علاقة مضطربة مع عائلتي...
تتكون عائلتي من أبي وأمي معلمين وأخي أكبر مني بسنتين يدرس الطب وأنا كذلك وأختي أصغر مني بخمس أعوام في المرحلة الإعدادية لا أدري ما المشكلة بالتحديد ولكن علاقتي بأهلي ليست جيدة وأردت الحديث مع أي شخص أنا لا أكرههم ولكن لا أحبهم أيضاً
كنت الطفلة الصغرى لمدة خمس سنوات قبل قدوم أختي وكنت مدللة إلى حد ما ولكن كان أبي هو من يدللني كثيراً ثم جاءت أختي فأهملتني أمي ولم تعد تهتم بي كثيراً وكذلك أبي ومنذ مجيء أختي وأصبحت أنا دائماً في المرتبة الثالثة في جميع الأمور أخي تحبه أمي كثيراً لأنه الصبي الوحيد والأكبر وأول فرحتها وأختي يحبها أبي وأمي لأنها الصغرى أنا أنا فليست في مكانة مميزة أبداً
أمي شخصية قوية لا تظهر عواطفها أبداً وتتعامل بصرامة شديدة وتقول أن السبب في ذلك أنها فقدت والدها وفقدت الحنان وهي صغيرة وكانت جدتي رحمها الله غليظة الطبع صلبة لا تدلل إلا ابنها الوحيد الذي يحمل اسمه أخي وقد اهتمت بتعليمه أكثر من أخواته البنات حتى صار طبيباً وكان كل من في البيت يعمل لأجله حتى كانت أمي تلمع له حذاءه ولكنها تحبه كثيراً، وبدلاً من أن تكون أمي مختلفة عن والدتها إلا أنها نسخة مطابقة تماماً لها ولا أعلم كيف وهي التي عانت من التمييز في حياتها
منذ بدأت إدراكي للأشخاص لم تقبلني أمي يوماً ولم تحضني يوماً ولا أبي فإظهار المشاعر عندها نوع من الهبل والضعف كما تقول وأصبح أبي مثلها كانت تصرخ في وتضربني وتضرب أخي أيضاً أتذكر عندما ضربتني حتى أن أصابعها تركت آثاراً على جسدي وكانت تعنفني عندما أتشاجر مع أخي أحياناً كانت تعنفه ولكن أنا أكثر وأتذكر عندما كنت طفلة في الابتدائية وقد استعار أخي مني قلماً وأضاعه فكنت حزينة وطلبت منهم البحث عنه ربما كنت مبالغة ولكن كانت أمي تمشط شعري فاستثارت غضباً وجذبتني من شعري ثم فتحت باب المنزل وألقتني على السلم
هذا المشهد من أكثر المشاهد إيلاماً في طفولتي وبعد مواقف كثيرة مماثلة كتبت وأنا طفلة رسالة لهم بأني أكره حياتي وأشعر أني مهمشة بين إخوتي وأنا أدعو الله كل يوم أن أموت حتى أرتاح وأعطيتهم الرسالة لعدم جرأتي على الحديث معهم ولكنهم استقبلوها بسخرية شديدة وأنني مجنونة لأقول ذلك
ولكن لم يتغير شيء أبداً ما زلت الخيار الأخير في كل شيء فمثلاً في الطفولة عندما يوجد حلوى واحدة مثلاً فإن أخي من يأخذها وإذا هناك اثنتين يأخذها أخي وأختي أما أنا فلا آخذ إلا عندما توجد حلوى لثلاثة أشخاص فقط أو إن أحد إخوتي لا يريد أو تركها عدا ذلك لا يمكن أبداً أبداً ولو لمرة أن آخذ حتى الآن وليس الحلوى فقط في الطعام يحدث المثل ومثلاً قاسم أخي وأختي الصغيرة مثلاً أكبر من قاسمي أنا لا أريد قاسم أكبر ولا أهتم بالطعام أصلاً ولكن ما يؤلمني حقي لماذا لست مثل إخوتي لماذا لا أستحق أن آخذ مثلهم عندما يوجد شيء مميز لا أحصل عليه إلا إذا تركوه فأشعر أني آخذ فضلاتهم.
