الوسواس وأنا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أساتذتي الكرام أتابع جيدا ماينشر على موقعكم المتميز أسأل الله أن ينفع بكم.
الموضوع بالنسبة لي طويل شويتين،
أولا: أنا تعرضت لوساوس كتير بدأت معايا بالخوف من فقدان والدي وكنت أستيقظ من النوم أبكي خوفا من فقدان أبي وكنت أراقب تنفسه وهو نائم وسجوده لو أطال وكان يقول لي الوسواس افعل كذا كي لاتفقد والدك وامشي من هنا كي لا تفقده وهكذا الكلام..... ده كان عندي 11 سنة.
وبعد كده وسواس الوضوء وبعد كده وساوس دينية وهكذا إلى أن توفي والدي وأنا عمري 23 سنة ومرضت بعدها وجالي وسواس المرض وكنت أتردد على الأطباء الذين أجمعوا أن ليس عندي شيء، إلى أن تعرضت لنوبة هلع وأنا عندي 25 سنة وشوية بعد فقدان وظيفتي وأثناء البحث عن وظيفة أخرى فخفت وذهبت للطبيب... أكد لي أنني بخير ولم يصرف لي أي دواء
بعد كده.... زاد وسواس المرض والموت وبقيت أتشائم من حاجات كتير لو مراتي كلمتني فى وقت هي مش متعودة تكلمني فيه، لو ابني بكى وأنا ذاهب للعمل، لو أحد من أصدقائي قال لي عايزين نتقابل..... حاجات زي كده ذهبت للطبيبة نفسانية أعطتني "فافرين" ولمدة شهرين تلاتة كنت نسيت الوسواس.... بعد كده قالت لي اترك الدواء
وبعد سنة رجعت لي الوساوس بشدة، ذهبت لمعالج نفساني كان يخضعني لجلسات العلاج المعرفي السلوكي لمدة حوالي 25 جلسة تحسنت كثيرًا وأصبحت أكثر وعيا وأصلا أنا قاريء جيد وأقرأ كثيرًا في هذه المواضيع ولكن من فترة صرت وما زلت أخاف من دخول المسجد وأخاف من فتح المصحف وأخاف من أي أية حديث عن الموت وصرت أسمع ذلك كثيرا بحكم تركيزي على هذا، وأخاف من أي حد يجيب سيرة الموت أو المرض وأتوتر كذلك وأتشائم جدا وأخاف.
قرأت استشارات د.وائل عن العلاقة بين التشاؤم والوسواس ومنهج الأولياء في علاج الوسوسة وأتثائب كثيرا عندما أقرأ هذه الأذكار وطبعا لا أنسى التفكير السحري الذي أقع فريسة له قل ولا تقل.... افعل ولا تفعل.... وطبعا هناك أرقام معينة وأحداث أربطها ربطا سحريا وسواسيا... المشكلة أني أعلم الكثير ولكن كنت وما زلت أخاف وأتوتر وأقع فريسة لأفكاري.
ممكن لو اشتريت كتاب جديد وبفتحه بالصدفة لقيت كلمة الموت أو المرض أغلقه وأخاف.
ثانيا: سمعت أحد الناس منذ فترة كبيرة في التلفاز يقول أن كل حدث يحدث في اليوم هو رسالة من الله للإنسان...... فتفكيري يقول لي لماذا سمعت آية تتحدث عن الموت؟!!!! أسأل نفسي أنا سمعتها اليوم إذن سيحدث لي ضرر، وأتألم من سوء ظني............ موظف البنك كلمني عن وثائق التأمين عن الحياة اليوم لماذا؟؟؟
!!!!!
وأعلم جيدا أن تفاءلوا بالخير تجدوه وأنا عند ظن عبدي بي ولكن عقلي يلعب بي... لا أصلي إلا منفردًا، لا أدخل المسجد إلا يوم الجمعة خوفا، ولا أفتح المصحف خوفا مع أني كنت أذهب إلى حلقات تحفيظ القرآن حتى الأذكار عندما أريد أن أسبح أو أن أصلي على النبي
أرجو النصح، أرجو مساعدتي
وأعدك أنني سأطبق بإذن الله_تعالى_ ما تقوله لي.
