خيانة زوجية غير مفهومة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
الأخوة الكرام في الموقع... لا أدري إن كان يحق لي أن أطلب أحدا للرد على هذه الاستشارة ففي الجميع الخير بإذن الله، لكنني أرجو وأتمنى أن يكون الدكتور محمد أبو عبد الله مشكلتي أو مصيبتي لا أعرف كيف أسردها عليكم لكنني سأحاول مستعينا بالله ومسترشدا بتعليماتكم وبما قرأته واستفدت منه على صفحات موقعكم فقد كنت أتصفح ولم يخطر ببالي أني سأجلس لأكتب لكم شيئا غير شكركم لكن إرادة الله شاءت أن يجعل لكم حظا من الأجر في مساعدتي.
متزوج منذ 10 سنوات ولدي ثلاثة أولاد وزوجتي جميلة نعيش حياة ملؤها الحب والوئام تماما كما يصور في القصص والروايات، وكلانا من أسرة محافظة نساؤنا تلتزم الزي الشرعي بأقصى أشكاله وتصوراته عائلتي لها حظ من العلم والمال لا بأس به وأنا ولله الحمد أعلاهم دراسيا وماليا أما أسرة زوجتي فنصيبهم من الاثنين قليل وزوجتي أقلهم علما فهي لم تجاوز المرحلة الابتدائية تزوجتها بالطريقة التقليدية عن طريق والدتي، لم ألتفت إلى الجانب العلمي لأن المواصفات كانت ممتازة من ناحية السمعة والأخلاق والتدين والجمال، وبدأنا حياتنا بحب جارف فهي لم تتوقع أن تحظى بمن هو في مستواي العلمي، وقد كان هذا جليا واضحا في تسهيلات الزواج أولا ومن ثم طريقة تعامل أهل زوجتي معي طيلة الأعوام العشرة وثالثا من العواطف المستفيضة التي كانت تغدقها علي بدون حساب فأي مشكلة تحدث سواء كان الصواب في جانبي أو مجانبا لي كانت هي من تبادر إلى إرضائي ولا أذكر أني نمت ليلة وفيما بيننا خصام إلا أنني كنت ألاحظ أن زوجتي تكثر من طلب الجنس، كنت أتجاوب معها خصوصا أنها كانت تتفنن في إغرائي وكلما كان يتبادر إلى ذهني التساؤل عن سبب هذا... كنت أعلله بأننا ما زلنا شباب وأي ضير في أن تكثر من الطلب طالما أني حلالها وهي حلالي؟
رغم أنني كنت أسمع من أحاديث الشباب من زملاء وغيرهم أن حياتهم الجنسية ليست بتلك القوة فنحن في العام العاشر لم يكن يمنعها من طلب الجماع إلا عادتها الشهرية وأحيانا كانت تكذب علي بأنها برئت منها لأجامعها فأتفاجأ بأنها لم تنته من عادتها ورغم ذلك كنت أتابع لكي لا أجرح مشاعرها، بحكم تخصصي العلمي تعاقدت للعمل في دولة خليجية بعد عامين من زواجنا ولنا طفل سافرت أشهرا قليلة حتى هيأت وضعي وألحقتهم بي، وهنا خرجنا من دائرة عائلتي وعائلتها وبدأنا في أسلوب عيش جديد رفاهية مطلقة بسعادة غامرة، عملي ووضعي يحتمان علي البقاء في شكل ما من الالتزام الخارجي إلا أنني كنت في بيتي بعيدا كل البعد عن هذا المظهر، المسلسلات والأفلام الأجنبية والأغاني وكنت بذلك أظن أنني أخفف عنها عبء حياة الغربة ففلسفتي في الحياة كانت في أن الالتزام والتشدد المفرط قد يؤدي بالمرء إلى الانفلات فكنت أتيح لها كل شيء دون أدنى تحذير حتى أنني كنت أبحث عن الأفلام الجريئة عبر الإنترنت لنشاهدها معا...
لم تكن تعرف شيئا عن الإنترنت إلا أنني بالغت في تعليمها حتى أنني صرت ألاحظ أنها أصبحت خبرة فيه أكثر مني وحدث أنني دخلت ذات مرة بعد عودتي متأخرا إلى البيت فشاهدت أنها كانت تتصفح موقعا يعرض أفلاما إباحية أيقظتها من نومها وحادثتها وقلت لها لماذا؟ فأنكرت بادئ ذي بدء ثم أقرت فقلت لها لماذا تفعلين ذلك بدوني؟؟ إن كنت ترغبين بشيء من ذلك أخبريني وسنجلس لنشاهدها سويا لو كنت تحبين ذلك لكن لا تفعليها من وراء ظهري، فأخبرتني أنها غلطة وأنها لا تحب ذلك مطلقا فقلت لها كما تحبين... وهذا يعطيك مثال عما كنته في المنزل من المصارحة خصوصا أننا تعاهدنا كثيرا على المصارحة في مختلف مراحل حياتنا لو مهما حدث.