في البداية كنت أشتكي وأصرح بذلك فيتهموني بالطمع والأنانية والنظر إلى ما عندي الغير أما الآن فأتألم في صمت ولم أعد أخبرهم بذلك، ليس فقط الطعام بل الملابس والأجهزة الإلكترونية وجميع المشتريات وعندما أشتكي تتهمني أمي بالغيرة من أخي وأني أكرهه كرهاً شديداً أنا لا أكره أخي أبداً بل أنه من أقرب الأشخاص لي إن لم يكن أقربهم ولكني أطلب المساواة معه ليس إلا
إذا غضبت منها مثلا كنت أمتنع عن الطعام فكانت تسبني وتهددني بالضرب ثانية إن لم آتي للطعام وكان أبي من يطيب خاطري لكن عندما يغضب أخي فكانت تدلله وتترجاه حتى يأتي وتطلب مني وأبي أن نتوسل إليه ليأتي وتعده أنها لن تغضبه ثانية
هي أخبرتني ذات مرة أنها فعلاً تحبه أكثر مني وحتى من أختي لأنه أطيب مننا ولأنها تحب الصبيان فالولد هو من يهتم بأمه ويرعاها وأحن شخص بالنسبة لها وهي لا تحب البنات كثيراً فلقد أخبرتني أنها بكت عندما علمت وهي حامل أن أختي فتاة والذي كانت تعيبه في جدتي وليست صبي أنا أعلم أن الشخص لا يستطيع أن يتحكم في قلبه وأن يساوي في الود بين الأشخاص ولكنه على الأقل يستطيع أن يتحكم في أفعاله ولو قليلاً حتى لا يظهر ذلك
أعترف بأن أمي ترعانا وتقوم بجميع الأعمال المنزلية وتقدم لي ولإخوتي كل ما نحتاجه وترعاني في مرضي ولكن لا يوجد عطف أو ود والذي أراه مهم لي فأنا لا أشعر بالحنان من أو شخص حتى أمي للأسف بسبب التمييز الذي أشعر بي اضطربت علاقتي بأمي أحياناً أشعر أني لا أتعاطف معها أتحدث معها بشكل سيء أو بصوت عال أنا أندم على ذلك في نفسي كثيراً حقا ولكن سرعان ما يحدث موقف آخر يجعلني أغضب منها مرة أخرى
لا أشاركها في الأعمال المنزلية كثيراً أولاً لغضبي منها كثيراً ثانياً لأنها لا تطلب من أخي أن يقوم بشيء لأنه صبي ولا يجوز أن يقوم بشيء من أعمال المنزل كما ترى ولا أختي لأنها صغيرة وحتى الآن أختي لا تفعل شيء برغم أني عندما كنت في عمرها أو أصغر منها أشارك بالأعمال أعلم أنه خطأ كبير أن لا أساعد أمي ولكن أشعر بالظلم لأنها لا تطلب من إخوتي ولأني حتى لو ساعدتها تظل تفضلهم علي فلا يحدث ذلك فرقاً ولكني قررت هذه الإجازة وعملت به أن أساعدها ولو قليلاً ولا أنقطع عن المساعدة مهما حدث من شجار
كذلك في عيد الأم لم يعتد أحد منا أن يشتري لها هدية لأننا لا نملك مالاً كثيراً ولكن كان ينبغي علينا أن نشتري ولو شيء بسيط فظللت لعامين أو ثلاث أعطيها مبلغاً ليس كبيراً لتشتري به ما تشاء وكان ذلك من عيديتي التي أدخرها أو مكافآت التفوق وذات مرة قررت أن أشتري لها هدية كبيرة فاشتريت لها أحد الأجهزة المنزلية التي تريدها ولكن لم تمدحني مثلاً لأني الوحيدة التي فعلت ذلك وفي نفس الأسبوع تشاجرت معي وضربتني فمنذ ذلك الحين تقريباً وعدت كما كنت لا أشتري هدايا مثل إخوتي
وإن أكثر الأشياء المؤلمة أيضاً غيرتها مني هي تسعد لنجاحي وتفتخر بي ولكن بشرط ألا أتفوق على أخي في الدرجات ولا أعلم لماذا تلك المقارنة بين الأخوة ولسنا في نفس العمر ولا نفس الظروف ولا نفس القدرات أعلم أن أخي أفضل مني وإن حصلت على درجات أعلى ولكني لا أقارنه بنفسي ولا أي أحد آخر لأن لكل إنسان قدرات
