علاج تقيؤ طفلك في خطوات
بسم الله الرحمن الرحيم، أرجو منكم مساعدتي في مشكلتي، لي ابن عمره 4 سنوات و8 أشهر، ومنذ بداية إطعامه في سن 6 أشهر وإلى الآن أعاني من كثرة تقيؤه، وعندما كان صغيرا جدا كانت عنده مشكلة في البلع، حيث إن أي تكتل في الأكل ولو كان صغيرا جدا يسبب له التقيؤ، وكان أكله مقتصرا على الشوربات المهروسة جيدا، وكنت أحيانا أوبخه وأحيانا أضربه عله يترك هذه العادة ويحاول مضغ الطعام، ولو أني أسمع من جدته أن أباه في سنه كان كذلك لا يعرف البلع.
ولكن الآن أراه أحيانا يأكل جيدا وحتى لو كانت اللقمة كبيرة أحيانا يأكلها، وأحيانا من قطعة لحم صغيرة يتقيأ، وأنا أحاول بشتى الوسائل منعه من ذلك، وخاصة في وجبة الفطور ليس لديه أي شهيه للأكل، فبالرغم من استعمال فاتح الشهية أحيانا.
ومشكلته الآن أعتقد أنها نفسية؛ فهو يتخوف من الأكل كي لا يتقيأ فأضربه وأعاقبه، ولكن أنا أضربه أحيانا بشدة؛ لأني أعاني من هذه المشكلة منذ أربع سنوات، فكلما تقيأ شعرت أن تعبي في تحضير الأكل ومحاولة إطعامه قد ذهب هباء، وتذكرت كل المرات التي تقيأ فيها وما سببه لي خلال الأربع سنوات، وشعرت برغبة في عقابه عقابا شديدا عله يرتجع عن فعلها مرة أخرى، مع علمي أن هذا الأسلوب لا يأتي بنتيجة مرضية، لكن الغيظ يدفعني للضرب.
وكذلك أفتقد الطريقة الصحيحة الناجحة في جعله يغير هذه العادة رغم أني عندما كنت صغيرة كنت لا أتناول وجبة الفطور قبل الذهاب للمدرسة، ولكني أريد تغيير هذه العادة عند أبنائي،
فأرشدوني ماذا أفعل؟
وشكرا جزيلا لكم.
3/12/2017
رد المستشار
الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك على صفحتنا "استشارات مجانين"، الحقيقة أنني وجدت في إفادتك هذه ما أثار قلقي، ولعل هذا ما دفعني إلى التأخر في الرد عليك.
سيدتي الفاضلة، هناك أسباب عضوية كثيرة يمكن أن تؤدي إلى تكرار التقيؤ في الأطفال الصغار، وهي في أغلب الأحيان عابرة، ولا نستطيع طبعا تحديد نوعية المشكلة التي عانى منها ابنك في سنوات العمر الأولى، ولا أحسب أن هذا سيفيدنا لأن المشكلة الآن كما قلت أنت بنفسك أصبحت مشكلة نفسية.
من الواضح يا سيدتي أن الجزء الأكبر من المشكلة يكمن في الطريقة التي تفكرين بها، فكيف بالله عليك يصل الأمر بك إلى الغيظ من تقيؤه ثم تقومين بضربه وأنت مغتاظة؟!! إن مثل هذا الأسلوب ينقل للطفل شعورا بأنك تنتقمين منه لا تعلمينه، وهذا خطأ تربوي كبير، فحتى في الحالات التي يسمح فيها باللجوء إلى الضرب يجب ألا يكون ذلك والمربي في غمرة انفعاله وغيظه؛ لأن ذلك يفقد الرسالة التربوية معناها ويضيف إليها ما يشوبها أيضًا، وهنا أنصحك أن تقرئي من على صفحتنا: أنا وابنتي والأكل والمكياج
كما أنصح بأن تقرئي ملف الأمومة علمٌ أم فطرة، ويضم مشاركة رائعة للأستاذة نيفين عبد الله -يرحمها الله- في نفس المشكلة الأمومة علم أم فطرة! مشاركة
ومن هذه الإحالات أحسب أن الأمور قد تتضح لك بعض الشيء؛ فالمطلوب منك وما أنصحك به هو أولا أن تهدئي من روعك، وأن تغيري من طريقة تفكيرك؛ فلا يمكن أن يدفعك شعورك بأنك تعبت في الطبخ إلى ضرب ابنك؛ لأنه لم يأكل منه أو لأنه تقيأه، هذا ما لم أسمعه في حياتي، وأحسب أنك لو راجعت نفسك قليلا لأدركت أن هذا غير معقول، إما أن عملية الطبخ بالنسبة لك عملية شاقة كأنها كفاح طويل مرهق مثلا أو أنك تبالغين، ثم هل تطبخين فقط من أجل الولد؟ ألا يأكل زوجك؟ وألا تأكلين؟ عليك أن تغيري هذه الطريقة في التفكير، حتى لو استدعى الأمر أن تطلبي أنت العلاج النفسي.
وأما كيفية التصرف مع الطفل فكما يلي:
- حاولي أن تجعلي تناول الوجبات في نفس الوقت للأسرة كلها؛ فهذا سلوك إسلامي؛ لأنه يستحب الاجتماع على الأكل، ومعنى هذا أن ابنك سينصح بالجلوس معك أنت ووالده أثناء الأكل.
- اهتمي أنت بإطعام والده وحاولي ألا تظهري للولد انتباهك لما يأكل وما لا يأكل، لا من ناحية النوع ولا الكمية، ومعنى هذا أنك ستتغيرين إلى نقيض ما أنت عليه الآن، فهل تستطيعين؟
- اعلمي أن أفضل الأساليب لعلاج رفض الطفل للطعام -لأسباب نفسية- هو أن نضع الطعام أمام الطفل في الأوقات المناسبة وبالأصناف المناسبة أيضًا، وأن نرفع السُّفرة بعد مرور الوقت المناسب (لا تزيدي عن 45 دقيقة).
- لا تسألي الطفل بعد ذلك عن موضوع الأكل، ولا تربطي مثلا أي سلوك يصدر عنه بعد ذلك ويشير إلى ضعفه أو عدم تركيزه بأن ذلك لأنه لم يأكل، ثقي يا سيدتي أن بداخل الكائن البشري ما يدفعه للأكل؛ فطلب الأكل غريزة، وما أريد أن تصلي إليه مع طفلك هو فك الارتباط الشَّرطي الذي تكوَّنَ لديه فجعله يخاف من الأكل، وكذلك تضييع الفرصة عليه لأنه كطفل قد يكون تقيؤه نوعا من الاعتراض غير الواعي على الأسلوب المتبع معه.
أحسب أنك إذا استطعت فعلا أن تكملي هذه التجربة فإن الولد سيقبل بالتدريج على الأكل، وحبذا لو تابعت معنا فبشرتنا بالتطورات الطيبة.