نفسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، إلى الأخوة الأفاضل بموقع مجانين، التكلم عن أصل حالي وظاهري ونشأتي:
أنا شخص - فيما يبدو للناس وما يظهر لهم – تبدو عليه علامات الصلاح والاستقامة، ولكن حقيقة أمري وواقعي بائس ومر جداً، وسبب بؤسي ليس نقص في مال أو صحة أو تشوه في خلقة أو ضمور في عقل أو قل ما شئت.
ولكنه بؤس في حال أخشى أن يودي بي في نهاية المطاف عياذاً بالله إلى خاتمة سوء وخسران في الدنيا والآخرة، بالرغم من نشأتي الدينية في بيت سمته الدين من أبوين صالحين أحسبهما والله حسيبهما ولا نزكي على الله أحداً، وبالتالي ترعرعت وتربيت على ذلك مما أدى بي إلى تمسكي بالدين وشعائره ومن ثم محافظتي علي أداء واجباتي الدينية من صلاة في الجماعة وسائر العبادات والطاعات والحمد لله، بل وإضافة لذلك أدائي للنوافل والقربات والاكثار من الذكر وقراءة القرآن وطلب العلم (وهو يسير) ومشاركتي بأمور دعوية في بعض الأحيان (أيضا مع يُسْرها)، ولكن للأسف الشديد فإن قيام الليل عندي نادر جدا، وأما بالنسبة لبرّي بوالدي فالحمد لله في تنفيذ ما يريدانه ورعايتهما، ومع ذلك يحصل مني سجال وجدال ورفع صوت مع والدتي (مع أن هذا الأمر عندي بطبيعتي) حتى في حال الكلام العادي من غير غضب مع سائر الناس، وهذا قد يكون له علاقة مع ما سأَبْـيّــــنه عن حالي في السطور القادمة.
وصف المعاناة :
أنا رجل مضى من عمري 47 عامًا، أعاني من حالة نفسية منذ صغري واضطراب، ظهر لي بعد سن العاشرة أو الحادية عشرة وذهبت إلى دكتور في عيادة نفسية مرة أو مرتين ، ومضت السنين بعدها وكبرت وتعلمت وعمِلت وفي خلال تلك السنين كانت تلك الحالات تأتيني من اكتئاب وضيق وغم لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن الأمر كان يبدو لي عادي وأتماشى معه، حتى أصابني أمر جديد فابتليت به منذ 18 عاما وأنا أصارعه وهو يعتلج في نفسي اعتلاجا غريباً و يسيطر على مخيلتي ولا يكاد يفارق تفكيري، يأتيني بين الفينة والفينة، ولقد حاولت الفكاك منه ولكن بلا جدوى وهذا الذي أخشاه أن يختم الله لي بسوء عليه فألقاه وهو غضبان علي وساخط ويضيع عمري الذي كان في طاعة الله فيذهب هباءًا منثوراً.
إني والله لأستحي أن أفتشه ولقد حاولت أن أصلحه بنفسي كثيراً كل هذه السنين لكي أستر عليها ولكن بلا جدوى، وذلك لما روى البخاري ومسلم من حديث سالم بن عبدالله، قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((كلُّ أُمَّتي معافًى إلا المجاهرين، وإنَّ من المجاهرة أن يعمل الرَّجلُ بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربُّه، ويُصبِح يكشف سترَ الله عنه))، وإن كان المقصود في الحديث بشأن من يصرح بعمل المعاصي تفاخراً واستخفافا بحرمة فعلها، ولكني أصبحت مضطراً للتصريح بها بقصد أن أجد مخرجا وعلاجاً لهذا الداء العضال بعد أن وصل حالي لما وصل إليه ، فأرجو مراعاة ذلك عند قراءة فضيلتكم لما سيأتي.
وصف حالتي التي أعاني منها :
لقد ابتليت بأمر جلل ومصيبة عظيمة وقعت علي لو كنت قد ابتليت بفقدان جميع أعضائي وحواسي الخمسة لكان أهون علي كثيراً، لقد ابتليت بشهوة الميل للأطفال الذكور، والتمتع بالنظر اليهم ومحاولة التكلم معهم للاستماع والاستمتاع بالحديث معهم وخاصة الوسيمين منهم، حتى صرت أجوب الأحياء والحواري جميعها حياً حياً وشارعاً شارعاً لكي أبحث عن هدفي حتى في منتصف الليل، ولكن الأمر لم يقتصر على ذلك، مع أن هذا كان كافيا لكي يكون وبالاً لوحده ولا يحتاج لمزيد، ولكن وصلت الطامة وعظم المصيبة، بالتعري من ملابسي أمام الصبية الصغار ومن ثم الاستمناء، والاستمتاع بنظرهم إلي وضحكهم علي ولمزهم فيّ، ثم الانصراف فوراً من عندهم. أو أني أكون داخل سيارتي في مكان ما وأقوم بالنظر منها إلى الصبيان واستمتع بذلك ثم أقوم بما ذكرته آنفاً.
طبعاً لم أفكر يوماً بأن أفعل مع أحد منهم فعل قوم لوط – عياذاً بالله - فهذا أقصى ما كنت أفعله، ولأن هناك أمر يغلب سببه على سبب الفعل لشهوة سأخبر به في السطور القادمة، ويصل الأمر في بعض الأحيان أني كنت أفعل هذا والناس تصلي والمسجد قريب مني جداً، فأضيع الصلاة وأنا مقيم على هذا المنكر العظيم، مع العلم أني أتنكد نكداً عظيماً عندما تضيع مني الصلاة وأنا في الحالة العادية، بل حتى لمجرد ضياع ركعة.
