كيف أبدأ من جديد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شابة في الخامسة والعشرين من عمري متفوقة في دراستي والحمد لله مشكلتي أنني أفكر كثير وأعقد الأمور وعزيمتي ليست قوية مجال دراستي يحتاج 10 سنين من الدراسة وبين كل أربع سنين هناك امتحان لا بد أن نتخطاه كي نبدأ المرحلة الجديدة.
لي أختي تصغرني بعدة أعوام وقد أنعم الله عليها بنعمة الزكاء ماشاء الله فهي الآن معي في نفس العام الدراسي أنا وهي نذاكر في نفس المجال إلا أني أحمل على عاتقي هم كثير لأني أكبر أخواتي وأبي وأمي مريضان (الحمد لله على كل حال) أين المشكلة إذن؟
المشكلة تكمن في أنني كنت أذاكر مع أختي للامتحان الذي به سيقرر مصيرنا الدراسي ورغم أن أختي لم تذاكر سوى 10 أيام وأنا ذاكرت أكثر من شهر إلا أن مجموعها كان ضعف مجموعي. أنا لا أحسدها بل أدعو لها أن يبارك الله لها لكن ما يحززني هو أني رسبت في الامتحان بدرجة غير متوقعة على الإطلاق.
عندما كنت أذاكر مع أختي أنا كنت من يساعدها في المذاكرة وكانت درجاتي دائما أعلى منها في الدرجات عندما كنا نأخذ تطبيقات لكني لا أعلم ماذا حدث. فقط أردت أن أنجح لكي أتخطى المرحلة والآن ما بيدي إلا أن أبدأ من الصفر مرة ثانية وهذا يصعب علي لأن هذا يأخذ عزيمة ليست لدي. لا أريد أن أفتح كتابا مرة ثانية وكلما تذكرت درجاتي أنهال بكاء سؤالي الآن, هل هذا قضاء وقدر أم هذا مما كسبت يداي؟
شيء أيضا يؤلم قلبي وهو أني أشعر بذنب لأني عندما رأيت درجاتي كرهت نفسي وشعرت بالغباء والسخط على حالي ويئست لأني شعرت بأن دعائي وحسن ظني بالله لم يفدني بشيء (أستغفر الله العظيم) فأسأل الله أن يغفر لي جهلي!!
أيضا أريد أن أبدأ من جديد فكيف أبدأ من جديد ودرجاتي لا زالت تحبطني؟
27/07/2012
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله وأعانك على تجاوز محنتك الحالية. رسوبك ما هو إلا امتحان من الله لك قبل أن يكون امتحانا دنيويا فإن كان قلقك على النتيجة وتشتت اهتمامك أثرا سلبا على نتيجتك في الدنيا احذري بنيتي أن تسوء نتيجتك في الآخرة.
تسألين سؤالا محيرا ومقلقا وغير مجدي هل رسوبك قدر أم قضاء، القضاء يشمل أمورا لا تتغير مثل النوع ووقت الميلاد ووقت الوفاة والرزق والسعادة ولا سيطرة لنا عليها، وسبحان من خلقنا هي أمور لا يمكن لنا أن نعرفها مسبقا ولا حتى أن نتنبأ بها بينما القدر هو تنبؤ الله بأفعالنا وهو ما نستطيع تغييره بالدعاء ثم السعي والعمل، وكلا من القضاء والقدر هو أمر الله ومشيئته.
لا يمكنك أن تركني إلى أن رسوبك أو نجاحك قضاء فنحن لا نعلم ما قد قضى علينا جميعا ربنا الكريم وهذا من رحمة رب العالمين علينا لنبقى متفائلين موقنين برحمة الله وحسن تدبيره لنا، ولذا كان من شروط الإيمان الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره فسبحان من خلق لقد اشترط علينا أن نقبل الشر كما نقبل الخير.
لا تكوني كمن وصفهم رب العالمين في سورة الحج " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" (11) صدق الله العظيم
فاعتبري رسوبك امتحانا من الله يراك فيه تصبرين وتشكرين أم تنقلبين على وجهك والعياذ بالله، وعديدة هي الآيات التي تذكرنا بالاستعداد للبلاء وامتحانات رب العالمين لصدق إيماننا وقد يكون رسوبك أحد امتحاناته لك.
لن أكتفي بأن أذكرك بأن الدنيا فيها ابتلاء لنسعد في الآخرة بل سأذكرك أيضا بأن رسوبك قد يكون فيه خيرا لك أكثر مما في نجاح أختك من خير لها، وكيف يكون ذلك؟؟ بتدبر قوله تعالى في سورة البقرة" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (216)
لا يتسحق من وهب لنا الحياة أن نتنكر له ونجحد بل أن نحمد ونشكر إن أرسل لنا في كتابه الكريم ما يدبر به أمورنا كلها بما فيها تعرضك للإحباط، ورغم أنه امتحان دنيوي بسيط إلا أنك تؤجرين على صبرك إن شاء الله.
لماذا تكرهين ذاتك، هل أهملت في دراستك؟ هل كان يمكنك بذل مزيد من الجهد؟ إن كان الأمر كذلك فإن كراهيتك لنفسك وكتبك وبكائك لن يساعداك في حل مشكلتك والتخلص من معاناتك بل سيضاعفاها.
لا عليك من بعض الأفكار النكدة فقد علمنا عليه الصلاة والسلام أن ندعو اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأعوذ بك أن أشرك بك وأنا لا أعلم.
الرسوب في حد ذاته أمر محايد بيدك أن تجعليه جيدا وبيدك أن تجعليه سيئا ومدمرا وذلك حسب تفسيرك له وتعاملك معه، فإن نظرت بأن الرسوب حالة أبدية ثابتة لا يكون أمامك سوى الاستسلام للإحباط واليأس ويبدأ توجه حياتك نحو مزيد من الظلام والانحدارات، وإن نظرت إلى الرسوب بأنه معركة لا بد أن تنتصري فيها وإن لم يكن من الجولة الأولى ولكن لابد لك من الانتصار ستبدئين عندها البحث عن الطرق التي تزيد استيعابك وعلى إيجاد مزيد من الوقت للدراسة والتعامل مع قلق الامتحان الذي قد يكون السبب وراء تردي أدائك في الامتحان رغم استيعابك للمادة مسبقا.
مهما كان خيارك اجعلي دعائك أن يثبت الله قلبك وقلوبنا على الإيمان وألا يفتننا.
اقرائى أيضاً:
التعامل مع الأزمات
حياة لها معنى
التعليق: آية "كتب عليكم القتال" المذكورة هي من سورة البقرة وليس آل عمران