اضطرابات سلوكية للمراهق
السلام عليكم ورحمة الله؛
أود أن أعرض مشكلة ابني البالغ من العمر 15 سنة - فهو شديد التمسك بكرة القدم شأنه شأن آخرين في مثل عمره - إلى أن تزايد حبه لها وبدأ يكرر أمامنا أنه لا يريد أن يكمل تعليمه لأنه يريد الاحتراف وأن تصبح هذه هي مهنته.
منذ فترة كان حينما يردد هذا الكلام أمامنا (الأسرة أو أحد من الأصدقاء أو العائلة) بالطبع كان الكل يقول له تقريبا نفس الكلام: أن لاعب الكرة هذه ليست مهنة وأن أيهما أفضل أن تكون إنسانا ذا شأن أم تكون مجرد لاعب (مع احترامنا للاعبي الكرة) ولكني كأم كنت أحلم أن يكون له شأن في مجال العلم وكنت أزرع فيه ذلك من الصغر أنه لابد لك أن تترك بصمة في هذا العالم يذكر بك الأجيال القادمة وتكون قد أرضيت ربك وخدمت دينك ووطنك، فأصبح يجادلني أنه لا شيء يجني المرء من وراءه النقود الطائلة إلا لاعبي الكرة ثم إذا اعتزلت سوف أنشئ ملجأ للأيتام ومصنعا وبذلك أكون قد أرضيت ربي ونفعت وطني وحققت حلمي.
كان هذا هو النقاش الذي كان لا يمل ولا يكل (كلانا) من تكراره، ومرة بهدوء ومرات بشدة أنه لا تنازل عندنا عن الدراسة والتفوق فيها ثم لكل حادث حديث، ولكنه كان يتظاهر بقبول ما نقوله درء للمشاكل وبالذات مع والده، لأن الغالب الأعم أن المناقشة كانت تنتهي إلى مشاجرة مع الأب.
إلى أن فؤجئنا منذ وقت قليل أنه متمسك بالحلم إلى أقصى درجة وأسر إلى أحد أقربائه أنه يود الهروب من المنزل مثلما فعل رونالدو في مثل سنه وهرب من أسرته واحترف لعب الكرة وأصبح على ماهو عليه الآن، وقال لي أنه يوجد برأسه شيئا لن يخبره لي لأني على حد قوله لاأؤتمن على سر: "كل حاجة تروحي تقوليها لبابا، وأنا بآخد بابا على قد عقله وبريحه في موضوع الدراسة إنما حلمي لن أتنازل عنه"
المهم كان هذا ممكن أن يكون مقبولا منه إذا كان موهوبا فذا في كرة القدم أو أنه عضو في أحد الفرق الرياضية أو أي شيء له صلة، لكن على العكس فإن موهبته عادية جدا ولم يلفت نظر أيا من المدربين الذين تدرب على يديهم ولم يلحظ غيابه أحدا (لأننا في العام الدراسي الماضي حاولنا أن نقيده باتحاد الكرة -بواسطة- وليس على معيار كفاءته لعله يركز في الدراسة، وبعد أن قيد بالفعل رفض الذهاب إلى هذا النادي وألقى باللوم علينا بأننا منعناه من التدريبات أثناء فترة الامتحانات فبالتالي لن يستطيع العودة).
وأصبح يتوهم أنه عظيم القدر والموهبة ولا أحد يقدره وأن الناس كلها ضده ولكنه لن يلتفت لكلامهم وأنه أحسن واحد بيلعب في أصحابه..... وكلام من هذا القبيل، وإذا واجهناه بأنه ذو شأن متواضع ينفعل وأننا لا نفهم شيء -طيب لماذ خسرت هذا الماتش- تجد إجابات واهية أنه مش عارف إيه اللي حصل؟...... الخ، وكثيرا ما يتكلم وهو نائم بصوت مسموع وكأنه في ماتش.