أضف لذلك كما قلت صرت كلما رأيت صبية في أي مكان تتحرك مشاعري وشهوتي (ووصل الأمر حتى في المسجد إذا دخلته ورأيتهم فيه)، وأبدأ بالتطلع إليهم وكأن مغناطيس يشدني إليهم شداً، بل حتى بمجرد سماع أصواتهم فقط في مكان قريب ولم أرهم (عمل مشين حقير سافل بكل معنى لما تمليه العبارة).
وهكذا سيطر هذا التفكير على عقلي وخيالي ووجداني بقوة وأصبحت حياتي جحيماً لا يطاق وانقلبت حياتي غماً وهماً وحزناً، فبعد أن كنت أنظر إلى النساء من خلال الصور في سنين ماضية سبقت تلك السنين – الذي كان شره أهون من ذلك بكثير - انقلب الأمر إلى الأطفال وكان هذا له تبِعاتُه السيئة من عدم سيطرتي على نفسي عند الغضب، وقلة التركيز والتسريح والشرود الذهني والتردد، وفي بعض الأحيان الخوف من الاقدام على بعض الأمور واهتزاز الثقة بالنفس.
ورغم مجاهدتي ومصارعتي ومقاومتي لهذا الأمر مراراً وتكراراً وبكل الأساليب ألا أنني فشلت فيه كثيراً، وتأتيني فترة راحة منه وانكماش وفتور وانصراف عنه ثم ما تلبث تمر فترة ليست بالطويلة فتأتيني الحالة بعد ذلك وأنتكس وأنا في كر وفر مع هذه الحالة العسيرة والحمل الثقيل على النفس الذي لا يطيقه مخلوق – أعاذكم الله والمسلمون منه جميعاً – لمدة 18 عاماً فوالله لو خير إنسان سوي أن تسلب منه عافيته وسمعه وبصره وكل نعمة عنده ويصاب بأمراض الدنيا كلها في مقابل أن يتخلص من هذا الداء لاختار من غير تردد الأمر الأول.
سعادة المستشار، لقد فقدت زوجتي وانفصلت عنها وأولادي بسبب ذلك الأمر، ووالله ومع ذلك فلست متحسراً على فقدانهم بقدر حسرتي على استمرار ذلك الأمر وتعاظمه معي مع مرور الأيام وأخشى والله أن يختم لي بسوء بسبب إقامتي عليه.
تعـليل ما يحصل لي من وجهة نظري :
لعلي أتكلم لك يا سعادة المستشار عن أمر لعله يكون هو سبب ما أنا فيه ولتقف على تشخيص حالتي عن دراية كاملة واطلاع تام، أرجعه إلى سببين رئيسيين :
السبب الأول :
وهذا مالم كنت أرد أن أبوح به لأحد وهو من أسباب عدم التكلم عن حالتي والصبر على مجاهدة النفس لـ 18 عاماً ومصارعتها لعل الله كان يأتيني بالفرج وزوال هذه الغمة ولكن لما رأيت عدم الجدوى، اضطررت للبوح بهذه الأمور التي يخجل منها أي إنسان أن يبوح بها.
فأنا عندما كنت صغيراً في السن، في سن التاسعة أو العاشرة لا أذكر بالضبط ، تعرضت للأسف لعملية (اغتصاب) من قبل ابن خالتي – سامحه الله – الذي يكبرني في السن وكان عمره أنذاك في حدود (16) سنة، فغرر بي ولعدم إدراكي لحرمة هذا الأمر وشناعته في ذلك الوقت، ومع خوف منه، وللأسف فعلها في بيتنا، مستغلاً ثقة أمي (خالته) به، ولقد بدأ معي بالكشف عن عضوه وجعلني ألمسه، ثم تطور الأمر إلى ما آل إليه، ولا أدري أين كان عقلي في ذلك الوقت (حتى مع صغري) فهناك أطفال أقل من سني يدركون هذا الأمر ولكن كان فيما يبدو لدي تبلد في العقل وانطماس بصيرة لأنه كان باستطاعتي صراحة أن أرفض وأهرب منه،
وبالرغم من أن هذا الأمر لم يحدث إلا مرة واحدة ولم يتكرر ألا أني أرى أنه هو سبب معاناتي حتى الآن ووقوعي فيما بينته في السطور السابقة، ولقد بدأت بعد هذه الواقعة المشؤومة تتغير حياتي ووضعي فأصبح عندي تبلد عجيب في العقل وعصبية زائدة عن الحد المعقول وتردد وخوف وقلة شجاعة وعزلة عن الناس وانطوائية وعدم ثقة بالنفس فيما أفعله في بعض الأحيان.
حتى بالرغم من سيري في حياتي واكمالها على ما تربيت منه على الدين والمحافظة على الصلاة في الجماعة وفي أوقاتها وحتى كنت قد بدأت صيام أول رمضان (شهرا تاماً) في ذلك السن الذي حصلت فيه تلك الواقعة أو بعده بسنة، ثم بدأت بصيام الست من شوال وأنا ابن الثالثة عشر.
لم أصاحب أشخاصا سيئين في حياتي، لم أفعل سوى ذلك المنكر في صغري (وهي المرة الوحيدة في حياتي كلها) ، صحيح تغيرت نفسيتي بعدها وأصارحك القول، أنه أصبحت نفسي تتوق للتعري منذ ذلك الوقت وحتى أني فعلته مع أخوين من إخوة ابن خالتي هذا، ولكنه تعري فقط كان مع واحد منهما، والآخر كان معه عبارة عن ضم وتقبيل فقط من غير تعري وهما أصغر مني سناً، وأذكر مرة من المرات أني اشتهيت للتعري فذهبت أسفل سريري وأنا في الثالثة عشر تقريباً وتعريت واستلقيت تحته، وجاءت أمي تبحث عني فلقيتني تحته، لكن لما شعرت بأنها تفتح لمبات الغرفة لبست ملابسي قبل أن تراني.
