أعانى من الدراسة بالكلية وأكرهها جدا وتسبب لدى صداع دائم وأخاف من المستقبل وانعزلت عن الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا : بعد تخرجي من الثانوية العامة وحصلت على مجموع 70٪ إلا أن والدتي صممت وأصرت على أن أدخل كلية التربية الرياضية لأنها تعتقد أن لها مستقبل وسوف أحصل على وظيفة في مدرسة ما إذا التحقت بهذه الكلية ولأن أمي مدرسة علوم للابتدائية ربما تريدني أن أكون مدرسا مثلها وأنا لم أنزل ملاعب من قبل ولا أحب ممارسة الرياضة ولم أمارسها من قبل وكنت أرغب في كلية أخرى (تكنولوجيا وتنمية) أو (أداب) لكن أصرت والدتي على كلية التربية الرياضية وأنا أكره الرياضة والتمارين جدا جدا جدا وكنت أجد بداخلي صوت يقول لي أن التمارين العملية الخاصة بالكلية ستكون مرهقة وشاقة على جدا وهذا ما وجدته بالفعل عندما دخلت الصف الأول بالكلية وكنت أعاني منها بشدة طوال السنة الأولى حتى كنت في شجار دائم مع والدتي وأخاصمها دوما بسبب هذا الموضوع،
ووجدت في البداية أيضا انتقادات واستهزاءات من أصدقائي عندما أقول لهم أني دخلت كلية التربية الرياضية ويستهزءون بي لأني لم أمارس الرياضة من قبل ويقولون لي : "إزاي تدخل تربية رياضية وأنت مبتعرفش تلعب كورة أو تعمل تمارين ولا ليك فيها أصلا" وهذا ما سبب لي تعبا نفسي وكنت أكره مدرسين الكلية بشدة ومدربيها ودكاترتها وكل الطلبة الموجودين بيها ولم أصاحب أحد طوال السنة الأولى في الكلية وكانت مرهقة وشاقة جدا،
ثم بعد ذلك عندما انتقلت إلى السنة الثانية بدأت التعرف على بعض الطلاب والذي لم يتجاوز عددهم 3 أشخاص ولم يكن التعرف عليهم بسبب الصداقة لكن بسبب المصلحة التى جمعتنا حتى إن فاتني شيء في الدروس أتواصل معهم وأعرف ما فاتني وكنت عندما أفكر في مستقبل الكلية أصاب باليأس لأني فاشل في هذا المجال ولم ولن أبدع في هذا المجال ولا أرغب في التخصص في هذا المجال لذلك بالتأكيد سأصبح فاشلا أن اشتغلت في هذا العمل أو بهذا المجال ثم في السنة الثالثة من الكلية كنت أحاول أن أمشي أموري لأن لا يوجد تراجع عن هذا الطرق الذي سرت به من البداية وسأقول قد ضاعت سنين من عمري وأحزن على هذه السنين كما أحزن الآن على أني قضيت هذه السنين في مجال لا أحبه وليس بمجالي ولا أرغب به ولا أطمح أن اشتغل بهذا المجال وكنت في كل سنة أنجح ولم أرسب بأي سنة من السنوات ولكن كنت أعدي بتقدير مقبول وكنت أشيل مادتين دائما.