هذا تقريبا موجز لما كان في حياتنا قبل أن تحل اللعنة على زواجي الذي كنت أظنه رائعا ومثاليا إلى حد الخيال حتى أنني كنت أزهو بنفسي على كل من أعرفه بأن الله رزقني زوجة صالحة مطيعة عاشقة لي إلى حد الجنون وهذا ما كان جليا واضحا في مختلف تفاصيل حياتنا. اللعنة بدأت من يوم أن اكتشفت زوجتي علاقة لي عن طريق الإنترنت بفتاة تعرفت عليها من خلال أحد مواقع الصداقة الذي كنت أدخله ما بين حين وآخر للتسلية لم يتطور الأمر إلى أكثر من لقاءات قصيرة في أماكن عامة ثم انتهت العلاقة لأنها طلبت مني الزواج وأنا بكل بساطة لم أرغب بهذا الحجم من الإيذاء لزوجتي التي أحبها وكثيرا جدا اعترفت لزوجتي بالعلاقة وأخبرتها بكل شيء حتى أنني عندما كنت أضعف وأرسل لها مسج أو ترسل هي لي مسج -الفتاة- أخبرها بذلك لأريها كم أنا صادق معها وجاد في إنهاء هذه العلاقة، إلا أن الرواسب التي بقيت عالقة في ذهني عن تلك الفتاة وقد كانت على مستوى تعليمي ممتاز جعلت من أمر تركها بشكل قطعي صعبة جدا إلا أنني كنت أظن أنه لابد من هذا التواصل المتقطع ما بين الفترة والفترة حتى أتعافى منها بالمطلق تماما كالإدمان.
سمعتني زوجتي وأنا أحادثها مرة على التليفون وحدث أن تأخرت مرة في إحدى الليالي فتشككت في أني قد غيرت ملابسي الداخلية مع العلم أن هذا لم يحصل فلم يكن إلا اتصالا أو اتصالين بدون أن أراها بالمطلق فبكت حتى الصباح وأنا أحاول إقناعها بأن شيئا لم يحدث وظننت أنني نجحت في إخراج الفكرة من رأسها رجعنا إلى محل إقامتنا حيث العمل وفجأة لم تعد زوجتي تهتم بأمر خروجي أو دخولي كما كانت في السابق خصوصا بعدما كشفت أمر الفتاة، فقد كانت تسبقني إلى مسجات هاتفي وتشاهد الرقم المتصل حتى قبل أن أصل إلى الهاتف، إلا أن شيئا من ذلك لم يعد يحدث، استمر الحال شهرين أو ثلاثة ونحن في أطيب عيش وأرغده نغدق الحب على بعضنا بدون حساب حتى الجنس كان في أمتع لحظاته كانت تخبرني أنها لم تطق الانتظار لكي أصل إلى البيت لكي نمارس الجنس سويا وكنت دائما أعود إلى الكمبيوتر لأجد صفحات المواقع الإباحية التي تتصفحها -مع أنها كانت تمسحها إلا أنني كنت قادرا على استعادتها- فكنت أظن أنه هو السبب إلا أنني لم أفاتحها بشيء على ما أذكر كنت أتعلل بأنني لست ذلك الشخص المثالي في نظرها فعلام أنصحها فيما تعلم أنني ربما أفعله حدثت بعض الارتباكات من إيميلات غريبة كنت أشاهدها على الكمبيوتر فكنت أظن أنها إيميلات تشترك بها لكي تحاول الإيقاع بي لتتأكد هل لا زلت على عهدي القديم...
كنت لا آبه لا لشيء لأن ثقتي بها عمياء فقد كانت تظهر من الحرص على تحجبها وبراءتها ما يعجز اللسان عن وصفه بالإضافة إلى العواطف الغامرة التي كانت تغمرني بها كثرت الاتصالات المخطئة على هاتفها وأنا غير مهتم فهو أمر وارد الحدوث دائما ولا يمكن أن يخطر لي أي خاطر على بالي أنها زوجتي وتحبني ونحن ممتازان جنسيا وما إلى ذلك من الترهات...
