هل بالإمكان المواجهة وعدم حساب النتائج بالتفصيل
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .. في عام 2008 (أنا من مواليد 1990) حصلت مشادة كلامية بيني وبين أحد الجيران متوسط الخطر ثم كبر الموضوع وأصبحت مشكلة في السوق تحت أنظار المتواجدين ... انتهت المشكلة في المركز الأمني بإسقاط الشكوى ثم عند عودتي للمنزل أصبت بحالة من الرعب والخوف وأصبحت الأفكار تراودني أنني سوف يتم ضربي والغدر بي من قبل الشخص نفسه أو من أحد أقاربه ...هذه الحالة بقيت لأشهر وبدأت تخف تدريجيا كلما قابلته وتواصلت معه وكانت الأنفس سليمة .. انتهت الحالة النفسية الأولى ..
في عام 2010 قام بالاتصال بي رقم غريب ثلاث مرات والرابعة أجبته واتضح لي أنه شخص من نفس المنطقة التي أسكنها وأنا مررت بجواره ونادى علي ولم أستجب بعد ثواني من الكلام على الهاتف قام بشتمي ..تلعثمت ولم أحرك ساكناً أصابتني نوبة من الخوف والهلع لأنني أعلم أنه شخص حاد الخطورة واستمرت الحالة النفسية لأكثر من سنة وأنا أفكر بالموقف وأفكر به وأخشاه على الرغم أنه هو من أساء لي وأنا لم أخطئ بحقه نهائيا ولم أستطع أن أرد الغلط إلا أنني كنت أخشى أن يتمادى ويعود لتكرار الغلط أو القيام بضربي ..
أثناء هذه الحالة النفسية الثانية التجأت إلى الحي القيوم وأصبحت ملتزم جدا وأثناء فترة الالتزام أصابني وسواس الطهارة وبفضل الله تغلبت عليه بالطرق السلوكية المعرفية ... بدأت الحالة النفسية الثانية بالهدوء تدريجيا مع مرور الوقت إلا أنها كانت أطول وأقوى من الحالة الأولى لتفاوت درجة الخطورة بين الشخصين اللذان تصادمت معهما .. الحالة النفسية الثالثة كانت في عام 2015 وتفاصيلها أننا نملك شقة للإيجار وقمنا بتوقيع عقد إيجار مع مستأجر كان في بداية العقد ملتزم ويدفع الأجرة لكن بمرور الوقت ظهرت حقيقته أنه إنسان سيء جدا وماضيه أسود ولم يعد يدفع الأجرة ولم يسلم الشقة عند نهاية العقد. فأصبحت أخشاه وأصبحت في حالة من الخوف والهلع كلما تذكرت أن شقتنا لن نستطيع استلامها ولم نحصل على الأجرة وبالمقابل لن أستطيع الاصطدام بالمستأجر لأنه إنسان سيء وخطير ..
خلال هذه الحالة النفسية الثالثة كنت متواجد في جمهورية مصر العربية للتسجيل في جامعة عين شمس لبعض الدورات ... اشتدت الحالة النفسية علي فأنا في بلد جديد وكل فكري بالمستأجر والذي زاد الطين بلة أن المستأجر قام بالاتصال بي وأنا في مصر وقال لن أدفع الأجرة ولن أخرج من الشقة أجبته أرجوك أخرج وأنا سأتحدث مع والدي لحل الموضوع بيننا ... انتهت المكالمة وتفاقمت الحالة وقمت فورا بمراجعة طبيب نفسي وذلك في شهر 11/2015 ..
الطبيب شرحت له الحالات الثلاثة (الأولى والثانية انتهت وأنا في قلب الثالثة) قال لي الطبيب المعالج أنني أعاني من مرض الوسواس القهري متوسط الدرجة وصرف لي علاج الفافرين 100'بمعدل مرتين يوميا بالإضافة لأخذ إبر ريسبيدال كونستا 25(بمعدل إبرة كل ثلاث أسابيع والمجموع كحد أدنى ثلاث أبر ) مع بداية العلاج زادت الأفكار والقلق واكتشفت أنه عرض جانبي للدواء..
بدأت بالتحسن بعد شهر ونصف من العلاج ومع مرور الأيام وتقريبا بشهر 3/2016 .. تحسنت حالتي بشكل ملحوظ وأقنعت والدي برفع دعوى قضائية ضد المستأجر وأصبحت لا أخشاه كثيرا كما قبل العلاج .. ومضت الأيام وخرج المستأجر من الشقة ودفع الأجرة عن طريق القضاء وانتهت الحالة النفسية الثالثة .. وما زلت إلى لآن على الفافرين 200 .. وأخذت أربع إبر ريسبيدال كونستا فقط ..
