اضطرابات نفسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عٌمري الآن 20 سنة علاقتي مع أسرتي ممتازة
أمي قريبة مني جداً، أبي جيد معي باستثناء كان يتحرش بي بالماضي أي قبل سنتين وعندما علمت أُمِّي توقف
إخوتي علاقتي رائعة معهم.
وضعنا المادي يكون سيّء في بعض الأحيان وجيد في بعض الأحيان كل الضروريات متوفرة .
قبل سبع سنوات أي عندما كان عٌمري 13 انتقلنا (لأنهما كانا منفصلين) للعيش مع أبي، بدأت الكوابيس والأصوات والأحلام الجنسية المزعجة معي وعندما أستيقظ أشعر بألم في جسمي وكأنه كان حقيقية كنت أسمع أصوات توقظني من النوم استمرت الحالة ثلاث سنوات ولم تؤثر كثيراً على حالتي النفسية أو على شخصيتي
بعدها بدأت أفقد الشهية ونزول في وزني واضح وأصبح لدي حساسية من الكثير من الأطعمة، تغير شكلي للأقبح ومن يراني يتفاجئ من هنا بدأت حالتي النفسية بالتدهور وأصبحت قلقة جداً من كلام الناس تجاهي وأشعر أن موتي قريب وأحياناً أن أُمِّي سوف تموت أو أخي لأني أحبهم جداً أصبح نومي قليل جداً وكله كوابيس وأحلام وجاثوم،
أكره مظهري وأشعر أني أقل من غيري مع أني في السابق لم أكن كذلك، أهتف أن أكون وحيدة وأشعر أن كذا أحياناً، ضعفت علاقاتي الاجتماعية وكنت أتشاجر من صديقاتي دائماً وأشعر أنهن يعاملنني معاملة مختلفة وأقل اهتماما، وسوسة في نظافتي الشخصية نزل معدلي الدراسي وكنت مع قرأت القرآن والرقية حالتي تزداد سوء استمر هذا الحال سنتين، بعدها تحسنت لمدة سنة،
لكني عندما دخلت الجامعة منذ سنتين أصبحت مهملة في نظافتي الشخصية بشكل كبير وقلقة جداً من مستقبلي، وأوسوس من أتفه الأشياء، أصل إلى مرحلة البكاء عندما أرى درجاتي لكني لا أجتهد ولا أفعل أي شيء لا أعلم السبب أكره شخصيتي وأحاول تطويرها لكن لا فائدة فأنا لا أستطيع فعل شيء وغير ذلك ذاكرتي أصبحت ضعيفة وتركيزي قل .
حاولت الجلوس مع نفسي ومعرفة ما الموقف الذي سبب لي كل هذا لكني لا أعلم أريد الاهتمام بنفسي وبدراستي، لا أريد أن أستمر في هذا .
أتمنى أن أجد منكم المساعدة وعذراً على الإطالة .
17/5/2018
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة"سارة" حفظها الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بارك الله فيك, وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع شبكتنا، ابنتي – لقد وصفت حالتك بصورة واضحة وطيبة جداً، وأنا حقيقة أقول لك أنني أرى أن حالتك هي اضطراب في المزاج مصاحب بوجود أعراض القلق حيث تعانين من أعراض الاكتئاب النفسي الجسيم مع وجود أعراض القلق، ففقدان الشهية للطعام، ونزول الوزن بشكل واضح وملحوظ، واضطراب النوم المتمثل في قلة النوم والمصاحب بوجود أحلام مزعجة وكوابيس وجاثوم، وفقدان الثقة بالنفس والميل للعزلة، وضعف العلاقات الاجتماعية، وخلق المشاكل مع الآخرين اعتقادا بأن معاملتهم مختلفة وأقل اهتماما،
وأيضا فقدان الرغبة في الاهتمام بالنظافة الشخصية، وفقدان الحافز والعزيمة للمذاكرة والاهتمام بالعمل، علاوة على ضعف الذاكرة، وفقدان التركيز وتشتت الانتباه، بالإضافة لوجود أعراض القلق المتمثلة في قلقك من كلام الناس عليك، وقلقك على أمك وأخيك، وخوفك من الموت والتعرض للأفكار الوسواسية من أتفه الأسباب، كل هذه الأعراض هي أعراض الاكتئاب المصاحب بالقلق.
