قلق وتوتر
بسم الله الرحمن الرحيم، بدءا أشكر القائمين على هذا الموقع المفيد فقد كنت متابعًا له في فترات سابقة، وها أنا أحتاج إليه بعد الله احتياجَ الغريقِ إلى منتشل أو الظمآن إلى قطرة ماء قد يجد فيها منقذا.
قبلَ تاريخ 25/10/2016 لم أكن أعاني من مشكلات القلق والتوتر والخوف والهلع ولا حتى الملل (!) فقد كنت أسير في الحياة بتفاؤل وأمل بل أحثّ غيري على التفاؤل والرضا والتوكل والتسليم
.
انتقلتُ قبل هذا التاريخ من مدرسة حكومية إلى مدرسة خاصّة، فقد كنت أحاول تحسين وضعي المعيشي وتطوير مهاراتي. وبدأت الأسبوع الأوّل في العمل الجديد بصدر منشرح ونفسية جميلة، مع أن المدرسة القديمة لا تبعد عن بيتي سوى خمس دقائق مشيا على الأقدام، ومع أنّ المدرسة الجديدة تبعد عن بيتي حوالي 15 كيلو متر أقطعها بثلاثة مواصلات مرهقة ولكن كنت سعيدًا بهذه التجربة.
بعد أسبوع من عملي الجديد أنهيت عملي في الساعة الثانية ظهرًا ثم ذهبت إلى الجامعة التي أكمل فيها دراساتي العليا، ثم رجعت ليلًا إلى بيتي في حوالي الساعة الثامنة، تناولت طعام العشاء، ثم نمتُ على الفراش، بعد وقت قليلٍ استيقظتُ، شعرتُ بشعورٍ غريب غريب، لأوّل مرة يحدث معي أو يمرّ بي مثل هذا الشعور، كان شعورًا غامضًا جدا، لم أستطع رفع رأسي، فقد شعرت أن مخي مغلق (لا أعرف كيف أصف لك هذا الشعور) مع دوخة. انعدلتُ قليلا كي أستريح من هذا الشعور، ولكن لم أقوَ على القعود، فوضعتُ رأسي على المخدة متأملا في أن تزول هذه الدوخة هذا الشعور، فإذا هو هو. فعدلت نفسي مرة أخرى، ووضعت قدمي على الأرض، وإذا أنا أشعر بالشعور نفسه، دوخة، انغلاق التفكير، ثم عرقت عرقًا شديدًا، وأظلمتِ الدنيا في عيني شيئًا فشيئًا (!) أخبرتُ زوجتي بأنني متضايق، ولم أستطع أن أصبر كي تتصل بأهلي (أهلي يسكنون تحتي في طابق واحد) فانتشلت ردائي ونزلت الدرج مذعورًا إليهم، قلت لهم: سأموت سأموت، لا أدري ما هذا الشعور، كأنه انفصالٌ عن الواقع أليم، شعرتُ بدنوّ الأجل، كأنّ بابًا آخر ولجت إليه غريبًا جدًا، ثم ذهبوا بي إلى المركز الطبي، ووضعوا لي محلولا، وتحسنت حالتي ورجعت إلى وضعي الأوّل كأن شيئًا لم يكن.
بعد ذلك باتت تأتيني نوبات من الضيق والقلق والتوتر ولكنْ ليست بصورة مرضية شديدة، بل هو شعور يزول قريبًا، ولا شيءَ آخر.