في بداية شهر رمضان الحالي بدأت بعض الأعراض بالعودة لكن بشكل أخف من الماضي فقمت بمراجعة طبيب نفسي في بلدي الأردن وشرحت له تفاصيل الثلاث حالات ... وقال أنني أعاني من رهاب ما بعد الصدمة وقلق عام ونمط شخصية قلقة وتجنبية .. وقال أنني بحاجة لأخذ اإبر ريسبيدال كونستا مرة أخرى وبنفس العيار 25 ولكن لست مرات على الأقل وليس كما في بداية العلاج أي أربع ابر .. وقال أبقى على الفافرين 200 أيضا .. أعطاني للآن إبرة واحدة مع زيارتي له كل شهر لأخذ إبرة أخرى لمدة ستة أشهر .. هذه تفاصيل الحالات الثلاثة مع علاج الحالة النفسية الثالثة ..
ما تشخيصكم للحالات الثلاث ؟ من ماذا أعاني ؟ كيف أتعامل مع أي شخص عدواني وخطر يتعرض لي ؟ ماذا عن الخوف والهلع والأفكار والاضطراب بعد كل حالة لفترة طويلة (مع العلم أنني أحاول التواصل مع أي شخص يعتدي علي لكي أشعر بالاطمئنان ) هل من علاج هل من دواء. .. جزاكم الله خيرا معالي المستشار العالم الجليل الدكتور وائل أبو هندي والفريق الطبي بأكمله ..
25/6/2017
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ "محمد" حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكرك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا بما تعاني منه - بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً -فمن الواضح أن ما تعاني منه ليس بالأمر اليسير، أعانك الله وخفف عنك.
أخي الفاضل بداية مشكلتك ظهرت في وقت كنت تبلغ فيه من العمر 18 عاما (أي في عمر المراهقة) ومن الطبيعي جداً للمراهق أن تمرّ به الكثير من بعض النزاعات مع أصدقائه وزملائه، وأن تنتابه بعض الأوقات التي يعاني فيها من بعض المشكلات والمخاوف، وفي كثير من الأحيان تعتبر هذه المخاوف طبيعية، حيث تعمل على حماية هذا الشاب أو المراهق من الأخطاء والوقوع في المشكلات، إذ تعمل كمؤشر ينبهه إلى ما يجب أن يكون عليه، وما يجب عليه أن يتجنبه في حياته، فهذا أفضل بكثير من عدم تجنب المشكلات ، فإذا به يقع فيها في مرحلة من مراحل حياته.
وبعض الخوف عبارة عن خوف طبيعي، ولكن بشرط أن نحوّل هذا الخوف إلى سلوك إيجابي، وأن لا نسمح له أن ينقلب إلى الجانب السلبي، فكل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده. إلا أن بعض الناس يميلون بسبب تربيتهم وبعض تجارب الحياة إلى شيء من الحساسية والخوف في شخصيتهم، ويبدو أنك واحد من هؤلاء، حيث تتأثر بالأحداث والكلام الذي يجري من حولك، ونرى عادة هذا الشخص يفكر طويلا فيما جرى، أو فيما قيل له أو أمامه - كما هو الحال معك - وقد يرتبك أمام الآخرين، ويحمر وجهه، وقد ترتجف بعض عضلاته مثلا عندما يتحدث مع أو أمام الآخرين وذلك من شدة الارتباك، وقد يصل الأمر لحد أن يخجل الشخص ويرتبك من الدفاع عن نفسه حتى ولو تعدى عليه الآخرون وأخذوا حقوقه.
ولعل ما تمرّ بك هو نوع من الارتباك المصاحب للرهاب الاجتماعي، بسبب هذه الحساسية الزائدة عندك، والرهاب الاجتماعي من أكثر أنواع الرهاب، وعادة يحدث الارتباك أمام الغرباء، ومن النادر أن يحصل أمام أفراد الأسرة.
تذكر أخي الكريم أنك لازلت في 27 من العمر، وأن أمامك الوقت لتتجاوز هذا الحال، وخاصة إن بادرت باتخاذ بعض الخطوات التي تعينك على تجاوز هذا، وأعلم أن التجنب، كتجنب مواجهة المواقف، لن يحلّ المشكلة، وإنما سيزيدها شدة، وسيفقدك الثقة في نفسك أكثر. فحاول الاقتراب أكثر من الناس، وتعلم كيف تواجه مشاكلك بشجاعة وحكمة. ولا شك أن المحاولة الأولى ستكون صعبة بعض الشيء، إلا أنك ستلاحظ أن الأمر أبسط مما كنت تتوقع، وهكذا خطوة خطوة مع الصبر وإجبار نفسك على المواجهة ستتعلم مثل هذه الجرأة، وبذلك تخرج مما أنت فيه.
