ضميري يكاد أن يقتلني..!؟
ربما كانت وسيلة الإنسان في بعض ما يدركه من الأمور هو منطق وجدانه وليس منطق عقله، وربما ندم الإنسان ندما شديدا على أمور ضيعها، وعلى أشخاص فقدهم، وأشد ما يكون الندم عندما يشعر الإنسان بأنه كان سببا مباشرا لفساد حياة شخص ما أو تعكير صفو مشاعره أو توجيه آلام نفسية لإنسان لم ننل منه إلا كل احترام وتقدير... ولا أحب أن أمهد كثيرا بمقدمات فيها إسهاب لمشكلتي التي تكاد أن تقضي على نفسي.. فإنني أشعر الآن وكأنني ميتة على قيد الحياة...
ومشكلتي هي أنني أشعر بتأنيب الضمير بسبب إساءتي وسوء تصرفي وجرحي لإنسان مرهف المشاعر وتسببي في مرضه، وسوء حالته، وفساد حياته لا لشيء إلا أنه يقدرني ويحمل لي مشاعر خاصة لم أكن جديرة بها... ولم أكن أتوقع أنه يوجد في بني الإنسان من يحمل كل هذا الحب والتعلق لفتاة مثلي...
أنا فتاة من أسرة أقل من متوسطة ولكني مجتهدة بعض الشيء في دراستي وعملي وتنمية بعض مهاراتي مثل إجادتي التامة لأربع لغات أوربية ساهمت في تحسين دخلي ودخل أسرتي...
أنا أهتم اهتماما مبالغا فيه بمظهري رغم أنني محجبة، مظهري بفضل الله يلقى قبولا واستحسانا لكل من يراني... أبي يعمل بوظيفة روتينية متواضعة... وأسكن في حي شعبي، وهذا يسبب لي بعض الحرج أحيانا أمام زملائي وزميلاتي مما يضطرني إلى الكذب عليهم بأنني أسكن في حي راقي بجوار الحي الشعبي جدا الذي أسكن فيه بالفعل... وأتجنب الزيارات تجنبا تاما حتى لا أقع في الحرج خاصة، وأن معظم زملائي من طبقة أعلى من طبقتي برغم تفوقي عليهم في المظهر والإلمام بطبيعة مهنتي وعندي سيارة لا تقل عن سياراتهم...
طبيعتي هي الجدية التامة خاصة في تعاملي مع الرجال ويعلم الله أنني لم أمسح جبيني خجلا من أي فعل فعلته حتى ولو كان فعلا صغيرا، فأنا بفضل الله فتاة جادة ولم يلمس أي شاب يدي أبدا... وبرغم أن طبيعة عملي تقتضي بعض الاختلاط إلا أنني لا أصافح الرجال ويكون سلامي شفويا وإذا بسط أحد الرجال يده كي يصافحني فلا أجد حرجا في أنني أرد شفويا بأنني لا أصافح الرجال ولا يعنيني رأيه في تصرفي...
وتبدأ مشكلتي التي أشرت إليها... في أن أحد الشبان المحترمين للغاية تربطه علاقة ببعض زملائي رآني عدة مرات وطلب من زميل لي أن يسألني أنه يريد أن يتقدم لي، أول ما تبادر إلى ذهني هو أنني إذا وافقت فإنهم سوف يعلمون المكان الذي أسكن وأعيش فيه أنا وأسرتي التي ترفض رفضا تاما أن تغيره برغم إلحاحي عليهم، فكان ردي السريع هو الرفض وأنني لا أفكر في الزواج حاليا...
وتكررت محاولات ذلك الشاب ثم وجدته يتحدث إلي مباشرة ويطلب رقم هاتفي، وبرغم صرامتي وشدتي إلا أنني وافقت بسرعة نظرا لرقي أخلاق ذلك الإنسان فإني وجدته مهذب للغاية وذكي للغاية وبدون مبالغة... فأعطيته الكارت الذي يحوي إيميلي ورقم هاتفي... وتبادلنا أطراف الحديث تارة بالموبايل وطورا بالإنترنت... فوجدته شخصا غزير العلم، غزير الثقافة، ناضج الفكر، ذكي الفؤاد، رقيق المشاعر، وكان يكبرني بما يزيد عن عشر سنوات وأنا الآن تجاوزت السابعة والعشرين ببضع شهور...
والحق أقول لكم شعرت ناحيته بجاذبية كبيرة وبرغم توهمي أنني على قدر من الثقافة، وجدت نفسي أمامه صغيرة للغاية وكأنني طفلة ما زالت تتعلم الحروف، بينما هو يملك مقاليد الكلام... وبعد اقتناعي بشخصه وعقله وأخلاقه العالية وافقت عليه، فطلب مني أن يزورنا في البيت فأخبرته بعنواني بالضبط، وشعرت بثقة كبيرة فيه، وأنه لن يخبر أحدا بذلك، ولم أنبهه على شيء.