هذا تشخيص مبدئي أقوله لك، والتشخيص الحتمي يتطلب الذهاب إلى الطبيب ومقابلته، ذلك أنه يوجد بعض المعلومات التي تنقصني في تاريخك المرضي حتى أتمكن من إعطائك تشخيصا نهائيا لحالتك فمثلا لم تذكري ما إذا كان هناك تاريخ وراثي في الأسرة للإصابة بالاضطرابات النفسية خاصة اضطرابات المزاج والاكتئاب،
كذلك لم تذكري إذا كانت قد مرت عليك فترات شعرت فيها بالسعادة المفرطة والفرح والنشاط الزائد بدون سبب، وهل تعالجين حاليا من اضطرابات عضوية بعينها مثل نقص إفراز الغدة الدرقية، أو ما إذا كنت تتعاطين أدوية وعلاجات لاضطرابات عضوية ....إلخ.
لذلك أعتقد أن مقابلة طبيب نفساني واحد مقتدر سوف تكون هي الأفضل بالنسبة لك لتحديد تشخيصك النهائي ووضع الخطة العلاجية المناسبة لحالتك، والعملية لن تستغرق أكثر من ساعة إلى ساعتين، وسيكون هذا أفضل، وأحسن.
ففي مثل حالتك – يا ابنتي – يجب أن يتم تأصيل التشخيص لوصف العلاج المناسب، حيث لا أستطيع مثلا في الوقت الحالي أن أكتفي بوصف مضادات القلق والاكتئاب لك حيث يمكن أن تكون العلة لديك هي الثناقطبي (الاضطراب الوجداني ثنائي القطب) ويظهر أن القطب الاكتئابي هو الأقوى من القطب الهوسي – لا سيما وأن الاكتئاب قد حدث لك في سن مبكرة – وتناول مضادات الاكتئاب وحدها في مثل هذه الحالة ربما يؤدي إلى تعقيد الحالة، وليس علاجها،
فكثير من الذين يُشَخَّصون كاكتئاب نفسي قد يعانون من اضطراب وجداني ثنائي القطب، وهذا علاجه يختلف تمامًا، حيث إن الذين يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية قد تضطرب أحوالهم أكثر وتتدهور عندما يتناولون الأدوية المضادة للاكتئاب وحدها؛ لأن خط العلاج الأساسي في حالتهم هو الأدوية الموازنة للمزاج مثل عقار (ليثيوم)، أو (دباكين)، أو (لامكتال) وكذلك مضادات الذهان المثبتة للمزاج مثل (السوركويل).
أنت تحتاجين في الوقت الحالي – يا بنتي الكريمة – للمتابعة مع طبيب أو طبيبة تثقين فيه؛ لأنك ستحتاجين بجانب العلاج الدوائي إلى العلاج السلوكي، والجلسات التدعيمية، والتي ستكون مهمة جدًّا لحالتك، ويمكنك أيضا أن تجدي تدعيمًا علاجيًا فاعلاً من الأصدقاء، خاصة الصالحين منهم، وأيضا من معلمتك، ووالدتك، وكل من تثقين بهم يمكن أن يقدموا لك دعمًا نفسيًا فاعلاً، فقدمي نفسك لهؤلاء، ولا تعيشي وحدك مع ظلمات الاكتئاب.
ابنتي الكريمة - أطمئنك تماماً أن حالتك يمكن علاجها بكل سهولة، ومن هذا الوقت وحتى تتمكني من مقابلة الطبيب حاولي أن تكوني إيجابية في تفكيرك، وأن تمارسي بعض تمارين الإحماء الرياضي، وتمارين الاسترخاء، فالاكتئاب النفسي يمكن أن يعالج، ويُهزم، ولكنه يتطلب أن يكون الإنسان مصرًّا على التغيير، ومُصرًّا على التحسن، كما يتطلب أن نعامله من خلال تغيير أفكارنا، وبناء أفكار جديدة أكثر إيجابية.
قد يبدو ما أقوله لك بسيطا في محتواه، لكنه هو العلاج وهو الوسيلة الصحيحة؛ حيث إن معظم علماء النفس الآن يتفقون أن مشكلة الاكتئاب ليس في المزاج، إنما الأفكار، فأنت مثلاً – ابنتي الكريمة – لديك الكثير من الأفكار السلبية، وهذه الأفكار إذا لم تتخلصي منها وتحقريها فسيظل الاكتئاب معك.
فاطمئني – يا ابنتي – لأن هنالك وسائل كثيرة لكي يزول ما بك، وأرجو أن تدخلي من بوابة الأمل والرجاء، وأنا أؤكد لك أنك سوف تجدين خيرًا عظيمًا أمامك – بإذن الله تعالى.
أسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويحفظك وأن يجعل الشفاء والعافية من نصيبك.
وبالله التوفيق،،،