الكره معاناة ومعاناة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشكلة أني لا أستطيع نسيان أدق التفاصيل والذكريات التي أكرهها مما يجعلها قريبة مني دائما مما يؤثر على علاقتي بأقرب الناس إلي مثل والدي الذي كان شديدا معنا وعصبي. لا أنسى أنواع الضرب والإهانة مثلا مما يجعلني في هذا الوقت المتأخر أشعر بعدم الانسجام النفسي مع أبي, هذه مشكلة،
أما المشكلة الثانية: أني أتضايق من أشياء غريبة مثل: التضايق من الأصوات التي تصدر من الأكل أي ممن يأكل بجانبي حتى لو كان أقرب الأقربين مما ينغص علي أكلي وحياتي لأني أشعر بأني إنسان شاذ وغير طبيعي وتجدني أتهرب من الناس الذين لهم أصوات في الأكل.
المشكلة الثالثة: أني أخاف ممن يتقيأ ولو كانت أمي لهربت منها، فكيف إذا تزوجت ومرت زوجتي بمرحلة الوحم أتوقع أن حياتي ستصبح جحيما لا يطاق، وسأخرج من المنزل.
لا أدري ما سبب هذا الخوف وأنا اذكر أن هذا النوع من الخوف قد مر في المرحلة الابتدائية الصف الخامس فجأة فقد كنت أرعب من بعض الأطفال الذين يتقيئون في الفصل، ويطير عقلي من ذلك.
المشكلة الرابعة: أني أعاني من ضعف العزيمة وأوصف باللامبالاة بعض الأحيان، وأعاني من العادة السرية اللعينة فكلما تركتها عدت إليها، وأخشى أنها تنقص من حيويتي وشبابي، لما ألاحظه من شحوبٍ على وجهي وبثور، كما أشعر أن غيري يشعر بي مثل أبي...... فاليوم الذي أمارسها فيه ألاحظ أن أبي يكره النظر إلي وأنا بدوري أكره النظر إليه، وأحقد عليه لأنه لا يعلم مدى معاناتي النفسية والكبت الذي أعيشه
فما رأيكم في هذه المشاكل؟؟؟ وهل أنا احتاج إلى العلاج النفسي؟؟؟
ولك مني جزيل الشكر والعرفان.
19/01/2005
رد المستشار
صديقي كلنا يتذكر لحظات أليمة في الماضي وهي جزء لا يتجزأ من خبراتنا الحياتية ومن تكويننا الشخصي وتعلمنا في الحياة...
ابحث في هذه الخبرات عن دروس إيجابية تفيدك في الحياة.. على أقل تقدير فلقد علمت أن طريقة والدك خاطئة وقد يكون لها جذور في الجهل أو عدم الفهم أو تربية خاطئة من أهله... ماذا تعرف عن أهل والدك؟؟ كيف عاملوه هو كطفل وشاب؟؟ كيف تعامله والدتك؟؟ كل هذه العوامل قد تفسر العنف وإن كانت لا تبرره...
تعلم من الحياة بدلا من أن تسخط على أنها لم تعطك ما تريد أو ما تعتقد أنها يجب أن تعطيه لك.... لا شك أنك على قدر كبير من القوة بحيث أن تمر بما مررت به وأن تتذكره مرارا وتكرارا... أن تتحمل إعادة الذكرى المؤلمة وأن تحس بألمها مرارا وتكرارا يدل على أنك قوي، ويدل أيضا على أنك قد تكون مصرا على اجترار واسترجاع الألم... وبعد الألم تحس بشيء من الراحة ثم تكرر تسلسل هذه المشاعر وتكَوِّنُ عادةً منها لنفسك،
من ناحية الحساسية الزائدة من أصوات الأكل: فلماذا لا تركز في أصواتك أنت أثناء الأكل؟؟ كلنا نصدر بعض الأصوات.. أعتقد أنك غاضب من الكل وعلى حافة الكراهية ناحية كل هؤلاء الذين تقول أنهم المقربون إليك... لماذا لا تنظر إليهم بعين التفهم والفهم وتعي أنهم مجرد أناس لهم أخطاء وعيوب كما للناس جميعا بما فيهم أنا وأنت... تذكر: لقد مررت بالتجربة وتخطيتها جسديا فلماذا لا تتخطاها نفسيا...
