عدم الرضا عن الزوجة
تزوجت منذ 8 سنين من امرأة متعلمة خريجة تربية وأنا خريج هندسة تزوجت لأني كنت أحتاج الزواج بشدة لرغبتي الجنسية ولكن بعد الزواج لفترة قصيرة وإلى الآن لا تتركني نفسي مرتاحا وتلومني على هذه الجوازة بأنني كان يجب على أن أتزوج طبيبة حتى تتوافق مع وضعي كمهندس وقد اكتئبت جدا من هذا الأمر فماذا أفعل لأن أفكار كثيرة سيئة تراودني حيال زوجتي ولا أطيق معاملتها وأهرب خارج البيت كثيرا وكلما اسمع عن دكتورة ما اكتئب أكثر،
أفيدوني ماذا أفعل؟؟
أفادكم الله
24/12/2017
رد المستشار
الأخ السائل:
يحتاج النظام الاجتماعي كله في مصر والعالم العربي إلى مراجعات نقدية جذرية وشاملة، ومنه نظام العلاقات والزواج، ومتابعة أرقام ومعدلات فشل هذا النظام المعلن منها، وغير المعلن كافية للتعجيل بالمراجعات المطلوبة أو تستمر التعاسة، ويتفاقم البؤس أكثر!!
خذ مثلا مسألة الزواج القائم على الشهادة الجامعية، ما معنى أن يتزوج الطبيب من طبيبة أو مهندسة، والعكس!!
ما هو المنطق في ذلك؟! وأغلب من دخلوا كليات معينة إنما رشحتهم لذلك ظروف واعتبارات مركبة، وقام مكتب تنسيق الرغبات بعمله، وألقى بهم في هذه الكلية، أو تلك!!
ما علاقة الكلية التي يدخلها المرء بالمناسبة للزواج من عدمه!! لا أجد أية علاقات ذات معنى إلا من جهة "البرستيج"، والوجاهة الاجتماعية، وهي اعتبارات شكلية مظهرية لا معنى لها عندي، ولا وزن لها في السعادة، والتعاسة أو النجاح في علاقة ما، أو الفشل!! ولكن الطين يزداد بلة عندما يتز,ج المرء بحثا عن إشباع الرغبة الجنسية، وفقط!! كأولوية قصوى!!
النظام الاجتماعي العربي يدفع الناس دفعا في طوابير تشبه خطوط الإنتاج الصناعي حيث يظل الشاب محروما من ممارسة الجنس منذ بلوغه البيولوجي حتى يصل إلى وضعية القدرة على "فتح بيت"، وما أدراك ما "فتح البيت"!!وفي حالتنا تفاقمت الماديات والمسؤوليات والمطالب والمظاهر وتضخمت الأسعار والنفقات بحيث تحتاج تدبيرات "فتح البيت" إلى عقود!!
الفتى الذي يبلغ بعمر الحادية عشر مثلا، وربما أصغر، عليه أن يبقى محسورا محصورا محروما زهاء العشرين عاما – أقل قليلا أو أكثر كثيرا حتى يكون مستعدا لفتح بيت، والزواج على الطريقة العربية السائدة!!
النتيجة أنه يتزوج فور أن يصبح جاهزا، وليس تتويجا لمشاعر وعلاقة حب، وتفاهم تنبني مع امرأة بعينها.
يتزوج ليس في أوج عنفوانه الجسدي والعاطفي، ولكن مع بدء نزول المنحنى!!
يعني أغلب المتزوجين والمتزوجات تتحكم في زيجاتهم وزيجاتهن مكاتب التنسيق، ومكاتب تسفير العمالة إلى الخارج، وأسعار الدولار والريال والدرهم بأكثر مما تتحكم مشاعر القلب، واعتبارات الانسجام الروحي، والتواصل الوجداني!!
تتحكم في الزيجات اعتبارات أخرى حتى غير اشتعال الرغبة والقدرة والاحتياج!
كما لا أشير هنا إلى ما نطلق عليه زواج عن حب الذي هو عبارة عن كذب، وادعاء، وتجمل، وأحاديث طويلة عن الأحلام والأمال، ومكبوتات المشاعر – ربما – ينتهي بأطرافه في ثنايا نفس الطاحونة القاتلة لكل معنى جميل.كلامي هذا يعني أنك تزوجت زوجتك هذه لتمارس جنسا بالحلال دون كثير شغف بها هي شخصيا، وبالتالي بدلا من الاستمتاع في حياة مشتركة تجمعك بمن تعشق وتريد وجدت نفسك في علاقة مع امرأة مش فارق معاك فيها غير مؤهلها الجامعي!!
ومثلك ملايين يا صديقي بطول العالم العربي "السعيد" تزوجوا من أجل قضاء الوطر ثم اكتشفوا أن الزواج أكبر من هذا وأعمق فشعروا بالتعاسة وذهبوا يبحثون عن السبب في هذه التعاسة، والمخرج منها!!في حالتك: ترى أن السبب في التعاسة هو مؤهل زوجتك، يبدو أن هذه النقطة غير قابلة للتغيير وبالتالي إما أن في زوجتك جوانب أخرى تحببك فيها خلقة وخلقا، وعشرة، وتعاملا مما ظهر خلال سنوات الزواج الثماني أو أن ما ظهر منها لا يشجع على الاستمرار في هذه الزيجة بالنسبة لك.
زوجتك ليست دكتورة، ولن تكون، وكثيرا ما يحلو لنا التركيز على ما ينقصنا، وليس ما لدينا فعلا، ونعذب أنفسنا بهذا الافتقاد، وهذا النقص، وتضيع منا فرص الاستمتاع بما هو موجود فعلا سعيا وراء سراب المنشود الذي لا نملكه، والأمر إليك.
ربما سيحتاج العرب وقتا أتمنى ألا يطول قبل أن يراجعوا أنظمة حياتهم، ويعترفوا بمسؤولية الفشل، ونتائج الخطأ، ولا الفشل عيبا، ولا الأخطاء!!
لكنك أنت محتاج إلى هذه المراجعة، وأنت في علاقة بامرأة لمدة ثماني سنوات فيها ما تعرف، وينقصها ما عرفت.
إما أن تستمتع بما هو موجود، أو لا تعذبها، ولا تعذب نفسك بما كنت تتمناه، وتفتقده حاليا، مما أراه أنا محض شكليات فارغة هي ضمن تخاريف مجتمعنا، وبؤسه، وهو يتزوج، ويقيم حياته وعلاقاته وبيوته على أسس واهية فتصير بيوت عناكب ما تلبث أن تنقض، وتعابعنا بأخبارك.