أتذكر عندما كنت الأولى على المحافظة في الإعدادية ولكني كنت حزينة لأني نقصت في أحد المواد أعلم أن ذلك كان غريباً مني ولكنها قالت لي عندها أني مبالغة وأني (أصلاً لازم أحمد ربنا أني جبت كده لأني مش شاطرة للدرجة دي ولا أستاهل وأخويا اللي أشطر مني ماطلعش على المحافظة)
قد يكون كلاماً معقولاً منها ولكن نبرتها وحديثها لمست فيهما شيئاً من الغيظ والندية وكأنها إحدى زميلاتي التي تكرهني وليست هذه المرة ففي كل صف عندما تظهر النتيجة تخبرني أن أخي حصل على كذا وأني جبت أكثر منه إزاي والثانوية مثلا جاب أكتر مني بنصف درجة قالت لي (هو ده اللي مشرفنا ورافع رأسنا مش أنت بالرغم أني كنت الأولى على الإدارة) وتقول ذلك في أي مرة يتفوق علي
وكنت قد حصلت على شهادة تقدير لأني الطالبة المثالية بالرغم أني لا أستحقها أبداً فكنت سعيدة ووضعها أبي في حجرة الضيوف ولكن عندما كان أخي الأول على الثانوية قامت أمي بإنزال شهادتي من مكانها وقالت (كفاية عليك سنتين على الحيطة هما ما فيش غيرك هنحط شهادة أخوكي) كان من الممكن أن تضع شهادتي في مكان آخر ولكن قد وضعتها على الأرض ورأيت الشهادة صدفة بعد ذلك وكدت أن أكسرها وكانت مغطاة بالتراب فوضعتها في الخزانة للأبد
للأسف أصبحت علاقتي بها سيئة كثيراً ويؤلمني ذلك أنا لست ملاكاً وأغضبها كثيراً أيضاً ولكني لم أكن ذلك من البداية أصبحت كذلك بمرور الوقت أتظاهر الآن أني لا يهمني كيف تعاملني ولكن ذلك حقاً يؤلمني ويجعلني أنام باكية على وسادتي في كثير من الليالي
ولكن هناك الكثير من المواقف سأذكرها في رسالة أخرى وأذكر علاقتي بباقي أسرتي
يتبع.....
19/8/2018
رد المستشار
السلام عليكم أختي رحمة وأهلاً بك على موقع مجانين للصحة النفسية. وسامحيني على تأخير الردّ.
مع كل قصة من قصص عقوق الأبناء وجهل الآباء وتعجرفهم أيضاً (حتى إن كانا متعلمين أو معلّمين حتى كما هو حالكم !)، تتداعى كل تلك الخواطر والمواقف والمبادئ عن التأهيل التربوي والفساد الأسريّ ومعامل تكرير العقد والعاهات النفسي (وبدلاً من أن تكون أمي مختلفة عن والدتها إلا أنها نسخة مطابقة تماما لها ولا أعلم كيف وهى التي عانت من التمييز في حياتها). ربّما أبالغ وربما أصف واقعاً مُرّاً لا يحب الناس أن يصفوه إلا بطبقات من الزينة ونفحات رومانسية.
موقعك كطفلة بين أخيك البكر وأختك الصغرى مهمّ لفهم استشارتك. وأيضاً علاقة أبيك بك، والتي لم تذكري الشيء الكثير عنها، قد أنجبت أمّك المُغرقة في الذكورية بالرغم من أنها امرأة، صبياً أحبّته وعظّمت من شأنه وجعلته "سي السيّد" لا يرفع كأساً ولا يغسل طبقاً ولا يوَظّبُ جورباً.. كأنها تعيد ما كان في عائلتهم من تعظيم الذكر وتمجيده وتعليق الآمال عليه، هذه العقلية التي تكون خاضعة للتمييز الجنسي في الأوساط المتخلفة، والعار اتجاه إنجاب البنات هي جزء مهم من معاناتك معها.
ثم كنت مدلّلة (من قِبل أبيك خصوصاً) فخطفت أختك الصغرى الأضواء، فشعرت فجأة بالإهمال بين أحقية الأصغر وسيادة الذّكر، وتراجع الاهتمام في سنّ تطالبين فيه بمزيد منه. لذا ألاحظ فيك فتاة حساسة وتحب أن تُعامل بطريقة عاطفية وحانية لم تتأقلم جيداً مع "طردِها" من مكانتِها المتميزة كآخر العنقود، وهذا مما يزيد من إحباطك وغضبك، وحتى مع هذه النسبية (في نظرتي) في استشعار الظلم وعدم الاهتمام من أمك اتجاهك، لا أجد عذراً لأمّك فيما ذكرتِ من التصرّفات.