اغفر لنفسك وللآخرين بدون شروط... قد تعتقد أن هذا ضربا من الجنون!، ولكن الغفران هو شيء تخدم به نفسك وتحرر به نفسك وليس هدية تقدمها لمن أساء إليك...، الشيء الوحيد الذي قد تكسبه من عدم الغفران هو الوهم بأنك أفضل ممن أساء إليك...
عندما لا نغفر فإنما نقول: ما دمت أتألم فما زالوا مخطئين في حقي وما زلت مظلوما وما زلت ضحية وهم الوضعاء لفعلهم هذا بي.
خوفك ممن يتقيأ في الحقيقة هو تقزز وهو طبيعي... ودعني أسألك ما هو المخيف في الأمر؟ وبم شعرت عندما تقيأت أنت؟؟ إنه شعورٌ بقلة الحيلة والمرض يعانى منه شخص آخر فكيف يخيفك هذا؟ وهل هربت من نفسك عندما تقيأت؟؟ لا تقل لى أن هناك شخصا لم يتقيأ مرة في حياته، هذا غير ممكن....
ربما يكون سبب الخوف أنك تخاف أن تتعاطف أو أن يذكرك المشهد بضعفك وقلة حيلتك... قد تكون قد شعرت بهذا وتقيأت أيضا في الماضي فارتبط الاثنان ببعضهما البعض بدون أن تدرى ونسيت الواقعة ولكن الصلة ما زالت موجودة وإنما خارج إطار وعيك.
العادة السرية لا تسبب البثور والشحوب وإنما يسببهما الضغط النفسي المستمر الذي تمارسه مع نفسك... ماذا تريد لحياتك؟ ما هي آمالك وأحلامك؟؟ ما هي أهدافك؟؟ من تريد أن تكون؟؟
إجابة هذه الأسئلة أولى بالاهتمام من كل ما ذكرت وسوف تساعدك على تخطى كل ما يزعجك.
لماذا لا تجعل في حياتك مصادر متعددة من المتعة بدلا من مصدر واحد منصب في أعضائك التناسلية؟؟ لماذا لا تبدأ نشاطات وهوايات جديدة تتعرف من خلالها على نفسك وعلى الآخرين وتكون من خلال هذه المعرفة خطة لحياتك؟؟
إن ما نركز عليه في حياتنا يزداد قوة وأهمية.. اختر جيدا ما في مصلحتك أن تركز عليه وهو مما لا شك فيه سيكون أكبر وأعمق معنى مما تركز عليه الآن.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الابن الحبيب أهلا بك على مجانين، واسمح لي أن أسألك عن المشكلة الأولى التي أخفيتها عنا، وأحسبُ أن فيها ما يفسر ما اصطبغت به إفادتك من مفاجئات في تسلل الأفكار وفي التشبيهات، فخلعتْ عليها تلك الوتيرة العالية من الملل والرفض والتطرف على مستوى الفكر والمشاعر، وعدم التناغم الذي أقلقني كثيرا عليك، وأشعرني بأن لديك معاناة مزمنة ما أحجم الآن عن التخمين كثيرا بشأنها، وليس ما أضيفه هنا إلا ذلك التساؤل عن المشكلة الأولى تلك، التي أحسبها تشخيصا تعرفه أنت لحالتك أو حتى اشتباها في التشخيص من طبيبٍ أو أطباء نفسيين؟؟؟ هل لك أن توافينا بذلك التشخيص؟ أو الاشتباه في؟
علمني أخي المستشار الأستاذ علاء مرسي كثيرا في إجابته هذه، والواقع أنه شرَّحَ ووضَّحَ مفاهيم مرضية وتعامل معها معرفيا بأسلوب رائع رشيق، فمن شرح عدم الغفران إلى شرح تخوفك المفرط من القيء، وكم بهرني حتى حاولت مكالمته على الخلوي لأشكره وأثني عليه، وظل مشغولاً كان الله في عونه، فاخترت أن أدعو الله سبحانه له بخير الجزاء على هذه الإجابة وغيرها كثير على مجانين، ولكنني أنصحك أن تتابع مع معالج نفسي وأن تلتزم بعقاقيرك التي أحسب أنها تخص المشكلة الأولى التي سأبقيها في سري الآن،
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعنا بأخبارك، وشاركنا بأفكارك.