على العموم صرت على هذا الحال منذ ذلك اليوم المشؤوم، الحالة تذهب عني وتأتيني وتنتابني وتعتمل في نفسي اعتمالاً كبيراً، وحتى كان ذهابي للعيادة النفسية التي ذكرتها لك في بداية وصفي لمعاناتي كان بسبب ذلك الأمر.
أما السبب الثاني:
حقيقة فشلي في مقاومة هذا الشعور وبدايته معي
وهناك سبب يجعلني أفشل في مقاومة هذا الشعور وهو:
فشلي في حياتي والإحباط من عدم النجاح ( وهو ما ذكرته آنفا عندما ذكرت أن هناك سببا يغلب على سبب الفعل لشهوة) وهو بيت القصيد في أمري.
فحقيقة الأمر: أني في بعض الأحيان تكون المشكلة نابعة من شهوة مطلقة (كما في السبب الأول) .
والأحيان الأكثر (وهو السبب الثاني) يكون ناتجاً بسبب:
فشل في عمل سهل لم أؤده كما ينبغي.
أو قرار خاطئ أو متسرع في أمر اتخذته وأدى إلى نتائج سلبية.
أو حتى عندما أنسى آية من القرآن من السور التي أراجعها، وأنا أصلى النافلة مثلاً.
أو نقاش تناقشته مع الوالدة بحدة وندمت عليه.
(ومثل هذه الأمور تتكرر معي للأسف بين حين وآخر) وقس على هذا أمور أخرى.
بل إن بداية حدوث الأمر عندي واشتعال شرارته كان سببها هو الإحباط والشعور بالفشل في تأدية المهام، فتعريت لوحدي مرات، ثم صار أمام رجال من الجنسية البنغالية في استراحة ذهبت إليها متظاهراً بأني أريد أن أستأجرها، ثم لما انتقل الأمر من بعد ذلك إلى الأطفال، أصبحت أمارسه عند الإحباط في أكثر الأحيان وأحياناً قليلة لمجرد الشهوة، ولعل السبب في هذا يرجع إلى أني أحس بإحساس الذليل المهان الفاشل الذي لم يستطع أن ينجز أمراً ما، أو الفشل في التعامل مع والدتي، حيث كنت أعد نفسي بأني سأضبط أعصابي ولكن أفشل،
وفي الحقيقة ليست مشكلتي مع الفشل نفسه، فهذا يحصل مع الناس كلهم وهم معرضون له، ولكن المشكلة في تكراره معي وبشكل كبير وفي نفس الأمور التي وقعت فيها سابقا، فأشعر بأني غبي وبليد ومعتوه فيأتيني الشعور بأن أقوم بهذا الفعل فهذا مقامي وأريد أن أهين نفسي وأحقرها أمام أصغر الناس وهم الأطفال حتى أصير مضحكة لهم فأشعر بالإهانة واستلذ عليها، ولأن الاستمناء يريحني من الهم الذي أنا فيه كمن تريحه المخدرات لمن يتعاطاها حتى ينسى همه، طبعاً أعتقد أن هذا الأمر له ارتباط وثيق بالسبب الأول لا نستطيع أن نفصله عنه، لأنه بالتأكيد ليس كل المحبطين يلجؤون إلى هذا الأمر مثلي.
السبب في يأسي من عدم زوال هذا الأمر عني:
مما يحز في نفسي ويقلقها ويقض مضجعها ويزيد في همها ما ذكره السيوطي في "مطالب أولي النهى" (6/174) : " وإن كان الزنا واللواط مشتركين في الفحش ، وفي كل فساد ينافي حكمة الله في خلقه وأمره ، فإن في اللواط من المفاسد ما يفوت الحصر والتعداد ، ولَأنْ يقتل المفعول به خير له من أن يؤتى ، فإنه يَفْسد فسادا لا يرجى له بعده صلاح أبدا، ويذهب خيره كله، وتمتص الأرض ماء الحياء من وجهه، فلا يستحي بعد ذلك من الله تعالى ولا من خلقه، وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن، وهو جدير أن لا يوفق لخير، وأن يحال بينه وبينه ، وكلما عمل خيرا قيض له ما يفسده عقوبة له ; وقل أن ترى من كان كذلك في صغره إلا وهو في كبره شر مما كان، ولا يوفق لعلم نافع، ولا عمل صالح ، ولا توبة نصوح غالبا .
إذا تقرر هذا، فمفسدة اللواط من أعظم المفاسد، وعقوباته من أعظم العقوبات في الدنيا والآخرة" انتهى كلامه
فعند تأمل مقولة الإمام السيوطي ، نجده كلاما خطيراً، وإن كنت لا أتمناه أن يكون صحيحاً على إطلاقه، ولكن للأسف عملياً وواقعياً وجدته منطبقاً علي، وهذا مما أصابني باليأس والإحباط ومما يجعلني – عياذاً بالله – أعتقد بأن الله لن يغفر لي ولن يقبل أعمالي وهذا من سوء الظن به تعالى ، نعم هناك كلام لابن القيم ، على من فعل به وهو صغير، ثم تاب وأقلع عن هذا فإن الله يتوب عليه، وأن جميع المعاصي بما فيها الكبائر – عدا الشرك – فإنها تغفر للإنسان إذا تاب لله توبة نصوحاً ، لكن أرى الواقع أني غير موفق للخروج من هذا الأمر والتخلص منه، فيزداد عندي الاعتقاد يوماً بعد يوم بصحة ذلك الكلام، بل إن هذا الكلام من مسببات استمرار عملي لهذا الفعل المشين لإحساسي بأني خاسر في الدنيا والآخرة ولن أستطيع النجاة من العذاب يوم القيامة فأحس بالإهانة في الدنيا والخذلان في الآخرة.
