، يغير شخصيتها ويؤدي بها لتناول الأدوية التي تؤدي للإدمان, ولكن هذا المرض وصفه الأطباء بأنه من النوع الذي لا يلغي الأهلية والمسؤولية عن تصرفات الفرد, ويتم علاجها منه منذ فترة، وأنا صابر عليها أعالجها وأنصحها.
غبت عنها سنة لسبب خارج عن إرادتي، ولما عدت لاحظت اختلالا في سلوكها ويتضمن ذلك بعدها عني, وإخفاؤها أمورا كثيرة عني عمدا، تتحدث في الهاتف, والشات كثيرا ليلا ونهارا, وتخرج في مشاوير كثيرة دون إذني ودون علمي, وحتى عندما أرفض تخرج متحدية رفضي, وعندما أحاول معرفة سبب ذلك ترفض إخباري وتحرجني, أو تقول لي أنهن صاحباتي وليس من شأنك معرفة ذلك.
وبعدها بفترة اكتشفت أمرا جللا، وهو الخيانة الزوجية منها في فترة غيابي، عدة تسجيلات صوتية سجلتها بنفسها على هاتفها لمحادثات جنسية بينها وبين شخص آخر يغريها وتغريه ويواعدها على اللقاء للمعاشرة صراحة، كانت صدمة لي، واجهتها، أنكرت وكذبت، وبعد أيام اعترفت وقالت أنها لا تتذكر هذه التسجيلات, ولكنها كانت تكلم أناسا كثيرين ليجلبوا لها مواد الإدمان وأدوية أخرى لأنها كانت منهارة نفسيا في غيابي، هددتها بالطلاق ووعظتها وهجرتها وسامحتها وتناسيت الأمر لرغبتي في الاستقرار.
بعد شهرين وجدت على هاتفها الآخر محادثات واتسآب مع شخص صاحب لي وهو غير الأول يقنعها فلسفيا بإباحة استمتاع الرجل لمن يحب خارج إطارالزواج، وهي توافقه، واجهتها كذبت وتوترت وأنكرت، صبرت.
أصبحت أتابعها وأراقبها وأشك فيها، وبعد شهرين ودون إذنها وجدت تسجيلا لها على هاتفها لجلسة العلاج النفسي مع طبيبها وهي تعترف له بأنها تقابل الشخص الأخير صاحبي هذا وتتصل به باستمرار، ووجدت تسجيل مصور فيديو صورته بيدها بكل سعادة مع الشخص الأخير صاحبي عرايا في قمة النشوة والأمان, يستمتع بها على فراشي لكن لم يظهر الإيلاج في الفيديو، واجهتها أنكرت واتهمتني بالتجسس والسرقة، طلقتها وأخرجتها من منزلي لبيت أبيها، ووعدتها بألا أخبر الأهل بالفاحشة التي ارتكبتها، هي لازالت في العدة وأنا الآن أتعرض لضغوط هائلة وإشاعات وتهم سيئة للبوح بسبب الطلاق.
السؤال الأول: ما حكم طلاقها وما حكم إخراجها من بيتها؟
السؤال الثاني: أهلها طلبوا مجلس تحكيم شرعي، فهل أبوح للحكماء بسبب الطلاق وهو الفاحشة رغم أني وعدتها ألا أبوح لأحد؟
السؤال الثالث: ماهي حقوقها بعد الخيانة؟
5/11/2016
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته أخي الفاضل:
أقرأ مختصر مشكلتك، وأتساءل: هل من المعقول أن تصور امرأة نفسها، بهذا الشكل، وعلى علم من هي معه، دون أن يكون لديها خلل ما؟ أتساءل عن هذا الذي وافقها فصورته وأبقى إدانته في يدها؟ عن المعالج النفسي الذي لم ينتبه –أو لم يمانع- التسجيل الصوتي لاعترافاتها؟ تساؤلات عديدة وحلقات مفقودة، قد يكون سببها عدم مقدرتك على شرحها في هذه العجالة...، وكل شيء وارد في أيامنا هذه، فأعانك الله...
أما جواب أسئلتك:
1- طلاق غير العفيفة مندوب، صيانة للنفس وللحياة مما سيلحقها من فساد.
وأما إخراجها من بيتها، بعد أن طلقتها، أو بعبارة أخرى: أن تخرج لتعتد في بيت أهلها، فهو غير جائز، عدة المطلقة وغيرها تكون في بيتها وليس في بيت أهلها، إلى أن تنتهي العدة، وتخرج أنت من المنزل، لقوله تعالى: ((يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)) [الطلاق:1]. ومعنى: ((بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)): بذاءتها على أهل الزوج فيما لو كانت تسكن معهم، فتخرج من بيتها إلى بيت آخر تعتد فيه لرفع الضرر عنهم، وليس المقصود بالفاحشة الزنى هنا.
2- ليس لأهلها طلب التحكيم بعد أن تم الطلاق، التحكيم يكون عند خوف الشقاق، وقبل الطلاق، قال تعالى: ((وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)) [النساء:35]، ويجب عليك أن تسترها كما وعدتها، وتدبر الأمر على هذا الأساس.
3- ما فعلته زوجتك -بحد ذاته- لا يسقط مهرها ولا نفقة عدتها، فالمهر -أو بعضُه- يسقط بالاتفاق بين الزوجين والخلع على ذلك، ولكن أما وإنك قد طلقتها واستحقت جميع حقوقها بهذا الطلاق، فلا يمكنك التراجع الآن، ولا إنقاص شيء من مهرها ونفقة عدتها.
احتسب ما أصابك، وما دفعته، وما ينالك من أذى عند الله تعالى، وانتظر تحقق وعد الله وعطائه، وتأمل في هذه الآيات التي يخاطبك الله تعالى بها في أول سورة الطلاق وانظر كم وعدًا، وكم عطاء طيبًا فيها لمن اتقى وصبر وتسامح، ولم يمشِ خلف متطلبات ألمه وغضبه وشحّ نفسه في هذه المواقف:
((يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)) [الطلاق:1-7].
أعانك الله وفرج عنك.