ثمّ بعد ذلك بحوالي 6 شهور، تلقيتُ خبرَ وفاة قريب لي، وقد تأثّرت بهذا الخبر تأثيرًا شديدًا، بل تصوّرت الموت قريبًا مني، وصرت أخاف الموت خوفًا شديدًا، وأتصور أن ملك الموت سيأتيني في أيّ وقت، واشتدّ خوفي -دون أن أظهر هذا الخوف للناس- وبات قلبي ينبض، ليس بشدة، بل أشعر به ينبض وينبض، نبضًا أقرب إلى الطبيعي ولكن ليس متسارعًا (لعل هذه النقطة مهمة). بعد حوالي عشر أيام وبعد انتهاء دوامي، قررت الذهاب إلى الجامعة وأزور المركز الطبي كي أشرح للطبيب أسباب هذا الشعور (وقد كنت في اليومِ السابق لهذا اليوم حملت جرة غاز، فلربما تألمت عضلات صدري وضعت على القلب فأصبحت أشعر بوجع في منطقة القلب) فأجرى لي الطبيب فحصَ القلب الكهربائي (ولا أعرف إن كان فحصه مضبوطا أم لا) ثم قال لي بعد أن تأمل فيه: اصبر خمس دقائق سأعود وأرجع. وهنا عرفتُ أنّ شيئًا غير طبيعي يحدث (!) بعد خمس دقائق رجع إلى العيادة وطلب مني أن أتبعه إلى الاستشارية. جلست في مكتبها (الآن وأنا أكتب تصعد الدماء وتغلي في بطني وكتفيّ) ثم صدمتني بأن قلبي نبضه ضعيف، ثم جسّت نبض قلبي بأصبع يدها وضعته على معصمي مدة ثلاث ثوانٍ، ثم قالت: كما أخبرتك، نبض قلبك ضعيف. ثم كانتِ الصدمة (!) (أنا الآن أطلقت تنهيدة طويلة)
ثم أحضرت لي سيارة كي تنقلني إلى الملاصق للجامعة، وهناك وأنا وحدي، انتظرتُ دوري كأن العمر سلحفاة تزحف، ثم أصبحت أشعر بدنوّ الأجل وكأن الموت سينزل بي الآن فأغلي وتغلي دمائي ويشتدّ خوفي وذعري، ثمّ أعود فأهدأ وأسلّم الأمر لله، ثم يستبد بي القلق والذعر والخوف الشديد والهلع ثم أهدأ وأهدأ حتّى أسلّم الأمر لله، فأصبحت هذه حالتي وسمتي (!) مع شعور بغليان الدماء في شراييني.
فحص الطبيب قلبي وأجرى لي أشعة X-ray وأجرى لي فحوصات الدم لوظائف الكلى والكبد ، وكانت النتيجة أن لا شيء في قلبي(!) ثم أعطاني دواء وحولني إلى موعد لعيادة القلب(!)
شعوري هذه اللحظة لا يوصف، قلق وخوف وشعور بدنو الموت ثم هدوء وتسليم وهكذا دواليك.
في اليوم التالي تغيب عن الدوام بسبب هذه النفسية المحطمة، فأجريت فحصَ كهرباءٍ آخر للقلب في مستشفى حكومي يكتظّ الناس به، ثم قال لي الطبيب: نبض قلبك مضطرب (كيف لا يضطرب وأنا في هذه الحالة النفسية الأليمة)
ثمّ في الأيام اللاحقة لهذا اليوم المشهود كنت أحس بأن بطني ينتفخ كبالون أو كأنه كيس مليء بالهواء حتى إن الهواء الذي يدخل إلى جوفي يؤثر في بطني، وكنت أحسّ بأن بطني في مرات أخرى ككرة، فشككت من أن ما أعاني منه هو القولون العصبيّ
غير أني لم يهدأ لي بال، فعملت فحصَ كهرباء مرة ثالثة، وأخبرني الممرض وكان قريبا لي بأن نبض قلبي ليس فيه شيء ولله الحمد بل إن ما أعاني منه هو القولون العصبيّ. فهدأت قليلا.
بعد ذلك أصبحت أشعر بتوتر وقلق وخوف من دون أيّ شيء، يمكث هذا الشعور ثلاثة أيام أو أربعة ثمّ أرجع إلى الهدوء والتوازن أسبوعًا أو
أكثرـ، ثم أرجع إلى القلق والخوف والتوتر ثمّ الهدوء وهكذا حتى هذا اليوم الذي أكتب إليكم مشكلتي.
تأثرت بهذه المشكلة حتى إني أشعر في لحظاتِ القلق والتوتر بانعدام دافعيتي للحياة مع اكتئاب وعدم القدرة على فعلِ شيء، مع شعور مزعج
بانفصالي عن الحياة والواقع مع شعور بأنني أعيش في حلم مزعج وأن الحياة (رغم معرفتي أن هذا شعور) ليست ذات فائدة وتسرّب اليأس إلى داخلي واستحوذ عليّ الوسواس.