ويرجع سبب ذلك أني حتى مع تكثيفي للذكر وقراءة القرآن الذي أقرأه في ثلاث فترات من اليوم – في أغلب الأحيان - بكثرة والتبتل والدعاء إلى الله ، ومع صيامي ولله الحمد الثلاثة أيام البيض من كل شهر في غالب الشهور ومع طاعات أخرى أفعلها ، ولم أكن أريد ذكر ذلك ، ولكن اضطراري لذكره كاضطراري لذكري حالتي هذه ، والسبب أني أريد تشخيصا صحيحاً لحالتي بعد احاطتكم بجميع جوانبها، بل يبلغ الأمر قمة العجب والغرابة عندما تعلم أن غالب ما يقع معي هذا الأمر في يوم الجمعة - وهو اليوم الذي أتفرغ فيه للذكر والدعاء والابتهال فيه إلى الله سبحانه وتعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم - فتزداد الكآبة والضيق والألم والإحباط، فكيف بعد هذا الذكر والدعاء المكثف يحصل لي ( في كثير من الأحيان) الاعتمال في النفس بالشهوة لهذا الفعل، فبعد أن أشعر فيه بالارتياح والروحانية، يرجع لي هذا الشعور السيء، لقد سئمت ومللت هذا الفعل المشين الحقير، أنا الآن بهذه الصورة أحيا حياة بهيمية كما وصفها ابن القيم ، عندما تحدث عمن أظلم قلبه بالمعاصي وزال نور الإيمان منه.
يعلم الله أن الذكْر شبه ملازم لي في يومي، فأنا والحمد لله لا أترك أذكار الصباح والمساء – الذكر (سبحان الله عدد ما خلق ...) – الاستغفار – قول (لاحول ولا قوة إلا بالله – يا ذا الجلال والإكرام – سبحان الله وبحمده، وغير ذلك من أذكار دخول والخروج من المنزل ودعاء ركوب الدابة وغيرها أقولها وأزيد عليها بعض الأحيان أذكاراً أخرى بشكل يومي، وكلما كنت راكبا وماشياً في طريقي، في السوق، أنتظر دوري في مطعم لكي أشتري شيئا منه ، في البيت ، وأنا جالس أكتب على الكمبيوتر ... الخ.
وأكثر من الصلاة على النبي يوم الجمعة في سائر اليوم.
وأزيدك على هذا بأني أحضر مجالس علم بين وقت وآخر، وأنا أيضا متخرج من الجامعة بتخصص علم الكمبيوتر، ودرست إضافة لهذا دبلوم دراسة شرعية في جامعة أم القرى، إضافة لحفظي القرآن ومراجعته يومياً وأحب العلم والدين وأهله وأفعل الطاعات والقربات
ومبتعد عن المعاصي – بحمد الله - ألا أني مبتلى بهذه الكبيرة، وبالرغم من الوسائل التي اتبعتها وما زلت اتبعها حتى الآن لمقاومة هذا الأمر هي غض بصري عن الصبيان ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، حتى صار يتجاوز غض بصري عن النساء، ولكني في كرو فر.
وفي نهاية المطاف: فأنا في حيرة من أمري، في كل ما فعلته من أمور لمجاهدة ومقاومة هذا الشعور الذي يختلج في نفسي وأصبح يجري في دمي، وأنشدّ إليه انشداداً حتى أصبح كالهائم على وجهه يهيم في آخر الليل يخرج ليبحث عن اشباع نهمه بالتعري أمام الصبية، وإذا أعيتني الحيل ولم أجد أحدا، أتعرى داخل سيارتي، واستمني، فأريد أن أشخص حالتي هذه ، فهل هي:
• تحتاج لبرنامج علاجي معين مكثف (ديني) مقترح مناسب لمثل حالتي هذه أتبعه لكي أخرج من هذه المحنة.
• أم أنها تحتاج لعلاج بدني وعضوي حتى أتشافى منها بالإضافة لما أعمله من الأذكار وقراءة القرآن والدعاء وخلافه.
• أم أنها سحر (عمل) قد عمل لي لإيقاعي في هذه الكبيرة وجعلي مهاناً ذليلاً، وهو ما يسمى بالسحر الأسود الذي يبعد الانسان عن دينه و يلغ بالمعاصي ويكون أسيرها، فاحتاج للعلاج المناسب لها (لاحظ ما ذكرته سابقاً مما يحصل لي يوم الجمعة) .
• أم أنها ترجع إلى ما حصل لي في صغري، وستظل هكذا إلى أن يتوفاني الله فأصبر وأقاوم وأحتسب ومع الذكر والدعاء وفعل الطاعات ومحاولة التقليل والتخفيف من هذه المعصية بقدر ما يمكن .
أم مـــــاذا؟؟؟ أريد حــــلاً، أريد الخروج من هذه المحنة بأسرع وقت ممكن
والله .. والله ... لو كان الانتحار جائزا لانتحرت منذ زمن طويل وارتحت من هذا العـناء.
والله، إني لأشعر أن النصوص التالية من القرآن والسنة ، وكأنها قد أنزلت في تخصيصاً، وهي تهولني وتروعني :
• حديث أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنـه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفه ثم يكون علقه مثل ذلك ثم يكون مضغه مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وٍأجله وعمله وشقي أم سعيد فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) رواه البخاري.
• وقوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11)
الذي كلما مرت علي، وتذكرت احباطي ويأسي وقنوطي من أن لا يغفر الله لي ومن ثم أرى أن كل ما أعمله من طاعة ليس له قيمة وأني غير موفق وأرجع في الذنب، أضف لذلك عدم التوفيق الملازم لي في حياتي، وفشلي فيها بشكل كبير، وكأني أنتظر من الله أن يكافئني مقابل طاعتي ويرفع عني محنتي، فأحس أني ممن يعبد الله على حرف.