ثانيا: بعد انتهاء السنة الثالثة من الكلية تم القبض علي بتهمة سياسية معارضة النظام الحاكم لأني أنضم إلى فصيل الإخوان ثم قضيت سنة في السجن عانيت منها في البداية ثم تعرفت على خيرة الشباب وخيرة الأشخاص وكنت أخجل عندما ذكر أني في كلية التربية الرياضية أمام اصدقائي في السجن خوفا من أن يقول أحدهم أن تبدأ بتعليمنا بعض التمارين لأني طوال هذه السنوات الثلاث لم أتعلم أي شيء بالكلية ولم أكسب أي خبرة منها ولم أخرج بنتيجة واحدة أفادتني في هذه الحياة كنت أقول أحيانا أني معايا دبلوم للموجودين بالسجن ولكن كان يوجد معي بعض الأشخاص بالسجن يعلمون أني بكلية التربية الرياضية ويصححون المعلومة للآخرين بالسجن وهذا ما كنت أخاف منه ووجدته وقالوا لي علمنا بعض التمارين وكنت دائما أتهرب منها وكان بعض الشباب يستهزئون بي في السجن أيضا بسبب الكلية ويقولون : " هتشتغل بيها إيه هههههه هاهاها " وكنت أتضايق كثيرا حتى كنت أخاصم بعضهم بسبب هذا الأمر حيث يقولون "إنت إزاى دخلت تربية"، "دخلت تربية ليه" ثم مرت سنة وأنا بالسجن وخرجت وقد ضاعت منى سنة كاملة وهي السنة الرابعة كنت فيها في السجن ولم أستطع امتحانها بالسجن.
ثالثا: خرجت من السجن وفرحت فرحا شديدا عند خروجي من السجن وكنت مستغربا الناس وكانت الحرية شيء غريب عليّ وأخاف من الخروج وكنت أود وقتها أن أعود للسجن مرة أخرى لأني غير مرتاح نفسيا بالوضع الجديد ولا أخرج من المنزل وأخاف من مقابلة الناس ومن ملامحهم تجاهي وردت فعلهم وكنت أصلي دائما بالمنزل بدلا من المسجد خوفا من مقابلة أحد من الناس وكنت دائما أتصل بالموجودين بالسجن لأني اشتقت لهم وكنت أستغرب الحياة خارج السجن ولا أحب أن أكلم أصدقائي الغير مسجونين وأتهرب منهم ومن مكالماتهم وسؤالهم عني وكنت أتضايق عندما يقول لى أحدهم "كفارة" أو "مبروك خروجك من السجن" لأني في اعتقادي أن السجن هو مكان للقبض على اللصوص والمجرمين وأنا لست لصا ولا مجرما بل إنسان طيب القلب يحبه الكثير من الناس وصاحب فكر وصاحب قضية،
ثم بعد ذلك ذهبت إلى الكلية بدأت إكمال الكلية وأنا قلق وخائف لأني سأمر بالعملي الخاص بالكلية وقلت لأهلي أني لن أذهب للكلية وقالوا لي كما تحب ومش لازم كلية أفتح مشروع ولكني كنت أكره المشاريع لأني أشعر أني سأفشل في أي مشروع أقوم بعمله ولكن من كلامهم لي أن مستقبلي سيضيع وأن دي آخر سنة وخلصها على خير وفات الكتير معدش إلا القليل وأنا فكرت ووجدت أنه لا يوجد بديل أو طريق آخر أمامي وأني مجبر بشدة على السير بهذا الطريق لأن الجميع يقول لي لابد أن تستمر بالكلية حتى لا تصبح حاصلا على ثانوية فقط وهي مجرد شهادة جامعية أنتهي منها وأفعل ما تريد بعد ذلك ثم ذهبت إلى الكلية ولكني كنت متضايق جدا ومخنوق جدا جدا
وتشاجرت مع أهلي عدة مرات وخصوصا أمي بسبب موضوع الكلية ودائما ألقي اللوم عليها وأقول لها "أنت السبب" وكنت لا أخرج من المنزل أبدا وما زلت وطوال الوقت نائم على السرير ومتعب جدا ويوجد صداع دائم برأسي وعندما أتذكر أن الكلية ليس لها مستقبل وعملي الكلية صعب على أجد رعشة بداخلي وحركات لا إرادية بيدي وأتمنى أن أكسر أي شيء يقابلني ومعزول تماما عن الأهل بسبب هذا الموضوع ولا آكل معهم آكل لوحدي في وقت آخر ولا أشاركهم الأكل ولا الحديث ولا السهر ولا أي شيء وأنا متعب جدا جدا بداخلي ولا أستطيع التفكير ولدي صداع دائم ولا أصاحب أحدا وأصحابي كلهم زعلانين مني لعدم السؤال عليهم واعتزالهم بشكل عام واعتزلت الناس جميعا.
