قلق .....
لم يبقى لي غير الله ثم حضرتك يا دكتور، السلام عليكم وشكرا على المجهود ولن أطيل أكثر من ذلك!!!
عزيزي الدكتور المحترم أنا شخصت حالتي على أنني أعاني من قلق شديد من قبل دكتورين. نشأت بعائلة مفككة مطلقة وذقت الويل من أبي وأعمامي وأقرباء أبي. حيث أنه كان يشتم أمي ويقول لي أنها امرأة سيئة وربيت على هذه الفكرة. ولكن أمي من أفضل الناس بنظري.
تعرضت لحالة اغتصاب في سن ال 5 ولكنني لا أفكر فيها أبدا ولا أزعل أو أتضايق لأني أقول أنه قضاء الله وأن ملايين من الأطفال تعرضوا لها وأنا الآن كبرت ولقد ذهبت مع ذاك الوقت وذاك المكان فلا حاجة لذكرها. وأنا بطبعي موسوس من الناحية الصحية جداً زرت أكثر من 6 أطباء قلبية...
دكتوري العزيز توفي والدي عندما كنت في ال12 من عمري بسرطان الرئة وقضينا أنا وأخي ما يقارب السنة في المستشفى مع الوالد عندما بدأت حالته في التدهور. ومن بعدها وتحديدا بعمر ال20 بدأت أخاف أن يصيبني مرض السرطان كوني مدخن وبدأت الحالة تتفاقم معي فبدأت اقرأ على أعراض المرض في عمري ال 17 تقريبا أصبتني حالة وهي عدم الشعور في الواقع، كنت أنظر إلى المرآة وأتخيل أنه هنالك شخصا ثاني يحمل نفس الاسم ونفس الشكل ولكنه ليس أنا وبدأت أشعر أن عقلي فارغ تماما، لا يوجد ترابط للأفكار ولكن هذه الحالة ذهب بعد شهرين لتعود لي في عمر ال 29 وهنا تبدأ مشكلتي!!!
منذ 6 أشهر تقريبا شخص لي طبيب أني أعاني من انسدال الصمام التاجي وتغير نمط حياتي 180 درجة حيث أصبحت أخاف من الذهاب إلى الأماكن لأنني كنت أفكر ماذا لو احتجت مساعدة ولم أجدها؟ ماذا لو تعرضت لازمة قلبية ومن هذه الأفكار.
وبدأت تنتابني حالات هلع، أصبحت أخاف وبدأ قلبي في تزايد في النبضات وكأنني سوف أموت. أنا مقيم في موسكو وقد شاهدت هنا حالة انتحار أمام عيني وحالة وفاة في المترو ولكن الناس هنا مجردين من الإحساس لم يساعدوهم وخطو فوقهم وتابعوا المسير وكأنه شي لم يحدث وهذا زاد من مخاوفي أنني لن أجد المساعدة في الوقت الذي اطلبه كون زوجتي مشغولة في عملها وكون البلد كبيرة وكل شي يحتاج إلى وقت... (أنا أعيش مع زوجتي هنا لوحدي ولا يوجد عندي أصدقاء).
فجأة ومن دون سابق إنذار وفي أقل من ثانية... أحسست أن الحالة التي أصابتني في عمر ال17 رجعت بدأت أشعر بفراغ في عقلي وأنني أجاوب على الأسئلة تلقائيا بدون التفكير وأن عقلي فارغ تماما، أحلام اليقظة أو الأمور التي كنت أمارسها في مخيلتي قبل النوم اختفت نهائيا! بدأت أعاني من أحلام غريبة... غريبة ومزعجة مثل صراخ في الحلم مما يوقظني من نومي أو أشخاص لم أراهم من زمن بعيد جدا ما يقارب ال20 سنة وبدأت أعاني من قلة نوم... ولكني ما زلت محتفظ بقدراتي العقلية حيث أنني أعمل وإنسان منتج ولم ولن استسلم للمرض.
في الآونة الأخيرة أصبحت أمكث في البيت كثيرا. وفقدت الاستمتاع في أصغر الأمور مثل الخروج إلى مطعم أو قضاء وقت مع زوجتي مع العلم أنه عندما أكون مع زوجتي أكون مرتاح نفسيا لأني أعرف أنها قادرة على مساعدتي وطلب النجدة وهذا ما يجعلني مرتاح معها من ناحية الخروج خارج المنزل.