إلى أن جاء اليوم الذي شاهدت فيه على موقع الفيس بوك إيميلا غريبا يحتاج كلمة مرور للدخول فتيقنت حينها بأنه لها فهو كمبيوتر محمول لا يد لأحد فيه غيرنا... وحتى هذا المرة لم يدر بخلدي أن في الأمر ما كان فكل ظني أنه لعب افتراضي بأسماء مستعارة أو ربما للاشتراك بالجروبات وتبادل المشاركات، طلبت منها الدخول فأنكرت فهجرتها أربعة أيام -وقد كانت المرة الأولى في حياتنا- وفي كل مرة تحاول فيها الحديث معي كنت أقول لها الإيميل أولا وبعدها لكل حادث حديث...
إلى أن انهارت في مساء يوم مشؤوم زاعمة أنها تفضل الموت على أن أبقى مبتعدا عنها وكانت الطامة الكبرى....... الزوجة الكريمة العفيفة الشريفة البريئة الأم لثلاثة من الأطفال الذين لا يبلغ أكبرهم إلا السابعة من عمره على علاقة برجال... نعم رجال... ليس واحد.. ولا اثنين... ولا ثلاثة... لقد اعترفت بأنها مارست الجنس الهاتفي مع أكثر من عشرة من عدة دول... وهي على علاقة لصيقة بثلاثة من البلد الذي نحن فيه تحادثهم ويحادثونها يوميا بالساعات الطوال يعرفوننا فردا فردا صغيرا وكبيرا بالشكل وبالاسم حتى موقع البيت ومكان العمل لأنني عندما كنت أريد أن أخرجهم في نزهة كانت تتواعد مع أحدهم ليخرج لنفس المكان فقط ليروا بعضهم....... وما إلى ذلك من الانحرافات.
تمالكت نفسي قدر المستطاع وبدأت حوارا معها عن الأسباب والدوافع... فكانت الأجوبة تختلف في كل مرة بحسب الحالة التي كنت أحدثها فيها وفي مرة انتقاما مني على فعلتي الشنعاء، فقلت لها الانتقام يكون بواحد ولا يحتاج لقبيلة... ومرة بسبب ندرة إبداء إعجابي المتواصل بها وبجمالها فهي كانت تبحث عن الكلمة الحلوة... فذكرتها بالمرات العديدة التي كنت أخبرها فيها عن مدى حبي لها وعن إعجابي.... ومرة بأن ما حدث معها كان نوعا من الغرور بأنها تمتلك كل شيء المال والجمال ففيم تبقيه مستورا؟؟...... فذكرتها بحكمة ستر المرأة لمفاتنها وأنها حقوق الله وحقوق الزوج...... حينها قالت لا أعلم ما كان يحدث معي إنه الشيطان أقفلت باب الحوار الذي ما زادني إلا ضياعا في ضياع.......
وبدأت الصدمة تأخذ مني شيئا فشيئا حتى ضاقت علي حياتي وفكرت بالانتحار... لم أعد أستطيع النظر إليها ولا حتى أن ألمسها لأي سبب كان ورغم أيمانها المغلظة والأدلة المنطقية التي سقتها لنفسي بأن الأمر لم يخرج عن مستوى الهاتف والإنترنت وكاميرته على الأقل لأنها اعترفت بكل شيء في لحظة انهيار تامة ولو كان هناك شيء أكبر لكانت حدثتني به إلا أن في نفسي أشياء وأشياء من أن غيّها ربما قد يكون قد جاوز حده ودخل بيتي....
مع أن الأمر نفسيا لم يكن له ذلك الفرق إلا أن الإنسان في المصائب يفكر في أقل الآثار دمارا من باب القبول بأهون الشرين، اتخذت الإجراءات الكفيلة التي تمنع أولائك الذئاب من معاودة التواصل مع حرمي بالإضافة إلى ندمها الظاهر وتوبتها الواضحة وبكائها المستمر الذي لم ينقطع يوما وأنا بدوري أقوم بما يتوجب علي فعله من مساعدتها في توبتها والاستهداء باستشارات علماء الدين الذين كنت أسألهم بشكل عام وآخذ من كلامهم ما ينفعني وينفعها، لأنني لن أجرؤ على مصارحة مخلوق بما حدث مهما كانت الفوائد المتوقعة وأنا على هذه الحال منذ أربعة أشهر لا أعلم ماذا أفعل...