فبعض تصرفاتها يُنظر لها بشيء من الاعتدال والنسبية حسب ما تقومين به من أخطاء من جهتك (مثل أنها تشاجرتْ معك بعد هديّتك، فلا يُمكن اعتبارها مخطئة بما أنك عصبيّة وترفعين صوتك ومتضايقة في وجودها). لكن بعضها يدلّ على جهل مطلق لا عذر فيه، وأذكر من هذا: أمك لا تظهر عواطفها وتَرى أنّ ذلك ضُعف (وهذا إعاقة نفسية) ولا تُنصف في الهدايا والعطايا بينكم وتمارس الظلم وتتبع هواها لما ما يمليه عليها دينها ولا عقلها، تعاملها مع شجار بسيط وعادي بين الإخوة بطريقة عنيفة ولم تحاسب حتّى من ضيّع الأمانة، فشكّلت رضحا trauma نفسياً لم يُنسى،
تعامل والديك بسخرية واستهزاء مع رسالة الانتحار يدل على بلادة فكرية واستهتار بمشاعر الأطفال (كما هي عادتنا في الأسر العربية !) فحتى لو أنّ الطفل لن يُقبل على قتل نفسه (وهذا الجانب يعكس العجز الطفوليّ) لكن رسالة مثل تلك، تدل على تعكّر مزاجيّ وعلاقة مضطربة بين الذات وبين الأسرة والعالم (وهذا الجانب يدل على حاجيات طفولية حقيقة وجادّة)، وينبغي الاهتمام بمؤشراتها بدَل السخرية منها مما يزيد الطفل تيقنا من مشاعره السلبية !
أيضاً لا أنسى التعامل السّمج مع إنجازاتِك ومقارنتك الدائمة بأخيك الذكر وتحقير قدرك ونجاحك أمامه. وهنا لي وقفة، فقد سحقتْك ماكينة الأمّ الجائرة وحطّمت تقديرك لذاتك لدرجة (ويال عجبي) صرتِ أنت المروّجة لقناعاتها دون أن تشعري، بكلمات مثل (أعلم أن أخي أفضل مني وإن حصلت على درجات أعلى) وتعلقين على ردّة فعلها الشامتة وقد حصّلت على الدرجة الأولى في حين أن أخاك لم يحصّل عليها وتقولين (قد يكون كلاماً معقولاً منها)
وأيضاً (قد حصلت على شهادة تقدير لأني الطالبة المثالية بالرغم أني لا أستحقها أبداً) وأتساءل معك؛ رغم أنّ العلامات والنقط هي معيار التفضيل في الدراسة، إلاّ أنّك تكذّبينها لتمارسي تواضعاً مذموماً حتى تتماهيْ مع ما لقّنتك أمّك عن نفسك وعن أخيك ! بمعنى أننا نحكم على الإنسان بالمتفوق بالرجوع إلى نقاطه وما حصّله وليس لافتراضات وتفضيلات بالحدس أو الانطباع، مع ذلك تقوليك (أخي أفضل مني في الدراسة حتى إن كانت درجات أعلى) بأي منطق ستستقيم هذه المعادلة إن لم يكن بمنطق الاضطهاد وغسل الأدمغة حتى يكون البكر الذكر في أعلى الهرم الأسري !؟
أي معقولية في افتراض أمّك أنّ ما حصّلت عليه هو كمعجزة من الله ومنّ على متخلف ذهني، في حين أن أخاك الذي كان أدنى منك في محافظتكم "أجدر" وأكثر أهلية منك ! وتصوري هذا المنطق في سباق عدْوٍ مثلاً، فتقول أمّك (أصلا لازم تحمدي ربنا انك جبت كده لأنك مش سريعة للدرجات دى ولا تستهلي، وأخوك اللي أسرع منك ماطلعش هو الأول في السباق) ! عبث في عبث، وإنكار لحقائق ومعايير واضحة للتقييم. وتأملي أنّك تقومين بتكرير ما تُنكرينه على نفسك (لتتفهمي كيف يُمكن أن يخضع الإنسان إلى منطق عذّبَه كما خضعتْ أمّك له) فقد أعطيتك المؤسسة جائزة "الطالبة المثالية" لأنهم رأوا استحقاقك لها، فتتكلمين بما لو قالت به أمّك لما اختلف عنه كثيرا وتقولين (بالرغم بأنني لا أستحقّها) ربما كان الأجدر أن يعطوها لأخيك حتى إن لم يدرس في المؤسسة أساسا لتكوني راضية !
