لا أستطيع معرفة من أنا حقا؟؟؟
صباح الخير. اليوم أكتب رسالتي الأولى في هذا الموقع والتي سأحاول فيها البوح بتفاصيل حياتي كلها، دعني يا صديقي أعرفك على نفسي قليلاً كي تفهم فيما بعد تفاصيل حكايتي، اسمي هو أحمد وعمري 26 سنة وطولي 185 سم ووزني 120كغ ولا أنام كثيراً بالمعتاد بين 4 و 6 ساعات وأحياناً أبلغ 7 ساعات، وشهيتي للطعام تكون مفتوحة بكثرة عند إحساسي بالقلق الشديد وأنتمي إلى محافظة ما بالجمهورية التونسية.
في الوقت الحالي عندما أخرج لممارسة رياضة المشي أو لقضاء شأن ما ومن خلال مروري في الشارع أحس بالريبة من كل شخص على أنه ينظر لي بازدراء أو حنق شديد ولا أدري ما هو السبب! ولكن دعني أحكي لك عن طفولتي ومن ثم لنا عودة يا صديقي لما يحدث في هذه الأيام.
منذ أن ولدت كانت تتغلب عليّ النزعة الانطوائية في حياتي وكنت أتحاشى مقابلة الناس لشدة خجلي منهم خصوصاً وأنني كنت ولا زلت أعاني من مرض السمنة جراء الشراهة المفرطة متى ما أحس بعدم الاطمئنان أو القلق التي لا أعرف حتى هذه اللحظة سببها الحقيقي لا هي و لا الخجل المبالغ فيه منذ صغري.
هكذا كنت أحس إلى أن دخلت إلى مرحلة دراستي الابتدائية عند سن السادسة من عمري، وهناك شيئاً فشيئاً بدأت بمخالطة الأطفال من بني عمري وكنت أستمتع قليلاً باللهو معهم وإن كنت لا ألهو كثيراً في صغري إلا في أوقات الراحة بالمدرسة ولا ألتقي مع أحد في العطل أو أيام الراحة الأسبوعية لسككنا في شارع راق لا يوجد به سكان أو مكان للعب، ورغم كل هذا كنت أحس بأن حياتي تسير على ما يرام حتى وإن كنت أحس بأن هناك فترة اللعب قصيرة للغاية، إلى أن أتت والدي نقلة في العمل، أي أنه كان عليه تغيير مكان عمله بأوامر من الحكومة التونسية (هو موظف حكومي سامي لدى الدولة التونسية) ومن هنا انتقلنا إلى محافظة ما وأكملت دراستي بمدينة صغيرة لمدة سنتين، أي بعد انتقالي للمرحلة الإعدادية وكان عندها سني 13 سنة فوجئت عندها بتغير كبير في نمط حياتي فقد كنت إنساناً مجتهداً في دراستي وكنت أحصل على الدرجات النهائية بامتياز وفجأةً لما مررت إلى المرحلة الاعدادية أصبحت أعدادي لا تكاد تتجاوز النصف وبالكاد فقط أستطيع النجاح في دراستي كل سنة.
ما فاتني أن أذكره هو أنني قد انتقلت إلى مدينة أخرى أكبر داخل محافظة ص، وأنني خلال أعوامي الأولى هناك في المدينة الجديدة تعذبت عذاباً شديداً وتمت إهانتي والتنكيل بي من زملائي في الصف كما أنهم كانوا يتركونني وحيداً، لا لشيء إلا لأنني ذو أصول ساحلية وهم من محافظة يكرهون أبناء الساحل.
مثلاً من هذه المضايقات أن يأتي أحد الأولاد ويحرجني أمام زميلاتي البنات أو أن يتم إيقاعي في مصيدة كلامية كي أبقى موضوع سخريتهم ومنبع فرحهم عندما يضحكون عليّ أو أن يستغلون طيبتي في إيقاعي في مشاكل مع الغير كما في إحدى المرات ترجاني أحدهم أن أوقف له سيارة أجرة ولما أوقفتها نظرت لزميلي فوجدته قد لاذ بالفرار، وهذه الحادثة قد بقيت موضوعاً لسخريتهم لمدة طويلة. أو في إحدى المرات لما أعجبت بإحدى زميلاتي التي تدرس معي وحاولت محادثتها شعرت بنفسي أنني مثل رجل عجوز نظرًا لأنها تتحدث بلغة شباب هذا العصر بينما كنت أتحدث عن الكتب القديمة وكلام العجائز.