وأخيراً، أسأل الله أن يوفقكم ويسددكم لإيجاد مخرج لي من هذه المحنة والغمة التي تكاد تعصف بحياتي.
حرر في : 12 محرم 1439 هـ
2/10/2017
رد المستشار
أشكرك يا "أيمن" على ثقتك بالقائمين على موقع الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية من خلال لجوئك للمستشارين على الموقع ليشاركوك مشكلتك ويساعدوك في تخطيها، بإذن الله....
أولا أذكرك بقول الله تعالى: "...إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..." ( الرعد: 11)، فالمسؤولية تقع على عاتقك في التغيير وحتى تقوم بهذه المسؤولية فلابد أن يكون لديك الإرادة والرغبة في التغيير، فعليك ان تبحث عن نقطة الانطلاقة بداخلك للتغيير.
الغريزة الجنسية طاقة موجودة في كل الناس لتؤدي وظيفة هامة وهى التكاثر وعمران الأرض، ولكى يحدث هذا أحاطها الله بأحاسيس سارة ولذيذة كي تدفع الناس لتحقيق هذه الأهداف ويتحملوا مسئوليات بناء الأسرة وتربية الأبناء، ولكن نتيجة لبعض الظروف التربوية فى فترة الطفولة تتجه هذه الطاقة الجنسية اتجاهات مخالفة للمألوف، وهذه الاتجاهات اعتبرت شاذة (فى نظر الأديان والأعراف السليمة والعقلاء من البشر ) لأنها لا تساهم في عمران الحياة فضلا عن أنها تقويض لمسار الحياة النفسية والاجتماعية والخلقية، وما من مجتمع تفشت فيه هذه الحالات حتى أصبحت ظاهرة إلا وأصابه الانهيار ( والمثال الأشهر هو قوم لوط ) وذلك لأن هذا السلوك يسير ضد تيار الحياه الطبيعية.
وهناك عدد من الناس ابتلوا بانحراف مسار الغريزة في اتجاهات شاذة ( وهذه ظاهرة موجودة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة )، وهؤلاء على نوعين:
نوع يرضى بذلك الشذوذ ويمارسه (وربما يستمتع به) وهذا لا نراه في المجال العلاجي ولكن نسمع عن مشكلاته الأخلاقية أو القانونية.
ونوع لا يرضى بهذا الشذوذ ويتعذب به ولا يمارسه ويسعى للخلاص منه ولكنه لا يستطيع.
وهذا النوع الأخير هو الذى نراه في المجال العلاجي وينقسم أمامه المعالجون إلى قسمين:
قسم يستشعر صعوبة التغيير وصعوبة التحول وفى داخله رغبة الاستسهال والاستسلام للأمر الواقع ( كما حدث في الغرب ) خاصة وأنهم لا يجدون فى التراث العلمي (الغربي في مجمله ) وسائل وتقنيات وتجارب علاجية تؤنسهم في مشوارهم الصعب مع مرضاهم الأصعب، وهؤلاء يعلنون أن الشذوذ ليس له علاج .
قسم يرى الأمر من كل جوانبه الطبية والاجتماعية والدينية، ويرى في هذا الشذوذ ابتلاءا يتعامل معه المريض والمعالج بصبر حتى ينقشع، وهم يحتسبون الجهد والعناء عند الله ويرجون العون والمثوبة منه ويعتبرون ذلك رسالة يتقربون بها إلى الله ولا ييأسون مهما كانت نسبة نجاحهم قليلة بناءا على قاعدة : " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " وقاعدة: " لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم "، وهذه هى الروح التي نتمناها أن تسود في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وعلاج حالات الجنسية المثلية ليس بالصعوبة, ولكنه يحتاج لمعرفة خاصة وفهم خاص لمثل هذه الحالات وتدريب خاص على كيفية مساعدتها.
وسوف أتناول معك بعض الأساليب التي تساعدك على تخطي مشكلتك بإذن الله....
• بداية الطريق العلاجي: أن تكون لديك الرغبة في التعافي, ومعالج متفهم ومتمرس ومثابر
• قبول الذات
• قوة الجنوسة, بمعنى تأثير الهوية الجنسية الهائل على السلوك
• تمكين الهوية الجنسية
• التعرف على معالم الذكورة والأنوثة
• إصلاح العلاقة مع الوالد
• العلاقة العلاجية, والتي تتلخص في الطرح, والانتقال من الاعتمادية إلى الاستقلال, وإشباع الحاجة إلى الحب الوالدي والقبول, وعلاج الطرح المضاد والمقاومة.
وأبشرك أن لديك دوافع قوية للعلاج والتغيير منها:
الدافع الديني, وهو من أقوى الدوافع الكامنة وراء الرغبة في التغيير.
الدافع الأخلاقي, حيث أنك تنظر إلى هذا السلوك بنوع من الاشمئزاز والرفض, ولديك رغبة في التخلص من الحياة المثلية التعسة, وأن تعيش حياة طبيعية مثل بقية الناس .
بناء أسرة, حيث أن لديك الرغبة إلى حياة أسرية مستقرة ودافئة.
أهداف العلاج :
تختلف أهداف العلاج من شخص لآخر, فالبعض يدخل العملية العلاجية بهدف واحد وهو توقف النشاطات المثلية , والبعض الآخر يدخل بهدف تجاوز النشاطات المثلية إلى نشاطات غيرية ثم الارتقاء في النمو النفسي والروحي ، اذن نوجز الأهداف المتاحة فيما يلي :
أهداف سلوكية: وهي التوقف عن الممارسة المثلية بكل درجاتها وأشكالها ثم التحول إلى الجنسية الغيرية.
أهداف وجدانية : وهي تعني تناقص الإنجذاب الجنسي المثلي وفي ذات الوقت تقوية الانجذاب الجنسي الغيري .
