عمتي وشرط البدل.. تكهنات وتخمينات والواقع موجود
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
في البداية أود أن أشكركم على جهودكم وسعيكم لإصلاح حال الشباب المسلم. أرجو أن تشيروا إليّ برأيكم في الموضوع التالي، وأعذروني على الإطالة:
- خالي متزوج من عمتي ولكن هما ليسا على وفاق مع أبي وأمي نظرا لاختلاف الشخصيات ووجهات النظر وطريقة العيش - كان لخالي ابنان: أحدهما يكبرني بسنتين والآخر بعدة شهور منذ صغرنا كان يردد كل من خالي وعمتي بأن ابنيهما غير مجبورين على الزواج مني أنا وأختي (كما هو متوقع حسب التقاليد)، ويصرحان بعدم رغبتهما في حدوث ذلك أصلا.
- شاءت الظروف أن يتقدم قبل سنة ابن خالي الثاني لخطبتي فوافقت.
- يحب خطيبي أمه حبا شديدا مع أنها كانت تفرق بشكل واضح بينه وبين أخوه الأكبر، ولكن بعد وفاة أخيه أصبح لخطيبي فرصة لأن يثبت وجوده في البيت ويكسب حب أمه، ولهذا السبب خطيبي غير مستعد لأن يفرط في هذا الحب الذي حرم منه وهو صغير قبل أن أوافق على الخطبة كنت على علم بشيئين:
1) حسب قول أمي وأخريات فإن عمتي ستكون حماة شديدة حيث أن خالي لم يكن يعاملها جيدا طول زواجهما إلا في السنوات القليلة الماضية (أي أنها ستنفس غضبها وكبتها من قبل زوجها في زوجة الابن) بالإضافة إلى أنها جدا عاطفية ولا تحكم عقلها في أمور عديدة (حدثت مواقف كثيرة تشير إلى ذلك)
2) ترغب عمتي بأن يتزوج أخي الأصغر بابنتها وقد صرحت بذلك منذ سنوات ويقول لي العديد بأنه إن لم يتم هذا التبادل (أي بعد زواجي من ابن خالي على أخي أن يتزوج أخته) فإني سأتعرض لمشاكل عديدة حيث حدث نفس الشيء لخالتي (فخالي لم يتزوج من أخت زوجها فأخذت حماتها بإساءة معاملتها)
- استجدت في الأشهر الأخيرة أمور جعلتني وجعلت أسرتي تعيد النظر في أمر خطبتي، حيث حدثت مشاكل بين أبي وأمي (كان أبي مقصر في حق أمي لعدة سنين واكتشف أن السبب هو زواجه سرا بأخرى)، وتعاطف الجميع مع أمي وأخذوا ينصحوها في هذا الأمر إلا عمتي التي لم تتعاطف أبدا مع أمي ووقفت بجانب أبي مع أنه هو المخطئ.
- بعد هذا الموقف من عمتي أخذت أمي تقول: كيف أجعل ابنتي تذهب إلى بيت الأم (أي أم خطيبي) فيه غير منصفة والابن مستعد أن يفعل أي شيء من أجل "خاطر" أمه (حيث أن خطيبي موافق لمعظم آراء أمه ويجد لكل تصرفاتها تبرير "مشروع")
في المقابل، أنا وافقت على ابن خالي لأنه ولله الحمد ذو خلق ودين ومن نفس مستواي الاجتماعي والثقافي، وقبل أيام قابلته لأول مرة وكان كلامه إيجابيا حيث قال: أني أرغب في حياة زوجية سعيدة، وأننا يجب أن نسعى لإصلاح بين أهلنا ولكن ليس على حسابنا.
- وأنا الآن في حيرة من أمري:
أ) فهل عدم التوافق بين الأسرتين واحتمال حدوث مشاكل أخرى بينهما في المستقبل يمكن أن تكدر علي حياتي الزوجية؟
ب) وهل المشاكل المتوقعة (شدة عمتي- شرط حدوث تبادل) يمكن كذلك أن تؤثر سلبا؟
ج) إذا كان خطيبي ضعيف الشخصية أمام والديه – كما قال لي البعض- فهل هذا سيجعل الحياة في ظل هذه الظروف صعبة جدا؟ (فرغم كلام خطيبي الإيجابي، أحسبه من النوع الذي يتأثر كثيرا بمواقف والديه حيث أنه يخبرهما كل شيء، ويشاورهما في كل صغيرة وكبيرة- حتى أنه بعد أن زادت المشاكل بين أهله وأهلي قلت زياراته لبيتنا (أي خلال فترة الخطبة القائمة الآن) و(تغيرت تصرفاته حيث لم يصبح حريصا على التواصل مع أهلي)
أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خير الجزاء.