نأتي على "النديّة" التي تعاملك بها أمّك، كما وصفتِها، وأراه وصفا دقيقا، ويُمكن فهم ذلك أكثر إذا وصفتِ لي بشكل أكثر دقة علاقتك بأبيك وعلاقة أبيكِ بأمّك، لأنني أستشف من ثلاثية (أبي كان يدللني كثيرا، أمي تحب الصبيان، أمي تعاملني باحتقار ونديّة) علاقة الزوجة (أمّك) بضرّتها وليس بابنتها ! ربّما يبدو هذا غريباً لكنه ليس مستحيلاً في العلاقات الأسرية حتى إن لم يعي بها أطرافها. إذا كان أبوك من النوع المهمل والذي لا يعبّر عن مشاعره لزوجته، ثم فجأة جاءت "أنثى" فأعطاها من وقته ودللها وقرّبها إليه وهي تشُبّ بين يدي أمّها المراقبة، قد تكونين ضحيّة لعلاقة متوتّرة سابقة على وجودك يا رحمة، تبقى هذه فرضيّة مني، لكنّها ممكنة جدا، لذلك انتظرت بقية التفاصيل في رسالة أخرى لكنّك لم ترسلي شيئا.
أما بالنسبة لغضبك وتحسّسك وتضايقك وتضييعك لواجباتك، فهذا لن يجعلك أفضل من أمّك حتى إن شعرتِ أنه من حق تفريغ استيائك بتلك الطريقة، فكل الناس يعتبرون أن التفريغ بطريقة عنيفة حقٌ مشروع لهم، كما تعتقد أمّك أيضاً وكما تشعر أن من حقها أن تسخط على أطفالها بدعوى أن الحياة سحقتها وكانت قاسية معها !
لذلك يجب أن تتعاملي مع الوضع، وألا تطلبي الكثير من الاهتمام وأن تعي جيداً أنّك قاربت العشرين عاما ولم تعودي تلك الطفلة التي فرح بها العالم لمّا أتت للوجود وكانت هي الصغرى تنتظر الحنان والعطف باستمرار من أمّ لا تُحسن العطاء في هذا الجانب. صراخك وعويلك وتحسّسك من كلمات وتصرفات أمّك يضفي عليك صفة القسوة والنديّة لأمّك أيضاً وينزع المشروعيّة من أيّ تظلّم تقومين به حتى إن كنتِ محقة في ذلك، ولا تستمدي ثقتك ولا تقديرك لذاتك من وسطك العائلي وخصوصاً أمّك، بل حاولي بناء ثقتك ونظرتك لنفسك من جديد دون مرجعية أمّك المعطوبة.
وإن استمرّيت على هذا المنوال فلا عجب أن تقول أمّك عن أخيك أنّه "طيّب" مقارِنةً إياه بك، كونُك "صعبة العشرة ولاذعة" مع أمّك يزيدها إمعانا في ظلمها لك وتمييزها ضدّك، والقرار بيدك بأن تعقلني مشاعرك، وأنه لا فائدة من تفريغ طفولي لها إذا أردت إصلاح العلاقة، وتحتاجين صبراً حتى يتغيّر نظام البيت بوضع اقتراحات والحرص على تطبيقها من قِبل الوالد مثلا، وإلى ذلك الحين ينبغي الصبر على واجبات وأعباء المنزل.
وأحب أن أضيف نقطة مهمة للقارئات من الأمّهات، الحكم على ولد لا يدخل معترك المطبخ ولا يقوم بأشغال البيت بأنّه "طيب" لمجرد أنه لا يشتكي ولا يصرخ ولا يتذمّر، ما هذه إلا خدعة، إذ لو دخل معمعة الأشغال المنزلية والتفاعلات مع أمّ تختلف عنه في طريقة التفكير وفعل الأمور، قد يظهر لها من "ولدها الطيّب السّمح" عيوب وتوتّرات تفرضها العلاقة والواجبات التي تجمعهما معاً. لذا من الأفضل ترك تلك الأحكام السطحية فهي مدخل واسع لظلم الأبناء، فمن السهل أن نظهر مؤدبين ومتفانين إن لم ندخل تحت وطأة الاختبار.وأهلاً وسهلاً بك على موقع مجانين وتابعينا بأخبارك