أهداف ارتقائية : دعم الهوية الجنسية الذكرية (في الذكور) أو الأنثوية (في الإناث) على المستوى النفسي وفي الممارسة الحياتية , ثم تجاوز الحاجز النفسي مع الجنس الآخر, ذلك الحاجز المبني على خبرات سلبية أو توقعات خاطئة .
التعافي من الإيذاء النفسي والجنسي إن كان قد حدث
الارتقاء على المستويات الروحية الأعلى في الوجود
هناك العديد من الوسائل والتقنيات العلاجية منها:
أما عن الوسائل العلاجية المتاحة حاليا ( والتي تحتاج لتطوير وابتكار في المستقبل ) فهي ترتكز على أساسيات العلاج المعرفي السلوكي من منظور ديني وروحي، وهى كالتالي:
1 - الاطار المعرفى: ويتلخص فى تكوين منظومة معرفية يقينية بأن هذا السلوك شاذ ( أو هذه المشاعر والميول شاذة ) من الناحية الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وأنها ضد المسار الطبيعي للحياة النظيفة والسليمة، وأن هذا السلوك يمكن تغييره ببذل الجهد على الطريق الصحيح، ومن المفضل أن يعرف المريض والمعالج النصوص الدينية المتصلة بهذا الموضوع حيث ستشكل هذه النصوص دفعة قوية لجهودهما معا فحين يعلم المريض والطبيب أن إتيان الفعل الشاذ يعتبر في الحكم الديني كبيرة من الكبائر، وفى الأعراف الاجتماعية والأخلاقية عمل مشين فانهما يتحفزان لمقاومته بكل الوسائل المتاحة، ويحتاج الاثنان أن يتخلصا من الأفكار السلبية التى تقول بأن الشذوذ نشاط بيولوجي طبيعي لا يدخل تحت الأحكام الأخلاقية وليس له علاج حيث أثبتت الأدلة العقلية والنقلية والتجارب الحياتية غير ذلك .
وإذا كان المريض أو الطبيب لا ينطلقان من قاعدة دينية للتحول, فعلى الأقل يكون لديهما قناعة بأن السلوك المثلي يشكل اضطرابا يحتاج لبذل الجهد لعلاجه.
ولا يتوقف الإطار المعرفي عند تصور السلوك المثلي بل يشمل تصحيح المعتقدات والتصورات عن الجنس الآخر وذلك تمهيدا لتحويل الميول نحو هذا الجنس بشكل طبيعي
2 - العلاج السلوكى : ويتمثل فى النقاط التالية:
العلاقة العلاجية: وهي المفتاح الأساسي في العلاج خاصة وأن كثير من حالات الجنسية المثلية يكون سببها افتقاد العلاقة السوية والقوية مع الأب, وهنا يقوم المعالج بلعب دور الأب بشكل صحي وعلاجي, وهذا يدعم التركيبة النفسية لصاحب السلوك المثلي خاصة في المراحل الأولى للعلاج.
التعرف على عوامل الإثارة: حيث يتعاون المريض والمعالج على إحصاء عوامل الإثارة الجنسية الشاذة لدى المريض حتى يمكن التعامل معها من خلال النقاط التالية، وعوامل الإثارة قد تكون التواجد منفردا مع شخص ما, أو المصافحة أو الملامسة أو العناق, أو الدخول على مواقع الإنترنت الجنسية, أو التخيلات المثلية .
التفادى : بمعنى أن يحاول الشخص تفادى عوامل الإثارة الشاذة كلما أمكنه ذلك
العلاج التنفيرى: لقد حدثت ارتباطات شرطية بين بعض المثيرات الشاذة وبين الشعور باللذة، وهذه الارتباطات تعززت وتدعمت بالتكرار وهذا يفسر قوتها وثباتها مع الزمن، وفى رحلة العلاج نعكس هذه العملية بحيث نربط بين المثيرات الشاذة وبين أحاسيس منفرة مثل الإحساس بالألم أو الرغبة فى القئ أو غيرها، وبتكرار هذه الارتباطات تفقد المثيرات الشاذة تاثيرها، وهذا يتم من خلال بعض العقاقير أو التنبيه الكهربي بواسطة معالج متخصص . ولنضرب مثالا لها : نطلب من المريض أن يتذكر المشاعر الشاذة التي تمر بخاطره حين يرى أو يسمع أو يشم مثيرا معينا ، وحين يخبرنا بان المشاعر قد وصلت لذروتها بداخله نقوم بعمل تنبيه كهربي على أحد الأطراف أو إعطاء حقنة محدثة للشعور بالغثيان أو القئ
تقليل الحساسية: بالنسبة للمثيرات التى لا يمكن عمليا تفاديها نقوم بعملية تقليل الحساسية لها وذلك من خلال تعريض الشخص لها فى ظروف مختلفة مصحوبة بتمارين استرخاء بحيث لا تستدعى الإشباع الشاذ، وكمثال على ذلك نطلب من المريض استحضار المشاعر الشاذة التي تنتابه وعندما تصل الى ذروتها نجرى له تمرين استرخاء، وبتكرار ذلك تفقد هذه المشاعر ضغطها النفسي
3- العلاج التطهيرى: وهو قريب من العلاج السلوكي ويتبع قوانينه ولكنه يزيد عليه فى ارتباطه بجانب معرفى روحى ، وهو قائم على قاعدة " ان الحسنات يذهبن السيئات " وعلى فكرة " دع حسناتك تسابق سيئاتك "، وباختصار نطلب من المريض حين يتورط فى أيّ من الأفعال الشاذة أن يقوم بفعل خير مكافئ للفعل الشاذ كأن يصوم يوما أو عدة أيام، أو يتصدق بمبلغ، أو يؤدى بعض النوافل بشكل منتظم ......الخ، وكلما عاود الفعل الشاذ زاد في الأعمال التطهيرية، ويستحب فى هذه الأفعال التطهيرية أن تتطلب جهدا ومشقة في تنفيذها حتى تؤدى وظيفة العلاج التنفيري وفى ذات الوقت يشعر الشخص بقيمتها وثوابها ولذتها بعد تأديتها والإحساس بالتطهر والنظافة وهذا يعطيها بعدا إيجابيا مدعما يتجاوز فكرة العلاج التنفيري منفردا، وهذا النوع من العلاج قريب من نفوس الناس في مجتمعاتنا ( سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين ) ففكرة التكفير عن الذنوب فكرة إيمانية وعلاجية في نفس الوقت ، وكثير من الأعمال الخيرية فى الواقع تكون مدفوعة بمشاعر ذنب يتم التخفيف منها إيجابيا بهذه الوسيلة .