وبرغم كذبي عليه في أول حديث بيننا على الانترنت أنني قلت له أنني أسكن في حي كذا، فسألني فأكدت له إجابتي، ووصفت له وصفا وهميا.
برغم كذبي عليه إلا أنه لم يعلق بأي حرف عندما عرف المكان الحقيقي الذي أسكن فيه، ولم يتحدث في شيء، ولا حتى بالإشارة، ولم يذكر أي تعليق بل إنه تظاهر وكأنه يسمع عنواني لأول مرة، وكأنني لم أكذب عليه من قبل!!!
وبالفعل زارانا، وفرحنا به جميعا، وطلبني للزواج، وتمت الخطبة، ووجدت أهله في غاية الأخلاق والذوق، وأحببته كثيرا وتعلقت به كثيرا... وأثناء خطوبتنا كان يطلب مني بشكل فيه إلحاح تغيير بعض المفردات التي أتعامل بها ويشير أنه لا يصح أن أستخدم مثل هذه الكلمات مثل كلمة (حيوان)، (ويستاهل ضرب الجزمة) وما شابه ذلك من عبارات، التي كانت وما زالت من لوازم حديثي... وبدأ ينتقدني كثيرا على مبالغتي في مظهري، وبرغم تأكدي من حبه الكبير لشخصي، فإنني أصبحت أشعر بالملل من انتقاداته الكثيرة، ومحاولته تغيير عاداتي التي هي من طبيعتي.
ثم جاءت المشكلة الكبرى في أنه يغير غيرة شديدة عليّ بحكم طبيعة عملي كمرشدة سياحية، وطلب مني أن أعمل بمجال آخر مثل الترجمة أو التدريس، وأن أترك مجال الإرشاد فما كان مني إلا أن نهرته وقلت بالحرف الواحد: (إنت بتخرف ولا إيه؟ شغلي هو حياتي وأنت خطبتي وأنا باشتغل!! الموضوع اللي أنت بتتكلم فيه ده مرفوض مجرد النقاش فيه ولو هاتنتقدني تاني يبقى بلاش أحسن نكمل مع بعض).
فاستغرب لحدتي في الكلام وارتفاع صوتي الذي هو أيضا من طبيعتي التي أعجز عن تغييرها... وحاولت الاتصال به مرات عديدة، ولكنه كان لا يرد على أي اتصال... فقررت أن أتركه قبل أن يتركني وأخبرتهم في البيت أن يخبروه بإنهاء خطوبتنا، وبعد محاولات من أسرتي عن إثنائي عن هذا القرار إلا أنني أصريت على ذلك وقد كان... وانفصلنا... وبعد عدة شهور صادفته (أونلاين) فتحدثت إليه ولم أعتذر، وقلت له (إنني فقط أطمئن عليك)... فكلمني بكل ذوق وأدب... وأخبرني أنني فتاة طيبة ومحترمة وهو يفهم شخصيتي ونفسيتي وأنه قد سامحني ويرغب في العودة لمشروع زواجنا... فرفضت مرة ثانية برغم حبي الشديد له، ومعرفتي بحبه الكبير لي....
وكان سبب الرفض في هذه المرة أنني كذبا وافتراء قد شوهت صورته أمام كل أفراد أسرتي حتى أجد مبررا لعدم استمراري معه خوفا من أنه هو الذي يبادر برفضي... فأخبرتهم أنه متكبر، وأنه يحتقرنا، ويحتقر كل تصرفاتي، وأنه يرانا صغار للغاية... وما شابه ذلك من افتراءات جعلت كل أهلي لا يطيقون سماع اسمه...
وبعد عدة شهور وجدته يتصل على موبايلي فتحدثت معه بكل جفاء وأخبرته بأنه خسرني بسبب انتقاداته الشديدة لشخصي ولتصرفاتي. فقال: إنها ليست انتقادات، ولكنه نوع من تقويم التصرفات بمقاييس الذوق العام والدين والأخلاق لفتاة سوف تكون زوجتي وأم أولادي وأنه لولا مكاني من مهجته لما نبهني على مثل تلك التصرفات... فكان ردي السريع أنني أيضا أنتقد ذوقه في التعامل، وكأنه بنت رقيقة، وليس رجلا قويا فأنهى المكالمة وقال لي: إذن الحل هو أنك تبحثين عن رجل وتتزوجينه والآن قضي الأمر وعليك السلام سلام الوداع... ومرت الأيام والشهور وعلمت بأنه لم يتزوج بعد....
إلى أن جاء لخطبتي شاب يكبرني فقط بثلاث سنوات، وفيه بعض الوسامة، فوافقت عليه، وبعد خطبتي بشهرين.... وبصدفة لم تكن في الحسبان وأثناء سيري مع خطيبي في نزهة كنا نقوم بها.... وجدت اتصالا من خطيبي القديم الذي لم يكن يعرف أنني قد تمت خطبتي من شخص آخر.... فرددت عليه، فقال لي: إنه يرغب في الزواج مني، وأنه تركني تلك الفترة حتى أسترجع بعض تصرفاتي، فما كان مني إلا أن ضحكت كثيرا وأخبرته أنني في هذه اللحظة مع خطيبي وأن خطيبي هذا أصغر منه بسبع سنوات، وأنه شاب وسيم وليس رجلا في خريف العمر... ثم أعطيت الموبايل لخطيبي فكلمه كلاما جارحا للغاية فما كان من الرجل الشريف إلا أنه رد بذوق وتمنى لي وله التوفيق والسعادة....