آه نسيت، تذكرت منذ صغري كان يفرض عليّ خصوصاً في صغري أن أجلس هادئاً وأن أبقى أطالع كتاباً، وقد نشأت على هذا المنوال، لم أستطع تغييره ولم أكن عندها أحتك بكثيرِ من البشر لخوف أهلي الشديد عليّ من سوء الأصحاب وأتباعهم.
كل هذا وأكثر جعلني أحس بالحنق والغيظ الشديد من نفسي وأحسست أنني لا أساوي شيئاً في نظر هؤلاء الناس الذين في عمري، فلا أنا مُلمٌّ بما يلمون به ولم أستطع حتى مجارتهم وتقليدهم حتى أتقرب منهم مهما حاولت ولكن بدون أي جدوى تذكر. أحسست حينها بحزن شديد وتملكتني الرغبة في البكاء عندما لا أجد ما أستطيع أن أقوم به، فلا أحد يصغي أو حتى يستطيع فهم ما أحس به ولا أحد يلقي بالاً لي أو يهتم بي، احتجت إلى صديقِ يؤنس وحدتي وينير لي ظلمات دربي ولكني لم أجد مع الاسف... كنت حزيناً للغاية وكنت أمضي أكثر الأوقات إما في الدراسة أو في البيت، وكنت قلما أخرج من البيت إلا للضرورة فقط.
كنت حينئذِ قد كرهت نفسي وكرهت كل البشر ولم أجد سبيلاً لي يخفف عني وحشتي في هذه الحياة إلا من شيء كنت أمارسه طوال الوقت لتخفيف ضغط الحياة علي، فقد كنت أطالع الكتب بكثرة كما كنت أغني وحدي في الغرفة وكنت أستمتع بصراحة ولكن الآن لا... ذلك كل ما يخص صغري ومرحلة مراهقتي بصفة عامة، حاولت أن أختزله مع تحملي ألم تذكر كل هذه الأشياء وغيرها من التي لم أذكرها.
وفي هذه الأيام بصراحة أصبحت بحالة من الحزن أكثر من قبل لأنني في السابق كنت أعمل من الصباح لليل لمدة 13 ساعة يومياً طيلة الثلاث سنوات الماضية لمدة 7 أيام متتالية دون انقطاع لكامل السنة، وهذه السنة أصبحت 15 ساعة في اليوم متتالية لمدة 7 أيام أيضاً، وكل هذا كان كالحمل الثقيل على كتفاي لأنني أصبحت أرى نفسي كالآلة التي خلقت من أجل العمل فقط، إضافة إلى أن هذا العمل يخص عائلتي ولكني أجبرت على تحمل متابعه وذلك لتقصير إخوتي في تخفيف الحمل عليّ وتحملي للمسؤولية، فهذا قد جعلني شبه منعزل عن الناس، أخرج للعمل في الصباح الباكر قبل بزوغ الفجر وأعود منه للبيت بعد هبوط الظلام الشديد و لا أتحدث إلا مع حبيبتي في الهاتف أو في وسيلة التواصل الاجتماعي، ولكن للأسف نمضي أكثر من وقتنا بالخلاف والشجار وذلك لتقصيري معها رغم شعوري بالشوق الشديد إليها والرغبة في التحدث معها وإحساسي بالحزن والرغبة بالجلوس وحيداً لحزني الشديد على الأوضاع التي وصلت إليها وإلى المستقبل المجهول الذي ينتظرني وغضبها الشديد من أشياء في بعض الأحيان تبدو تافهة ولا تستحق حتى الاهتمام...
أيضاً لا أنكر أن لفشلي الدراسي على مدار مسيرتي الدراسية أثراً في هذا الحزن، فمساري الدراسي قد تم تغييره من قبل عائلتي منذ التوجيه الأول بالأولى الثانوي إلى الدخول في الجامعة حيث أنهم اختاروا لي كل الشُعب التي يريدونني أن انخرط بيها ومن ثم تم تركي في حال سبيلي بعدما اختاروا لي مساري الجامعي والذي تخرجت منه ونلت شهادتي التي تقبلتها بمضض لكرهي الشديد للاختصاص الذي درسته والذي أجبرت عليه من قبل أهلي، ولو أن أغلب خياراتي قد نفدت ولم يبقى منها سوى اختيار شريكة حياتي التي سبق أن اخترتها منذ 8 سنوات خلت بموافقة عن مضض من أهلي ولم يتبقى لي سوى أن أجد عملاً يضمن كرامتي كي أستطيع المضي قدماً في المرحلة القادمة من الخطبة...
