أهلا بك: قصتنا: الدنيا الميتة، وإعادة اختراع الحياة
تحقير الذات بعد التعافي من إدمان الملذَّات
بسم الله الرحمن الرحيم... أود أولاً أن أشكر دكتور أحمد عبدالله على جميل المساندة وعظيم النصائح التي كانت في ردكم عليَّ في هذه الرسالة، وأحب أن أخبركم أني الآن _بفضل الله_ تحسنت كثيراً، وأحاول جاهداً كما وصَّيتم أن تكون هذه المحنة التي أنا فيها فرصةً جديدة لإعادة اختراع الحياة.
لكني مع تغير مفردات البيئة المحيطة بقي معي شيءٌ ملازمٌ لي ولا أعرف كيف أعالجه أو أتخلص منه، وأظنه هو السبب الآن في قلَّة إنتاجيتي ألا وهو تذكر كل المواقف المخزية والمحرجة على مر السنين وتحقير نفسي وسبها بسببها، حيث يربط دماغي بين أي شخصٍ أتذكره أو أي موقف يمر على ذاكرتي وبين موقفٍ مخزٍ حصل معه، ثم أتبع ذلك بسبِّ نفسي مباشرةً بقولي "أني إنسان سيء أو حمار خبيث أو فاشل أو أنا مش هنفع أصلاَ، وما شابه ذلك" هكذا بشكلٍ لا إرادي، حتى أني ولو كنت في الصلاة أتذكر وأشتم نفسي بتحريك لساني وأنا في الصلاة، وهكذا أي شيءٍ أتذكره تذهب الذاكرة مباشرةً إلى موقفٍ مخزٍ كان مع هذا الشيء.
جديرٌ بالذكر أن بعض هذه المواقف لم أكن احس بالخزي حين وقوعها... وأيضاً كانت أول مرة أسب فيها نفسي كان عقب أحد الانتكاسات على الإدمان المذكور بقولي "أنا إنسان فاشل"، وما زال هذا السلوك من هذه اللحظة إلى الآن (يعني أكثر من ست سنوات) فأحس بأني أُحقِّر نفسي، وأحس بعدم الثقة، وأحس أن ذلك يؤدي إلى قلة الإنتاجية بحيث تمر الأيام مع التعب والكد، والنتائج تكون قليلة.
ما العلاج بارك الله فيكم؟ وكيف الحل؟ وكيف أتعلم عن هذا الأمر وأقرأ عنه (لا أريد أن أقرأ في فضاء الإنترنت هكذا بدون دليل، مع العلم أني أستطيع قراءة الإنجليزية والمصطلحات الطبية لأن دراستي كانت طبية)؟...
أنتظر ردكم
وبارك الله فيكم.
21/11/2020
رد المستشار
شكراً على متابعتك الموقع٬ وقد اطلعت على استشارتك السابقة التي أجاب عليها الزميل أحمد عبد الله.
ذكريات الإنسان عموماً من صنفين:
ذكريات سلبية يحاول أن يضعها جانباً ويرميها في سلة المهملات.
ذكريات إيجابية تبعث في داخله البهجة والسرور للحظات لا أكثر ويتمسك بها.
رغم ذلك فإن هناك إجماعا شاملا على أن آلية الجهاز العصبي وبصورة لا إرادية تثبط الذكريات السلبية ويتلاشى زخمها على عكس الذكريات الإيجابية. تصل درجة التثبيط أحياناً إلى نسيان الإنسان كلياً للذكريات السلبية والتجارب المرة التي مر بها.
رسالتك تشير إلى أن هذه الذكريات تداهمك بين الحين والآخر ولا تساعد على رفع إنتاجك٬ وفي نفس الوقت أرى البيانات الشخصية تشير إلى أنك لا تزال طالباً وسنك قريب ٢٨ عاماً. شكواك بصراحة لا تختلف عن شكاوي بعض المبتلين بالإدمان حيث يراجع ذكريات الماضي ويتعمق بها٬ ويسقط اللوم عليها في ضعف إنتاجه المهني والاجتماعي. عدم إزاحة هذه الذكريات بصورة إرادية هو الذي يفسر عودتها على شكل أفكار قهرية بين الحين والآخر.
عملية الازاحة أيضاً لا تتم عن طريق تحليلها والمعالجة الذاتية وإنما عن طريق تحديد أهداف المستقبل وتغيير نمط الحياة كالآتي:
1- العمل والانتقال إلى موقع جديد في الحياة.
2- الدخول في شبكة اجتماعية سليمة.
3- المحافظة على إيقاع يومي منتظم.
4- القبول بأن ذكريات الماضي مجرد مرحلة انتهت ولن تعود مع النضج العاطفي والمعرفي.
وفقك الله.