استشارة نفسية
السلام عليكم
منذ سنوات قليلة بدأت أشعر بأن في بعض الأوقات أن كل شيء ضدي بشكل ملحوظ جميع من حولي يتجنبي (بصورة تؤذيني لدرجة التجاهل التام وكأني سراب) وتحدث أمور سيئة غير متوقعة كنت أطلق عليها نحس ولكن يظل هذا الحال مدة ليست بطويلة وتعود الأمور لمجراها والجميع يعود كما كان بلا سابق إنذار
في البداية كان كل هذا لا يؤثر بي على الإطلاق لكن مع مرور الوقت بدأت أشعر بأن كل ما يحدث يثقل كاهلي وبدأت في تجنب تكوين علاقات اجتماعية بحجة أن سوء حظي يكفيني, ولا أريد حمل آخر من البشر وأصبحت مؤخراً لا أتعامل مع أحد إلا للضرورة القصوى,بالرغم من كل هذا فهو ليس المشكلة المشكلة تكمن أن كل الأشخاص الذين أتعامل معهم يشهد الجميع أنهم قمة في مراعاة الآخرين وحسن التعامل إلا أنهم معي ليس كذلك,
اعتقدت أن المشكلة تكمن بي إلا أن لا أحد يعرفني إلا وقد وصفني بالطيبة الزائدة فأنا لا أكره أحد ومن طباعي مساعدة الآخرين لأني أجد الراحة في تقديم يد العون,
بهذا تصبح المشكلة ليست بهم وليست بي فقررت أن أختبر صداقة جديدة ولجأت فيهاو لأول مرة أن أخبر الأخرى ما يزعجني مباشرة (ذلك بعد ما تأكدت أولا أنها ليس من طباعها فعلا الأشياء التي تزعجني بالآخرين) وقد أوضحت لي هي الأخرى ما يزعجها لم يمر إلا أسابيع قليلة إلا وقد فعلت كل ما يزعجني
تأكدت اليوم أن المشكلة لا تكمن في أحد غيري فلا يمكن أن جميع البشر يريدون إزعاجي فهذا غير ممكن كما أني لست محور الكون,
أنا لي تاريخ مرضي ليس بطويل فقد توفت أمي من ثلاث سنوات وأصبت باكتئاب وتوقفت عن المتابعة مع الطبيب بعد فترة بسيطة حيث أني لم أشعر بأي تحسن كما أن ظهرت لدي بعض الأعراض الجانبية نتيجة العلاج (apixedone _anafronil ) أرق وسرعة ضربات القلب
ليس لدي مشاكل أسرية باستثناء تلك الأوقات التي يتجنبني فيها الجميع,
كل ما أريد معرفته هو هل كل ما يحدث لي حقيقي أم هلاوس
13/1/2017
رد المستشار
أيتها السائلة الكريمة
نشكر لك ثقتك بالموقع ونتمنى أن نساعدك.
إن احتياجنا لأن يقبلنا الآخرون وننتمي إلى جماعة معينة من الناس كالمعارف والأصدقاء من الدوافع الإنسانية العميقة التي نختبرها منذ لحظات الولادة. لا لوم على رغبتك في تكوين الصداقات لكن هناك عدة نقاط فيما ذكرت.. أولها أنك لم تزودينا بطبيعة المواقف التي تتعرضين إليها واكتفيت بعرض فهمك الخاص لها ونحن نود أن نحكم على موقف معين تصفينه بصدق وحياد بقدر الإمكان، فأنا لا يمكنني أن أحكم على حكمك! ومع ذلك سأحاول أن أراجعك في عدة أمور. من الواضح أن لديك خللاً في العلاقات البيشخصية Interpersonal relationships وهو ما يلقي بآثاره على حالتك النفسية ككل. الخلل هنا قد يكون جزءاً من اضطراب نفسي أكبر مثل اضطرابات الشخصية أو أي اضطراب نفسي آخر أو قائما بذاته.
جدير بالذكر أن كثيراً من المرضى الاكتئابيين لديهم بعض مشاعر اضطهاد أو إحساس بأن الآخرين لا يحبونهم بما يكفي أو يعانون مما نسميه بالحساسية للرفض Rejection sensitivity وهي بمثابة تنبيه عالي الصوت حول تفاعلاتك الاجتماعية مع الآخرين. هؤلاء الأشخاص يتوقعون – بمزيد من القلق والتوتر - دائما رفض الآخرين وتجنبهم لهم، ويتسرعون بل ويبالغون في ردود أفعالهم تجاه ما لا يعجبهم من الآخرين مع أن الحقيقة الواضحة هي أننا مختلفون حتى بالنسبة لسيكولوجياتنا وقناعاتنا وأي تواصل إنساني يحتمل الاختلاف. هؤلاء الحساسون لديهم مشكلة في فهم وتفسير أفعال الآخرين قد تصل بهم إلى تحريف الحقيقة في بعض الأحيان فيتألمون ويغضبون كثيراً في صداقاتهم، على الجانب الآخر قد لا يجيد أصدقاؤك فهم معاناتك ودوافعك فيشعرون بالحيرة الشديدة وقد يفكرون في مصاعب الاستمرار في علاقة كهذه فيبدأ التجنب الحقيقي.
عليك ألا تفكري أن فشل العلاقات هو حكم نهائي عليك كإنسان لأن هذا يدمر ثقتك بنفسك. اتركي مساحة حرية لأصدقائك وقدري رغباتهم الخاصة. لا تحاولي أن تملي شروطك وما يعجبك وما لا يعجبك طوال الوقت. اختلافك مع ما يحب أصدقاءك وما يكرهون لا يجب أن يفسر على أنه نقص في اهتمامهم بك أو تقديرهم لصداقتك.
أنصحك بمراجعة طبيب ومعالج نفسي لأن لديك تاريخاً مرضياً بالفعل ولتقييم واستهداف الأفكار الخاطئة لديك التي قد تساهم في إحساسك باضطهاد الآخرين لك أو تعمدهم إيذاءك أو حتى أفكارك عن الصداقة والعلاقات لأن أول خطوات خروجك من أزمتك هي أن تفهمي نفسك وتفهمي تأثير هذا الرفض على نفسيتك فتتجنبيه. وأخيراً اجعلي لحياتك معنى بالعمل والاختلاط المحترم بالناس ومساعدتهم.
بالتوفيق لك وتابعينا بأخبارك.
للمزيد عن الموضوع، طالعي أيضاً:
كيف أنجح في كسب الآخرين؟
غيرة البنات
الأصدقاء ركيزة مهمة في حياتنا