حالة اضطرارية
السلام عليكم ورحمة الله؛
الدكتور وائل بارك الله بك على ما تقدم في هذا الموقع (مجانين) من خدمات ومنه حصلت على بريدك، وعذرًا لعدم التمكن من الانتظار لآخر شهر مارس وتقديم استشارتي في الموقع.. لأنه علي أخذ قرار قبل ذلك.
عنوان مشكلتي: أني أشعر بالتميز عن باقي الناس، حتى أني أظن أنه لم تأتك رسالة مثل رسالتي، أعتذر بشدة لاضطراري للتفصيل وأخذ الكثير من وقتك، ولكن أشهد الله أني سأدعو لك من قلبي، فأنا تعبانة تعبانة أرجو ألا تهمل رسالتي.... إلى التفاصيل:
ولدت ببلد عربي ولكن ملامحي كانت مثل اليابانيات، كل الناس كانت تنظر باستغراب إلي، عانيت كثيرًا من هذا الشيء رغم أن والدي (مغترب) وكان على درجة كبيرة من الوعي وحين تلمس ما أعاني غذى في أن هذا شيء يتمناه كثيرون، ولكن أمي وأخواتي كنّ على درجة كبيرة من الجمال، ووجدت أني لا أحظى بمديح مثلهن، والعائلة غير متدينة) فظننت أن ذلك يعني أني غير مقبولة ممن حولي، وأقنعت نفسي أن علي التأقلم مع ذلك حينها كنت في الثانية عشر من عمري.
كنت متفوقة بالمدرسة ومتزنة، أعجب بي ابن الجيران وأحببت ذلك، ولكن في أول فرصة سنحت له بالانفراد بي ضمني إليه فكرهته، وشعرت أن هذا استغلال، وترك في ألمًا، ولكني استمررت بكتابة الرسائل له وإخفائها دون إرسالها له، ووجد إحداها والدي، وكان لا يقرأ العربية، وحين عرف أنها لي استاء مني، وقال: إنه لا يجوز أن يعطي الأب الثقة لولده ثم يخون الولد الثقة. ومن حينها اجتهدت ألا أفعل شيئًا أخجل منه إن واجهني به.
كنت أكره الكلام البذيء (الآن أنا أستاء جدًا من أي كلمة بذيئة). وكرهت الاستغلال وتضييع الأمانة والكذب، وقررت ألا أفعل شيئًا منها حينها، وصلت لعمر 17 وأعجب بي مرة ثانية ابن الجيران، وبعد عدة هواتف ومقابلات على سطح البناء وجدته مؤدب ويحبني فعلا فذكرت لوالدتي أن أهله يريدون زيارتنا للتعارف، واستمرت العلاقة سنة بعدها، دخلت الجامعة وتعرفت على صديقات مؤدبات ومرحات ولكن محجبات (كنت قد درست بمدرسة أجنبية ولا أعرف الكثير عن الإسلام، وكنت أظن أن المسلمات لا يوجد شيء يضحكهن وغير سعيدات بل مكبوتات)؛
حين اقتربت منهن وجدتهن شيء آخر فتنت بالأدب والأمانة وحب المساعدة الذي بغير مقابل، ومن خلالهن تعرفت أكثر على الإسلام، وانضممت لمجموعة نسائية نتعلم الدين، ونقدم امتحانات عن طريق معاهد يشرف عليها شيوخ واضطررن لإخفاء ذلك لمعارضة أهلي الشديدة، وتخويفي من العنوسة إن تحجبت وما إلى ذلك، المهم نتيجة اختيار طريق الدين أوقفت علاقتي مع ابن الجيران الذي تفاجأ، وجميع مجتمعي بالخطوة الغريبة في العائلة (السبور جدًا)، إلى الآن يعني حجاب أخواتي وزوجة أخي على الموضة، ولا يستمعن لأحد بخطأ ذلك.
كنت حينها في العشرين وأحببت هذا الدين لشيئين: الأخلاق التي كنت أبحث عنها وأني سأتمكن من ترك شيء في هذا العالم يكون له أثر في إصلاحه، لم يكن مشواري سهل أبدًا، من هنا بدأت تتوضح غربتي، فالمجتمع وسخ وصاخب، والناس تتكلم على بعضها، وكل واحد يظن أن نجاح غيره اتهام له بالفشل، تزوجت أختي الكبرى والصغرى، أما أنا فتحجبت وأتممت دراستي الأولى والثانية (الإسلامية) في 24، فقدت والدي رغم أني ما وجدت أحدًا يشبهه في حبه للحياة والعلم، ولكنه كان يدعم اختياري ويقول: السياسة والدين حرية شخصية.