رابعا : كنت معجبا بفتاة وكنت أتمنى التحدث إليها ثم أتت لي الفرصة وأنا في السجن في آخر شهرين من سجني ثم بدأت التحدث إليها عبر الماسنجر وبدأت تكلمني تطورت العلاقة بيني وبينها في الكلام وأصبحنا نتحدث يوميا وعندما اعترفت لها بحبي لها استنكرت هذا الأمر وكنت أشعر أن هذا الكلام من وراء قلبها لأني هناك صوت بداخلي يخبرني أنها تبادلني نفس الشعور وأخبرتني أنها لم تجد بعد الإنسان الذي يمكن أن تعطيه قلبها واعتذرت لي بشدة وقالت لي أننا سنستمر في التحدث لبعضنا البعض فقط كأصدقاء وكررت لا تحزن ثم قبلت الموضوع ولم أكلمها في اليوم التالي ولكني وجدت رسائل كثيرة منها للسؤال علي ووجدت أنها تكلمني بلهفة ثم بعد ذلك بحوالي أسبوع اعترفت لي بحبها لي ثم خرجت من السجن وبدأت أكلمها لفترة كبيرة حوالي شهرين ولكنني كنت أنزعج دائما من مراسلتها وكنت أفضل الإعتزال عن الجميع ولا أحب أن أكلم أحد إلا الذين هم بداخل السجن ثم تضايقت هي من هذا الموضوع وأنا تضايقت من هذا الموضوع ثم تركتها ولكنها ما تزال ترسل لي الرسائل وأنا لا أرد عليها وتستمر في الإرسال والإرسال والإرسال وأنا لا أرد وأرد أحيانا بربنا يهديك أو كلمة واحدة أو كلمتين وترد هي بكم أكبر من الرسائل وهي تحبني جدا جدا وأنا أشعر أني لم أعد أحبها كما كنت في البداية ولا أعرف لماذا عندما أسال نفسي هذا السؤال.
شكرا جزيلا
19/12/2017
رد المستشار
الابن السائل:
أهلا وسهلا ومرحبا بك، وبرسالتك.
فيما يخص الكلية فإن التوقعات تتصاعد أن المهن التي سادت في نهايات القرن العشرين مثل المرتبطة بالحاسبات والمعلومات ستخسر لمصلحة المهن التي تتعامل مع الجسد، ومع الفنون وللتفصيل انظر كتاب: :"عقل جديد كامل" لمؤلفه "دانيال إتش بينك" حاولت أن أستطلع المستقبل المختلف الذي كنت تطمح إليه بدخولك كلية تدرس التكنولوجيا أو الآداب، ولم أفلح، وفي الحقيقة فإن الصلة بين التعليم الجامعي ثم فرص العمل تزداد ضعفا، وبالتالي يختار المرء مهنته بغض النظر عن تعليمه الجامعي في سوق عمل مرتبك جدا، كما ترى!!
بينما تتصاعد الحاجة لفنون والعلوم المرتبطة بالجسد وصحته مثل اليوجا، والتعبير الحركي، والتدريب الدرامي، وتحريك الجسد، ولو أنك على اطلاع بالأنشطة التي تملأ مصر الآن لوجدت تقاطعا كبيرا بينها وبين دراسة الرياضة التي هي جزء من علم الترويح الذي لا يعلم، أغلبنا أنه "علم"، وأنه يدرس في الخارج ضمن كليات الآداب والعلوم الإنسانية جنبا إلى جنب مع علم النفس، والإجتماع، والأنثربولوجيا، بينما النظرة إليه عندنا متخلفة، ومتدنية، أو غائبة وغائمة!!
على كل الأحوال أنت أحسنت حين قررت الانتهاء من الدراسة الجامعية ثم تقرر بعدها ماذا ستعمل، وأين!!لذا يلزمك التركيز في هذا الصدد، مع ملاحظة الحاجز النفسي، وقرار الرفض الذي اتخذته تجاه الكلية أن من شأنه أن ينتج الأعراض التي تشكو منها، والتي تفاقمت في ظل تجربة الاعتقال التي تعرضت لها.