4- تغيير المسار : وهذه الخطوة يجب أن يتفهمها المريض جيدا حيث يعلم بأن الغريزة الجنسية طاقة هامة في حياته ولكن حدث أن هذه الطاقة فى ظروف تربوية معينة حفرت لها مسارا شاذا وتدفقت من خلاله ولهذا لا يشعر الشخص بأي رغبة جنسية إلا من خلال هذا المسار الذى اعتاده لسنوات طويلة وتدعم من خلال تكرار مشاعر اللذة مرتبطة بهذا المسار، ولكى يتعدل اتجاه الطاقة الجنسية فان ذلك يستلزم إغلاق هذا المسار الشاذ حتى لا تتسرب منه الطاقة الجنسية وبعد فترة من إغلاق هذا المسار تتجمع الطاقة الجنسية وتبحث لها عن منصرف، وهنا يهيأ لها مسارا طبيعيا تخرج من خلاله، وسوف تحدث صعوبات وتعثرات فى هذا الأمر ولكن الإصرار على اغلاق المسار الشاذ وفتح المسار الجديد سوف ينتهى بتحول هذا المسار خاصة اذا وجد تعزيزا مناسبا فى اتجاهه الجديد ( خطبة أو زواج )، وربما لا يجد الشخص رغبة جنسية نحو الجنس الآخر فى المراحل المبكرة للعلاج لذلك يمكن أن يكتفى بالرغبة العاطفية ، وهذه الرغبة العاطفية كنا نجدها كثيرا عند المرضى بالشذوذ وربما قد جعلها الله حبل النجاة للمبتلين بهذا المرض يتعلقون به حين ينوون الخلاص ، وكثير منهم أيضا تكون لديه الرغبة في العيش فى جو أسرى مع زوجة وأبناء على الرغم من افتقادهم للرغبة الجنسية نحو النساء، ومن متابعة مثل هذه الحالات وجد انهم حين تزوجوا كانوا ينجحون كأزواج رغم مخاوفهم الهائلة من الفشل حيث يحدث بعد الزواج إغلاق قهري للمنافذ الشاذة للغريزة (بسبب الخوف من الفضيحة أو اهتزاز الصورة أمام الزوجة ) في نفس الوقت الذى تتاح فيه فرص الإشباع الطبيعية، وفى بعض الأحوال يحدث ما يسمى بالجنسية المزدوجة ( Bisexual ) حيث تكون لدى الشخص القدرة على الإشباع المثلى والغيرى للغريزة .
5- المصاحبة : وبما أن مشوار التغيير يحتاج لوقت وجهد وصبر ، لذلك يجب أن يكون هناك معالج متفهم صبور يعرف طبيعة الاضطراب بواقعية ولديه قناعة لا تهتز بإمكانية التغيير ولديه خبرات سابقة بالتعامل مع الضعف البشرى، ولديه معرفة كافية بقوانين النفس وقوانين الحياة وأحكام الشريعة وسنن الله فى الكون، هذا المعالج بهذه المواصفات يقوم بعملية مصاحبة للمريض ( المبتلى بالمشاعر أو الميول أو الممارسات الشاذة) تتميز بالحب والتعاطف والصبر والأمل واحتساب الوقت والجهد عند الله، هذه المصاحبة تدعم مع الوقت ذات المريض ( فيما يسمى بالأنا المساعد أو تدعيم الأنا)، وتعطى نموذجا للمريض تتشكل حوله شخصيته الجديدة فى جو آمن، وبناءا على هذه المتطلبات يستحسن أن يكون المعالج من نفس جنس المريض وذلك يسمح بحل إشكاليات كثيرة في العلاقة بنفس الجنس شريطة أن يكون المعالج متمرسا وقادرا على ضبط إيقاع العلاقة دون أن يتورط هو شخصيا في تداعيات الطرح والطرح المضاد، والمعالج ( المصاحب ) ليس شرطا أن يكون طبيبا بل يمكن أن يكون أخصائيا نفسيا أو اجتماعيا أو عالم دين أو قريب أو صديق تتوافر فيه كل الشروط السابق ذكرها.
6- السيطرة على السلوك : نحن جميعا في حياتنا لدينا رغبات لا نستطيع إشباعها بسبب معتقداتنا أو ظروفنا الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها ولهذا نصبر عليها ونضبطها لحين تأتى الفرصة المناسبة لإشباعها ، وقد لا تأتى فنواصل الصبر عليها أو إيجاد إشباع بديل، والشخص ذو الميول الشاذة عليه أن يتعلم ذلك الدرس وأن يتدرب على ضبط مشاعره وميوله الشاذة وأن يبحث عن الإشباع البديل ( كباقي البشر، فكلنا مبتلون بمشاعر وميول لا يمكن إشباعها ) وهذا من علامات نضج الشخصية، وفى المراحل المبكرة من العلاج ربما نحتاج الى السيطرة الخارجية ( بواسطة المعالج أو بالتعاون مع أحد أفراد الأسرة أو أحد الأصدقاء اذا كانوا يعلمون بالمشكلة ) وذلك حتى تتكون السيطرة الداخلية، والهدف من ذلك هو منع الإشباع الشاذ حتى لا يحدث تدعيم لهذا المثار . وأثناء برنامج التدريب على السيطرة نطلب من المريض أن يكتب فى ورقة المواقف التي واجهته وكيف تصرف حيالها ويقوم بعد ذلك بمناقشة ذلك مع المعالج ، وهذا ينمى فى المريض ملكة مراقبة سلوكه ومحاولة التحكم فيه، وفى كل مرة ينجح فيها الشخص فى التحكم يكافئ نفسه أو يكافئه المعالج حتى يتعزز سلوك التحكم والسيطرة الداخلية.