قبل وفاته اكتشفت أن أمي تتحدث مع شاب يصغرها بعشر سنوات، وكانت رائعة الجمال وأبي ليس بأقل منها جمالا شيء ما كسر داخلي، ولكن المعلمة المسئولة عني حذرتني من التنصت على مكالماتها أو مواجهتها بشيء. وكذا فعلت، ولكن بعد مرور وقت من وفاة والدي قلت لها: ماما الشرع يبيح لك الزواج وأنت مازلت شابة، وأنا وأخواتي موافقات فاستاءت مني وأعرضت عن مكالمتي لمدة، وبقيت على معاملتها بالحسنى، ثم صرت أقدم من رواتبي في البيت لمساعدتها بعدما قسمت التركة.
في 34 خطبت لشاب مهندس يتكلم 4 لغات من أغنياء البلد، ولكنه مطلق وله ولد. خلال الخطبة اكتشفت أنه مصاب بالصرع ويمارس العادة السرية، وغالبًا يصرع بعدها، ووجدته غليظ التعامل مع أمه فطلبت منه الطلاق (كنا قد كتبنا بعقد شيخ دون تثبيت)، كان الانفصال باتفاق بيني وبين زوج أختي ومعارضة أمي.
كنت حينها أعمل مع زوج أختي وكان شخصًا يصعب إرضاؤه، مثالي وطيب لدرجة تغري الناس بسرقته وردة فعله سلبية بدون نقاش، أرجو ألا تظن أني أبالغ في وصفه، فبعد عشر سنوات قرر شركاؤه فك الشركة معه للأسباب نفسها، رغم نجاحه وتحقيق ثروة، إلا أنه مدير فاشل، وهو مثالي لدرجة أني أصفه بالقطن الأبيض.
من خلال العمل خطبني أحد الموظفين من صهري، استمرت الخطبة 25 يومًا، أبدى لي الكثير من إعجابه بي، وأني جذابة بصورة غريبة للجميع، وملفتة للانتباه رغم كل التجاهل الذي أبديه للآخرين، ورغم قلة كلامي وانخفاض صوتي. وبعد مدة صرح لي أن عائلته تريده أن ينفصل عني ويتزوج بقريبته. فخلعت له الخاتم بهدوء وكذلك لم أستشر أمي!!
صديقاتي رائعات ومحبات للعلم ومبدعات، ومعظمهن بغير زواج وهن أجمل مني بكثير.
في 37 تقدم لخطبتي قريب لأمي (التي كانت قد تحجبت وحجت وبدأت حفظ القرآن بحمد الله). وافق الجميع وقررت أن أختبره، وجدت فيه بعض التخلف، فقلت في نفسي: يبدو أنني متكبرة. تمت الخطبة وبعد شهرين توفيت والدتي بحادث أليم جدًا، وظهر لي بعد ذلك أنه من الأفضل الانفصال لبخل ظاهر فيه وجهل وعدم حبه للعلم ولكنه مؤدب. ولكن شدة حزني على أمي دفع من حولي من غير أخوتي لنصحي بالزواج والاستقلال في بيتي وهذا ما تم، منذ الشهر الأول تبين أنه بخيل لدرجة غريبة (ينظر في القمامة ماذا رميت ويستعيد بعض الأشياء).
حين اكتشفت مصيبتي قررت أن ألقى بصبري عليه ربي، وقلت: لست بحاجة لأن ينفق علي، فلدي راتبي و....، ثم صارت الأمور تزداد، ومنعني من أخذ علاج لأتمكن من الإنجاب، هذا أكثر ما يتعبني وأبكي بشدة كلما وجدت أمًا وأبًا يمشيان مع أطفالهما.....
ثم سافر لأمريكا مدة سنة وتركني وحدي، وحين أجبرته عائلتي: إما العودة، أو طلبي لعنده، أو طلاقي، أخذ يعرض على أصدقائه خبراتي الخارقة، وتفوقي، ووو....، وقاموا بشراء بطاقة سفر لالتحاقي به، وأنا أحمل الجنسية الأجنبية (من والدي).
