اللعب بالهرمونات لعب بالنار!!!
السادة الكرام مستشارو الموقع، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أشكركم على هذا الموقع الرائع والذي يعنى بمشاكل الشباب المعقدة والمتنوعة والتي لا يجد الشباب حلاً لها، أو من يستمع لهم بآذان صاغية أو متفهمة ومشفقة. لقد اطلعت على العديد من الاستشارات المفيدة والشافية مما شجعني للكتابة لكم بمشكلتي التي استمرت لأكثر من عشرة أعوام.
بدأت المشكلة عندما شعرت بضعف في عضلات الساعدين وقلة الرغبة في الرياضة وزيادة في الوزن حول البطن تدريجياً، وهذا في الخامسة عشر من العمر، وبما أني الأخ الأكبر في الأسرة فقد كنت ألقى الانتقاد المتواصل من الوالد والوالدة لسذاجتي وسوء تصرفي في طريقة تعاملي في المهمات التي توكل إليّ منهما ومع الناس، وأن إخوتي عموماً يحسنون التصرف أكثر مني مع أنني متفوق أكاديمياً في الدراسة، هذا جعل إخوتي لا يعبئون بي ويتجرّأون عليّ في كثير من الأحيان، هذا بالرغم من أنني كثيراً ما أحسن إليهم وأساعدهم في دراستهم. استمر هذا الوضع لعدة سنين وكنت كثيراً ما أغتاظ منهم ولكن يقف والداي معهم دائماً لأنهم أصغر سناً.
بعد هذه السنين دخلت الجامعة وأنا في السنة التاسعة عشر ولم ينبت لي حتى ذلك الوقت شارب أو لحية أو شعر في الإبطين أو العانة مع أن كل أقراني قد نبتت شواربهم ولحاهم، وكنت قصيراً والأسوأ أن أعضائي التناسلية بدأت في الضمور فبدأت أشك أن هناك شيئاً ما وراء كل هذا، ولكني لم أدر ما أفعل فتناسيت الموضوع. الجامعة كانت مختلطة وكان فيها الكثير من الفتيات وكنت أتضايق من وجودهن والتحدث معهن أو حتى التواجد بالقرب منهن وانضممت إلى جمعية سلفية في الجامعة واشتركت في الكثير من أنشطتها وتأثرت بالكثير من أرائها في التعامل مع الطالبات، من حرمة المصافحة والاختلاط بهن والابتعاد عن من يخالطوهن من الطلاب… مما أفقدني معظم الأصدقاء.
بعد عامين من التجاهل بدأ يظهر لأخي الذي يصغرني بأربع سنوات شارب وصار يفوقني قوة وطولاً، وهنا أدركت أنني يجب أن أسعى لحل المشكلة، فأخبرت عمي الذي كان طبيباً بما كنت أشعر به فتجاوب معي وأحالني إلى طبيب للغدد وأجريت بعض الفحوصات للهرمونات، فتبين أن هناك نقصاً حادا لهرمون الذكورة وهذا النقص ناتج لنقص في بعض الهرمونات تفرزها غدة في الدماغ تسمى الغدة النخامية، وقد قرر طبيب الغدد أن أبدأ بأخذ جرعات هرمون الذكورة -التستستيرون- والتي قد تستمر مدى الحياة وأن هذا الهرمون حيوي جدا للإنجاب والزواج وأن نقصه هو سبب ما عندي من أعراض، وكانت تلك صدمة كبيرة لي.
بدأت بأخذ الدواء ولكن كأن باباً من الشر قد فتح، شعرت فجأة برغبة شديدة لا تقاوم في النساء، مع تحسّن وأثر واضح في الأعضاء التناسلية وازداد طولي، حاولت مقاومة هذه الرغبة بالصيام وقراءة القرآن ولكني فشلت وأصبحت تشدني الصور العارية للفتيات وأكثرُ من التفكير فيهن حتى وأنا صائم فينزل المني ويفسد الصيام، وهذا جعلني أتهم نفسي بالنفاق والرياء، وأصبحت أضعف أمام نفسي وأهوّن عليها يوماً بعد يوم.
