كيف أتخذ القرارات الحاسمة في حياتي؟
مرحبا أنا شاب عمري 30 سنة لا أعرف كيف أتخذ قرار مناسب لحياتي سواء قرارات عمل أو ارتباط عاطفي أو أي نوع من القرارات مهما كان بسيطا
علما أنني منطوي ومكتئب وأضطهد نفسي كثيرا
حاليا تعجبني فتاة ولكنني أؤجل الحديث إليها باستمرار وفي نفس الوقت أشعر بضغط شديد وبحاجة للزواج أنا خجول جدا والاستحقاق عندي ضعيف دائما أنظر لنفسي بعدم الأحقية في أي شيء
لحيتي ضعيفة وهذا يهز ثقتي في رجولتي كثيرا رغم أني جنسيا ممتاز حسب تحاليل هرمون الذكورة وتحليل sperm
لا أعرف متى تشرق شمسي فقد طال ظلام الليل وخيم على حياتي أرجو مساعدتي ونصحي بتوجيهات عملية وليس تحفيز فقط لأني جربت التحفيز ولم يأت بنتيجة بعيدة المدى
فأنا أتحفز في الليل وعند الصباح أشعر بالإحباط وبرغبة في عدم الاستيقاظ عند تذكر المسؤوليات
شكرا
22/3/2019
رد المستشار
أهلا وسهلا، وشكرا على ثقتك.
أرسلت قارئة كريمة ملاحظة تقول لي فيها أنني لا أجيب على سؤال الاستشارة المحدد في أغلب ردودي، وهي ترى إجاباتي – في أغلبها- عبارة عن توضيحات بشكل عام، وهذا لا يفيد صاحب السؤال!!
وكنت أود أن تكون هذه القارئة قد تلقت إجابة مني على سؤال أرسلته لتوضح لي ما أفادها، وما لم يفدها، حتى لا تقع فيما تنبه إليه، وهو النصيحة العامة دون تخصيص، ثم وكأنها تتقمص دور السائل أو صاحب المشكلة، وتقرر نيابة عنه ما يفيد، وما ليس مربط للفرس – كما تفضلت في رسالتها!!
على كل حال تأتي رسالتك لتكون نموذجا أشرح من خلاله طريقي في تناول أي سؤال.
في الحقيقة أنا أعتقد أن تقديم حل محدد في صورة توجيهات عملية هو نهج قليل النفع، وهو نتاج لمجموعة خطوات كلها تحيزات، وإملاءات!!
لكي أقدم توجيهات محددة يا صديقي أعتقد أن هذا يستلزم أن أكون أنت لأرى حقيقة ومواضع الخلل لا كما تتصوره أنت، أو تصفه كلماتك، وهي كل ما لدي!!
ثم بعد هذا مطلوب مني أن أسبغ أغوارك لأعرف ما يناسبك أنت من حلول، في اللغة التي تتعامل وتفهم بها الحياة، ونفسك وتفكر بها فيما تتصوره حلول لما تتصوره مشكلات!!
شخصيا لا أستطيع، ولا أريد أن أفعل هذا، ويكون تركيزي ليس على "توضيح أمور مهمة بشكل عام"، ولكن على رسم خريطة طريق تصف تضاريس الموقع الذي يقف فيه صاحب السؤال، أو ما يمكنني تسميته إحدثيات الحال الواقعي – كما أتصوره – وغابا ما تكون لوحتي تصف المتاهة، ومقترحات للمخارج منها!!
التوجيهات المحددة تحظى بتعليقات من قبيل:
- أعمل ده إزاي؟!
- جربت هذا، ولم ينفع؟!
- لا أستطيع فعل هذا!!
وكل تعليق من هذه التعليقات يفتح عالما كاملا من البرامج، والخطوات!!
على كل حال... دعني أسير مع رسالتك ليتضح هذا أكثر.
تسأل: كيف أتخذ القرارات المناسبة لحياتي؟!
وأجيب: لكي أتخذ قرارا سليما يلزمني أن أعرف نفسي جيدا، ما أحب، وما أكره، ما أريد، وما لا أريد، ما أستطيع، وما لا أستطيع.
كما يلزمني أن أعرف الثقافة السائدة في المحيط الذي أتحرك فيه، وهذا يوضح لي المقبول والمرفوض، المسموح والممنوع، وقد أقرر الانصياع للسائد، وقد أختار التمرد، ولكل اختيار تبعاته، وهنا يلزمني معرفة ما أطيق وما لا أطيق، حتى لا أكلف نفسي إلا وسعها!!
في ثنايا رسالتك تصف نفسك فيما يلي:
الانطواء – الاكتئاب – اضطهاد الذات – الشعور بالضغط – الخجل الشديد – الشعور بعدم الاستحقاق.
