لا للمستحيل!!!!
أهلا بكل زوار الموقع الجميل والمميز "مجانين"، وأشكر كل القائمين على الموقع، خصوصا الأخ وائل... جزاكم الله كل خير. آه لو يرجع الزمن للوراء لأصلحت الكثير والكثير. خرجت منذ ثلاث سنوات من السجن بعد خمسة عشر عاماً قضيتها فيه بكل أنواع العذاب... سأحكي لكم بالتفصيل وأرجو أن تتقبلوني كإنسان أخطأ ويحاول التكفير عن زلاته ولو كانت مستحيلة، فأنا قتلت صديقي!!! نعم...
كبرت في أسرة غير متدينة في حي شعبي بالمغرب... طفولتي كانت بالشارع وقد تعرضت للاعتداء علي جنسيا من كثيرين في صغري، وعشت حياة أسوأ مما قد تتخيلونه حتى سن الرابعة عشرة فأصبحت أسرق وأمارس اللواط والزنا بالعنف.
أصبحت مدمناً في سن الخامسة عشرة وظللت أسرق وأمارس اللواط مع أي أحد كبيراً كان أو صغيراً أو حتى أحمقاً، فمن أمسكه لا يفلت مني. في سن الرابعة عشرة وحتى السابعة عشرة عشت كل تلك المعاصي وأنا أعيش في الشارع هارباً من البيت بسبب المشاكل.
وفي يوم من الأيام كنا ننفذ عملية سرقة أنا وصديقي الذي "قتلته" أتعرفون السبب؟؟؟ سرقنا خمسين دولاراً ورفض صديقي أن يقتسم المبلغ معي، وتعاركنا، وفي أثناء ذلك سقط على رأسه، لم أدفعه ولكنه رجع للوراء وسقط بالخطأ. في البداية أودعوني في الإصلاحية لأنني لم أكن قد بلغت بعد سن الثامنة عشرة (وهو السن الأدنى لدخول السجن). ومرت الأيام وبلغت الثامنة عشرة وحكم علي بخمس عشرة سنة قضيتها بكل أنواع التعذيب، ما أريده هو أن أسألكم:
أنا الآن التحقت بعمل ومداوم على الفروض في المسجد، وأستغفر ربي أكثر من مئة مرة في اليوم، وأقرأ وردي من القرآن يومياً، أصوم الاثنين والثلاثاء والخميس وأتصدق قدر الإمكان. فهل يغفر لي ربي؟ وهل يمكن أن أعيش طبيعياً كالبشر؟؟ أتزوج، أسافر.... كيف وأنا حيوان –أكرمكم الله- كيف؟
هل تساعدونني ؟ هل وهل وهل وهل؟ آسف أن أطلت عليكم وأرجوكم الرد بسرعة فأنا أكاد أجن. هل يمكن أن أكون إنساناً صالحاً؟؟. هل يمكن أن أنسى الماضي؟؟ كيف أعيش أرجوكم؟؟
أنتظر إجابتكم بفارغ الصبر فأنتم لا تعرفون حالتي وأنني سأجن.
وشكرا لكم.
11/06/2010
رد المستشار
أخي "أكس واي زيد" حياك الله وبارك فيك، ويا لها من حياة ثرية تلك التي عشتها نسأل الله أن ينفع بك وبتوبتك شباب المسلمين.
أجيبك على أول أسئلتك بالطبع سيغفر الله لك، فرب العالمين لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك وأنت رغم معاصيك دفعك ألمك لله، بل إن إقبالك على الله دليل على حب الله لك وقبوله توبتك إن شاء الله ولا تظن كلامي من باب المواساة بل اقرأ قوله تعالى.
من سورة الأنعام الآية 125:"فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ" صدق الله العظيم، وراجع تفسيرها في كتاب ابن كثير.
يقول تعالى: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام أي ييسره له وينشطه ويسهله لذلك فهذه علامات على الخير كقوله تعالى "أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ....." (الزمر:22) وقال تعالى ".... وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ" (الحجرات:7) وقال ابن عباس في قوله "فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام" أي يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به فما الذي تجده في نفسك من استغفار وصلاة وندم على ما كان من فعلك سوى إشارات لمحبة الله لك وقبول توبتك فإياك أن يسد الشيطان ما فتح الله عليك بأن يعظم لك ذنوبك فمهما كبرت ذنوبك فإن رحمة الله ومغفرته أكبر، وتذكر بأن الإسلام يجب ما قبله أي يمحوه ويبدأ عهدك بالإسلام من وقت توبتك.
إن كان الله يتوب على من عصى إن استغفر ورجع إلى الله فلماذا تقسو على نفسك، نعم يا أخي التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ويمكنك أن تسافر وتتزوج وتعيش حياتك فرحا بأن اختارك رب العالمين ليشرح صدرك للإسلام رغم ما كان من أفعالك السابقة.
أفعالك رغم بشاعتها لم تكن سوى تكرار لما خبرته وتعرضت له وطبيعة البشر أنهم يتعلمون من خبراتهم ثم ينقلونها فلو كان من حولك أكثر رأفة بك لما عشت تلك التجارب ثم سقيت غيرك من نفس العلقم ولكنك متميز لأنك توقفت ورجعت عن غيك، وصدق أن من يعودون من تلك الطريق قلة ولذا أقول لك افرح برحمة الله بك، انس ما كان منك فصديقك لم يكن ملاكاً بل شريكك ولكنك أكثر حظا أن عشت لتتوب وتستزيد من الحسنات والأعمال الطيبة.
أخي إن كان الله يغفر لك فمن نحن كي لا نقبلك بيننا، ولا شك بأنك ستواجه بعض الرفض مما يواجه غيرك في الحياة وإن تعددت الأسباب يبقى الرفض نفسه، والأكثر أهمية من الرفض وأسبابه كيفية تعاملنا معه فهل ننكص على عقبينا أم نثابر في طرق الأبواب حتى يفتح ما قدر لنا منها رب العالمين.
لقد شملك رب العالمين برحمته فارحم نفسك ولا تعاقبها على أخطاء تبت ورجعت عنها بعد أن دفعت ثمنها من عمرك سنين، وسد منافذ الشيطان الذي لا يسعده بالتأكيد عودتك إلى ربك فيضيق عليك ويملأ نفسك باليأس من رحمة الله وضيق السبل.
يمكنك بالطبع أن تنسى الماضي بأن توقف التفكير فيه تماما وكلما خطرت على بالك منه فكرة فاستغفر الله ثلاثا، فإن ألحت أطفئها بالصلاة وهي أمور لن تفرح من يوسوس لك ليردك عن سبيل الله، اشغل نفسك بالعمل والتخطيط لمستقبلك ليتقلص الوقت المتاح أمام الماضي، وما سمي الماضي ماضيا إلا لأنه مضى وانتهى وطريقتك الوحيدة للتخلص منه بأن تتفوق في حاضرك ومستقبلك، اتخذ ماضيك نقطة انطلاق ليكون ردة فعلك عليها يوازيها قوة ولكن يخالفها الاتجاه، مرة أخرى مرحبا بك في طريق السائرين إلى الله وفي مجانين وبارك الله لك في توبتك ونفعنا بك.