بعد سنة ونصف من الألم النفسي والعذاب قررت أن أوقف الدواء وألا أتزوج، وليكن ما يكون! تدهورت بعد هذا دراستي تدريجياً وأصبحت أفقد الأمل والهدف في الحياة، أصبحت لا أطمح إلى أي شيء، وأقضي معظم وقتي أفكر لماذا حدث لي هذا وما ذنبي حتى يحدث لي؟ مللت الحياة وكرهتها، وأصبحت أتمنى ألا يأتي الغد أبداً، أكثرت الشرود والسرحان والانطواء، وأهرب من البيت لساعات طوال وأجوب الشوارع بدون سبب أو هدف، وأختلق المشاكل مع إخوتي ووالدي، واتهمت أحد جداتي أنها سبب شقائي وتعاستي، حيث يتردد أنها كانت وراء انفصال أخيها من زوجته الأولى وأنها استخدمت السحر لهذا، وأنني اليوم أدفع ثمن ذلك! وكان اتهامي دون دليل واضح، فقلق عليّ الأهل وأخذوني إلى طبيب نفسي وأعطاني هذه الأدويةCitalopram 20 mg ,Resperidone 2mg يومياً، ثم يوماً بعد يوم، فتحسنت حالتي النفسية بعد عدة شهور ولكن الطبيب النفسي طلب مني أن أواصل علاجي مع طبيب الغدد الذي أوقفته لمدة سنتين.
أنا الآن أعاني منه مثل المرة الأولى وأفكر في إيقاف هرمون الذكورة مرة أخرى خاصة مع هذا الشهر الكريم. إحدى جداتي من جهة الأم (خالة والدتي) وابنتها تعانيان من أمراض نفسية وتتلقيان علاجاً طبياً من طبيب نفسي، وهي أخت الجدة التي اتهمتها.
ما رأيكم في مشكلتي؟ وكيف أعبر هذه الدوامة؟ جزاكم الله وأثابكم، وهل هناك علاقة مباشرة بين نقص هذه الهرمونات وانخفاض مستوى الذكاء الاجتماعي أو الحياتي، ومع النضج في التفكير والتوافق النفسي عند مواجهة مصاعب الحياة؟
أفتوني في أمري فقد عظم الأمر عليّ وتوقفت حياتي بسببه، ورجوت أن أجد فيكم الناصح الأمين!
وأرجو أن تخفوا هويتي وبريدي الإلكتروني نسبة لحساسية الموضوع.
14/09/2008
رد المستشار
الابن السائل،
بالتأكيد هناك علاقة ظاهرة وواضحة ومثبتة علمياً بين اضطراب نسب الهرمونات في الجسم وحدوث الاضطرابات النفسية المختلفة، ويكفينا للتدليل على ذلك ذهان واكتئاب ما بعد الولادة في السيدات. وعندما يصف طبيب الغدد علاجاً لا ينبغي علينا أبداً أن نوقفه أو نقلله أو نزيده إلا بإذنه ومشورته؛ لذلك عليك أن تتابع مع طبيب الغدد، وقد يطلب منك أن تقلل من جرعة هرمون التيستوستيرون حتى تتزوج ثم يزيده هو بعد ذلك، وهناك أنواعاً من الاكتئاب، بل ومن الذهان مرتبطة تماماً بزيادة أو نقص هرمونات الذكورة أو هرمونات الأنوثة.
هذه الأنواع من الاضطرابات النفسية نطلق عليها الاضطرابات النفسية العضوية؛ بمعنى أن منشأها هو اضطراب عضوي بالجسم، مثل زيادة أو نقص هرمونات الذكورة أو الأنوثة أو هرمونات الغدة الدرقية، أو هرمونات الغدة الكظرية (فوق الكلوية) أو هرمونات الغدة النخامية؛ أو بعض أمراض الدم أو القلب أو الكلى أو الكبد أو غيرهم من الأمراض الجسدية المزمنة، وبالمناسبة تعتبر الغدة النخامية الموجودة بقاع المخ "المايسترو" المسؤول عن تنظيم مستوى الهرمونات بالجسم، وقد يكون السبب فيما أصابك من شكوك واكتئاب وضمور بالعضلات وضمور بالأعضاء التناسلية وقلة النمو راجع إلى نقص هرمون الذكورة من جسمك لفترة طويلة؛ ولذلك أنا متفق تماماً مع طبيبك النفسي الذي نصحك بالمتابعة مع طبيب الغدد، فلا تلعب بالنار- ولدي السائل- واستجب لنصائح معالجيك بلا تدخل منك بهوى أو رأي، واعلم أن وجود الرغبة الجنسية أمر عادي بين الشباب من الجنسين؛ وكذلك خلقنا الله عز وجل وأرادنا أن نكون، وتصريف هذه الرغبة يكون بالزواج لمن استطاع، أو الانشغال بأعمال الخير والصوم لمن لم يستطع.
أظن إجاباتي على أسئلتك واضحة ومحددة، أدعو الله عز وجل لك بالعفو والعافية في دينك ودنياك وعاقبة أمرك، وتقبل فائق تحياتي وودي.