وبعد أيام علمت من زميل لي أن خطيبي السابق ذلك الرجل الشريف قد أصيب بجلطة وأصيب بشلل وأن حالته سيئة للغاية فذهبت لزيارته فوجدته كسيحا ففاضت عيناي... لا أستطيع أن أغفر لنفسي... ويكاد ضميري أن يقتلني... وهل هذا الرجل يستحق مني كل ما قلته وفعلته... ماذا أفعل كي أكفر عن خطئي؟
أرجو منكم المعذرة على الإطالة
ولكم الشكر والتحية والتقدير
17/02/2011
رد المستشار
غالبا ما تكون الضحية أنثى، أو على الأقل نراها هكذا، ولقد كنت في تدريبات متتالية بعضها وراء البعض لفتيات وشباب من مختلف محافظات مصر البحري منها والقبلي، ولقد وجدت كثيراَ من الضحايا من الشباب الذين يتألمون ويبكون دماَ لا دموعاَ جراء وقوعهم في علاقات عاطفية مع فتيات من صنفك، والحقيقة أنك لست المتهمة الوحيدة في تلك القصة التراجيدية، رغم قيامك بدور البطولة فيها بالطبع إلا أنه ساهم في ذلك باستمراره في العلاقة معك تحت شعار "التغيير"، أو "الذوق والأدب" ونسي كما ينسى كثيرون أن تغيير شخص "وهم كبير" يتصوره البشر ولا يتعلمون هذا الدرس أبداَ الذي نذكره مراراَ وتكراراَ بأن التغيير ينبع من داخل الشخص نفسه فقط حين يقرر هو ذلك لسبب أو لآخر؛
وكذلك ذوقه الذي وظفه في غير محله، وها قد رأيت بنفسك ذوقه مع صنفك لم يزدك إلا عجرفة وتطاول ودناءة، أما أنت فظللت حبيسة عقدتك التي اخترعتها بمحض إرادتك وحولت ميزتك الحقيقية لأزمة عمرك التي تحاربين نفسك وغيرك بسببها، فميزتك أنك في تلك المنطقة الشعبية جداَ وتتمتعين بإجادة أربع لغات أوروبية ومظهر خارجي راقي وسيارة تناطح غيرك ممن تعلموا باللغات الأوروبية دون عناء لأنهم في بيئة غالباَ ما تتحدث هكذا أو على الأقل هي اللغات التي يدرسونها منذ كانوا في الثالثة من أعمارهم!،
وظللت تنمقين وتضبطين شكلك الخارجي حتى صار براقاَ يلفت نظر الجميع وتركت الداخل خرباَ معقداَ من أمر تافه مثل تفكيرك، فانظري حولك لأي شخص مشهور لديه شيئاَ حقيقياَ قدمه للبشر فستعرفين فوراَ أنه ولد من رحم معاناة أو كان خريج مناطق شعبية بجدارة، فهذا شرف لك لا تستحقينه لذلك عميت عن رؤيته ميزة تفخري بها أو تضمني بها أن من يرغب في شراكتك له في حياته يعود لك أنت وليس لشكلك ولا لسانك الأوروبي، فإن كنت ترسلين فقط لنا لتعرفي ماذا تفعلين معه فالرد أن تتركيه في حاله ولا تقتربي منه ثانية أبداَ تحت أي ظرف من الظروف؛ فهذا هو الخير له لعله يتعلم الدرس صحيحاَ دون أن يغرق في ألم مزيف كأنه ضحية أو أن الحياة لم يعد فيها خيراَ وينتبه لأخطائه التي أوصلته لذلك، وأشفقي واذرفي الدمع على نفسك لا عليه؛ فأنت تحتاجين أن تهتمي بداخلك وتنظفيه وتهذبيه كما فعلت سابقاَ من الخارج، فتتخلصي من صفات الغدر، والسخرية، والتلفيق، والكذب، والتشفي، وفقد الثقة بالنفس، والمظهرية.... الخ، وعلى كل حال أتمنى أن يكون ما حدث درساَ فارقاَ لك في حياتك لتتغيري لا أن تكوني أسيرة له دون تغيير حقيقي.
التعليق: بجد صاحبة الاستشارة معقدة ومريضة, إيه لعب العيال ده؟؟ كسبت إيه لما تلعبي بأولاد الناس و تجرحينهم؟ أكيد ربنا هيردلك اللي عملتيه ومش هيسيب حق الرجل الغلبان اللي تسليت بيه حسبي الله ونعم الوكيل