تحية طيبة وبعد
لي مشكلة تتمثل في أني في هذه المرحلة خاطب ومقبل على الزواج خلال الأشهر القليلة القادمة، أما مشكلتي فتتمثل في أنه لضعف إمكانياتي المالية فإنني سأسكن مع أهلي في بيت واحد، وإني أتوجس من هذا الأمر خيفة لما سمعته من مشاكل بين الحماة والزوجة والتي يكون نتيجتها في أحيان كثيرة الطلاق وضياع البيت الزوجية فسؤالي هو :
- كيف يمكن تجاوز المشاكل بين الحمة والأخوات مع الزوجة.؟
- ما هي الترتيبات التي يجريها الزوج ليقلل من الاحتكاك السلبي بين أفراد العائلة والزوجة.؟
وأخيرا كيف يمكن أن أجعل السكن مع الأهل سببا للسعادة الزوجية؟
أرجو مساعدتي
وشكرا جزيلا لكم
23/9/2019
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا على ثقتك، الحقيقة أن ما تطلب منا الإجابة عليه لن نستطيع تقديم أكثر من تحليلات عامة بشأنه ذلك أن تفاعل زوجة الابن مع أهل زوجها ليس على شكل واحد أو صورة واحدة لأن الفروق الفردية بين البشر تؤدي إلى اختلاف قابلية الأشخاص للاستفادة من نصائح معينة وكذلك تؤدي إلى اختلاف حاجات الأشخاص لتنظيم أو توطيد علاقة ما، معنى هذا الكلام هو أننا قبل أن نقول كلاما خاصا لحالتك يجب أن نكونَ على علم تام بأي زوجةٍ –ولاحظ معي أننا لا نعرف شيئا عن زوجتك- وأي أفراد أسرة أي أخواتك وأخوتك وسيدة البيت الأولى أمك – نحن أيضًا لا نعرف أي شيء عن هؤلاء الأشخاص- ولذلك لا نتوقع منك أن تنتظر أكثر من رد يحتوي بعض النصائح العامة.
وأيضًا لا تنتظر منا أن نضع لك أجوبة على أسئلتك في نقاط متتالية، فنحن لا نستطيع أن نقدم الحلول الجاهزة التي تصلح للتعميم في مثل هذه المواقف لأننا لا نملك معلومات كافية لاعن خطيبتك ولا عن والدتك ولا عن بقية أعضاء الأسرة لنضع لهم من الخطوات ما يناسبهم.
ونحن نسمع يوميا مثلك عن الحماة أمثالا وقصصاً تشوه مكانتها في الأسرة، ومهما فعلت هذه الحماة وقدمت من جميل تظل في نظر الناس وبالأخص زوجة الابن هي المرأة المتسلطة وصاحبة المؤامرات والمشاكل. وتناست معظم الزوجات بأن هذه السيدة قبل أن تكون حماة فهي أم وستدور الأيام وتمر السنوات وتصبح هذه الزوجة في مكانها وتعاني كما عانت منها حماتها، وجزء كبير من هذا ناتج عن تشويه العقول في بلادنا عبر وسائل الإعلام خاصة المرئية والمسموعة التي خلقت صورة نمطية للعلاقة بين الزوجة وأهل زوجها بحيث أصبحنا نقدم سوء الظن على حسن الظن تلقائيا مع الأسف.
لكننا نسمع أيضًا وأكثر مما نتوقع عن نماذج مشرفة من العلاقة بين الزوجة وأسرة زوجها، وكيف يشيع الحب وينبت ويثمر، وكيف أن هناك زوجاتٍ عاقلاتٍ وأن هناك حموات حكيمات، وأن ثقافة المسلمين حيةٌ ما تزال وإن لم يدر بها أحد وهناك من حفظهم الله من تشويه الوعي المنظم وغير المنظم الذي تتعرض له أمتنا، نعم فالإسلام يا أخي الفاضل ما يزال يفرز أفرادا صالحين بميزان ذلك الدين العظيم، والصالح بميزان الإسلام هو الذي يتم إعداده معرفيا وشعوريا على نهج الإسلام، وأمثال هؤلاء موجودون في مجتمعاتنا كقلةٍ بالطبع لكنهم القلة التي يحفظ الله بها دينه.
معنى كلامي هنا هو أنني أذكرك بحديث سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه : (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه، فإن كنت ظفرت بذات الدين فاعلم أن التي تتحلى بأدب الإسلام في التعامل ستستطيع كسب قلوب الجميع، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ((تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم)) صدق رسول الله، رواه أبو داوود، والشاهد في هذا الحديث هو وصف الزوجة المفضلة بالودود، والودود هي طيبة اللقاء وحانية السلوك وصاحبة واجب.
وكذلك جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة"، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه"، نصف دينه، "فليتق الله في الشطر الباقي" صدق عليه الصلاة والسلام، كما جاء في الحديث الذي رواه ابن ماجة: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله تعالى خيراً له من امرأة صالحة، إن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله، ثم تلا قوله تعالى (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله).
