السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
هنيئا لكم على هذا الموقع المفيد، وإن كان اختياركم لهذا الاسم اختيار غريب.
مشكلتي هي أنني أحاول التعامل مع الناس بحسن نية لكن الناس يتعاملون معي كأني أهبل معتوه وحاولت أتاجر في أي شئ ولكنى خفت من التعامل مع الناس،
أفيدوني أفادكم الله
علما بأني متدين جدا أخاف الله.
22/11/2003
رد المستشار
الأخ السائل أهلا وسهلا بك، وشكرا على إفادتك الغامضة التي لست أدري كيف تنتظر منا أن نعطيك الإجابة عليها، ولا أدري أيضًا هل قصدت أن تكون إفادتك بهذا القصر؟ أم كنت على عجل من أمرك أم ماذا؟
فهذه هي الكلمات المفيدة في استشارتك (أحاول التعامل مع الناس بحسن نية لكن الناس يتعاملون معي كأني أهبل معتوه وحاولت أتاجر في أي شئ ولكنى خفت من التعامل مع الناس) لا تتعدى السطر الواحد، وقبله ألقيت السلام مختصرًا وبعدها سألتنا الإفادة ودعوت لنا وعرفتنا أنك متدينٌ جدا تخاف الله!
أنت تقول أنك تحاول أن تعامل الناس بحسن نية؟ فماذا تقصد؟ وهل تملك وأنت المتدين جدا أن تعاملهم بسوء نية؟ بالطبع لا، إذن أنت تقصد أنك تفرط في ثقتك بالناس، ثم تقول أن الناس يتعاملون معك كأنك أهبل أو معتوه، فهل كلهم كذلك، وهل لذلك علاقةٌ بأفعالك أم بشكلك أو بثقتك المفرطة في من هم غير أهل لذلك؟ كل هذه أسئلةٌ تجبُ الإجابة الواضحة عليها قبل أن نستطيع الرد على سؤالك؟ فنحن يا أخي الكريم لا نعلم الغيب!
والاحتمال الذي نميل إليه هو أن لديك عددا كبيرًا من الخبرات السيئة التي حدثت لك في حياتك فأفقدتك الثقة في الآخرين، لكن من الصعب أن يكونَ الإنسان محاطًا بأناس كلهم غير أهل للثقة، معنى ذلك أنه إن كان خوفك وشكك في الآخرين منطقيا أو مبررًا بأحداثٍ حقيقية حدثت لك، فإن تفسير ذلك سيرجع إلى سوء اختيارك للآخرين الذين تضع ثقتك فيهم، وهناك من الناس يا أخي السائل من يفعلون ذلك بالفعل وسأقول لك كيف ولماذا:
فعندما يكونُ الإنسان غير قابلٍ أو غير مستعدٍ لاحتمال النقد من الآخرين أو أولئك الذين يبصرونه بعيوبه فإنه يرفض صحبتهم، وقد علّمنا الإسلام أننا يجب أن نتقبل النقد من الآخرين ونعتبره غنيمة, إذ إننا وعلى ضوء هذا النقد نتلافى العيوب الموجودة فينا.. وقد قال عمر رضي الله عنه: (رحم الله امرؤا أهدى إليّ عيوبي)، ويقع ذلك الإنسان بالتدريج في براثن من لا يبصرونه بعيوبه ليس لأنهم لا يرونها ولكن لأنهم عرفوا نقاط ضعفه وقرروا استغلالها، فهؤلاء إذن يخدعون ذلك الشخص لأنهم يستفيدون منه، وهنا نجد حياة هذا الإنسان مليئةً بخبرات متتالية من الوقوع في براثن مخادعيه، إلى أن يصبح مقتنعًا بأن الناس كلهم ليسوا أهلا للثقة، بينما الواقع هو أنه بنفسه يختار ذلك النوع المخادع من البشر.
ثم نعود بعد ذلك إلى النقطة التي أثرتها في أول إفادتك المقتضبة وهيَ أنك حاولت أن تعامل الناس بحسن نية لكي نتساءل من جديدٍ عن مل تقصده بحسن النية؟ هل يعني ذلك مثلاً أنك تعطي بلا حساب؟ هل يعني أنك لا تكاتبُ الناس لكي تثبت ما لك من حق كما يثبتون هم ما عليك من التزامات؟
ألم تقرأ قوله تعالى في سورة البقرة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ... إلى آخر الآية 282) صدق الله العظيم، أليس من صفات المؤمن أنه كيسٌ فطن؟! ألم يقل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه (لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن كثيرًا مما ذكرته يحتاجُ إلى توضيح وتفصيل هذا أولاً، وثانيا أنت تحتاجُ ما دمت متدينا تخاف الله كما قلت إلى أن تلتزم بأوامر الله وبهي رسوله في التعامل مع الناس ففي ذلك ما يضمن لكل ذي حق حقه، ونحن في انتظار تفصيل منك إن لم نكن أصبنا، وتابعنا بأخبارك.