السلام عليكم؛
جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم في الرد على الاستفسارات والمشكلات النفسية وأرجو لكم من الله جزاء من نفّس كربة من كرب الدنيا عن عباد الله... وبعد؛
أنا آنسة أبلغ من العمر 32 عاما وأعمل بمهنة مرموقة وأمتلك شخصية عاطفية وحساسة جداً وأنا محبوبة من الجميع سواء أهلي، معارفي أو زملائي في العمل وفي نظر الكثيرين أنا شخصية مثالية بكل معنى الكلمة في حسن الخلق والتدين، بل مثالية أكثر من اللازم وخيالية في أفكارى وفي تعاملاتى مع الناس، حتى أن عدم زواجي حتى الآن مثار اندهاش للجميع ولكنها إرادة الله، فلم يتقدم لي شخص مناسب حتى الآن. ولقد نشأت والحمد لله في أسرة مثالية أيضا فقد أغدق والدىّ عليّ وعلى أخوتى حبا وحنانا ولم يبخلا علينا بأي شيء، حفظهما الله.
بدأت مشكلتي منذ عامين بعد خطبة ثم زواج أختي التي تصغرني بخمس سنوات، فبدأت أشعر بالوحدة وفقدت إحساسي بأنها محتاجة إليّ وبأنها انشغلت عني وأصبح في حياتها اهتمامات أخرى، وقد تزامن ذلك مع وقوعي تحت ضغط شديد في الاستعداد لامتحانات دراستي العليا ما بعد الجامعية. فبدأت في شغل هذا الفراغ العاطفي والضغط النفسي الذي أعاني منه بقراءة القصص الأجنبية الرومانسية وأحيانا المثيرة إلى أن أصبح هذا إدمانا لدي وقد جرّ عليّ ذلك وقوعي في العادة السرية والخيالات الجنسية.
أشعر بالحقارة والدناءة بعد كل مرة أفعل فيها هذا الفعل وأقف ذاهلة أمام نفسي كيف سولّت لى الجرأة على التعدي على حدود الله في الخلوات وكيف أستخدم نِعَم الله عليّ من صحة ووقت وعقل فيما يغضب الله ومع ذلك أكرر هذا الفعل، وكيف لي أن أعيش هذه الازدواجية... أين عقلي إذن؟
أتمنى أن تزول هذه الأفكار من رأسي، لا أريد أن أفكر في الجنس أو أي أفكار رومانسية أو مستقبلية تتعلق بالزواج لأنها تدفعني لهذا الفعل، أنا مرتبطة عاطفيا بزميل لي يحمل كل الصفات التي أتمناها، وأنا أتمناه زوجا لى، هذه العلاقة من جانبي أنا فقط (وهذا يحبطني جدا) فهو لم يصرح لي ولم يعدني بأي شيء وأنا أيضا لم أصرح له بشعوري نحوه، أنا أعلم أنه يقدرني ويحترمنى وكنت أعتقد لفترة بل كنت متأكده أنه لابد سيتقدم للزواج منّي، فنحن متفاهمان جدا ونحمل صفات كثيرة مشتركة، والكثير من زملائنا يلمّحون بأننا مناسبان لبعضنا البعض، لكن لم يحدث ذلك، بل أقدم هو على خطبة إنسانة أخرى ثم فسخ خطوبته بعد عدة أشهر.
وعشت مرة أخرى في أوهام أنه عرف خطأه وأنه سوف يتقدم لي لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، وأنا ألوم نفسي على تعلقي به لهذا الحد وأعلم أنه لا يحل لي أن أعلّق قلبي بما لم يكتبه الله لي بعد وأخشى أن يكون هذا وهما مرضياً. أعتقد أنني لم أدفع بعد ثمن ما فعلته ولا أستطيع أن أفكر إلا بحياة فاشلة في المستقبل أو انتظار خاتمتي السيئة جزاءً لما أفعل ولا أستحق هذا الإنسان الذي أحبه.
أنا حاليا أمر بحالة اكتئاب وفي بعض الأحيان أتمنى الموت لكنني أرجو أولاً أن يتوب الله عليّ من هذه العادة السيئة. وقد حاولت كثيراً الإقلاع عن هذه الممارسات وتأنيب نفسي والتوبة من هذا الفعل المرة تلو الأخرى ولكني لم أستطع التوقف لأكثر من ثلاثة أيام ثم أعود. وقد قررت البعد عن كل المثيرات وعن قراءة هذه القصص واستطعت ذلك بفضل الله فوجدت نفسي أعود للعادة ولكن بعد مدة أطول قليلا من ذي قبل وكأن هناك شعور قوي يدفعني لمثل هذا الفعل، في غالب الأوقات عندما أكون تحت ضغط نفسي وأحيانا بسبب خيالي وحده وأفكاري.