لا أخفيكم أفكر بالزواج ربما لأنني أجده المخرج الوحيد مما أنا فيه وفي ثنايا الدوافع أجد ملمحا للثأر منها إلا أنه ليس بذلك الظهور فما يهمني الآن هو الخروج مما أنا فيه فلم أعد ذلك الإنسان الطبيعي في تعاملاتي حتى في عملي فهل سأجد لديكم المساعدة على الحل؟؟
أتمنى ذلك وأسأل الله أن يثيبكم الخير على مساعيكم، إن كان هناك من رجاء يمكن أن يتسع صدركم لإجابتي إليه هو عدم نشر هذه الاستشارة والاكتفاء بالرد عن طريق الإيميل فهناك العديد ممن أعرفهم يتصفحون الموقع وأخشى أن يتعرفوا من ملامح الاستشارة على شخصيتي، وأقسم بالله لو كنت قادرا على البوح بهذا الكلام لأي شخص حتى لو كان استشاريا نفسيا لفعلت إلا أنني أجدني غير قادر على مواجهة أي أحد رغم البؤس والشقاء الذي أحيا فيه فأنا أفضل البقاء على ما أنا عليه على أن أبوح بما بحت به... ولم أجد مخرجا إلا بالحديث لكم رغم ترددي عشرات المرات لعل الله أن يعظم لكم الأجر رغم أحادية الشخص الذي ستنفعونه بكلامكم وجزاكم الله خير.
09/06/2011
رد المستشار
الأخ السائل؛
أنتهز فرصة رسالتك لأعالج موضوعا قديما، أو هكذا يبدو، بأسلوب جديد ربما، أو هكذا أجتهد وأحاول!!!
كتبت كثيرا من قبل عن الخيانة الزوجية، وكتبت عن عالم الأنترنت، وعن المتغيرات الاجتماعية التي نتجت عنه، أو عن تغلغله في حياتنا، وزهاء العشر سنوات من معالجة مثل هذه المشكلات أراجعها في ذهني الآن قبل أن أكتب لك ردا أحببت أن يكون معلنا على غير طلبك، لأنني أعتقد في أهمية وعموم المشكلة التي تعيشها وزوجتك، ومن واقع رؤيتي لعدة حالات من زوجات دخلن في علاقات بدرجة أو بأخرى، دون أن أقصد من كلامي أي نوع من التعميم، أو إلقاء التهم جزافا، أو إثارة الفزع!!
تعالى معي نسلط الأضواء الكاشفة، والعدسات المكبرة لنفهم قبل أن تقرر، ونتبين قبل أن تتخذ موقفا:
في أغلب الحالات التي راجعتني لاحظت انخفاض مستوى التعليم، وقلت لنفسي ربما حين لا تشعر المرأة بأي نوع من التحقق الأكاديمي، أو الإنجاز في عمل أو تجارة، أو إبداع ثقافي، لا يبقى لها غير البيت والأولاد، والجنس والجسد، والمكياج والملابس... إلخ، ونظرت فوجدت حياتنا المنزلية قاحلة، فما هي المعارف التي تتلقاها الأم عندنا لتصير مربية فاضلة؟! أو لتنجح في مهمة تنشئة أبنائها؟!
إنها مجموعة من الأساطير والحكاوي، وقشور القشور مثلها في ذلك قبل الزوج / الأب الذي لا يعرف من الرجولة والأبوة غير القسوة، أو شراء الهدايا أحيانا، أو جلب المال لإعاشة الأسرة!!
وبالتالي بدلا من أن تتحول التربية إلى مسيرة واضحة المعالم، مرسومة الخطوات، ممتعة التفاصيل، فإنها تصبح لدينا عبئا ثقيلا، وشأنا يوميا مملا، وأعباءا تضيق بها الأم، وذلك لأن الأب يغيب عن مساحة التربية غالبا، ويتركها للأم، وندخل في لعبة الحظ، أو الاعتماد على تنشئة الأم نفسها حين تعيد إنتاج ما نشأت عليه في بيت أسرتها، وعالم طفولتها!! أليس هذا هو حال الملايين من النساء؟!!
إذن امرأة متواضعة التعليم النظامي، وأم فقيرة الخبرات المعرفية، وتبني مهارات الأمومة عبر التجربة والخطأ، في منزل يتضمن كل وسائل الرفاهية، وهي لا تعمل، وليست لديها اهتمامات ولا هوايات، ولا أنشطة أخرى!! أين خطة استثمار طاقاتها الإنسانية، وإنضاجها؟!