واسمح لي أن أندهش يا صديقي من أنك لا تعرف أن دخولك للسجن ثم خروجك منه يحتاج إلى نوع من التأهيل النفسي لتتعافى من آثار هذه التجربة، وتستفيد من دروسها، غياب هذه التأهيل هو المسؤول عن كثير من الأعراض التي ذكرتها لأن السجن يحمل صدمات نفسية، وفرص تعلم ونضج، وبدون إعادة التأهيل بعد الخروج منه ستظل تعاني من أعراض التجنب، والميل إلى العزلة، والخوف من الخروج، أو الاختلاط بالناس أو بالحياة – مرة ثانية!!
خروجك من وراء الأسوار لا يلغي الحواجز التي حصلت بداخلك، وتحتاج إلى نوع من استعادة اللياقة النفسية بمشورة ومعاونة متخصص مثل اللاعب الذي غاب عن الملاعب لفترة ثم يريد أن يعود!!
الصمود والثبات اللذان يبدهما الشباب والرجال في السجون هما أشياء تفيدهم بلا شك، وتدعم القوة والتماسك النفسي، ويحصل هذا عبر الدعم المتبادل والترابط الذي رأيته أنت بالداخل، وربما يكون هذا المناخ هو ما يجذبك، وتريد العودة إليه من أجل ذلك!لكنك حاليا تحتاج إلى مهارات أخرى إضافية مثل المرونة، وتقبل ما حصل، واستئناف الحياة بانفتاح، والتكيف مع المستجدات بعد توقف استمر لمدة عام!!
مفارقة من المفارقات التي في رأسك هي تلك التي تقول أن السجن هو مكان للقبض على اللصوص والمجرمين، وقد رأيت بنفسك غير ذلك!!
وفي المثل العامي المصري: ياما في الحبس مظاليم!!
وبالتالي تحتاج إلى مراجعة اعتقادك بشأن السجن: كيف؟! ولمن؟!
لأن اعتقادك القديم وتمسكك به يعوق قبولك بالأمر الواقع، وأرى أنك محتاج للحياة العادية التي هي حياتك الآن، وليس للحياة التي تركتها بخروجك من السجن، والتي يبدو أنك ما تزال تعيشها بداخلك، وتكرسها بعزلتك عن الحياة، وخوفك من الناس، والخروج!!
ومن المفارقات أيضا قصتك مع الفتاة التي كنت معجبا بها ثم أنت اليوم ترفضها ضمن رفضك للحياة العادية، ومحاولات انسحابك من الحياة، ومن العلاقة بها!!
أنت جدير بأن تحب وتحب، ومحظوظ لأن الفتاة التي أعجبتك قد تجاوبت مع مشاعرك تجاهها بعد ممانعة، ويبدو أنها تستشعر ما تمر به أنت من مشاعر، وظروف، ومحاولات أخذ ورد، وانسحاب، وعودة.
وهي تحاول دعمك، والوقوف إلى جانبك، وأنت تقاوم بشدة محاولاتها!!
كأنك ترفض الحياة، وكل ما يدعوك، ومن يساعدك لاستعادة الحياة، وهذا المنوال لن يصل بك إلى شيء غير اسمرار الحيرة بين السجن الذي خرجت منه، والسجن الذي تحبس نفسك فيه حاليا!!
تحتاج فورا إلى الامتنان، والتعبير عن الشكر والتقدير تجاه محاولات هذه الفتاة في دعمك بغض النظر عن مشاعر الحب تجاهها، وهل ستعود إلى قلبك أم لا!!
وطاقة حبها لك أو دعمها المعنوي يمكن أن تساعدك في إنجاز ما تريد إنجازه لكن التعويل الأساسي هو في حركتك أنت طلبا لاستعادة اللياقة النفسية، واستكمال دراستك الجامعية، وحياتك العادية، والعاطفية- ربما!!
تابعنا بأخبارك، وسننتظر التطورات.