فإذا كنت اخترت ذات الدين فاطمئن يا أخي، ذلك أن المتدينة لا بد من أن تكون صاحبة خلق، لأن دينها سيمنعها من فحش القول، وبذاءة اللسان، وسوء المنطق وثرثرة الكلام، وعلى كل فحسن الخلق أساس قويم، ومنهج حكيم في البحث عن المرأة، وصدق لقمان الحكيم عندما قال لولده يا بني اتق المرأة السوء فإنها تشيبك قبل المشيب، يا بني استعذ بالله من شرار النساء، واسأله خيارهن، فاجهد نفسك في الحصول على الصالحة الطيبة تلق السعادة أبد الحياة.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها (أي بالنفع والخير) التي إذا غضب زوجها جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول لا أذوق غمضاً (أي نوماً) حتى ترضى)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه النساء والطبراني.
مثل هذه المرأة التي يحثنا ديننا على البحث عنها تمتلك من بين أهم ما تمتلك صفات يربيها الدين فينا مثل الذكاء العاطفي ومثل توكيد الذات (حسب التسميات الحديثة) اللتين أراهما صفتين مهمتين في الزوجة التي تختارُ لتعيش وسط أسرة الزوج.
فأما ما نسميه بالذكاء العاطفي Emotional Intelligence ، فيقصد به القدرة على اكتساب قلوب الناس ورضاهم، وهذا ما قد تحتاج إليه خطيبتك فما تقييمه لديها هل تستطيع أنت أن تدلني؟ على أي حال فإن زوجة الابن التي تتمتع بقدر معقول من الذكاء العاطفي ستكتسب رضا أسرة زوجها بما في ذلك حماتها، ومن تتمتع بقدر عالٍ من الذكاء العاطفي تصل إلى أن تكونَ أكثر حظوةً عند أهل زوجها من زوجها نفسه، وعلى العكس من ذلك فإن الفقيرة في ذكائها العاطفي غالبا ما تكونُ مكروهةً أو مهمشةً أو محددة العلاقات أسرة الزوج، وأنا هنا لن أطيل كثيرا في هذا المضمار وإنما أرى أنك يجب أن تقيمَ ذكاء خطيبتك العاطفي، وقدرتها على كسب الناس جيدا، وكذلك قدرتها على تحمل الكروب في العلاقات بين الشخصية، ولعل أحد المتخصصين بعلم القياس النفسي من المعالجين النفسيين يستطيع مساعدتك في ذلك إن شعرت بحاجتك إليه.
وهناك أيضًا ما نسميه بالسلوك التوكيدي للذات، أو بالقدرة على انتهاج سلوك توكيدي والتعبير بحرية عن المشاعر تجاه الآخرين (باستثناء القلق) وعن الآراء في المواقف المتباينة، والقدرة على التعبير عن استحسان أو استهجان عمل شخص آخر وغير ذلك من السلوكيات التي تحتاج إليها خطيبتك كأسلوب يمكنها من الحياة حرةَ المشاعر والتصرفات قدر الإمكان وهي تعيش وسط أسرة كبيرة العدد أو فيها بعض أهل الزوج، فهذا مطلوبٌ من أجل أن تسير الحياة باعتدال معقول، فما مدى ما تمتلكه خطيبتك من السلوك التوكيدي، مثلا ما مقدار قدرتها على لقاء الآخرين بابتسامة ؟ أيضًا من الممكن أن يساعدك في ذلك أحد المعالجين النفسيين السلوكييين المعرفيين.
وأما سؤالك الأخير : كيف يمكن أن أجعل السكن مع الأهل سببا للسعادة الزوجية؟ فإن الرد عليه هو أن الأمر سيعتمد إلى حد كبير على الأسس التي تحكم الحياة الأسرية في أسرتك، وعلى الأسس التي تحكم تصرفات زوجتك، فإن كانت الأسس الحاكمة هي أسس السلوك الإسلامي فإن التراحم والتعاطف وروح الله عز وجل وفضله، قليل من حسن التصرف والتوجيه منك، سيجعل السكن مع الأهل سببا للسعادة الزوجية، إن المهم يا أخي الفاضل هو أن تفكر جيدا وأن تطبق الحكمة التي تقول : أن الرجل الحكيم هو الذي يفتح عينيه واسعتين قبل الزواج ويغمضهما نصف إغماض بعد الزواج، هناك بالطبع نصائح جاهزة لكنني أفضل أن يقدمها لك من يقيم الموقف أفضل مني وهناك الآن مؤسسات تقدم الخدمة الإرشادية للمقبلين على الزواج ولا أدري هل هي متاحة في بلدكم؟
وعلى أي حال تستطيع أن تخبرني بنتائج تقييمك للموقف بعد أن تقرأ ما كتبته لك، سواء كان تقييمك الشخصي أو استعنت فيه بأحد الاختصاصيين النفسانيين، وإذا ما اكتملت لدي الصورة في حدود ما تمكننا منه الإنترنت فإنني سأشير عليك بما هو أقرب من حالتك، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.
التعليق: تعرف على وجهة نظر الأم والأخوات تجاه العروس ووجهة نظر العروس تجاههم
أسألهم عن الإيجابيات والسلبيات بعضهم البعض قد يساعدك ذلك في اتخاذ القرار