المصيبة أن أغلب أو نسبة كبيرة من نساء العرب يعشن هكذا، إذا تجاسرنا واعتبرنا أن هذه حياة إنسانية أصلا!!!
وأنا حين أحاول شرح نظرية ومشكلة الفراغ الذي نعيشه يرد من يستمع بقوله، أو ترد بقولها: والله ليس عندي وقت، وينسى أو يتناسى، يغفل أو يتغافل أن الفراغ المقصود هو فراغ الذهن والروح والوجدان، وغياب الخطط والبرامج للارتقاء الإنساني!!
والعصر الذي نعيشه أطلق الطموحات والتوقعات، وطاف بالإنسان إعلاميا المشارق والمغارب فتوسعت مداركه، وصار إشباع رغباته، وإشعاره بالرضا عن نفسه، وعن حياته شأنا صعبا إلا أن يقوم هو عليه بنفسه مستثمرا فيه جهدا ووقتا، والمصيبة أن أغلبنا لا يفعل، بل إن هذا الكلام الذي أقوله هنا قد يبدو مملا، أو غامضا، أو نوع إطناب وتطويل أقول أن حياتنا تبدو فارغة من المعنى والقضية والتطلع إلى مثل أعلى، وهدف أسمى، وجهاد في سبيل مبدأ، أو غاية، أو مصلحة عامة، بينما يلزمنا التحقق بتلك الفرائض الغائبة إذ هكذا خلقنا الله، وهكذا يعيش الإنسان في حالة السواء النفسي، لمن أراد، وأغلبنا أبعد ما يكون عن هذا.
إذن ليست البراءة، ولا العفة، ولا الشرف هي نقاط الضعف في قصتنا، إنما الخواء الذي يعيشه أغلبنا، وتعيشه زوجتك، الخواء الذي يجعلنا إلى الأنعام أقرب: نأكل ونشرب، ونتكاثر، ونقلد البشر في بعض أشكالهم وأفعالهم!!!
مصابون بفيروس الحياة المادية الاستهلاكية التي هي نمط حياتنا "إلا فيما ندر"، ولهذه الحياة طقوس، ومظاهر، وأدوات، ولكن لها أعراض جانبية نجهلها، أو نتجاهلها!!!
إنها حياة رتيبة مملة سهلة كسول تفتقد إلى التجديد، وإلى الإثارة، وإلى الطعم واللون والرائحة، والإنسان العصري يحب التغيير في عصر الاستهلاك، ومن لا يلتمس هذا التغيير في كتاب جديد، أو رحلة استكشاف، أو نشاط بدني أو وجداني أو روحاني، أو ما شابه، فسيكون فريسة لشياطين الإنس والجن على الشبكة العنكبوتية، وفي واقع الحياة، وكلاهما متصل بالآخر حتى صارا عالما واحدا عجيبا وخطيرا يستهلكنا بأكثر مما نستهلكه!!!
أنا عشت وكتبت طوال العشر سنوات أقول أنه لابد أن تتغير حياتنا، والأمل يلوح مثل ومضة، بثورات العرب الحالية، إذا أدركنا أن أنظمة الحكم هي بعض ما أوصلنا إلى ما كنا عليه، وأن التغيير لابد أن يتطرق إلى أنظمة حياتنا كلها!!
يمكن أن أستفيض، والموضوع هام ومغري ويستحق، وأنت فعلت مثل زوجتك: مللت من حياتك رغم أن لديك زوجة جميلة الشكل، وحياة تبدو سعيدة، وأطفال وعمل، ودخل ممتاز.. أي أنك محسود على هذا الرغد، بينما حياتك خاوية كما سبق، وحاولت شرحه لك، وكما تسليت أنت على مواقع المواعدة فعلت زوجتك، وزيادة، حين ذهبت تبدد الملل، أو تنتقم منك، أو تبحث عن الإثارة، والمغامرة في ممارسة الجنس عبر الإنترنت، ربما تثبت لنفسها أنها ـرغم تواضع درجتها في التعليم ـ قادرة على إغواء أي تافه، حياته خاوية، ويبحث عن الإثارة في إيقاع زوجة، أو اختلاس متعة حرام، أو التسكع في دروب الشبكة الجهنمية!!!
فهل اتضحت أمامك دوائر اللعنة أكثر؟!! وأنت تسأل عن الحل!!!