أمة الرحمن
9/11/2007
رد المستشار
الابنة الكريمة، هل تعرفين ما الذي تفعله بنا مشاكلكم؟ إنها تجرنا إلى أرض الواقع.. تكشف لنا ما في الواقع من سوءات آن لها أن تزول إلى غير رجعة، واحتكاكي بالواقع يكشف عن الكثير والكثير من السلبيات في حياتنا الاجتماعية؛ فهل أكون واهمة إذا تمنيت أن أرى من حولي في الواقع يحترم بعضهم بعضا، ويرحم بعضهم بعضا، وهل أكون واهمة لو حلمت باليوم الذي نخشى فيه من ظلم الآخرين؛ لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، هل تراني أحلم بيوتوبيا يستحيل أن تتواجد في الواقع؟!!
الحقيقة أن تداعيات قراءتي لرسالتك كثيرة، والصور التي تراءت في ذهني لنماذج من البشر تتلذذ بإيذاء الغير ولا تتورع عن ظلمهم أكثر من أن تعد أو تحصى؛ فهل نتحرك لتغيير هذا الواقع المرير؟ وهل نتعاون جميعا لأجل أن نربي جيلا يستطيع أن يملك زمام نفسه، ولا يحكم رغباته وأهواءه في مجمل تصرفاته وفي أحكامه المطلقة على البشر؟!! أعتقد أن الدور المطلوب لإنجاز هذه المهمة أكبر من أن يقوم به فرد أو مجموعة أفراد، إنجاز هذا الدور التربوي يحتاج لتضافر جهود كل المصلحين وكل المهمومين بأحوال هذه الأمة.
نريد أن ننطلق جميعا من أبراجنا العاجية، نريد أن نلتحم بالجماهير؛ لأن صلاحنا وصلاح أحوالنا لن يحدث إلا من أسفل، لن يحدث إلا من خلال ثورة اجتماعية تعيد الأمور إلى نصابها، وحتى يحدث هذا وحتى يتحرك من أدمن القعود رافعا راية التغيير دعينا نتحدث في مشكلتك الخاصة. وفي البداية فمن المفيد أن نؤكد على أن الزواج لا يعتبر ارتباطا بين فردين، ولكنه في منظومته المتكاملة يعتبر ارتباطا بين أسرتين، وارتباطك بأسرة خطيبك ارتباطا حميميا يتيح درجة من حرارة العواطف التي يمكنها أن تزيل الجليد المتراكم، وتهدم الأسوار التي تحول بين والديك وأهل خطيبك، ومع تعرفك على أهل خطيبك وتوطيد علاقتك بهم أرجو أيضا أن تحرصي على التعرف على خطيبك جيدا؛ فلن ينفعك أن تقولي إنهم يقولون عنه كذا وكذا، أو أنك سمعت عنه كذا وكذا.
الأمر يحتاج لما هو أكثر من مجرد السمع، يحتاج للقاءات ولقاءات ومعايشة مواقف وتفاصيل حياة يومية. وهذا ما يمكنك أن تتعرفي عليه باقترابك من خطيبك ومن أسرته، وخصوصا أنها أسرة عمتك وخالك. اقتربي منهم أكثر، تعرفي على كل فرد من أفراد الأسرة، توددي إليهم، قدمي خدماتك.. كلماتك الحلوة.. هداياك وأنت موقنة بصدق قوله تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}، مع الحرص على تأجيل إتمام الارتباط لفترة كافية؛ وذلك حتى تتبيني موقعك في بيت أهل خطيبك وطبيعة العلاقة بينك وبينه وبين أهله، ومدى قدرتك على تحمل الحياة في وسط هذه الأسرة.
وأثناء هذه الفترة عليك أن تكوني قوية الملاحظة، حاولي أن تحللي كل تصرف وكل كلمة بموضوعية، هذا الاقتراب يتيح لك أن تتعرفي على طبيعة العلاقة بين خطيبك وأمه، ومدى قدرته على تحقيق التوازن بينكما، ويتيح لك أن تتعرفي على طريقة تعاملهم معك في المواقف المختلفة، كما أنه يتيح لك أن تتعرفي على قدرتك أنت في التعايش مع هذه الأسرة، ويمكنك في هذه الأثناء أن تناقشي مع خطيبك أمر ربط زواجه بك وسعادتك في هذا الزواج بزواج أخيك من أخته، ناقشيه حول إمكانية أن يرفض أخوك هذا العرض، وتأثير ذلك على مستقبل أسرتكما في هذه الأحوال. المهم أنه بعد هذه الفترة سيكون ممكنا بالنسبة لك أن تتعرفي على مدى قدرتكما على التعايش سويا؛ وبالتالي يمكنك أن تتخذي إما قرار الاستمرار أو عدم إكمال مشروع الزواج.
وخلاصة ما أردت قوله لك هو:
لا يوجد أي داعٍ لأن تجلسي بينك وبين نفسك وتتوقعي وتخمني، بينما الواقع موجود، ويمكنك بقليل من الجهد أن تعايشيه، وتتعرفي على ملامحه بحيث يمكنك الحكم على مقدرتك على التعايش معه قبل إتمام الارتباط؛ ولا تنسي مع كل هذا أن تداومي على صلاة الاستخارة، مع دعواتنا أن ييسر لك الله كل خير، ويعينك على حسن الاختيار.