هل عندي اضطراب شخصية ؟؟
السلام عليكم
أشعر مؤخرا بأني لا أعيش مثلما يعيش باقي الناس حتى لو كانت حياتي أفضل .. طريقة إدراكي للأمور مختلفة قليلا .. أو بمعنى أصح أجد صعوبة كبيرة حتى أعرف الأصوب في مواقف حياتي أما الحلال والحرام فبين لا مشكلة .. مثلا في اختيار شريك الحياة الكلية قراراتي. بشكل عام .. بعدما أصل للقرار بعد معارك مع نفسي أجد أنه كان بديهيا لا أعرف لم لا تتضح الأمور بسهولة قبل ذلك ؟
أظن أن شخصية أمي ربما لها علاقة .. هي رغم طبيبتها وتفانيها متجمدة لم تحضنني أو تقبلني أو تربت علي أو تسمعني كلمة أحبك يوما أنا وإخوتي وكانت كثيرة كثيرة كثيرة النقد بتصرفاتنا نقد بلا حساب ولا ضبط ولا ربط
والدي رغم رقة قلبه إلا أنه أيضا لم يعبر لنا عن حبه جسديا أو لفظيا .. ولكن نحب جميعا بَعضُنَا كثيرا عشت دهرا حالمة بنظرة فخر منهما كنت أذاكر ملء نفسي في الثانوية وأبكي إلى الله تضرعا كي لا أخيب آمالهما وحصلت بفضل الله على مجموع أكبر من طب ودخلت الطب وكان فخرهما موجه إلى الناس بشكل أساسي وما لبثا أن عاد يخيم على علاقتي بهما إحساس خيبة الأمل من تجاههما على الرغم من انهمار المدح علي من كل من سواهما تقريبا
منذ الثانوية العامة وبدأت أعد نفسي بآمال مشرقة حتى أستطيع تجاوز الأمر وصرت أحلم يقظة كثيرا بالزوج الصالح والحياة الوردية واستمرت تلك الطريقة مع التعامل مع الضغوط حوالي 13 سنة إلى أن نصحني أحدهم بأن أعيش ( الآن وهنا ) وتحولات أخرى في حياتي وجدت أنني لم أكن أعيش الواقع وعندما أفقت كان واقعي قد صار أليما جملة وتفصيلا .. ما عدت أهرب منه لاحتقاري تلك الطريقة بعد ما قفشتها وفهمتها لكن كمان تعبانة جدا
مشكلتي :
أولا : لسا حاسة أني مش قادرة أعيش وأنغمس في الواقع تمام رغم تحسني جدا
ثانيا : حاسة بخوف شديد على أولادي لأنهم عندهم مشاكل صحية ومربوطة بهم وجنبهم
ثالثا: خوف شديد من فكرة أني أرجع أشتغل دكتورة ثانية وأضطر ألتزم بمواعيد ومجهود مينفعش أقلله ومع مسؤولية بيتي فكرة مرعبة والمرعب الأكثر هي فكرة أني أفضل ست بيت ومرجعش أمارس مهنتي اللي بحبها أو حتى أني أشتغل أي حاجة تخليني أختلط بناس وأحقق نفسي ويبقى ليا دخلي لأني فعليا بعد ما عشت بطريقة الحياة السابقة مش قادرة أكتفي العيشان جوا البيت مش عدم اقتناع ولكن عدم قدرة حاسة أني عالقة بين كل هذا غير واثقة في نفسي أو إمكانية تحقيقي لأي إنجاز رغم ذكائي المتعدد خوف من الوحدة خوف من الفشل
أحاول أساعد نفسي وأتحسن جدا وممكن أصبر على نفسي
لكن أزاي ممكن ما يؤثر على أطفالي سلبيا ؟
9/7/2017
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله دكتورة "لارا". ومرحبا بك في موقع مجانين، ونعتذر عن التأخير الخارج عن الإرادة.