فشلي الكبير في مجاراة نسق الحياة والتغييرات التي أثرت على حياتي تدريجياً نحو الأسوء منذ الصغر جعل مني إنساناً ضعيفاً ومتشائماً في أغلب الحالات، كما زادت انطوائيتي وقابليتي للتواصل مع الآخرين حتى مع من اخترتها لتشاركني بقية حياتي رغم يقيني بحاجتي إليها وإلى تواجدها معي دوماً إضافةً إلى محبتي الكبيرة لها.
صديقي أشعر يوماً بعد يوم باليأس يعتصر قلبي وإن كان للعملية الجراحية في ساقي دور في تأزيم الأمور نحو الأسوء حيث أنني قبلها أنشط وأتحرك كثيراً ولكن بعد الراحة المقدرة لي حينها بشهر. أظلمت الدنيا بوجهي أكثر وأكثر وصرت أنتظر الموت خصوصاً أنني قد فقدت الرغبة بالقيام بأي نشاط بدني كان بعد تعافي من مخلفات الإصابة وهذا من أحد الأسباب التي جعلتني أترك وسائل التواصل الاجتماعي وأستمر بعزلتي الموحشة هذه عن بقية العالم دون ذكر الساعات الطوال التي كنت أقضيها في الشجار والخصام مع عائلتي كي أثبت أنني غير راضِ على ما يحدث حولنا من مشاكل وطريقة العيش من قبل طلوع الشمس إلى الليل في العمل معهم 7\7 أيام وأحيانا أتغيب عن الدراسة في الجامعة لأعينهم وهذا ممّا تسبب لي بالرسوب لعامين في الكلية، إضافةً إلى متغيرات الحياة وكل تلك العوامل والمشاكل التي اجتمعت في مخيلتي، وحتى إن غاب التفكير فيها عن ذهني فإن أثرها باقِ بمرور الزمن بعد أن أصبحت ضحية الحزن والأرق والتفكير طوال الوقت...
وعندما تضاف العوامل والمشاكل الجديدة إليها يحدث أن ترى شخصا مثلي يتخاصم دوماً مع أحبائه وهم لا يستطيعون فهمه ولا يقدر هو على الدفاع عن نفسه أمامهم ويمنع عنه وعنهم الحزن والكدر يا صديقي.
أستطيع أن أخبرك يا صديقي أنني نتيجة كل ما حدث لي فأنا الآن عاطل عن العمل بعدما تخاصمت مع الأهل بعدما كرهت حقاً عملي به لأنني لا أشعر بالرضى عن نفسي بتواجدي هناك (المحل الذي أعمل فيه على ملكهم) وتخاصمت مع خطيبتي وقد فسخت هي الخطبة نتيجة عدم احتمالها لما يحدث لها معي من تقصيري تجاهها، إضافةً إلى أنني عاجز عن التركيز في الخطوة المستقبلية لي وعاجز عن الاستقرار على رأي معين، لا أستطيع أن أعرف ما العمل الذي يناسب إمكانياتي رغم أنني أمقت ولا أطيق الاختصاص الذي تخرجت منه ولا أستطيع العمل فيه ولا أستطيع حتى تحديد ما هي هوايتي المفضلة من صغري إلى الآن، فكل ما فعلته هو ما أجبرت عليه وليس ما كان يسعدني حقاً، أو حتى لا أعرف ما الذي أريد وما الذي يسعدني ويفرحني حقاً.
نتيجة ما يحدث معي الآن في هذه الأيام امتهنت العزلة مرة أخرى، هجرني النوم بتاتاً لليومين السابقين وحبست نفسي في غرفتي لا أغادرها إلا للضرورة القصوى لأفكر في حل ولكن دون جدوى...
أرجوك أن تساعدني في تشخيص حالتي ومساعدتي بأي شكل سواء كان مادياً بوصف أدوية أو معنوياً عن طريق الحل للخلاص لأكون إنسانا طبيعياً له ما يسعده ويستطيع مخالطة الآخرين دون خوف أو وجل، ويستطيع أن يفهم نفسه، ما لها وما عليها جيداً حتى يستطيع أن يقرر خطواته القادمة في مستقبله خصوصاً أن عمري قد جاوز سن الطيش ووجب عليّ فهم نفسي كي أنطلق في تأمين مستقبلها. وشكراَ جزيلاَ لكم مسبقاَ وجزاكم الله كل خير.
ملاحظة: الرجاء ترك كل المعلومات المتعلقة بشخصيتي سرية ولكم نشر الاستشارة كما هي.