حاليا وضعي هكذا: حالة قلق وتوتر تضيق بي ذرعى لا أقوى معها على فعل أي شيء ولا الذهاب إلى أي مكان ولا ممارسة أي نشاط حتى إنني بتّ أخاف أن أخسر وظيفتي بسبب هذا الشعور. مع شعور بانفصال عن الواقع مع اكتئاب وتوتر في الأعصاب وشدّها وخوف من الموت أن يهجم عليّ.
(ملحوظة: تمر علي أيام صافية هنيئة جدًا ثم لا تلبث أن تختفي دون سبب) (ملحوظة أخرى: في الأيام الأولى لزيارة الطبيبة لم أستحمّ مدة أسبوعين بسبب هذا الشعور الجحيميّ).
ثم في لحظات الهدوء والتوازن أعود إلى ما قبل 17/10/2016 هادئ البال متفائلا.
أنا أعتذر إليكم عن هذا الإسهاب وهذه الإطالة ولكنْ بعد الله عسى أن ألقى الجواب الشافي لديكم
والله المستعان وعليه التكلان.
20/2/2018
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع.
نقاش عام
استشارتك تحتوي على وصف لمشاعرك عبر رحلتك من عيادة طبية إلى أخرى، ولكن هناك رحلة لم تتحدث عنها وهي في نهاية الفقرة الثامنة حين تشير إلى موعد لعيادة القلب. بعدها تتحدث عن زيارات أخرى وتشخيص القولون العصبي.
ليس هناك أسهل من تشخيص اضطراب الهلع في حالتك مع نوبات اكتئابيه قصيرة.
يمكن تعليل ذلك بما يلي:
١- العمر.
٢- بداية عمل جديدة.
٣- إرهاق بسبب التنقلات.
كل ذلك كان نتيجته نوبة هلع، واستشارتك لطبيب عام كما يفعل جميع المرضى في البداية. يتم نفي وجود أي اضطراب عضوي في الغالبية العظمى من المرضى ويتم وصف تمارين استرخاء مع عقاقير مضادة للاكتئاب، وينتهي الأمر خلال بضعة أشهر بدون الحاجة لزيارة طبيب نفسي. لكن هذا المشهد لم يحصل معك، ومن المؤسف أن التواصل بينك وبين الطبيب العام الذي فحصك ودرس تخطيط القلب٫ لم يكن مقبولاً وترك ذلك الشك في نفسك بأن هناك بعض الالتباس في تخطيط القلب. وهذه هي أيضاً حيرة الموقع.
لو راجعت أي استشاري في الطب النفسي ورويت له ما أرسلته فسيطلب الاتصال بالطبيب الذي فحصك والتأكد من عدم وجود أي علامة غير طبيعية في تخطيط القلب٫ قبل وصف العلاج.
التوصيات
ـ توجه نحو استشاري في الطب النفسي واحمل معك نتائج تخطيط القلب.
ـ سيرشدك الطبيب النفسي إلى ممارسة تمارين استرخاء والمحافظة على وجبات طعام صحية وتنجب بعض المواد الغذائية وممارسة نشاط بدني يومي.
ـ سيتم وصف عقار مضاد للاكتئاب.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
نوبات هلع ووسواس الموت !
اكتئاب أو نوبة هلع ..تابع العلاج ولا تدع !
الشعور بالموت أو الجنون : الهلع الملعون !
خلطة وسواس قهري وهلع وأعراض اكتئاب
التعليق: أشكر لكم حسن ردكم
أنا السائل. وقد نسيت أن أخبركم بأتي ذهبت بعد تلك الحادثة إلى أخصائي القلب وأجرى لي فحصين: كهرباء القلب وإيكو القلب وأسمعني نبض قلبي وأخبرني أن القلب سليم تماما.
لكن أنا حاليا متوجس بسبب زرع الطبيبة قنبلتها في صدري وفكري. أجس نبض قلبي كثيرا هذه الأيام في حالات الاسترخاء فيصل نبض القلب في كثير من الأحيان إلى 58-60 نبضة في الدقيقة.
مع أني نحيف وأمارس الرياضة ليس بانتظام.