شعرتُ بحيرتِك بين تطلعاتك ومسؤولياتك، خصوصا أنّ طموحَك وترقّباتك كدكتورة أكبر من مجرد وظيفة. وأيضا أستشفّ من سطورَك حساسيّة وشخصية قلقة، أحلام اليقظة وتخوّفك من عدم تحمّل المسؤولية وعدم القدرة على التوفيق بين دور الأم ودور الدكتورة، خوفك من تأثيرك سلبا على أطفالك، فأي تأثير تقصدين ؟ وأنت الأم التي تركت وظيفتها المرموقة لتهتمّ بهم ! فأي نوع من التخوفات عندك؟
لكني أحب أن أبدأ معك حول قولك (أجد صعوبة كبيرة حتى أعرف الأصوب في مواقف حياتي أما الحلال والحرام فبيّن لا مشكلة .. مثلا في اختيار شريك، الحياة الكلية، قراراتي. بشكل عام... بعدما أصل للقرار بعد معارك مع نفسي أجد أنه كان بديهيا لا أعرف لم لا تتضح الأمور بسهولة قبل ذلك) أحتاج مزيدا من التفاصيل لمعرفة سبب ذلك، فهل تقصدين بالمعارك وساوسَ، أم هو غياب لأخذ المبادرة بسبب كثرة انتقاد أمّكم لكم، مما سلَبَ ثقة اتخاذ القرارات منك والإقدام عليها؟ يُمكن أن تكون شخصيتك وسواسية قلقة إن أضفنا لها قلقك الزائد حول المسؤولية والتوفيق والتخوّف من ترك العمل الذي تحبين والبقاء في البيت، وفي الوقت نفسه خوفك من أن تكوني ربّة بيت تقليدية. فأتمنى مزيدا من التفاصيل في متابَعتك، فلم تخبرينا بعلاقتك بزوجك كيف هي، ولا سبب تخوّفك على أطفالك، وإمكانية عملك مع وجود مشاكل صحية عندهم، وماضيك الذي قد يعطي إشارات حول سبب هروبك لأحلام اليقظة وقلقك...إلخ
قلت أنك تشتكين من عدم قدرتِك على الانغماس في واقعك بشكل جيّد، رغم تحسّنك، وهذا طبيعيّ فلا تزال أحلام اليقظة كحيلة دفاعية تعمل عملها، 13 سنة ليس من السهل محو أثرها بسرعة، ولكنّك في الطريق الصحيح، ومن المهمّ تجاهل بعض الأفكار حتى إن حضرتْ. فيكفي أن تقرئي وتقيّمي واقعك بعيدا عن تلك الأفكار وتتخذي قراراتك بناء على معطيات واقعية، وتفكّري في الحلول بشكل واقعي وبالمعطيات الموجودة وليس المفترضة، وبعد ذلك حتى إن حضرتْ تلك الأفكار تجاهليها.
مشكلتك الثانية هي خوفك على أطفالك بسبب المشاكل الصحيّة، شفاهم الله، فأنت بجنبهم وتهتمين بهم، فما المخيف في الأمر؟ هل هي أمراض خطيرة، أو أن تخوفك نابع من المسؤولية اتجاههم؟ قد فهمتُ من لقب دكتورة عند المصريين أنّها تقال للأطباء، وأنت أم طبيبة وتعلمين ما لا يعلمه الكثيرات، وسيكون اهتمامك بهم ممتازا، إضافة إلى بُعد الأمومة. فهل لتلك المخاوف معقوليّة أو مجرد قلق وتوقع للأسوء ؟
أما بالنسبة لمشكلتك الثالثة، وأنّك (غير واثقة في نفسي أو إمكانية تحقيقي لأي انجاز رغم ذكائي المتعدد. خوف من الوحدة خوف من الفشل) فما موقع زوجك من الوحدة، من تحقيق إنجازاتك، علام اتفقتُما قبل الزواج؟ لذلك سألتُ عن زوجك في هذه المعادلة ؟ فهل يشجّعك ويثق في قدرتك على التوفيق بين الأمومة وبين التربية ؟ هل يوافق من الأساس... لعلّ دخولك لدور جديد مع أطفالك، أثقلَ كاهلك وشعرت بتضخّم المسؤولية، مما أشعرك بالضعف وعدم الثقة، واضطربت وكأنّه شيء غير متوقع وأدخل حسابات جديدة في نمط حياتك وتعارضَ مع ما تسعين له من إنجازات، ونعود لترجيح شخصية قلقة وسواسية يصعُب عليها التعامل مع معطيات كثيرة ومتداخلة، والموازنة بينها بشكل سلسل.