وأحيانا أشعر برغبة في معاقبة نفسي لأنني أرى نفسي إنسانة سيئة ولا أستحق شيئا طيبا في هذه الحياة فأقدِم على هذا الفعل، وأحيانا أفكر أنني لا محالة سوف أفعل ذلك إذا ما خطر ببالي أو إذا انتابتني هذه الخيالات ولن أستطيع مقاومتها في النهاية ولذلك فإنني أفعلها لأتخلص من سيطرة الفكرة عليّ فأنا لم أعد أثق في نفسي وفي قدرتى على الإقلاع نهائيا عن هذه العادة.
أصبحت أدمن الشعور بالذنب، حتى أنني أفعلها أحياناً حتى أستجلب هذا الشعور بالذنب ربما للهروب من الواقع أو لكي أجد مبررا لعدم تقدمي في دراساتى العليا والتى أجد صعوبة في التركيز فيها. وقد اعتقدت لفترة أنني قد أصبت بنوع من المس الشيطانى بسبب ممارسة هذه العادة، كما أعتقد أنني مصابة بالوسواس القهري وأن ما أعانيه هو استمناء قهري لذلك فقد أقدمت من تلقاء نفسي بعد البحث في الإنترنت علي تناول عقار السيرتيرالين 50 مجم لمدة أربعة أشهر تقريبا وقد وجدت تحسنا في المزاج العام وأيضاً من حيث انخفاض عدد مرات فعل العادة إلا أنني لم أتوقف نهائيا، وأخيرا فقد استخدمت عقار السيتالوبرام 20مجم بعد أن علمت أن من آثاره الجانبية تقليل الشهية للجنس أكثر من غيره من نفس المجموعة الدوائية، وكانت أكبر فترة استطعت فيها الإقلاع عن العادة هى شهر تقريبا ثم انتكست مرة أخرى.
إنني أحاول الالتزام بصيام التطوع لكسر حدة الشهوة والتقرب لله لكن للأسف لم يمكنني الإقلاع عن هذه العادة نهائيا. وقد لاحظت اندفاعا شديدا نحو ممارستها قبل بداية الدورة الشهرية وبعد انتهائها بأسبوع تقريبا حيث ينتابنى شعور بارتفاع درجة الحرارة وتوتر شديد وعصبية لكنني أوجهها ضد نفسي.
أعلم أنني أعاني من ضعف إيماني شديد، أنا لم أكن كذلك. لقد كنت دوماً أعتقد أن الإنسان بإرادته قادر بعد الاستعانة بالله على تغيير أي شيء سلبي في حياته ولكن هذا هو حالي الآن. كما أنني سريعة التحول من التفاؤل والتفكير العقلاني والثقة بالله في أنني قادرة على مواجهة كل الصعاب في حياتى إلى الاكتئاب وفقدان الرغبة في كل شيء حتى الحياة نفسها.
آسفة للإطالة لكني كتبت إليكم ما لن يمكنني التصريح به لأي إنسان وجها لوجه، حتى وإن كان طبيبا متخصصاً فما الذي يمكنكم أن تنصحوني به في مثل هذه الحالة وهل هذا فعلا وسواس قهري أو استمناء قهري أم مجرد وسيلة للهروب من الواقع
وهل من علاج سلوكي أو دوائي لحالتي؟
وجزاكم الله خيرا.
01/11/2012
رد المستشار
الابنة الفاضلة أرسلنا استشارتك إلى الزميل الفاضل أ.د السيد النجار وهذا كان رده:
وعليكم السلام وبعد؛
بداية: عندما بدأت تكشفين عن مشكلتك وتسألين عن الحل الطبي فهذه الخطوة الأولى نحو حل مشكلتك.
مشكلتك هي ممارسة العادة السرية بصورة ملحة وذلك إثر قراءة القصص الأجنبية المثيرة مما أدى إلى إصابتك بالاكتئاب، بدأت المشكلة بعد زواج أختك الأصغر وساعد عليها ضغط الامتحانات...... أنت شخصية مثالية متدينة ومن أسرة مثالية.
الشخصية المتوازنة أو السليمة نفسيا تتكون من ثلاثة أجزاء جزء الأول هو الجزء الغريزي.... داخلي جدا يولد مع الإنسان وهذا الجزء يحوي جميع الغرائز التي تتحكم في سلوك الإنسان بما فيها الغريزة الجنسية، وهذه الغرائز جاهزة للتعبير عن نفسها منذ بداية ميلاد الإنسان ما عدا الغريزة الجنسية فإنها تعبر نفسها في كل من الذكر والأنثى مع بداية البلوغ.
الجزء الثاني: هو شخصيتك الظاهرة وينمو مع احتكاك الإنسان مع البيئة الخارجية حوله وهذا الجزء يتحكم في كيفية ظهور الغرائز في سلوك الإنسان (في حالة الغريزة الجنسية..... يسمح لها في مجتمعنا عن طريق الزواج فقط).
والجزء الثالث: هو الضمير وهو ينمو مع تعليم الوالدين للشخص ومع تكليفه بالأمور الدينية بالحلال والحرام والصح والخطأ وللثواب والعقاب، وسلامة الإنسان النفسية تحدث عندما يكون هناك توازن بين نشاط هذه الأجزاء وتبادلها للأدوار.