دعني ألفت نظرك إلى وجود ثغرة أساسية من بداية علاقتك بزوجتك، وهي الفارق الكبير في المستوى التعليمي، وأرجو أن تلاحظ كيف تعاملت أنت، وكيف تعاملت هي مع هذه الثغرة، وكيف تطورت هذه الثغرة عبر الوقت، مؤثرة على حركتك وحركتها في الحياة؟!! ومؤثرة على العلاقة بينكما مع تغير أوضاعكما المعيشية.
ولا توجد علاقة بلا ثغرات، ولكن تظل العبرة برؤية وإدراك ثغرات العلاقة، وكيفية إدارتها، والتعامل معها، ومراقبة تفاعلاتها، أي الثغرات!!
المهتمون بعلم العلاقات بين الجنسين، وقد صار علما تؤلف فيه الكتب، وتعطَى فيه الدورات التدريبية، يرون أن هناك ما يصفونه بالشروخ في العلاقات، إما أنها موجودة أصلا ـ مثل شرخ الفارق في المستوى التعليمي ـ أو أن أحداثا تقع تؤدي إلى حصول هذه الشروخ، وأن إدراك حجم وموضع وتطور هذه الشروخ يبدو لازما لإدارتها بحيث لا تؤدي إلى انهيار العلاقة أو انفجارها، وهذه النقطة لا يلتفت إليها في غمرة الفوضى التي نتزوج بها، ونعيش حياتنا كلها ملتزمين بها!!!
وعندي أمل كبير أن تحصل لنا صحوة في المجال الاجتماعي والإنساني والثقافي والنفسي لتكتمل ثورتنا، فلا تكون ثورة حتى نصنع تغييرا يهدم القديم الفاسد المتخلف، ونبني الجديد الأفضل في كل مجال، وهذه فرصتنا الذهبية إن كنا تريد مستقبلا مختلفا، فلا مفر، ولا مناص، ولا مهرب من ثورة الأفكار والأساليب، والمفاهيم والتقاليد، ثورة على الخلل المزمن في أنظمة وتفاصيل حياتنا أفرادا ومجتمعات.
لا يمكن أن اختار لك قرارا يحل هذا الموقف، فهذا شأنك وحدك مع أم أولادك، ورفيقة دربك، ولكن أنصحك ألا تظل مأخوذا بالصدمة لفترة طويلة، وأزعم أن المرأة في مثل حالة زوجتك لا يمكن أن تتحمل تعليق المسائل هكذا لفترة طويلة، ولذلك عليك أن تضع خارطة طريق للمرحلة القادمة وبسرعة، وأعتقد أنها ستتقبل ما تقرره أنت "مهما كان"، وأنت أدرى بمعطيات العلاقة بينكما، وتوقعاتك لصدق توبتها، وقدرتكما على تغيير نمط حياتكما بما يمنع مثل هذه المسارات، وفي الطلاق كما في غيره من الاختيارات ما ينبغي أن تنظر فيه، أقصد عيوب وعقبات ومميزات كل سبيل أو اختيار، ولا أجد مكانا للتفكير في الانتحار غير جاهلية نعيشها، ويشعر معها الرجل أنه المسئول الأول والأخير حين تخطئ زوجته!!! بينما نصيبك من الخطأ واضح في سطور رسالتك، وكل واحد يتحمل أخطاءه، ويمارس مسئوليته، وحريته كما خلقنا الله.
ولا أحبذ اختيار الزواج انتقاما إلا إن كنت تقصد الانتقام من نفسك بإضافة مصيبة محتملة إلى مصيبة محققة!!!
أعانك الله في موقفك الصعب، ونحن معك، فتابعنا بأخبارك.
* ويضيف د. وائل أبو هندي الأخ الفاضل "زيَّان" أهلا وسهلا بك على مجانين، ليست لدي إضافة بعد ما تقدم به مجيبك د. أحمد عبد الله إلا أن أشير إلى أن احتمال كون الزوجة مصابة بأحد الاضطرابات النفس جنسية هو اضطراب الاعتمادية على الإلكتروجنس التبادلي عبر الشبكة Cyber Sex Dependence وهذا هو أحد أشكال إدمان الجنس وهو أحد أشكال الإدمان السلوكي Behavioral Addictions وهذا التوصيف أو التشخيص الذي لا أستطيع أكثر من تخمينه لا يعفيها من المسئولية وإنما يبين لنا طريقة مناجزة معينة من ضمنها أن تعالج لدى معالج معرفي سلوكي لتتمكن من الخلاص من إدمانها إذا اشتكت هي وطلبت المساعدة بالطبع، وأهلا بك دائما على مجانين.