أرجو الرد والإفادة
أعاني الخوف من الموت من فترة طويلة وتنتابني هذه الحالة بشراسة، أحس أني سأموت قريبا ولكنها كانت تأتي على فترات أنا الآن أعمل بالكويت وأعيش وحيدا هنا وتركت زوجتي وابنتاي في مصر، وكنت أقضي إجازة في شهر أغسطس الماضي وفي يوم سفري عائدا إلى الكويت تعلقت بي ابنتي مريم وهي تبكي كثيرا وأنا بكيت بشدة وقتها، ومنذ عودتي أخاف أن أنام أحس أني سأموت قريبا دائما.
أرى كوابيس في النوم وقررت الذهاب إلى عمرة في شهر فبراير وأحس أني سأموت عندما أذهب للعمرة، أشعر باكتئاب وخوف من تلك الرحلة، تلك الفترة من أصعب فترات حياتي أحس باكتئاب غالب ومسيطر على حياتي بشكل عام وأصبحت أتعصب بسرعة جدا وبسبب ذلك حدثت مشاكل بيني وبين زوجتي.
أرجو الرد
وجزاكم الله خيرا
29/1/2014
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع واستفسارك عن حالة نفسية يتعرض لها الكثير من الرجال والنساء في عالمنا العربي. هذا العالم الذي تضاعفت قسوته على من ينتمون إليه أصدر حكمه على هجر الإنسان وانفصاله عن من يحب لكي يوفر لهم حياة كريمة.
ولكن لكل تضحية ثمن وهذا الثمن قد يكون باهظاً ولا يقوى الإنسان عليه.
ما تشير إليه في رسالتك يقع في إطار القواعد الأساسية لمفهوم الاكتئاب التي تطرق إليها العالم النفساني أبراهام في عام 1911 واقتبسها منه أحد أعمدة علم النفس الذي لا يجهله أحد وهو سيغموند فرويد في مقالاته عام 1917، ومن ثم وضعها عالم آخر وهو يالوم في عام 1979 في إطار النزاعات الوجودية التي تتعلق بنهاية الحياة والشعور بالعزلة عند الفراق. لا تزال هذه القواعد واضحة كما هي.
إذا تم وضع استشارتك ضمن هذه القواعد فهناك ثلاثة احتمالات:
٠ الاحتمال الأول هو أنك تمر بمرحلة حداد وحزن. تشعر باكتئاب وخوف وتخشى أن تغادر الحياة قبل أن تقول وداعاً لمن تحب.
٠ الاحتمال الثاني هو أنك تعاني من الاكتئاب المرضي تسبب وتم ترسيبه بسبب عوامل اجتماعية منها الفراق وضغوط العمل والعيش في بيئة لا تلبي سوى احتياجات مادية.
٠ الاحتمال الثالث هو تحول الحداد والحزن تدريجياً إلى اضطراب اكتئاب.
الإنسان الذي يعاني من الاكتئاب تنصب معاناته باضطراب نسميه اضطراب اعتبار النفس أو الذات A Disturbance of Self – Regard يتمثل بعتابه ولوم نفسه وتخفيض قيمة كفاحه وإنجازاته وقيمه . تراه يشعر بأنه يستحق العقاب الذي لا محالة من وقوعه عاجلاً أو آجلاً. هذا الوصف قد ينطبق عليك ويفسر ذهابك إلى زيارة البيت العتيق.
أما الإنسان الذي يعاني من الحداد فهو الذي قد يفقد من يحبه أو يفقد بصورة تجريدية ما هو جزء لا يتجزأ منه مثل حريته وكرامته ووطنه وفوق كل ذلك من تجبره الظروف على فراق من يحب.
تجربة الشخص الحزين تتميز بشعوره بأن العالم أصبح حقيراً وفقيراً ولا شيء فيه يبعث على الابتهاج. أما المصاب بالاكتئاب فعلى العكس من ذلك تراه يشعر هو نفسه بأنه أصبح رديئاً وفارغاً وفقيراً. تراه لا يلوم الآخرين على معاناته ويبدأ بزرع خيبة أمله في أعماق نفسه ويبدأ بتطابق شخصيته بالإنسان الذي فارقه. بعبارة أخرى المصاب بالاكتئاب يفارق ذاته بعد أن فارقه من يحب.
الاحتمال الثالث هو ما أميل إليه في تفسير حالتك. فترة الحداد تحولت تدريجياً إلى اكتئاب وفقدانك القدرة على تنظيم مشاعرك. بدأ تصب غضبك على زوجتك (لكن ليس ابنتك المتعلق بها) وكأنك تتهمها بحرمانك من ابنتك.
التوصيات:
٠ لا حرج في مراجعة طبيب نفسي تشرح له ما تعاني منه وقد يعينك بعقار يساعد على تنظيم الحالة الوجدانية اعتماداً على الأعراض التي تعاني منها ولم تتطرق إليها في استشارتك.
٠ عليك بالسعي لجمع العائلة لتعيش تحت سقف واحد. ليس هناك بصراحة ما يعوض الإنسان عن فراق أطفاله وزوجته.
وفقك الله.