لو طبقنا هذه الكلام على حالتك ستكونين سليمة إذا كنت تستقبلين الغريزة الجنسية على أنها تكوين سليم فيك وليست شيئا سيئا وعند بلوغك سن الزواج حدث الزواج وكان تكوينك الديني ليس كما تصفين مثاليا.
طيلة فترة وجو أختك معك كنت مشغولة بأمور الحياة يعنى أن الجزء الثاني منك هو الذي سائدا وعندما غابت أختك في زواجها انكشف الغطاء عن الجزء الغريزي والذي نشطته تلك التغذية الخارجية له من قراءة القصص الجنسية فتحفف اللذة وتكرر الاحساس بها فأصبحت تكررين العادة السرية لتحسي باللذة وهذا بالإضافة إلى التغذية الداخلية التي تحدث مع تغير نشاط الهرمونات قبل الدورة الشهرية وبعدها بقليل.
وانكشف الغطاء كذلك عن جزء الضمير من شخصيتك فتولى الحرب على الجزء الغريزي مما أدى إلى إحساسك بالذنب ولكن الجزء الغريزي لم يستسلم له، وأصر على أن يعلن تمرده بفعل العادة السرية ليعيد الإحساس باللذة مرات ومرات وعندما يحدث قهر حقيقي للجزء الغريزي يحدث الاكتئاب. والحل لحالتك:
أولا: العلاج عن طريق وبواسطة طبيب نفساني
1- يساعدك على تغيير نظراتك الخاطئة لغريزتك الجنسية بالعلاج النفسي
2- يصف لك الأدوية النفسية لعلاج الاكتئاب وعلاج أعراض الوسواس وهي ليست مسببة للإدمان كما تعتقدين.
ثانيا: القيام ببعض السلوكيات: مثل
1- تجنب الانفراد بنفسك في غرفتك أو الحمام وقد يستحسن أن تتركي بابك دون إغلاق حتى لا تجدي الفرصة سانحة لجزئك الغريزي.
2- محاول السعي لتوجيه الظروف حولك لتقتربي من الزواج مثل الخروج للمجتمع والاختلاط بالناس أكثر عسى أن تصادفك الفرصة المناسبة للزواج ويمكن أن تلفتي نظر الحبيب المذكور إلى رغبتك بالزواج طبعا بطريقة غير مباشرة ويمكن الاستعانة بزميلة أو صديقة تستطيع التحدث معه عسى أن يتحقق المراد من رب العباد.
3- يمكن أن تمارسي العادة السرية في أوقات محددة كنوع من تخفيف التوتر الجسماني ويمكن مرة أو مرتين قبل وبعد الدورة الشهرية لأنه علميا لا يمكن أن تلغي وظيفة من وظائف الجسم خصوصا الغرائز كما اتضح لك.
4- الممارسات الدينية كالصلاة وصيام التطوع تمارس في حدود المعقول حتى لا تؤدي إلى كبت الجزء الغريزي كثيرا فيجوع ويقاوم أكثر، مع ملاحظة أن الموضوع ليست له علاقة بضعف الإيمان أو زيادته.
5- اللجوء لبعض الهوايات الظريفة التي تشعرك بالراحة والانبساط فتفرج عن هذا الجزء الجميل الشريف فيك الذي هو نعمة من الله تعالى وهو الجزء الغريزي.
مع أطيب تمنياتي ودعائي لك بالتوفيق والسعادة.
التعليق: كم كنت أظن أنني أعيش بالمدينة الفاضلة، وكم كنت مثلك أبالغ في نظرتي المثالية الغير واقعية، ولكن هذه المبالغة المعيقة عن فهم الواقع تسببت في إيلامي عندما حدث عكس ما كنت أريد.
الفرق كبير بين أن أتمني شىئا ولا يحدث وبين أن أتوهم أنه لابد أن يحدث، هل تعلمين كيف؟
تقولين: " وكنت أعتقد لفترة بل كنت متأكدة أنه لابد سيتقدم للزواج منّي"، فهذا التأكد في عقلك فقط ولا يشترط أبدا لأنكما متفاهمان،و... أن يرغبك كزوجة حتي وإن كانت بك كل مواصفات الزوجة الجيدة، فقد تكونين بالنسبة له زميلة عمل فقط.
أيضا -وأتمني ألا يكون كلامي صادما لك فإنني أكبر منك بحوالي عامين- كثير من الرجال يرغبون الزواج بمن لم تتجاوز الثلاثين.
جربي نصيحةالمستشار ولكن لا تتعلقي كثيرا بزميلك لأنه قد يعود لخطيبته السابقة التي قلت بعد أن تركها "وعشت مرة أخرى في أوهام أنه عرف خطأه وأنه سوف يتقدم لي لكن ذلك لم يحدث حتى الآن"،أو قد يرتبط بأخرى، فهل فكرت كيف سيكون حالك وقتها؟
احفظي قلبك وعقلك بأن تمزجي المثالية بالواقع ولا تبالغي في تصوراتك المثالية حتي لا تصطدمي بآلآم الواقع الذي ترفضينه ولكن لأنه الواقع فوجوده حتمي والهروب منه مستحيل