يعني باختصار عنده وهم أم عنده مقدمات غرور لا أعرف، ولقد قرأت مقالة للدكتور محمد المهدي على هذا الموقع بخصوص العناد المشتت ووجدت أن كثيرا من الأعراض توجد لديه -وأنا حائرة في التعامل معه- ولا أريد الذهاب به إلى طبيب نفسي لأن أغلبهم لا يسمعون (ولي تجارب سابقة معهم بخصوص هذا الشأن مع نفس الابن لأنه على مر عمره كان مشاكس جدا) ويكتفون بإلقاء اللوم والتقريع على الأم والأب أنهما لا يدركون كيفية التعامل معه وإعطاءه بعض المهدئات وكفى!!
فهل أكتفي بأن أجعل من قريبه هذا الشخص الوسيط الذي كتب عنه دكتور محمد كطريقة أولى للإصلاح (مع ملاحظة أن قريبه هذا طبيب ولكنه طبيب أمراض قلب وابني يحبه جدا وهو أيضا)، أم لابد من جلسات نفسية -أم ماذا أفعل- واذا كان الأمر كذلك فمن ترشحونه لي في الأسكندرية، وياحبذا لو أتواصل مع دكتور محمد فأنا متابعة جيدة له منذ أن كان يظهر في برنامج سيدتي على الفضائية المصرية.
ملحوظة: من ناحية والده له عمة كانت قد تعرضت لمشاكل نفسية حينما توفي والدها وظلت تداهمها نوبات عصبية كلما مرت بأزمة (لا أعرف بالتحديد تشخيص المرض لأنهم يتجنبوا الحديث أمامي فيه، كما أن اثنان من أبناءها أصيبوا بالوسواس القهري وعلى حد علمي ذهبا للأطباء النفسيين واكتفوا معهما بالعلاج الدوائي وعلى ما أعتقد لم يستمرا عليه ولذلك فلم يتحسنا كثيرا، ودائما ما يرددان أن الأطباء لا يستمعون ويكتفون بالأدوية)، فهل هذا الجانب الوراثي له أهمية في حالة ابني؟
أنا آسفة للإطالة واعذروني -وتقبولوا شكري- وإذا حظيت بالرد على المشكلة على الموقع أرجو عدم توضيح بياناتي على الملأ. ولكم مني التقدير والاحترام وجزيل الشكر
16/08/2013
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
كان الله في عونك وأجرك على ما تعانين مع طفلك. أعتقد أن طفلك بحاجة للعرض على طبيب نفسي فبعض ما ذكرته يجمع أعراض الاضطراب الزوراني والذي يمكنك القراءة عنه على الموقع، وجود تاريخ مرضي في الأسرة يزيد من احتمالية مرضه.
لا لوم يقع عليك فيما يختاره ابنك من اسلوب لحياته أو مرضه، ولكن ينبغي أن نتفق بأن كثيرا من مشكلات الأطفال ناتجة عن اساليب معاملة الوالدين الخاطئة. راجعي نفسك هل كنت قاسية معه في طفولته، هل كنت مهملة له في طفولته؟ حرصك على اخذه لمختصين نفسيين في سنواته المبكرة دليل على اهتمامك ووعيك وهذا ما لك سيطرة عليه ولكن تبقى مسئوليته تجاه نفسه بأن يلتزم بالبرامج السلوكية أو يتبنى قيم سوية أو حتى يتناول أدويته.
لحل هذه المشكلة يجب أن نبدأ بك عزيزتي لتقبلي بأن طفلك مسؤول عن نفسه وعن خياراته في الحياة، وأنه وصل إلى مرحلة من العمر يحاسبه الله فيها لأن من خلق يعرف قدرته على ضبط سلوكه مالم يكن مريض.
حافظي على علاقة ايجابيه معه فهذا هو الأمر الأهم ليبقى على صلة بالواقع والعقل.
لا بأس في الاستعانة بالصديق المقرب الذي يسمع له ولدك طالما كان ذلك ممكنا.
واقرئي أيضًا:
الشك في نوايا الآخرين: التفكير الزوراني
اضطراب الشخصية الزوراني (البارانوي)