7- مجموعات المساندة: وهي تتلخص في وجود المريض ضمن مجموعات علاجية مخصصة لمثل هذه الحالات تحت إشراف معالج متمرس, ومن خلال المجموعة يتعلم المريض كيف يتحكم في ميوله, وكيف ينمي علاقاته وشخصيته بشكل جديد .
8- الواجبات المنزلية: وهي واجبات مكتوبة يعهد بها المعالج للمريض لينفذها في حياته اليومية بين الجلسات العلاجية ويراجعها معه المعالج ليرى مدى نجاحه أو فشله في تطبيقها، وهدف هذه الواجبات هو نقل الخبرة العلاجية المكتسبة – سواءا في الجلسات الفردية أو الجماعية – إلى الحياة العامة .
9- التعافي من الإيذاء النفسي والجنسي: وهذه الخطوة يحتاجها الذين تعرضوا لانتهاكات جنسية في المراحل المبكرة من حياتهم وكان لها دور في نشأة وتطور سلوكهم الجنسي المثلي . وهذا التعافي يحتاج إلى خطوات أربع وهي:
الحصول على علاقات آمنة من خلال المعالج أو أعضاء المجموعة العلاجية أو غيرهم.
تذكر الأحداث المؤلمة في جو من الدعم النفسي والإجتماعي.
النوح, بمعنى إخراج المشاعر التي صاحبت الأحداث المؤلمة ولم تخرج بشكل مناسب قبل ذلك
إعادة الإتصال والتواصل بالطفل الداخلي وبالآخرين .
10- عبور الهوة نحو الجنس الآخر: وذلك من خلال تصحيح التصورات والتوقعات عن الجنس الآخر , وبداية التحرك تجاه هذا الجنس في الحياة اليومية بشكل مناسب .
مراحل العلاج:
التوقف عن كل السلوكيات الجنسية المثلية (ممارسة الجنس المثلي سواء كانت ممارسة كاملة أم جزئية, الدخول على المواقع الجنسية المثلية, التخيلات المثلية)، وإذا حقق الشخص هذا الهدف وتوقف عند هذه المرحلة فهو يعيش حالة تسمى "اللاجنسية" , أي أنه توقف عن الجنسية المثلية ولم ينتقل بعد (أو لا يريد أن ينتقل) إلى الجنسية الغيرية .
التحول إلى السلوك الجنسي الغيري, وهو يعني تحويل مسار الغريزة من اتجاهها الشاذ ( غير المثمر ) إلى اتجاه طبيعي ( أو أقرب إلى الطبيعي )، ولا يدعى أحد أن هذا التحويل أمر سهل يحدث في وقت قصير، وإنما هو بالضرورة أمر يحتاج إلى وقت وجهد ومجاهدة وصبر ومثابرة من المريض والمعالج، ولابد أن يوقن الاثنان أنه لابديل عن هذا الطريق ( فليس من المقبول ولا من الممكن الاستسلام للشذوذ )، وأن يعلما أنهما بناءا على هذا التصور الإيمانى يؤجران على أي جهد يبذلانه، ويتلقيان العون من الله فى هذا الطريق، ويتذكران طول الوقت قول الله تعالى : " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "، هذا عن الجانب الايمانى فهل هناك جوانب أخرى مهنية تدعم السير فى هذا الاتجاه ؟
نعم .. ففي خلال الممارسة العملية حدث نجاح مع عدد غير قليل من حالات الشذوذ خاصة أولئك الذين واصلوا طريق العلاج وتحملوا مشقاته، ليس هذا فقط بل ان الواقع الحياتي يؤكد توقف أعداد كبيرة من الشواذ عن هذا السلوك في مراحل معينة من العمر حيث يحدث نضج فى الشخصية يسمح بالتحكم فى رغبات النفس وتوجيهها حتى بدون تدخل علاجي بالمعنى الطبي المعروف.
نمو الشخصية على مستويات متعددة, وهذا النمو جزء لا يتجزأ من رحلة التعافي حيث يؤدي هذا النمو إلى تجاوز أزمة الجنسية المثلية والارتقاء إلى مستويات أعلى من الحياة .
وأخيرا........
ليس معنى أنني تناولت معك بعض الوسائل والتقنيات العلاجية ومراحل العلاج أنك تكون قادر أو مهيأ لاتباع هذه الخطوات والمراحل بمفردك ولكنني أنصحك بضرورة متابعة حالتك مع طبيب نفسي متخصص وما كان ردي على مشكلتك إلا من منظور إرشادي توجيهي يعطيك بصيص أمل عن إمكانية العلاج وأن هناك العديد والعديد من الأساليب والوسائل التي سوف تساعدك على تخطي مشكلتك بإذن الله،
ولا يسعني في نهاية حديثي معك إلا أن أتمنى لك الشفاء العاجل،
وتابعنا دوما بأخبارك.
واقرأ أيضًا:
عشق الغلمان Pedophilia
عشق الغلمان فولع الاحتناق من خطل جنسي لآخر
خطل جنسي عشق الغلمان
عشق الغلمان إباحية الجنس مع الأطفال
استشارات عشق المردان