الأمور الآن تتفاقم حيث أني أشعر أن الفراغ الذي في عقلي بدا يكبر وأن أفكاري غير مرتبطة. مع العلم هذا إحساس داخلي فقط وعندما أتكلم من الناس تكون أفكاري متزنة ومترابطة ومفهومة. وبدأت أشعر أنني متضايق جدا وأفكار غريبة تأتي لي وأتخيل صورة غريبة جدا حيث أنني مثلا أفكر في عملي وأنا مغمض العينين قبل النوم وفجأة ابدأ بتخيل صورة غريبة عجيبة لا تمد بأي صلة للعمل مثل ورقة بيضاء ومرسوم عليه وجه باللون الأسود ومن هذه الأمور!!!
شخص لي طبيب في بلدي الأم سوريا أني أعاني من قلق شديد وأعطاني السيروكسات ولكن بعد رفع الجرعة وتحديدا بليلة قبلها كنت قد قرأت أن السيروكسات قد يسبب الانتحار وخفت كثيرا أن أفقد عقلي وانتحر وأوقفت الدواء مباشرةً!!!
أرجو منك تشخيص حالتي لو سمحت ملاحظة لا أعاني من الاكتئاب أو هذا ما أعتقد لأنني ما زلت استمتع في أمور بحياتي مثل كسب الرزق وسماع الموسيقى والضحك وقص النكت والأخبار!!! ولكنني كما أشرت في السابق أنني أعاني من العزلة كون عدم توفر الأصدقاء الجيدين هنا وأفتقد العائلة بشكل خاص تحديدا أمي. ساعدني أرجوك فأنا لا أجيد اللغة الروسية جيدا للذهاب إلى أي طبيب روسي.
وفقك الله وفي ميزان حسناتك إن شاء الله.
ملاحظة قبل بدئي الحالة كنت استمع إلى ملفات صوت.
15/03/2012
رد المستشار
أخي العزيز؛
شكراً على استعمالك الموقع.
طلبت تشخيصاً لحالتك ولا شك أن تشخيص الطبيب النفساني بأنك مصاب بالقلق الشديد صحيح وإن كان البعض من الأطباء يميل إلى استعمال اضطراب خليط من الكآبة والقلق.
هناك أكثر من عامل لنوبات القلق الشديد في عمر ٢٠ و ٢٩ عاماً. انتهت النوبة الأولى خلال شهرين أما نوبتك الحالية فربما ستنتهي تلقائياً أيضاً ولكنها تتصف بوجود أعراض انفصالية كالتي تطرقت إليها حول النظر في المرآة. هذه الأعراض ليست بغير الشائعة في جميع أمراض القلق ولكنها قد تشير إلى شدة النوبة. هناك عوامل أخرى لشدة نوبة القلق وهي:
١- وجود المرض العضوي المتمثل بقضية الصمام التاجي.
٢- عزلتك الاجتماعية.
٣- طفولة غير سعيدة.
في بداية الأمر لابد من التركيز على مسألة الصمام التاجي والتأكد من تشخيص وشدة الحالة وعلاجها والمراقبة الطبية. من الصعب على أي إنسان لا إلمام له بأمراض القلب أن لا يعاني من القلق وهو على علم بأن هناك عاهة قلبية. يمكن تجاوز هذا القلق بعد الحديث مع أخصائي الأمراض القلبية فهو الوحيد الذي بإمكانه توضيح الأمر وربما القضاء على القلق.
بالطبع العلاج المعرفي السلوكي هو العلاج المثالي ولكنك أشرت إلى صعوبة الاتصال باللغة الروسية. هناك الكثير من تمارين الاسترخاء المتوفرة باللغة العربية والتي يمكن الحصول عليها مجاناً من الكثير من المواقع على شكل بود كاست Podcast وهي موجودة على أي تيونه i Tunes.
عليك بتنظيم إيقاعك اليومي والحديث مع شريكة حياتك عن قلقك. ربما هذا الحديث الصريح يكفي لوحده لتجاوز الأزمة.
هناك العديد من العقاقير المضادة للاكتئاب قد تساعدك في التغلب على هذا القلق الشديد مثل السيروكسات. لا أنكر بأني لا أميل إلى استعماله ولكن فعاليته لا تختلف عن فعالية أي عقار من نفس الصنف. أما الانتحار فهذا الأمر لا يخلو من مبالغة إعلامية ولدت في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أثبتت الدراسات الميدانية العلمية بأن حرمان المريض من هذه العقاقير يزيد من نسبة الانتحار. أفضل شخصياً عقار السيترالين Sertraline بجرعات تتراوح بين ٥٠ – ٢٠٠ مغم يومياً. لكن يجب أن تستشير أخصائي القلب ولا يجوز العلاج إلا تحت إشراف طبيب.
هناك عقاقير أخرى يمكن استعمالها ولكن في حالة مثل حالتك العقاقير أعلاه كافية.
في نهاية الأمر ستتجاوز هذه الأزمة بعونه تعالى ولا تظن أبداً انك مصاب بمرض ذهاني.
ومن الله التوفيق.