وهنا بدأ يظهر أنه مصاب بحسد لا يوصف، ومبتلي بالكلام على الناس، ويتمنى الخسائر حتى لأخوته ويجلس وهو قابض على كفيه وطاوي قدميه لجسمه، وما فكرت للحظة أن أنفصل عنه، بل كنت أطلب من الله الفرج مما ابتليت به. رغم أنه كان يضحكني ويسعدني عاطفيًا ولكن أمر الاختلال النفسي كان يزداد. ثم طلب الأمن أحد أصدقائه للتحقيق معه، وصار بعدها يتوقع أن الشرطة تلاحقه، أو انه مراقب. فأخبرت أهلي أني سأعود للبلد للانفصال عنه وهذا ما كان.
* أنا الآن في 44 (دام زواجي 6 سنوات)، عدت إلى أمريكا لمتابعة عملي، وأوكلت قضية طلاقي لمحامي.
* أعيش وحدي وأشعر أن هذا مكاني...، أدرس الأطفال اللغة العربية، ومن حولي متمسكون جدًا جدًا بوجودي
* لا أفهم الكلام البذيء ولا أسمع صخبًا لأني دائمًا في منزلي، والقوانين تمنع الصخب إلا في العطل.
* هنا تخلصت من الشعور أن شكلي غريب وأني مراقبة من وراء الأبواب والنوافذ.
* ولم يسألني أحد عن سبب انفصالي (بقيت متزوجة 6 سنوات وما تكلمت عما أعاني مع زوجي لأحد لظني أن هذا استغابة له).
* أهلي يطالبون بعودتي حتى لا أفقد الانسجام معهم، ولكني أصلًا لم أكن منسجمة مع ضياع الوقت، والحال الذي يعيشونه من إهمال لدينهم وعدم تقبل النصح.
* المسلمات الجديدات تحتاج لمن يساعدهن في القرآن واللغة العربية، وبدأ يتكون لي مجتمع وعمل أقابل به وجه الله.
دكتور وائل هل أنا مريضة؟؟
هل يكون تفكيري بالبقاء وحدي هنا وزيارة أهلي مرة كل عام أو عامين يعني أني مريضة نفسيًا لكرهي المشاهد الوسخة والكلام البذيء؟
أنا أعشق أن أعمل في مجال الإسلام، والاجتماع للقراءة في أمور الدين، هذا لا يمكنني فعله في بلدي، وإن أمكن فعلي السفر لمكان يبعد ساعة.
أشعر أني لا أريد العودة لبلدي، وأعمل للخامسة مساءً وأركب المواصلات وأختلط بالرجال، ومع ذلك أشعر أني بحاجة لأحد يضمني بشدة ويشعرني بالحب والحنان، وأنه يقبلني كما أنا ولا يخدعني، أرجوك هل أنا مريضة؟
بدأت أفقد الثقة بنفسي (رغم أني مبدعة في عملي، وحيثما عملت يأتيني مديح متوالي من الإدارة)، وأنا أكتب الشعر في عدة مجالات، وأراجع حفظ القرآن. ولكن أشعر أني ما أخذت كفايتي من الحب وأتمنى أن تكون لي أسرة يحب أفرادها بعضهم ويضمني ابني إليه، وأعرف أنه يحبني فعلًا.
يوم الاثنين عندي اجتماع أقرر فيه مع إدارة عملي هل سأعود لبلدي أو أستمر معهم، بماذا تنصحني.
وفقك الله ورعاك، ربما يكون على يديك تفريج همي.
أختك غريبة.
18/3/2011
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلًا وسهلًا بك أختي الغالية:
أرجو ألا أكون تأخرت عليك، ولكن مشاغل حصلت أعاقتني عن سرعة الإجابة وليس هذا من عادتي، وعسى أن يكون الأمر خيرًا...
أختي الكريمة ما تشعرين به ليس بمرض، وكل إنسان هناك من ينسجم معهم لقرب أفكارهم من أفكاره، وهناك من لا ينسجم معهم لغربته الفكرية والنفسية عنهم، ولك البقاء في مكان يسر الله لك فيه الخير ما دمت تأمنين على نفسك وعرضك، فإن لم تأمني فلا، فاستخيري الله تعالى وافعلي ما ينشرح له صدرك...
وأسأل الله تعالى أن يجمعك في مكان إقامتك بزوج صالح يسعدك...