وقد يساعدك على مواجهة الأمر أن تتبع بعضاً من نصائح العلاج السلوكي مثل أن تفكر في الوضع الذي تريد أن تكون عليه، وتضع في عقلك فكرة أنك مستعد للرد على أي إساءة(متبعا في ذلك المقولة الشهيرة التي تقول أن أفكارك تتحول إلى أفعال، وأفعالك تتحول إلى عادات، وعاداتك تصبح صفاتك)، أيضا حاول أن تبحث لنفسك عن أعذار غير الضعف ،(فكما ترى نفسك يراك الآخرون) ، قل لنفسك مثلا إنك لا ترد الإساءة لأنك تشفق على المسيء، أو لأنك أرفع مقاما منه، وقد يفيدك أيضا أن تبحث عن الأشخاص الذين ترى فيهم قوة الشخصية، وتراقب أفعالهم وتعاملهم ثم تقلدهم، واعلم أخي الكريم أن كل إنسان له نقاط قوة وضعف، وأن الذكي هو من يهرب من التصادم ويكسب الأشخاص الذين يسيئون إليه إلى جانبه، وأنه ليست لكل إساءة رد، فالكثير منها الرد عليها هو تجاهلها وصاحبها، كأنه غير موجود.
ومما قد يعينك أيضاً على تجاوز ما أنت فيه، وخاصة عندما تشعر بأن الارتباك قادم، هو: القيام ببعض تدريبات الاسترخاء، من مثال الجلوس في حالة استرخاء والقيام بالتنفس العميق والبطيء؛ فهذا سيساعدك على ذهاب أعراض الارتباك والارتعاش، وإذا لم تجدِ المحاولات السابقة فلا بأس من الاستعانة ببعض العقاقير التي تعينك على مواجهة المواقف المربكة بكل هدوء وشجاعة مثل تناول نصف قرص من الزناكس 0.5 ملجم مع نصف قرص من الاندرال 40 ملجم عند اللزوم قبل مواجهة هذه الموقف بنصف ساعة حيث ستساعدك هذه العقاقير بالجرعات الموصوفة على مواجهة الموقف بكل ثقة، وثبات، وستتمكن من اجتياز الموقف بكل سهولة ويسر إن شاء الله.
أما بالنسبة لعلاجك الدوائي فأرى أنه مناسب لعلاج حالات الوسواس القهري أكثر من مناسبته لعلاج حالات الرهاب الاجتماعي، وأرى أن تستبدل قرصين الفافرين 100 ملجم بقرصين من عقار السيروكسات 25 ملجم سي آر (تناول قرص كل 12 ساعة بعد الطعام)، أو بقرصين من عقار السيرترالين 50 ملجم (تناول القرصين سويا بعد الغداء) لأنهما من الأدوية الفعالة في علاج الرهاب والقلق الاجتماعي، والقلق العام ، والوسواس القهري، حيث تسمى هذه العقاقير بقاتلة الرهاب، كما أرى أن تستبدل إبرة الريسبريدالكونستا 25 ملجم بقرص واحد من عقار افيكسور اكس آر 75 ملجم ( تناوله يوميا بعد و جبة الغداء في حالة ما إذا قررت استعمال السيروكسات سي ار ، أو تناوله صباحا بعد وجبة الفطور في حالة ما إذا قررت استعمال السيرترالين) ، وستلاحظ تحسنا تدريجيا في حالتك بعد أسبوعين من استعمال الدواء، وستزداد حالتك تحسنا بالاستمرار يوميا على تناول العلاج .استمر على الدواء لمدة سنة ثم توقف عن استعماله بالتدريج .
هذا هو الذي أراه، ومن حقك أن تستمع إلى آراء أطباء آخرين إذا رأيت ذلك مناسباً، والعلاج الدوائي يتميز بأنه سوف يجعلك مهيأ لقبول وتطبيق نصائح العلاج السلوكي، وقطعاً حين يمارس العلاج السلوكي ويتم تناول الدواء في نفس الوقت تكون النتائج رائعة ورائعة جدا إن شاء الله.
وفقك الله، وحفظك من كل سوء، ويسّر لك تجاوز ما أنت فيه، فما هي إلا مرحلة عابرة، وستتجاوزها، عاجلاً أو آجلا، وإن شاء الله يكون الأمر عاجلاً.
واقرأ أيضًا:
وسواس قهري + أعراض رهاب اجتماعي : تواكب شائع
الوسواس القهري والقلق الاجتماعي تواكب شائع
الوسواس القهري والقلق الاجتماعي هل مجرد تواكب؟