لكني أقترح عليك بعض الحلول وأنت أدرى بموقعك منها، فيمكنك أن تعملي بدوام جزئي بضع ساعات في اليوم، وتجلبي مربيّة متخصصة تثقين فيها تهتم بأطفالك وقت غيابك، تدفعين تكاليفها بالتساوي مع زوجك أو من دخلك، وهكذا تحققين قدرا مُرضيا من وظيفتك وطموحك، وتبقين قريبة من أطفالك.
أو يُمكنك العمل في التدريس بساعات محدّدة بعيدا عن ضغط المستشفيات والحالات المَرضيّة التي تزيدُ حسّك بالمسؤولية والخوف من الخطأ، فالتدريس يبقى أقل ضغطا من حياة أشخاص وآلامهم. والتدريس يبعث على الفخر والرضا أيضا، ويخلق روابط اجتماعية مع الطلبة ومع المؤسسات.
أو تنتظرين حتى يكبر أطفالك ويستقلّوا شيئا ما، لتعملي مرتاحة البال قليلا. وإلى ذلك الوقتْ يُمكنك التمتّع برسم لوحات أو كتابة الخطّ العربيّ. فهي هوايات جميلة وأعلمُ أثرَها على النفسية من حيث الراحة والرضا لأنّها من هواياتي أيضا.
أما عن الكتابة فهي جيدة جدا لتفريغ تلك الأفكار والخيالات، وتوجيهها لحَبْك قصة أو رواية خيالية تمزجين فيها الواقعيّ بالخياليّ، ويُمكنك كتابتها على مراحل، أو على شكل قصص قصيرة. إن قُمت بذلك ستقومين ببناء حاجز بين عالمك الواقعيّ وبين تلك الخيالات، فتُعطين وظيفة جديدة لتلك الخيالات عوض الوظيفة الهروبية. فتوجيه سيل جارف من الأفكار، أسهل من التصدّي له لإيقافه ! فتكون وظيفتها إنعاش وتغذية قصصك بالتفاصيل وعندما ستفكّرين فيها سيكون ذلك على أنّها موجّهة لقصصك الخيالية ورواياتك، وليس لحياتك وعالمِك. وبهذا سيقلّ تأنيبك لضميرك واستياؤُك منها لأنها صارت مادة خاما لشيء تحبّينَه، وفي الوقت نفسه ستستهلكين طاقتها في الكتابة ولن يبقى لها شيء لتعبَث بحياتك الواقعية (أو هكذا يجب أن يكون بتدرّبك على ذلك)
أما قضية الانتقاد الشديد وأثرُه على المبادرة والثقة، أتساءل إن كنت من النّوع الذي يحتاج فقط كلمات تشجيعيّة للاستمرار، وتأييدا يبدّد مخاوفك، خصوصا بعد ما عشت خيبات الأمل مع أهلك، الذين للأسف لا يعبّرون عن فخرهم بأولادهم لأولادهم وليس الناس فقط، ويحسبون ذلك تحصيل حاصل، في تجاهل وتحرّج عن احتياجات الأبناء للتقدير وكلمات المدح ! خصوصا أنّك بلغت مراتب عالية في التعليم والوظيفة مما يؤكّد أنّك فعلا قادرة على الإنجاز وعلى مستوى عالٍ.
لكنّي أتساءل أيضا عن قدرتك وقدرة الأبناء عموما عن التعبير عن نقصهم واحتياجاتهم بوضوح، حتى يُعينوا آباءهم على طريقة سليمة للتواصل والعطاء، فمُعظم الآباء يعتقدون أنّ العطاء الصامتْ كاف وأنّ شعورهم بالحب والفخر والتقدير في دواخلهم يكفي الأبناء وكأنّهم يطّلعون على صدورهم ! فهل عبّرت عن حاجتك النفسية للمدح والفخر بعد أن نضجت وصرت شابة تفهمُ وتعبّر ؟ أم فضّلت الصمت كما فضلوه لأنّ الموضوع مُحرج !!؟
كوني قويّة ولا تجعلي "قلق الأداء" يؤثر عليك سلبا، اعملي واجتهدي فسحب والنتائج تأتي تباعا.
وأحيلك إلى روابط حول تساؤلك عن اضطراب الشخصية وروابط أخرى:
تصنيف اضطرابات الشخصية(1)
تصنيف اضطرابات الشخصية(2)
أنواع اضطرابات الشخصية
أحلام اليقظة المفرطة ومشاكل نفسية