هل التوجيهات المحددة التي تطلبها، والرد المحدد الذي تشير إليه المرسلة الكريمة يعني أن أكتب نصائح أو خطوات لما يسمى القضاء على هذه الصفات مثلا؟!!
راجعتني زوجتة أمس في العيادة وكانت تشتكي من قسوة زوجها، ونوبات غضبه العارمة، وذكرت أن فيه مشكلتان بالإضافة إلى هذا:
إدمان الأفلام الإباحية، والكذب.
ومن حكايتنا الطويلة الممتدة والمتشابكة، وهي نتاج عن خليط متفاعل بين جينات ورثناها، وتربية تلقيناها، وتفاعلات اخترناها بوعي أو بغير وعي!!
ومعالجة أي ملف في حياتك يستلزم – حيرة بنفسك، وتشابكات هذا الملف وتعليقاته بداخلك، وهذا كله شخصي ذو ملامح متفرده.
يعني خجلك واضطهادك لنفسك له طعم ولون ورائحة فريدة مميزة ولا يشبه أو لا يتطابق مع خجل شخص آخر. ولكي تتعامل معه لابد أن تراه أوضح، ويحصل هذا في رحلة الوعي والاستبصار التي أدعو لها الجميع، والطرق إلى البصيرة متنوعة منها القراءة، ومنها تبادل الخبرات الحية في جلسات العلاج أو الدعم الجمعي، ومنها استخدام الدراما، أو ما يسمى بالسايكو دراما.
وفي رحلة الوعي يمكن أن تتعرف على مشاعرك، وارتباطها باحتياجاتك الملباة، وغير الملباة، وبالتالي تعرف خلفيات أنماطك السلوكية المتكررة، وهكذا.
هذه التوجيهات هل هي محددة أو عامة؟!
وهل هي مفيدة في ظل أنني لا أنصح بكتب محددة، ولا دورات معينة، ويبدو التوجيه عاما!!
الحقيقة أن ما يتوافر أمامك، وما تستطيعه يختلف بحسب ظروفك، ومقدرتك المادية – مثلا. ورسالتك تتضمن المفاجأة المدهشة التي تكررت معي في رسائل سابقة كثيرة!!
أغلبنا يتخبط في متاهته، وفي نفس الوقت تضغط عليه رغباته، واحتياجاته المشروعة، والوقت يمر بسرعة!! فهل يؤجل الزواج أم يؤجل رحلة الوعي أم يفعل مثل ملايين يتزوجون، ويلقون بكل ألغاز المتاهة، وميراث الجينات، وتشوهات التربية، واضطرابات التفكير والسلوك، وعمى البصيرة.. يلقون بكل هذا داخل العلاقة، بل يتوهمون أن الزواج هو حل للألغاز والمتاهات!!
أنت تذكر في بياناتك أنك عاطل عن العمل مع بقية ما تصفه عن نفسك، وما تفضلت به من أن ثقتك برجولتك مهزوزة!!
فهل تعرف مثلا ما يتطلبه الزواج حاليا، وما يعنيه؟!
لم أحدثك عن الماديات فهذه يعرفها كل أحد، ولكن الزواج أيضا يعني الاقتران بمن تشبهك، أي إنسانة تعيش في متاهة خاصة بها، وتعتقد أن الزواج هو المخرج، ولو حصل وانتبهت لبعض معالم متاهته الشخصية، وسألت عن توجيهات عملية، أو خطوات محددة عن طريقة نصائح المدرسين، وأوامر الأمهات...
ربما تجد من يعطيها ما تسأل، وقد تعتبره مجرد تحفيز، وقد تجد من يناقش معها الأوامر بتشابكاته، وهي تريد حلا سريعا، لأن الوقت يمر، والاحتياجات تضغط، وظلام الليل طال.
لا أعرف من أين تعيش ماديا، وأنت عاطل، وبالتالي ما هي فرصك في طلب العون الطبي مثلا!!
على كل حال فإن الخدمة النفسية في مصر الآن تبدو لي أفضل من ذي قبل، وأغلب الجامعات – إن لم يكن كلها – لديها أقسام مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة المصرية!!
وتابعنا بأخبارك لنرى معك.
الشمس تشرق على الأرض لأن الأخيرة هذه تتحرك، ولولا حركة الأرض دورانا حول نفسها كل يوم، وحول الشمس في كل عام لما تعاقب ليل ونهار، وما تغيرت فصول!!
من يقرر الإقلاع في رحلته، والتركيز في فهم ذاته، وخريطته، ويستعيد نبض الحياة فيه فيعمل عملا منتظما، ويتفاعل مع الناس، ويستثمر طاقته الذهنية والعضلية، ويوقظ روحه ومشاعره بأنشطة الثقافة والفن والـتأمل والمشاركة!! كدت أقول لك أخرج من كفك، ولكن خشيت أن تعتبره تحفيزا.