وسواس أم ماذا
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته : أما بعد، بعد أن كنت غارقاً في بحر الذنوب والمعاصي، منَّ الله سبحانه عزَّ وجلَّ عليَّ بالتوبة والهداية، وندمت أشدَّ الندم على ما فعلت سابقاً وبكيت ودعوت ربي كثيراً أن يغفر لي ويتوب عليَّ .
بعد بداية التوبة التزمت بكل الصلوات في وقتها جماعة حتى صلاة الفجر والحمد لله، ولكن الفرحة لم تكتمل كلياً فقد بدأ الشيطان يضرب أول ضرباته حيث أنه بدأ يشككني دائماً في قَبول توبتي ويقول لي دائماً أنت فعلت كذا وكذا فكيف تقبل توبة ذنب قبيح مثل هذا، كيف تريد من الله أن يقبل توبة حقير مثلك، فصرت كالمجنون أطلع دائماً على الفتاوي واحدة واحدة، ورغم أن كل الفتاوي كانت تبشر بقبول التوبة مهما عظم الذنب قبحاً وكثر عدداً واستمر الحال على هذا عدة أسابيع، فتذهب فترة وتعود فترة أخرى، وأنا أتصارع وأتجادل معها لا أنجح في الأخير في الانتصار عليها ليس كلياً ولكن على الأقل لا أفكر فيها بشك كبير.
الحمد لله تجاوزت تلك الفترة، والشيطان طبعاً لا يستسلم ولا يمل ولا يكل، وبدأت منذ فترة قصيرة لا تتعدى أسبوع وخزة أكثر ألما وأكثر صعوبة وحرقة، بدأت أسمع في داخلي كلاًما قبيحاً حول الله سبحانه عزَّ وجلَّ، من سب وشتم، في البداية سقط الأمر بفزع وخوف شديدين عليَّ ،لأني لم أصدق أني أقول ذلك في نفسي، فذهبت أبحث عن فتوى فيما يتعلق بالموضوع فوجدت الجميع يطمئن ويقول أنه وسواس قهري، وأنه قد يؤاخذ إن اقتنع بها أو عمل بها وكلام ربما أنا لم أفهمه ، فوقعت هنا قنبلة أكبر على قلبي،
لا أعرف إن كنت أقول ذلك في قلبي أو هو حقاً وسواس، هل حقاً هو من الشيطان أو أنني أنا من أرغب في ذلك وأدَّعي أنه وسوسة، حتى أنني أعتقد الآن وأنا أكتب هذه الكلمات أنَّ هذا نفاق مني لا مبرر لنفسي، وأني إنسان كافر منافق فقط، وأستغفر لنفسي أن أقنطَ من رحمةِ الله أبداً فأنا والله حتى مع ما يحصل لي لم أترك العبادة ولم أتهاون فيها أبداً ،ولكني ضعفت كثيراً، وبدأ هذا الأمر يقول لي حتى أني لا أتلذذ بالعبادة، لا أفهم ما يحدث لي لقد فقدت السيطرة على نفسي تماماً ،
هناك صوت من أعماق قلبي يريد أن يكون كل شيء بخير ،أن يسير كل شيء على ما يرام وأن أكون متديناً محباً لله وديني وفائزاً بالجنة بإذن الله تعالى، ولكن حتى هذا الصوت صرت أعتقد أنه نفاق مني وتبرير لنفسي ولا أدري ماذا أفعل، أرشدني وفقك الله .
20/3/2017
رد المستشار
أهلاً بك وسهلاً يا بني على صفحتنا مجانين...
ومعذرة على التأخر الكثير عن الإجابة على سؤالك، فقد جاءني أيام محاولة اقتحام دمشق، وكنت أظن أن غيري سيجيب.
مفتاح الحل في مشكلتك هذه هو قولك: (لقد فقدت السيطرة على نفسي تماماً)، عندما تفقد السيطرة على نفسك، فهذا يعني أن الإرادة غير موجودة في هذا الجانب من تصرفاتك، وهي الدليل الرئيس على أن ما تعاني منه ليس إلا وسواساً قهرياً (يقهر إرادتك، وتفقد السيطرة عليه).
وكما تعلم:
-عندما تنتفي الإرادة ينتفي الحساب والمؤاخذة.
-عندما تنتفي الإرادة، لا يعوّل على الأفكار التي تقتحم العقل وتأبي أن تذهب، ولا على المشاعر التي تتولد عنها،
فلا قيمة لشعورك بأن توبتك لم تقبل إذا كنت عقلاً وحسب الدليل تعلم أن الله يقبلها.
-عندما تنتفي الإرادة، لا تؤاخذ على أي شيء يخطر في بالك تجاه الله عز وجل، ولا قيمة لكل هذا، فهو وسواس قهري.
الموسوس فقط هو الذي يجمع بين أمرين: (الخوف مما يخطر في باله دون إرادة، والظن أنه هو الذي يقول هذا بإرادته)!!
قال الفقهاء: (الوسوسة ليست من نفس الإنسان، وإنما هي صادرة من فعل الشيطان، ولا إثم على الإنسان فيها لأنها ليست من كسبه وصنعه، ويتوهم الإنسان أنها من نفسه ،..... فيتحرج لذلك ويكرهه).
وإذا كان الأمر من الشيطان، فهل من المعقول أن تصدقه؟ ومتى كان الشيطان للإنسان ناصحاً؟! كذب على أبينا آدم منذ كان في الجنة، فهل يتركنا؟؟
ليس له دواء إلا أن تعتبرَه غير موجود، ولا تستمعَ إلى وسوسته ولا تخافَ منها...، وسترى خيراً بإذن الله تعالى.
واقرأ من فضلك:
الالتزام الديني والوسوسة هل من علاقة؟
وساوس دينية من بعد الالتزام
الأفكار الشيطانية والالتزام الديني
مع بداية الالتزام تبدأ الوسوسة
وسواس الشذوذ والإلحاد منذ بداية الالتزام!