2/11/2017
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا طارق، وأهلًا بك وسهًلا
سررت لوعيك وثقافتك، وسعيك للعلاج الدوائي والمعرفي، وأرجو الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء العاجل التام.
قبل كل شيء أود أن أسألك: لماذا تكره الموت؟؟؟؟
هل لأنه فقد؟ ومن قال أننا نفقد أحبابنا بالموت إلى الأبد؟ إنما هو سفر، وموعد طائرتهم كان قبل موعد طائرتنا...
وباعتبار أن الكل سيسافر، فالموت بالنسبة للميت إذن حدث سارّ لأنه يلقى به أحبته الذين سبقوه واشتاق لهم.
وأما بالنسبة للأحياء فصحيح أن الله تعالى سماه مصيبة بقوله في سورة المائدة: ((فأصابتكم مصيبة الموت))، لكن المصائب باب عظيم للأجر لمن يصبر ويحتسب...
إذن الموت: لقاء الميت للأحبة، وباب أجر للحي بصبره على وداع من سافر قبله.
الموت يا طارق رحلة إلى جنة عرضها السماء والأرض، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..، الموت رؤية لله تعالى..، الموت لقاء للنبي _صلى الله عليه وسلم_ يسقينا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا، الموت لقاء لوالدك رحمه الله...، ولجميع أحبابك المؤمنين...
الموت خلاص من الموت!!! قال _صلى الله عليه وسلم_ في الحديث الصحيح المتفق عليه: ((يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادى مناد: يا أهل الجنة. فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، -وكلهم قد رآه- ثم ينادى: يا أهل النار. فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت. -وكلهم قد رآه- فيذبح ثم يقول: يا أهل الجنة، خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت)).
ولعلي أسمعك تقول: وماذا لو لم أدخل الجنة؟
ألستَ مؤمنًا تعبد الله؟ ألست محبًا له تبذل جهدك في عمل الصالحات؟ ألست صابرًا على وسواسك، متمسكًا بدينك رغم هذه الأفكار المزعجة؟ إذن أحسن الظن بالله، فهو عند ظن عبده به.
سؤال آخر: هل سألت نفسك عن الفائدة التي جنيتها من قلق وخوف دام اثني عشر عامًا قبل أن يموت والدك؟ هل أخر هذا القلق ساعة موته؟ كل الذي حصل أنك فقدت متعة اثني عشر عامًا في ريعان شبابك...، عانيت من المصيبة قبل أن تأتي!
ألا تحس أنك كنت مخطئًا في حق نفسك بهذا؟ ألا ترى أن معاناتك طيلة هذه السنوات كانت أصعب من معاناتك عند موت والدك؟
تذكر الآن كيف أنك فقدت متعة سنوات كثيرة من عمرك بلا فائدة، وقل بحزم: لا أريد أن أكرر هذا الخطأ الشنيع في حق نفسي مرة أخرى.
كلما جاءك خاطر الخوف من الموت، قل: لا!! هذا تفكير غبي يضرني ولا يطيل عمري ولا عمر غيري.
ثم: ليس أفضل من المواجهة!!
اجمع الآيات التي ذكر فيها الموت، وأجبر نفسك على تلاوتها صباح مساء!! اقرأها في الصباح، واسأل نفسك مساءً هل متُّ أم ما زلتُ حيًا؟! واقرأها في المساء واسأل نفسك نفس السؤال صباحًا. واجه كل ما تخاف منه وأجبر نفسك على هذا.
من المؤكد أنك تعرف كيف تنفذ ذلك بعد انتظامك عند المعالج، فارجع وطبق ما علمك إياه، ما ينبغي أن تكتفي بنصر جزئي، حافظ على برنامجك المعرفي السلوكي ما دمت حيًا.
استعن بالله واستعذ به من وساوسك الغبية (وكل الوساوس غبية)، وشمر ساعد الجد، وطبق ما تعلمته، فإن مضى شهر ولم تحقق أي نصر، فأنصحك بالذهاب إلى الطبيب مرة أخرى، لعل جرعة خفيفة من الدواء تعينك على التطبيق.
عافاك الله، وأهلًا بك دائمًا.
واقرأ أيضًا:
استشارات عن وسواس الموت