(ملاحظة الرجاء ترك كل المعلومات المتعلقة بشخصيتي سرية من فضلكم)
11/4/2020
رد المستشار
صديقي
هل تعلم أن لك اختيارا؟ اختيار في كل شيء؟
في الماضي وحتى هذه اللحظة تقول لنفسك أنك لم تختر وأن الاختيارات كانت من أهلك.. قد يكون هذا صحيحا في سن صغيرة ولكنه لم يعد كذلك.. لقد اخترت ونفذت اختيارك بترك العمل.. هذه خطوة كبيرة وبالتالي يجب أن تعي وأن تفهم أنك قادر على اختيار أشياء صعبة.. وبالتالي، منطقيا، أنت قادر على اتخاذ قرارات وخيارات أخرى قد تكون أكثر سهولة مثل أن تختار أن تكون سعيدا ومستمتعا بكل شيء في الحياة مهما كانت الظروف (الأذكياء والناجحون في الحياة هم من يفعلون هذا).
مبدئيا، يمكنك أن تختار الاستمرار في الاهتمام برأي الآخرين وتمني أن يفهموا عنك ما لا تفهمه عن نفسك أو أن يشيدوا بك ليطمئنوك على نفسك، وهذا ما كنت وما زلت تفعل حتى الآن.... هذا معناه أن تقبل الشيء الذي تمقته ويمقته كل إنسان عاقل حر وهو أن يختار له الآخرون.
يمكنك أيضا أن تختار لنفسك ولكن هذا يتطلب أولا أن تستخدم عزلتك بطريقة صحية.... على المدى الطويل، لن يأبه أحد لحزنك ولن يبالي أحد بنجاحك أو فشلك.. كل مشغول بنفسه أولا... استخدم عزلتك في استكشاف ما تحب وما تهوى وما تريده لنفسك في حياتك الحالية وفي المستقبل..... إذا صعب عليك الاختيار فهذا معناه إما أنك في حاجة للمزيد من المعلومات أو أنك ما زلت تريد أن يختار لك الآخرون مثل الطفل الذي لا يريد أن يلام وبالتالي لا يأخذ أية قرارات من تلقاء نفسه... ولكنك قد تخطيت هذه المرحلة وهذا معناه أنك في حاجة إلى معلومات... معلومات عن نفسك وعن ما يستهويك ويثير فضولك..... إن لم يكن هناك ما يثير فضولك فهذا معناه أنك غاضب ومتكبر (بدون أن تدري).... متكبر لأنك تعتقد أنه ليس هناك ما هو جديد لتتعلمه من هواية أو معرفة.... وغاضب لأنك ترفض إعطاء نفسك الفرصة... غضبك من أهلك يؤدي للاكتئاب إن لم تعترف به وتتقبله وتتصالح معه ثم تتركه وتهتم بنفسك.
يجب أيضا أن تعي أن التهام الطعام هو بمثابة مخدر مؤقت لمشاعرك الغاضبة والشعور بالخواء...... شعورك بازدراء من الآخرين وخصوصا من لا يعرفونك هو بسبب تقديرك الذاتي السيء أو غضبك من نفسك الذي تريد إسقاطه على الآخرين مثل إسقاط الاختيارات الحياتية وإسقاط مسؤولية أن يفهموك عليهم وليس عليك.
مهمتك الآن هي أن تختار لنفسك.... تختار وصف مشاعرك لنفسك قبل أن يفهم الآخرون.... تختار اكتشاف ما تهواه وتستمتع به بدلا من الغضب بسبب أنك مجبر.... تختار المستقبل الذي تريده وليس ما تتذمر منه الآن (لقد غير الملايين مسار حياتهم في أوقات مختلفة ومراحل مختلفة من العمر)..... من المعتاد في العالم المتقدم الآن أن يغير الإنسان وظيفته سبعة مرات في المتوسط أثناء مسيرته العملية... هناك من يغيرون مسارهم في الستين من العمر وهناك من يكملون شهادات دراسية في التسعين من العمر.
لو لديك مصباح علاء الدين السحري ولك من الأمنيات ما تشاء... ماذا ستطلب؟؟ امكث في غرفتك واسهر الليالي حتى تحدد هذا.
أنصحك بألا تتوقف عن الرياضة.... يمكنك ممارسة حركات رياضية في غرفتك إذا أردت وبالرغم من إصابة أو مرض... المهم هو أن تريد... يجب أن تجرب عدة أشياء لكي تعرف ما تريد.... كيف ستعرف ما إذا كنت تحب مذاق طعام ما إن لم تجربه من قبل؟
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب